التظاهر حق مزعج
عبد الحميد الصائح
 أبغض الحلال عند السياسيين التظاهرات، لاسيما اولئك الذين وصلوا السلطة على قطار الديمقراطية قاطعين تذكرة ذهاب فقط. لتنكد عليهم بعد الوصول بسلامة ورطةُ الرقابة وحصص الشركاء ومهمة اقناع الاخرين والمطالبة بالمحاسبة وضغوط شتى قبل تثبيت وضع الانتقال من حال الى "أحوال"، وأزعجُ مافي كل ذلك لهم المواجهة مع الناس، فالرجل الذي كان يقف شاهرا لسانه بين الفضيلة والرذيلة وبين الاستبداد والتحرر اصبح الان حائرا بين الاقارب والعقارب. بين الذين صعدوا معه القطار من المعارف والبطانة والكرايب و"المحاسبين" الثقاة وبين حق الاعتراض على المسؤول والاحتجاج على سياسته ونهجه وربما شتمه اذا سرق او أخطا دون عقاب. فترى المسؤول مسمّرا محدقا بنص المادة (38) من الدستور التي تبيح التظاهر وهو يتحسّر على صلاحيات الديكتاتور كيف كان يتصرّف ويصرف وبيده شؤون البلاد وحياة العباد دون ان يسائله احد او يهدده بسحب الثقة او يفكر- مجرد التفكير- بالاحتجاج عليه.
.لماذا نما بين المسؤولين والسياسيين شعور عدائي ضد التظاهرات تصحبه ماكنة تشويه وشيطنة المتظاهرين وإلباسهم تهم التخوين والخروج عن الطريق المستقيم.
في حديث مع مسؤول قديم - جديد حول المظاهرات وضرورة ادامتها واهمية التعامل معها باحترام. قال لي: " استاذ اسمحلي اصحّحلك، المظاهرات انحرفت كثيرا عن مسارها، سيطر عليها الدواعش والبعثيين. ولذلك لايمكن التعامل معها بثقة وتنفيذ مطالبها التعجيزية ".. قلت له: ياسيدي من الطبيعي في العالم كله ان تُستغل المظاهرات وتتنوع المطالب وتتعدد النوايا والاهداف، فهي تخرج من مجتمع عشوائي فيه الاخيار والاشرار. والمظاهرات الحالية واضح ان فيها المواطن المنهك الذي يريد صرف راتبه المتوقف منذ اشهر، اوالذي يريد حطبا لتدفئة منزله أو من يبحث عن مصير فقيد له، في المقابل هناك فيها من يريد اخراج صدام من قبره واعادته الى السلطة.السؤال: ماذا فعلتم لعديم الراتب وطالب الحطب والباحث عن عمل وكسير القلب على فقيده ؟ كي تكسبوا الاخيار وتحاصروا الاشرار من المتظاهرين!؟. ردّ علي السيد او الشيخ المسؤول في تبديلة سريعة على اجابتي السطحية البسيطة: تتصور استاذ هسه المظاهرات وكتهه واحنه نحارب داعش ؟ مباشرة قلت له: نعم جدا جدا بوكتهه لان اللي يحارب داعش لازم عائلته تعيش بعز واكتفاء مو بذل وانعدام الخدمات وشحة المورد، ومامعقوله اكو ناس تدفع حياتهه من اجل العراق وبدون مقابل، والعراق مليان بسراق المال العام اللي لاحسيب لهم ولارقيب عليهم. وليس من المعقول ان يقاتل ابناؤنا في الحشد وقواتنا الامنية من اجل بسط العدالة والامن، وفي بغداد مازال يحكم قضاة صدام حسين الى الان مقابل رشوة المسؤولين "المجاهدين" الجدد بالتستر على فسادهم، ونعم نعم في وقتها ان نطهر البلاد من الرجس السياسي وان نستعيد جزءا ولو بسيطا من الامل بان لانصبح دولة مفلسة شعبها مهدد ودول المنطقة تتعامل معها وليمةً اذا اغتنت، وحصانا هزيلا اذا أُفقرت. نعم ياسيدي، المظاهرات يجب ان تكون شرفا دستوريا لنا جميعا سواء كنا مسؤولين في السلطة نكفر عن ذنوبنا او مواطنين في الشارع نطالب بحقوقنا.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الحميد الصائح

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/26



كتابة تعليق لموضوع : التظاهر حق مزعج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net