صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

من أدب الوثبة..
علي حسين الخباز

لا مجال للتصوير

تقربت الى عزلته بهدوء وقلت له:ـ شعرت بخوفك يا عمار.. فأجابني بحزن: أنا أخاف على أهلي، وإلا فأني مثلكم أحب أن تصورني الفضائيات، واطلع معكم في التلفزيون حاملاً سلاحي متحدياً الدواعش، رافعاً رأسي أمام أهلي والناس.

كان حلمي أن ألتحق بكم، وأقاتل تحت راية الحشد الشعبي.. صدقني كنا نجلس في البيت أنا وأبي واخوتي، نتباحث في شأن تجنيدنا القسري مع الدواعش، وشأن مدينتنا التي فاحت منها رائحة الموت، نهارات معطلة، وعيون تترقب، وأخرى تتجسس، وثالثة تحلم بالهروب خارج هذه المحافظة المزروعة بالموت، بعدما حلمت بالمنقذ الداعشي ليتربع على صدرها كابوساً يحتل الأرض والعرض.. 

يقول أبي:ـ لا عقل لهذه المدينة، لابد أن نتحمل دون أن نثير ضجة ونبحث عن حل آمن. 

قلت:ـ بالنسبة لي، ليس لدي سوى الهرب والالتحاق بالحشد الشعبي للدفاع عن مدينتي.

صاح أبي بحزن:ـ وأنا كيف تريدني أن أترك لهم البيت والنساء وطفولتي وأقاربي والجيران؟ 

التفت إليّ وقال:ـ انهم عصابات قتل وإبادة يا صديقي.. بالأمس حرقوا مقهى حمادي؛ لأنه لم يرفع ترحيباً بالدواعش، والقوا القبض عليه بعد ساعات، وهو يهم بالانتحار..! استغفر الله.. هذا الرجل الشيخ يريد أن ينتحر، قالوا له: هذا الفعل حرام، بل عليك أن تلبس الحزام الناسف، وتفجر نفسك بين الشيعة؛ كي تحضر وليمة النبي (ص)..! أجابهم ببرود عجيب: كيف تفوتون هذه الفرصة على أرواحكم، وخاصة أنكم لا تفكرون إلا بالحور العين.

:ـ كيف هربْتَ منهم؟

:ـ دفعت رشوة لأحد مهربيهم، فأخرجني وسلاحي، ذهبت الى اصدقائي فوجدتهم جميعهم التحقوا بالحشد.. 

:ـ اليوم ماذا تنوي ان تفعل؟

:ـ أن أقاتل يا صديقي نيابة عن مدينتي، نيابة عن عقلها الذي حبسوه، نيابة عن فكرها الموءود تحت إنسانيتها المسيّرة.. أنا جئت الى هنا لأعيد آدميتها.

تصور مرة.. كنت أردد مع نفسي انشودة (موطني.. موطني) فجلدت ثلاثين جلدة..! قتلوا شبابا وعوائل ونساء، وذبحوا أطفالاً رضع بعمر رضيع الحسين (عليهما السلام)، ربما تعرفون أشياء كثيرة قرأتم عنها أو سمعتم بها.. أنا يا صديقي رأيتها بعيني، رجموا أستاذاً في القانون الدولي؛ لأنه قال:ـ أرجو أن لا يطول بنا المقام هنا..

منعوا عني الانترنت والكتابة والقراءة..! وبعدها عرفت أن أحد الغرباء اخبرهم بأني أطيش رصاصاتي عن قصد وافتعل القتال، وأنا أعرف ليس وحدي من يفتعل القتال، أغلب ابناء مدينتي لا رغبة لهم بمقاتلة اخوانهم، كل واحد منا يوصي الآخر: إياك أن تضع رصاصك في صدر الأهل، وكنا في محنتنا نصف الدواعش بمصنع لتعليب الموت..!

فلا تستغرب مني أن أتوارى عن التصوير.. لقد قرر اخواني اللحاق بي؛ لننطلق سوية مع الحشد لتحرير كل بقعة ارض احتلها الدواعش، ونطهر المدن من دنس الغرباء.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/01



كتابة تعليق لموضوع : من أدب الوثبة..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net