صفحة الكاتب : علياء موسى البغدادي

وداع جدا مبكر
علياء موسى البغدادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

فتاة صغيرة وكأنها ودعت الطفوله مبكرة  ملامحها زهرية برغم الغبار والارهاق والحرمان الغافي بين تعابير وجهها كانت تمسك  بعلب  الورق الصحي واعواد البخور تتصارع مع الواقع التي أرغمت علية من اجل قوت اليوم . ودعت  طفولته الحالمة ولعبها ومقعدها الدراسي والوانها وقصصها وافلام الكارتون والاعياد ودعت حقوقها لتؤدي واجبات غيرها لتسافر في رحلة لا تعرف مدتها ولا تعي خطورتها الى الشارع  بلا عنوان ثابت  بمصير مجهول ؟
صورة انسانية مأساوية  لحقوق اطفال ضاعت بين طرقات الشوارع .قضية أنسانيه مهمة جدا امتدت الى أعماق المجتمعات وبدأت أثارها السلبية ظاهرة للعيان من ازدياد الجريمة والتسرب المدرسي وانتشار الامية والانحراف وضياع اجيال , اطفال كادحون بعائد قليل جدا لا يسد الرمق يحاولون ان يبقون أنفسهم وأهليهم على قيد الحياة .ليصبح الشارع مدرسة  لهم لايتخرجون منها ابدا وهو رمز لمحنتهم . خطر حقيقي يهدد المجتمع مشكلة كبيرة ذات عواقب مأساوية يشهدها العالم  , فهناك ملايين من أطفال الشوارع يعيشون منعزلين، يعانون من سوء التغذية منذ ولادتهم، يفتقدون العطف والتعليم والمساعدة. اطفال لا نقول او نعمم عنهم الظواهر السلبية كافة لان فيهم من ينتمي الى عوائل  محترمة ومتعففه لكن اسباب الفقر والعوز تجعل اولادهم ينزلون الى الشوارع او غياب المعيل وانتشار البطالة. لكن الظاهرة بحد ذاتها سلبية على المجتمع وعلى الطفل والطفوله . غياب الرعايا الاسرية وتحمل المسئولية وترك المدرسة  والتواجد المستمر في الشارع له مردود سلبي .في الوقت الذي يجب على هذا الطفل ان يعيش مرحلته بكل سلام  ليس بترف ولكن على الاقل في امان واستقرار وهذا ابسط حقوق الاطفال . ولظروف عديدة، بعضها خارج عن إرادتهم يجبر أطفال الشوارع على العيش على هامش عالم الكبار وهم في البلدان النامية يتكونون نتيجة الهجرة من الريف إلى المدن،ونتيجة البطالة والفقر والأسر المنهارة. أما في البلدان الصناعية فهم ضحايا للانعزال والاستعباد المستمر, إن حياتهم يشكلها الحرمان والعنف والخوف فالسير في الطريق بلا حماية هو دعوة إلى الاستغلال على أيدي المستهترين? خطورتها لاتقل اهمية عن الكوارث الطبيعية  المدمرة لانها مدمرة فعلا . المشردين  اناس بلا عنوان .. بلا هوية ... بلا قيمة .. ربما لا يجد ما ياكله مرة و اكيد لا مرات عديدة انهم يفتقدون للرعاية و الاهتمام .. للعناية الصحية و النفسية . وللحب .. انه عالم غريب ..عالم المشردين يكادون هم لا يدركون من امرهم شيئا والتشرد هو بقاء الانسان في العراء لفترات طويلة والمبيت في اي مكان يختلف احيانا تبعا للظروف , المتشرد انسان بلا مأوى لا ينعم بالأمان في بيت له باب وسقف وحوائط , انه انسان مهمش لا ينظر للمستقبل فكل حياته هي اللحظة التي يعيشها , منتهى احلامه ان يمر يومه بدون مشكلات او اعتداءات ولكن جراح ماضيه تطارده وفي بعض الاحيان تدعوه للانحرافات بكل انواعها.  فكيف نسمح ان يعيش  الاطفال الكادحين في الشوارع بعماله  قريبة الى التشرد او بمعنى اصح ان تموت الطفوله فوق ارصفت الشوارع وبين اشارات المرور وتحت حرارة الشمس وبرد الشتاء علامات استفهام و علامات تعجب تطرح نفسها كيف نصل لهذه الحال المزرية  من ان يكون الاطفال هم النسبة الاكبر من المتشردين والعماله والتسول في العالم اطفال يبيعون المستقبل نحو التشرد والضياع ليتعلمو لغة العنف لغة جديدة للحياة  .
طبعا هناك انواع من التشرد منه التشرد الاجتماعي القائم على العيش في الشوارع والعمل فيه والتسول , ومنه التشرد الفكري والنفسي .ونحن الان بصدد الحديث عن تشرد وتسرب الاطفال الى الشارع. اسباب التشرد عديدة أهمها
1-    اسباب أقتصادية  (انتشار الفقر , ارتفاع نسبة البطالة , ووجود اسر عديدة في ظل معيل بلا عمل مما يجعل هذه العائلات تدفع بأطفالها إلي الخروج للشارع..سواء للتسول , او للعمل ضمن شروط سيئة جدا
2-    اجتماعية  (التفكك الاسري والعنف الاسري)
3-    سياسية (لحروب وآثارها المدمرة وفقدان الاستقرار)
4-    .التسرب من التعليم ودفع الأطفال إلي سوق العمل والشارع‏.
5-    العنف المدرسي
6-    انتشار مفاهيم مستوردة غير صحيحة عن الحرية الشخصية.
7-    الإعلام غير المسؤول الذي يعتمد على التحريض الغريزي
لكن الاهم من بين هذه الاسباب هو العامل الاقتصادي لانه السبب الرئيسي مع الحروب في نزول الاطفال الى الشارع من اجل ان يعيلوا اسرهم  .إن المبدأ التاسع من مبادىء الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة ينص على :
((يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال ويحظر الاتجار به على أية صورة.))
(ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم وهو عمر 18 سنة ويحظر في جميع الأحوال حمله على العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعه تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي.)
قبل ان تقر الجمعية العامة لمنظمة الامم المتحدة هذا المبدأ  اقره الدين الاسلامي الحنيف واكد علية لانه يدرك ويعي ان مرحلة الطفولة من المراحل المهمة والأساسية في بناء شخصيَّة الفرد إيجابًا أو سلبًا، وفقًا لما يُلاقيه من اهتمام، جاء الإسلام ليُقَرِّرَ أن لهؤلاء الأطفال حقوقًا وواجبات، لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها، وذلك قبل أن تُوضَع حقوق ومواثيق الطفل بقرون,من خلال (الاهتمام به في حالة الحمل فأقرّ تحريم إجهاضه وهو جنين وإجازة الفطر في رمضان للمرأة الحامل، وتأجيل حدِّ الزنا حتى يُولد وينتهي من الرضاع، وإيجاب الدية على قاتله.وجعل من حقوقه بمجرد ولادته الاستبشار بقدومه، والتأذين في أذنيه، حلق شعر رأسه والتصدق بوزنه، واختيار الاسم الحسن للمولود، والعقيقة، إتمام الرضاعة، والختان والحضانة والنفقة والتربية الإسلامية الصحيحة.الأطفال في الإسلام هم زهرة الحياة الدنيا وزينتها، وهم بهجة النفوس وقُرَّة الأعين، وهم شباب الغد الذي تنعقد عليهم آمال المستقبل.  و عن حق الطفل في الاسلام عند الامام زين العابدين عليه السلام - من رسالة الحقوق يقول سلام الله علية ))وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به والمعونة له والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة , والمداراة له وترك ممحاكته فإن ذلك أدنى لرشده))
وهذا يؤكد على أهمية هذه المرحلة ودورها الكبير في بناء المجتمع أي مجتمع ويجب ان يكون هناك مشروع حقيقي وطني لمكافحة التشرد والتسرب للاطفال وحمايتهم من الظواهر السلبية ورعايتهم والحفاظ على حقوقهم . وتوعيتهم .وايجاد لجان خاصة تعنى بظاهرة انتشار الاطفال وتشردهم في الشوارع من باب (العمل او التسول ) و بتضافر جميع الهيئات والمؤسسات سواء كانت دينية أو تعليمية أو اجتماعية لعلاج هذه المشكلة التي لطالما كانت سببا للبلاء وانتشار المفاسد وانهيار كيان المجتمعات  وهدر طاقات بشرية فعاله في بناء المجتمعات  والوقوف الى جانب حماية الاطفال والطفوله وحماية حقوقهم ورعايتهم وعدم الاكتفاء بالبحوث والتقارير والندوات الخاصة بموضوع التشرد بشكل عام وتشرد الاطفال بشكل خاص فقط بل ان النزول الميداني والمعايشة الحقيقية للاوضاع المأساوية التي يعيشها الاطفال الكادحون والمتشردون والمتسولين والاطلاع على حياتهم ميدانين مهمة جدا  وان الاهم من هذا هو لاعتراف بالمشكلة وخطورتها ثم العمل علي حلها باسلوب مواجهة المشكلة والقضاء عليها.
((ان الأطفال الذين يتركون في الشوارع دون رعاية، سيطالبون بنصيبهم المشروع بطرق أشد جدة, واحتمال وجود جيل متزايد العدد والمرارة في الشوارع ليس لديه ما يفقده هو احتمال يهدد بخطر واضح.هذا الوضع سريع التفاقم يؤكد الضرورة الملحة بالعثور على حلول ومعالجات لهذه الظاهرة وينبغي أن تبدأ هذه الحلول والمعالجات انطلاقاً من بعض الفهم لكيفية وأسباب وصول أطفال الشارع إلى ما وصلوا إليه.)) ولا اريد هنا ان اضع صورة قاتمة عن حياة الاطفال في العالم وخاصة عالمنا العربي .بل هناك صور مشرقة ومشرفة ومفرحة للطفوله في مجتمعتنا العربية  والعالمية  واهتمام اسري وتربوي وحكومي ومدني ملحوظ .لكن هذا لا يعني التغاضي  عن الحالات  السلبية والسكوت عنها الى ان تنتشر وتصبح ظاهرة يصعب السيطره عليها . وخاصة جانب الطفل والطفولة  والأجيال التي تعتمد عليها الأمم في نهضتها وتقدمها .وهنا علينا معا أيقاف هذا الوداع المبكر جدا للطفولة على أرصفت الشوارع وميادينها الواسعة في اي مكان في العالم وخاصة عالمنا العربي والاسلامي والعالم بشكل عام .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علياء موسى البغدادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/09



كتابة تعليق لموضوع : وداع جدا مبكر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net