صفحة الكاتب : سيد صباح بهباني

الدعاء هو تعبير عن إيمان المرء
سيد صباح بهباني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)فاطر /15.
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) الأنبياء/ 83 ـ 84.
وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم) الأنبياء/76.
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ *فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ )الأنبياء/89ـ90.
(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ *فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) الأنبياء/87 ـ 88.
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) البقرة /186.
وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ)  الشورى/ 43)
وأن هذه الحكمة التي قالها الإمام علي أبن أبي طالب كرم الله وجهه وسلام الله عليه قالها قبل 1431سنة وهي تتطابق كل زمان فياله من عبقري وقال:
    خَيْرُ الْمُلُوكِ مَنْ أَماتَ الْجَوْرَ وَأَحْيى الْعَدْلَ
  خَيرُ النّاسِ مَنْ نَفَعَ النّاسَ
    خَيْرُ النّاسِ مَنْ تَحَمَّلَ مَؤُنَةَ النّاسِ
الصَّبْـرُ رَأْسُ الْإِيـمانْ
 المُصيبَةُ واحِدَةٌ فَإنْ جَزَعْتَ كانَتِ اثْنَتَيْنِ
 الدُّعاءُ لِلسّائِلِ إِحْدَى الصَّدَقَتَيْنِ
  التَّوَكُّلُ خَيرُ عِمادٍ
 بِالشُّكْرِ تَدُومُ النِعْمَــة
وقبل أن ابدأ بالبلاء والصبر والتوكل الفت أنظاركم نحن نحس بالفقر إلى الله مها كنا أغنياء أو أقوياء  ولهذا نرى ونؤمن بهذا النقص وحتى الدكتاتور والمتعجرف والظالم والمجرم هو له هذا الإحساس ولكن غروره وكبرياءه الدنيء يبعده عن الالتجاء إلى رب الكون ومسبب الأسباب .وللعلم أن الله سبحانه وتعالى يذكرنا بهذا الفقر والاحتياج إلى الله لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)فاطر ..وحكمة الله وعظمته هي التي حالة بينه وبين ما يريد لتبرز عظمة الله سبحانه و ضعف الإنسان وحاجته إلى خالقه. ونعود للصبر والبلاء .. إنّ الصبر على الابتلاء له أمثلة كثيرة، فالابتلاء للإنسان هي متعددة . الكل مثلاً يمر بمصيبة الموت، وهناك الأمراض التي لا أول لها ولا آخر، وهناك الفقر، وهناك فشل مرة للحياة الزوجية ومرة ترى الأبناء وفشلهم سوى في الدراسة أم في الحياة ومرة يصدم الإنسان بشقاء مرضه أو موته..

فالموت والأمراض والفقر والفشل والمشاكل الزوجية و.. كل هذه الابتلاء  كثيرة، وأذكر منها أجمالي مختصر..

ولنبدأ بالصبر على الموت: أليس هذا أشد الابتلاء ، خاصة عند المرأة؟ فإنها تتألم على فقد الأحباب أكثر من الرجل .

قالت النساء للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم ): غلبنا الرجال يا رسول الله، فاجعل لنا يوماً من نفسك. فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "نعم". فجاء إليهنّ فوعظهنّ وكلمهنّ، فكان مما قال: "ما منكن من امرأة تقدم بين يديها من ولد ثلاثة، إلا كانوا لها حجاباً من النار". فقالت امرأة: واثنين يا رسول الله قال: "واثنين" رواه البخاري .

من مات لها ثلاثة أو اثنان مع أولادها وهي مازالت حية، كان جزاؤها: الحجاب بينها وبين النار .

وهذا حديث للآباء والأُمّهات. يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: فقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله عزّوجلّ: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، iوسمّوه بيت الحمد". رواه الترمذي .

اقرأ هذه الجملة مرّة أخرى: "قبضتم ثمرة فؤاده"، وانظر إلى رقة الكلام وتأمّل، أين موضعها؟ إنها في مصيبة، فأي دلالة هذه؟

فعند موت الابن، إذا حمدت الله واسترجعت، أي قلت: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)  البقرة/ 156 ، فهنيئاً لك ببيت الحمد

وإليك هذا الحديث، ونحن جميعاً مخاطبون به: يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيّه من أهل الجنة ثمّ احتسبه، إلا الجنة". رواه الدرامي .

تأمل كلمة "صفي".. لقد جاءت نكرة لتفيد العموم والشمول .

فأي إنسان أحببته في الدنيا، سواء أكان أخاً أم أختاً أم أباً أم أُمّاً أم قريباً أم أستاذاً، ومات، ثمّ احتسبته عند الله وصبرت، فلك الجنة؟ "اللّهمّ اجعلنا من الصابرين ".

إنّ صبرك على موت من تحب سيدخلك الجنة. فهل تصبر أم لا؟

بمراجعة الأحاديث الثلاثة سريعاً، تجد أن من يصبر على فقد أعز الناس لديه له: "الجنة، بيت الحمد، حجاب من النار". هذا ثواب الصبر .

