أثير لغط كبير حول الإجراءات التي إتبعتها قيادة عمليات بغداد لمواجهة التدفق الكبير لمتظاهرين كانوا يتجمعون في ساحة التحرير وسط بغداد ظهيرة الجمعة، ثم قرروا العبور الى الضفة الثانية من النهر حيث بوابات المنطقة الخضراء المحصنة والتي توجد فيها مقرات حكومية ومجمعات سكنية ومبان رسمية إضافة الى مراكز قيادة وتحكم عسكرية، دون إغفال وجود السفارات الأجنبية ومنها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وكان السيد مقتدى الصدر دعا المتظاهرين الى الإعتصام عندها لممارسة ضغوط كبيرة على الأطراف السياسية لتستجيب لمطالب شعبية بالإصلاح ومكافحة الفساد وملاحقة شخصيات مهمة متهمة بقضايا إستغلال للنفوذ والسلطة.
قائد عمليات بغداد عبد الأمير الشمري ينحدر من عشيرة الأقرع التي هي فرع من قبيلة شمر الكبرى وتقطن هذه العشيرة مناطق في محافظة الديوانية القريبة من النجف والمطلة على شاطئ الفرات، وكان الشمري تعرض الى إنتقادات عدة من أطراف سياسية ومجموعات ضغط شيعية بعد سلسلة من الإخفاقات الأمنية وعمليات نوعية شنها تنظيم داعش وبعض الخروقات هنا وهناك، وكان الصدام الذي حدث مع أحد الفصائل الشيعية في بغداد من عدة أسابيع واحدا من جملة أسباب دفعت ليتعرض الى تلك الإنتقادات اللاذعة.
تحول الشمري خلال ساعات الى شخص منبوذ من قبل قيادات سياسية، والى شخص مرغوب ومحبوب ومثال يحتذى به عند قطاعات شعبية وفي وسائل إعلام، بينما تحول الى بطل مغوار لايشق له غبارفي مواقع التواصل الإجتماعي، والسبب كما هو من تسريبات وتأويلات يعود الى طريقة تعامله مع المتظاهرين الذين إندفعوا من ساحة التحرير الى جسر الجمهورية بغية الوصول الى المنطقة الخضراء على الجانب الآخر من النهر، حيث عبر المتظاهرون بالفعل ولم تمنعهم القوات الأمنية ولم تتصد لهم، ولم يحدث أي إشتباك، كان سيؤدي بالطبع الى كارثة لو أنه حصل.
الشمري متهم بالسماح للمتظاهرين بالعبور الى المنطقة الخضراء، أو لنقل إنه لم يتخذ الإجراءات الكفيلة بمنعهم من العبور، ولو كان الشمري بالفعل هو المسؤول عن ذلك، وإذا صحت رواية قرار إقالته من قيادة عمليات بغداد، فهذا يعني إن الرجل كان يخير نفسه بين أن يقوم بإحداث كارثة حيث سيكون على القوات الأمنية التصدي العنيف للمتظاهرين، بينما لن يكون مضمونا نوع الرد الذي سيأتي منهم، وماإذا كان سيكون عنفيا وهو ماسيؤدي الى مقتل أعداد لاحصر لها وإحداث فوضى في البلاد مع حجم الإندفاع الذي كان عليه المتظاهرون، أو أن يؤثر السلامة على الملامة، وقد إختار الأفضل.
أن يكون الشمري بطلا، أوأن يعاقب ويقال، أوأن يتهم بشتى التهم، كلها برأيي لن تكون مهمة لديه مادام قد آثر النأي بالنفس عن قرار عسكري لن يكون بمقدوره ولابمقدور القوى السياسية تحمل نتائجه الكارثية، وهو بقراره السماح بعبور المتظاهرين للتخفيف من الضغط أفاد القيادات العسكرية والسياسية، وخفف عنها ماكان يمكن أن يؤدي بها الى عواقب وخيمة على العملية السياسية برمتها وعلى الشعب العراقي.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat