صفحة الكاتب : فالح حسون الدراجي

شحصَّلنه من الحزب؟!
فالح حسون الدراجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في ميلاد الحزب الشيوعي العراقي الميمون، أريد أن أتحدث اليوم عن هذا الحزب بشكل مختلف عما كنت أتحدث به في (ميلاداته) السابقة..
إذ سأطرح قضية مهمة، وحساسة يعاني منها بعضنا في علاقته مع عائلته، او مع أحد أفراد عائلته.. وأقصد بذلك ما يخص الموقف من الحزب الشيوعي. وسأتجاوز المرور من باب العوائل التي تضم أفراداً شيوعيين، وآخرين مختلفين عنهم، قد ينتسبون لعقائد، وأفكار تختلف، او ربما تتقاطع مع الرؤى، والخطوط الفكرية الشيوعية.. فتكون العلاقة متوترة دائماً داخل هذه الأسر، لأني لا أواجه مثل هذه المشكلة والحمد لله. 
لذا فإني سأتحدث عن اسرتي الصغيرة التي انا ربها.. 
زوجتي إمرأة طيبة جداً، جنوبية، وأصيلة جداً.. تحب بيتها، وأبناءها كثيراً، وتحرص على سلامة، وسعادة واستقرار هذا البيت، أكثر من حرصها على سلامة عينيها.
لذلك وقفت معي في كل مصائبي، ومشاكلي الكثيرة، وقد تحملت جنوني، وصبرت على (شطحاتي) كثيراً. 
لكن مشكلتها التي تكاد تكون الوحيدة، أنها تنظر لعلاقتي مع الحزب الشيوعي العراقي نظرة مختلفة عن نظرتي تماماً.. فكانت تحدث بيننا تقاطعات عديدة في هذا المجال.علماً بأن هذه التقاطعات بيضاء تماماً، لا تقف خلفها إختلافات فكرية أو سياسية.. أوعداوة، او كراهية.. إنما هي تقاطعات سببها مصلحة العائلة، وخوفها على بيتها ( وأبو بيتها)!!
لذلك -وحرصاً منا على أن لا نختلف- كنا نحاول دائماً تجاوز العبور على أي جسر من جسور الحزب الشيوعي.. كي لا يتشنج الموقف.
وللحق والأمانة، فإن (المدام)، وأنا أتحدث عنها بهذه النقطة الحساسة، إمرأة (وطنية عراقية) من الوريد الى الوريد، لاتكره الحزب الشيوعي، ولاتحب من يكرهه، إنما تحب نضالاته الطبقية، وتمتدح تضحياته الوطنية.. لكن مشكلتها انها تظن، بأن تحرري من قيد الحب، والولاء المطلق لمبادئ، والتزامات، وسياسة الحزب الشيوعي العراقي، سيساعدني على الإنطلاق نحو طرق جديدة، والولوج الى عوالم أخرى، تنفتح فيها الأبواب أمامي على مصادر مالية ومعنوية عالية فهي تظن ان ولائي للحزب، والتزامي بفكره، وقيمه، وعقيدته يمنعاني من التحليق نحو سماءات عالية.
فعلى سبيل المثال، كانت زوجتي تستمع بالصدفة الى المكالمة التي جرت بيني وبين احد الزملاء المكلفين بالإتصال بي، من أجل اقناعي بالعمل ضمن فريقهم الدعائي في الإنتخابات البرلمانية قبل الأخيرة، مقابل مبلغ مالي كبير، يسيل له لعاب الكثير من الصحفيين. لكني رفضت ذلك بشدة، رغم ظروفي المالية الصعبة وقتها، والسبب أن تلك القائمة الإنتخابية، التي دعاني اليها الزميل، هي قائمة (بعثية) بإطار ديمقراطي!!
وقد أعتذرت لزميلي وقتها، وقلت له بصراحة: أنكم لا تريدونني شخصياً، إنما تريدون إسكاتي، وإيقاف قلمي عن الكتابة ضدكم.. لأنكم واثقون من اني لا أنفعكم.. ولا أجيد الكتابة في تأييدكم أيضاً..
فانبرت زوجتي، بعد إغلاق التلفون، وقالت لي: لماذا رفضت الدعوة يا أبا حسون، ونحن بأمس الحاجة الى مثل هذا العقد المغري.. فضلاً عن أنه لا يكلفك شيئاً؟
قلت لها: كيف لا يكلفني شيئاً..؟
قالت: ماذا يكلفك إذا كنت تكتب لهم مقالة، او خبراً لمدة شهر واحد، وأنت جالس في بيتك، فتقبض مقابل ذلك مبلغاً قد لا تناله من غيرهم لو عملت سنتين أو ثلاث؟
قلت لها: بل سيكلفني الكثير الكثير..
ثم أكملتُ حديثي لها، وأنا أقول:
-ألم تسألي نفسك مثلاً، لماذا يقدمون لي هذا المبلغ الكبير والفخم.. وهل انا الصحفي، والكاتب الوحيد في الكرة الأرضية كي يقدموا له مثل هذا العقد (الفريد)؟!
قالت: انا الذي اسألك: لماذا؟
قلت: لأنهم يريدون شراء ضميري وإسمي وسمعتي، ووطنيتي، والتزامي مع فكري، ومع عقيدتي..
قالت: لعد ويامن تريد تشتغل بهاي الإنتخابات؟
قلت لها: لا أشتغل مع أحد.. وإذا أردت ان أعمل دعاية، فسأعملها لصالح الحزب الشيوعي العراقي..
فضحكت وقالت: أبو حسون فدوة أغديلك، ما تگلي شحصلنه من الحزب الشيوعي.. شو أنت ذابح روحك عليه ذبح وكل قبض ماكو.. صار أربعين سنة وياهم، كتبتله الف أغنية والف قصيدة والف مقالة، شنطوك؟
قلت لها: الحزب الشيوعي ما ينطي ..
قالت: ليش ما ينطي؟
قلت لها: لأنه مدرسة.. والمدرسة ما تنطي فلوس؟ قالت: لعد شتنطي المدرسة؟
قلت لها: تنطي شهادة.. وانا أخذت من الحزب الشيوعي العراقي أعظم شهادة في الكون؟
قالت: يا شهادة؟
قلت لها: شهادة الإنسانية.. والوطنية، وإحترام الناس.
فنهضت زوجتي، وقبلتني من جبيني.. وهي تقول ضاحكة: لعد ما دام الحزب هيچ.. سويني وياكم (شوعية)!!
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فالح حسون الدراجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/01



كتابة تعليق لموضوع : شحصَّلنه من الحزب؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net