صفحة الكاتب : نزار حيدر

لا إِصْلاحَ ورَئيسُ الكُتلةِ كَراعٍ يَهُشُّ على غَنَمِهِ! (٢) والأَخيرَةُ
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

     س٢/ على الرّغم من تظاهرات الشّارع منذ عامين تقريباً، الا انّهُ لم يحصل التغيير المطلوب بما يُنتج تحسين الأداء!.

   كيف يمكن تحقيق التغيير والاصلاحِ برأيك؟!.

   الجواب؛ يوم أمس كنت اقرأ تقريراً صادراً عن احدى المنظمات الحقوقية في العراق يذكر بأَن عدد التّظاهرات التي شهدها العراق من اقصاه الى اقصاه خلال العام المنصرم فقط والتي تطالب بالإصلاح والتغيير بلغ اكثر من (٢٠٠٠) تظاهرة، ومع ذلك فان تغييراً او اصلاحاً ملموساً لم يحصل، حتى قال الخطاب المرجعي قولتهُ المشهورة [لقد بَحَّ صوتُنا] وهذه ظاهرة ينبغي التوقّف عندها كثيراً ودراسة اسبابها ومسبّباتها وعِللها.

   ان ذلك دليلٌ على ان السياسيّين ملتزمون بقول الله تعالى {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} بشكلٍ حرفيٍّ، فليس لهم أُذنٌ واعية تعي الواقع لمعالجتهِ، وليس لهم أَعين يَرَوْن فيها الشّارع ويتحسّسون آلام النّاس، كما انّهُ ليس لهم لسانُ صدقٍ يتحدّثون به بشفّافية وبصدقٍ وبواقعيّة مع الشّعب.

   لذلك فانا اعتقد بانّ الاصلاح الحقيقي والجوهري لا يتمّ ابداً مع وجود هذه الطّبقة السّياسية التي ولغت في الفساد وتراكمَ عندها الفشل وتورّطت بسلبيّات السّلطة حدّ السّقوط.

   ومن أَجل العمل بجدّ على تغيير هذه الطبّقة، في إطار العمليّة السياسيّة وبأدوات الديمقراطيّة ومباني الدّستور والقانون، يلزم ان نبدأ من صندوق الاقتراع، وتحديداً من قانون الانتخابات، اذ يجب تغييره واستبداله بقانونٍ اكثر عدالةً وأكثر واقعيةً، فالقانون الحالي يستنسخ الطبقة السّياسية كلّما جرت الانتخابات، لانّهُ فُصِّل على مقاساتهم تحديداً، فاذا أردنا ان ندعو الى انتخاباتٍ مبكّرة مثلاً فان صندوق الاقتراع سيُنتج لنا كلّ ما هو موجود الان بحذافيره ويتكرّر المشهد مرّةً أُخرى، ولذلك فبعودةٍ الى كلِّ مقالاتي التي كتبتها ونشرتها والى أحاديثي التي أدليتُ بها قبل كلّ عمليّةٍ انتخابيّة، سواء كانت محليّة او نيابيّة، كنت ولا ازال أطالبُ وبالحاح بتشريع ثلاثة قوانين جديدة؛ 

   الاول؛ يتعلّق بقانون الانتخابات الذي يجب أن يعتمد مبدأ (صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ) فلا مرشّح يفوز باصوات غيره، على ان يتمّ تقسيم العراق الى دوائر انتخابية بعدد مقاعدِ البرلمان، كما نصّ الدّستور على ذلك.

   هذه الصّيغة ستقضي على الفساد المالي الكبير الذي يُصاحب العمليّة الانتخابيّة في كلّ مرّة، كما حصل مثلاً في الانتخابات النيابيّة الاخيرة مع (زوج بنت دولة رئيس الوزراء) و (ابْن اخت دولة رئيس الوزراء) كما عرّفا نفسهما بهذه الطّريقة في اللافتات الكبيرة التي ملؤوا بها شوارع كربلاء المقدّسة!.

   الثّاني؛ قانون التّعداد السّكاني الذي يحقّق عدالة في التّمثيل بشكلٍ ادقّ مما هو موجود، اذ لازالت بعض المحافظات ممثّلة بشكلٍ عشوائي وغير عادل في مجلس النّواب بسبب قلّة عدد مقاعدها قياساً لتعداد نفوسها الحقيقي.

   الثّالث؛ قانونٌ جديدٌ لمفوضيّة الانتخابات وانتخاب أعضاء جُدُد لضمان استقلاليّتها ومهنيّتها بشكلٍ حقيقي وواقعي، فما هو موجود الان ابعد ما يكون عن المهنية والاستقلاليّة.

   كما لا ينبغي ان نغفل عن قانون الأحزاب الذي فصّلتهُ الكتل السّياسية مؤخراً حسب مقاساتها الخاصّة.

   ينبغي اعادة تشريع القانون بما يضمن إلغاء كافة الأحزاب الدّينية والمذهبية والإثنية، لضمان تهيئة الارضيّة من أجل إنجاز مشروعٍ وطني المعيار فيه للانتماء الحزبي هو المواطنة وليس الدين والمذهب والإثنية والمناطقيّة والعشائريّة ابداً، فكلّ هذه المعايير هي التي أنتجت لنا كل هذه المشاكل العويصة التي قسّمت المجتمع العراقي وفتّتت مشروعهُ الوطني حتى حوّلت البلد الى كانتونات والأحزاب الى مذاهب والى طرائق قِدداً!.  

   انّ مهمة مجلس النّواب الحالي هو تشريع كل هذه القوانين الضروريّة وهي مقدِّمة واجبة لتحقيق التغيير والاصلاحِ الواجب.

   ولانّنا جميعاً على يقينٍ بأَن النواب لن يبادروا بملء ارادتهم لتشريع مثل هذه القوانين لانّها تضر بمصالحهم وامتيازاتهم التي تغوَّلت كلّ هذه السنين، وتحول بينهم وبين حجز مقاعدهم تحت قبّة البرلمان في الدورة القادمة، لذلك اعتقد انّ الواجب الوطني يحتّم علينا جميعاً، مرجعيّات ومثقّفين ومنظّمات مجتمع مدني وكتّاب وإعلامييّن ومختلف شرائح المجتمع العراقي، خاصةً المعتصمون والمتظاهرون، ان يكون على رأس أولويات مطاليبهم هو تشريع هذه القوانين من خلال الضّغط على البرلمان وعلى الكُتل النيابيّة وعلى السياسيّين للاسراع في تشريع هذه القوانين قبل فوات الاوان، والا فسنشهد اعادة انتاج نفس هذه الوجوه الكالحة في الانتخابات النيابيّة والمحليّة القادمة.

   يجب ان يكون هذا المطلب الوطني على رأس أولويّات مطالب المتظاهرين والمعتصبين لنؤسّس للتّغيير الحقيقي والاصلاحِ الواقعي منذ الان.

   حتى الإصلاحات الدّستورية لا يمكن ان ترى النّور في يومٍ من الأيّام ابداً اذا ظلّت الانتخابات تستنسخ نفس الكتل والزّعامات والأسماء!.

   انّ النائب الذي يحجز مقعده تحت قبّة البرلمان بمئة صوت او أقل طبقاً لطريقة قانون الانتخابات الحالي، كيف يمكن ان ننتظر منه نجاحاً او انجازاً او حتى غيرةً على ناخبيه؟!.

   انّ النائب الذي لا يحجز مقعدهُ باصوات المواطنين حصراً يظلّ رئيس القائمة الانتخابيّة هو وليّ نعمته على مدى الدّورة الانتخابية بالكامل، أفَليسَ من حقّهِ ان يراهُ عِجلاً يعبدهُ من دون الله تعالى؟!.

   لا تلوموا (عَبدةَ العِجلِ) لأنهم يَرَوْن في العجْلِ إِلهٌ انعم عليهم بمقعدٍ تحت قبّة البرلمان مع كلّ ما فيه من امتيازات وخصوصيّات يحلم بها النائب، انّما لوموا انفسكم، ايّها العراقيّون، اذا حلّ يوم الانتخابات ولم تجبُروا الكتل النيابيّة على تغيير قانون الانتخابات ليحجز فيه النائب مقعدهُ برصيدهِ الشّخصي حصراً لنسمع صوتهُ ورأيهُ بحريّة تامّة غير خاضعٍ لرأي زعيم الكتلة الذي يتحكّم بأعضائِها كَراعٍ يهشّ على غنمهِ!.

   النائب الذي يحجز مقعدهُ برصيدهِ الشّخصي يظلّ مديناً للناخب الذي سيعتبرهُ وليّ نعمتهِ فيبذل كلّ جهدهِ تحت قُبّة البرلمان لإرضائه، وهو المطلوب!.

   ٢٥ آذار ٢٠١٦                      

                             للتواصل؛

E-mail: nhaidar@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/25



كتابة تعليق لموضوع : لا إِصْلاحَ ورَئيسُ الكُتلةِ كَراعٍ يَهُشُّ على غَنَمِهِ! (٢) والأَخيرَةُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net