صفحة الكاتب : نزار حيدر

يَدُ الحَدِيدِ..هَلْ سَتَهْوِي عَلى رَأْسِ (عِجْلٍ سَمِينٍ)؟
نزار حيدر
   لعلّها المرّة الاولى التي يتحدّث فيها السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، وبكلّ صراحةٍ وشجاعةٍ، عن عزمهِ على [مُلاحقةُ كبارِ المفسدين واعتقالِهم] حسب بما جاء في خطابهِ الأخير الذي وجههُ للشّعب العراقي.
   فبعدَ مرورِ اكثر من عامٍ على الخطاب المرجعي الذي أطلق الحرب على الفساد داعياً الى الضّرب بيدٍ من حديدٍ على رؤوس الفاسدين، وبالرّغم من كلّ الجهود الجبّارة التي بذلتها لحدّ الآن هيئة النّزاهة المستقلّة ولجنة النّزاهة في مجلس النوّاب وتقارير المدقّق الدولي، الا انّنا لم نشهد لحدّ الآن تقديم (عِجْلٍ سمينٍ) واحدٍ على الأقل الى القضاء ليقف خلفَ القُضبان متحدّثاً للرّاي العام العراقي عن حركة المال العام الذي أُهدر خلال السّنوات الطّويلة الماضية وخاصّةً خلال فترة رئيس الحكومة السابق التي استمرّت (٨) سنوات، وعدَنا خلالها عشرات المرّات بانّهُ سيكشف عن الملفّات التي بحوزتهِ، ولكن من دون نتيجة، بسبب تورّطهُ بكلّ الملفّات حسب ما يفسّر البعض ذلك، خاصةً في مجال صفقات التّسليح الفاسدة والمشاريع الوهميّة التي اهدرت أموالاً ضخمة من خزينة الدّولة لم يعُد اليها منها فلساً واحداً لحدّ الآن.
   انّهُ لامرٌ يدعو الى الاستغراب، وهو يشكّل صدمة للعراقيين، على الرّغم من كلّ هذه التّظاهرات الشعبيّة التي يشهدها العراق كلّ يوم جمعة، تطالب بتشديد القبضة في الحرب على الفساد، داعيةً الى محاكمة كبار الفاسدين وإعادة أموال العراق المنهوبة، والتي تقدر بالمليارات، الى خزينة الدّولة.
   لا نُريد هنا التّقليل من قيمة الإجراءات المتّخذة لحدّ الان بهذا الصّدد، ولكنّها بكلّ تأكيد غير كافية بل انّها لم تكن بمستوى الطّموح والمطلب الشّعبي وحجم الفساد الذي لا زال كبيراً حسب بما أشار اليه خطاب السيد رئيس مجلس الوزراء المُشار اليه، والا لما قالت المرجعيّة العبارة القوية التي عبّرت عن استيائها من ضعف الأداء على صعيد الحرب على الفساد بقولها [لقد بُحّت أصواتنا] وبعد أسبوعين من ذلك قرّرت إيقاف الخطبة السّياسية والتي اعتبرها كثيرون انّها دليل يأس المرجعية الدّينية العليا من قدرة الدّولة على إصلاح الامور ومواصلة الحرب على الفساد بوتيرةٍ أعلى وفاعليةٍ أكبر.
   حتّى جاءت خطابات زعيم التّيار الصّدري الاخيرة وتحريكهُ للشّارع بشكلٍ مُتسارع ومتّسع ترك أثراً كبيراً جداً على طريقة تفكير السّياسيّين ومختلف مؤسسات الدّولة لدرجة الارباك! وأثارت مخاوفهم بل رعبهُم من تطوّر الامور بالاتّجاه الذي سيخسرون فيها كلّ شيء اذا ما استمرت وتيرة التحرّك بشكل تصاعدي أسبوعاً بعد آخر.
   وبغضّ النّظر عن الملاحظات التي تناولها كثيرون بشأن حركة السيد مقتدى الصدر الاخيرة، وما اذا كان قادرًا على فعلِ شيء حقيقي على صعيد الاصلاح والحرب على الفساد أم لا؟ كونهُ جزء لا يتجزّأ من العمليّة السّياسية برمّتها منذ بدايتها بُعيد سقوط نظام الطّاغية الذليل صدّام حسين في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ ولحدّ الان، ام انّها مجرّد محاولة منه للهروب الى الامام بعد ان لمسَ كل المشاركين في العمليّة السّياسية جديّة الشّارع في ملاحقة الفاسدين لتقديمهم الى القضاء، او ما يرى البعض من انّهُ سعى بحركتهِ الى ملء الفراغ الذي خلفّه 
في السّاحة توقّف المرجعية الدّينية العليا عن الخطبة السّياسية، بغضّ النظر عن كلّ ذلك، الا ان حركتهُ الواسعة قذفت بالعملية الإصلاحية وما يخصّ التغيير الوزاري المرتقب الى الامام مسافةً كبيرةً، وهو أَمرٌ مهمٌّ بذاتهِ، ساعد الرّاي العام للدفع باتّجاه المزيد من الامل للتّغيير والاصلاحِ وتحقيق خطوات عمليّة اكثر فاعليّة في جهود الحرب على الفساد.
   لقد كان الشّارع بحاجةٍ الى مثل هذه الحركة الثّورية لانتشالهِ من الرّتابة والنمطيّة في التظاهر الاسبوعي، كما انّ مؤسّسات الدّولة التي لازالت مافيات الفساد والحيتان الكبيرة والعُجول السّمينة تجرّها الى الوراء لعرقلة ايّة محاولات إصلاحيّة، هي الاخرى كانت بحاجةٍ الى مثلِ هذه الحركة الثورية.
   وبرأيي، فانّ السيد رئيس مجلس الوزراء نجح بشكلٍ كبيرٍ في توظيف هذه الحركة لصالح مشروعهِ الاصلاحي، نظريّاً على الأقل لحدّ الان، لينعتق من بعض الأغلال التي قيّدتهُ بها بعض الكتل السّياسية خاصةً كتلة رئيس الحكومة السّابق والذي بدا واضحاً ان عددٍ من أعضائها يبذلون جهداً إعلامياً ملموساً لركوب الموجة بالحديث عن الاصلاح ومحاربة الفساد وكأنّهم ليسوا المعنيّين او زعيمهم! ظنّاً منهم ان الشّارع غافلٌ عنهم، ويبقى علينا ان ننتظر لنتعرّف على أسماء الكابينة الجديدة لنرى ما اذا كانت بالفعل كما وعدنا بها بيانهُ الأخير.
   الخطوة الاساسيّة الاخرى التي حان وقتها الان وبالحاح هو ان يُبادر ليستخدم اليد الحديديّة للضّرب على رؤوس كبار الفاسدين كما ورد في بيانه الأخير، من خلال تقديم (عِجْلٍ س

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/12



كتابة تعليق لموضوع : يَدُ الحَدِيدِ..هَلْ سَتَهْوِي عَلى رَأْسِ (عِجْلٍ سَمِينٍ)؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net