إنّ لسان حال القلب يقول: يا لسعادة من مات له ابن أو أخ أو صديق أو.. فإنّه سيأخذ بيده ويدخل معه الجنة .

ننتقل إلى ابتلاء آخر وهو ابتلاء المرض.. فمن الناس من يعاني الفشل الكلوي، ومنهم من يعاني أمراضاً صدرية أو نفسية أو غير ذلك من أمراض. عافاكم الله. إنّ المرض ابتلاء شديد يحتاج إلى صبر جميل. أليس كذلك؟

عن عطاء بن رباح يقول: قال لي ابن عباس: أتحب أن أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: نعم، قال: تلك المرأة السوداء، أتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالت له: يا رسول الله إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي يا رسول الله، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك"، قالت المرأة: أصبر. قالت: فإني أتكشف، فادع الله ألا أتكشف، فدعا النبي لها، فكانت تصرع ولا تتكشف. رواه البخاري .

يقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر، عوضته منهما الجنة". ما رأيك في هذا الوصف "حبيبتيه". أي "عينيه"؟ إنهما أحب الأعضاء إلى الإنسان. وإليك هذا الإحساس الإيماني: تشعر بأنّه ابتلاء في قالب من الرحمة. نعم، إنّه ابتلاء في قالب من الرحمة. نعم، إنّه ابتلاء، ولكن به سترحم .

بعد قراءتك هذا الحديث واستشعارك معانيه وإحساسك به، ستجد نفسك عند المرض تتألم وتبكي من شدة المرض، ولكن في داخلك معنى اللذة، لأنّ الصبر له لذة. استشعار الثواب له لذة أكبر. إنّ الألم يعتصر جوفك، وأنت تتلذذ بالثواب ومغفرة الذنوب. هل شعرت بهذا الكلام من قبل؟

وصية: عليك بفهم هذه الكلمة، ثمّ حفظها وتبليغها كل من تلقاه، واجعلها تخرج من قلبك .

أصيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أثناء إحدى المعارك، وكان جرحاً غائراً في إصبعه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنظر إلى إصبعه وقال: "هل أنتِ إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت ".

إنّ رؤية الدم وهو ينزف من الإنسان حينما يخرج يجعله يحزن ويضطرب. ولكن، انظر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كيف يهوّن عليك. ولذلك، كان من دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للمريض: "لا بأس طهور إن شاء الله ".

ومن ألوان الصبر على الابتلاء  الصبر على أذى الناس، والبر على الجارة التي تؤذي بلسانها، والصبر على الحماة إن كانت صعبة التعامل، والصبر على الزوج. اصبر وتحمّل كلمة شديدة من أبيك، فهل تستطيع أن تتحمل الأذى بشتى أنواعه وتصبر عليه، خاصة إن كان ممن يكرهك، أو يعاديك؟

يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة، نادى مناد: ليقم أهل الفضل، فيقومون وهم قليل، فيسيرون سراعاً إلى الجنة، فتستوقفهم الملائكة، فتقول لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الفضل، فيقولون لهم: وما فضلكم؟ قالوا: كنا إذا ظُلمنا صبرنا، وإذا أسيء إلينا غفرنا، وإذا جهل علينا حملنا، فتقول لهم الملائكة: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين ".

وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ)  الشورى/ 43)

فإذا أردتم أن تتعلموا الصبر، فاقتدوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم )   وأهل بيته والمؤمنين وصالح المؤمنين ..

وإذا أردتم أن تتعلموا الصبر على إيذاء الناس، فتفكروا في هذه الآية: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)  الفرقان /20.)

وبعد أن فصّلنا الصبر على الابتلاء من موت ومرض وإيذاء، إليك هذا الإجمال: الصبر على كل شيء يصيبك. يقول النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم )): "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غمّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله له من خطاياه ".

وهنا "نصب" و"وصب": (إيذاء بدني)، "هم" و"حزن": (إيذاء نفسي، "وأذى" من الآخرين، "وغم" (تشمل كل ذلك).

هل بعد ذلك أذى؟وإن العلم الإلهي والقضاء محيطان بهذا التغير ولا شيء يكون جديداً أو متعارضا مع قضاء الله وعلمه والله يعلم بالحوادث وتغيرها على أساس هذا العلم كان القضاء ، قضاء بوقوع الحوادث وأسأل الله أن يبعد عنا هذا ويداً بيد للتعاون والتآخي ورفع الأيدي سوياً والتضرع بالدعاء والالتجاء إليه لتحسين حالنا من حال إلى أحسن حال ويشفى مرضانا ويرزقن جميعاً ولا تنسوا بأن الدعاء هو ترسانة المؤمن والله أسأل أن يرزقنا الصبر ويجعلنا من عباده الصابرين الذين تحملوا في جنب الله والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.

المحب المربي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سيد صباح بهباني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/11



كتابة تعليق لموضوع : الدعاء هو تعبير عن إيمان المرء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net