صفحة الكاتب : مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء

العراق: هل زعماء الشيعة على استعداد لتضميد الجراح الطائفية؟
مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 مايكل نايتس

 
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
 
5 نيسان/أبريل 2016
 
مراجعة وعرض: ميثاق مناحي العيساوي
 
غالباً ما يُفترض أن ظهور ما يسمى بـ تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) منذ عام 2013 قد جعل المصالحة الطائفية صعبة البلوغ في العراق.
 
فقد تم اجتياح العديد من السكان السنة في العراق في الحملة العسكرية التي قام بها تنظيم "داعش"، وفي بعض الحالات انقلب هؤلاء السنة على الجنود الشيعة والمدنيين من مناطقهم وقراهم، وفي أسوأ حادث منفرد عمد تنظيم "داعش" (مع القبائل السنية المحلية) على قتل 1566 طالباً شيعياً من "سلاح الجو العراقي" قرب مدينة تكريت في 12 حزيران/يونيو 2014.
 
وعلى الرغم من هذه الحقائق الرهيبة، وجدتُ أنه قد يكون هناك تأثير عكسي للحرب ضد تنظيم "داعش"، من خلال فتح نافذة للمصالحة الطائفية في البلاد، وخلال زياراتي الأخيرة للعراق تولّد لدي انطباعان قويّان.
 
في أواخر العام الماضي، عدتُ بشعور بأن المجتمعات السنية أصبحت مستعدة للعمل مع الحكومة في بغداد لإعادة بعض مظاهر الحياة الطبيعية بعد التجربة الرهيبة التي عاشتها في ظل تنظيم "داعش".
 
وعند عودتي في زيارة أخرى من الأسبوع الماضي، وبعد أن قابلت جميع زعماء الكتل السياسية الشيعية تقريباً، عدتُ مقترناً بشعور الإيمان بأن الزعماء الشيعة قد أدركوا أن هناك نافذة للمصالحة وهم حريصون على استطلاع ما يمكن تحقيقه.
 
مصالحة تدريجية تصاعدية
 
أظهرت الحياة تحت ظل تنظيم "داعش" معنى شعور الظلم الحقيقي بالنسبة للمجتمعات السنية، فظهور تنظيم "داعش" كان بمثابة كارثة على أهل السنة أكثر من أي مجتمع آخر في العراق.
 
ويقوم السنة المحليون تحت ظل تنظيم "داعش" بقتل إخوانهم من القبائل وسكان الجوار كل يوم، ويجري تدمير المدن والقرى السنية بسبب الحرب والخراب الاقتصادي الناجمان عن العزلة وعن استلام المرتبات الشهرية، والحصول على الخدمات من الدولة العراقية.
 
وقد انكفأت القبائل على نفسها، كما أوضَحَ ذلك أحد المحاورين السنة المتديّنين بقوله: "هناك عشائر سنّية تكره إخوانها أكثر من كراهيتها للشيعة حالياً، وتريد استعمال (وحدات الحشد الشعبي) للانتقام والحصول على نفوذ".
 
وفوق كل اعتبار، يريد هؤلاء السنة المتضررون العودة إلى ديارهم والعيش في سلام والحصول على الحماية والمساعدة في إعادة إعمار [مدنهم] من خلال التعاون مع الحكومة في بغداد، وتشكل الصدمة النفسية واسعة الانتشار من احتلال تنظيم "داعش" لمناطق هؤلاء السنة بمثابة إعادة محتملة للوضع الأصلي في العلاقات الطائفية.
 
وقد كان التعاون على المستوى المحلي ضد تنظيم "داعش" واسع الانتشار، وشمل كافة الطوائف، وفي نطاق تطهير الوجود "الداعشي", كان هناك تعاون كبير بين العشائر السنية و "وحدات الحشد الشعبي"، وعلى غرار نظائرها الشيعة، تشعر المقاومة العسكرية السنية المحلية ضد تنظيم " داعش" بأنها اكتسبت دوراً طويل الأجل في مجال السياسة.
 
وبالمثل، عمل المسؤولون المحليون - أي مدراء الاقضية والنواحي - بشراكة مع الحكومة و "وحدات الحشد الشعبي".
 
وبالفعل، قال لي أحد كبار المسؤولين في "وحدات الحشد الشعبي": "إن رأب الصدع مع القيادة السنية أصعب من المصالحة مع أهل السنة". وهذا هو منبع فكرة "المصالحة المجتمعية" التي يشير إليها الزعماء الشيعة بشكل متزايد.
 
إلا أن تجربة "زيادة عدد أفراد الجيش الأمريكي في العراق" في الفترة 2007-2008 تعكس إمكانية نجاح المصالحة التدريجية وفقاً للنموذج التصاعدي، ولكن ليس إلى الأبد، فهناك حاجة إلى قيام إطار وطني شامل للمصالحة يَعِد بعقد مؤتمرات وإجراء تعديلات دستورية وقانونية ومنح ضمانات، وهذا أمر حيوي لتدعيم المكاسب وتقليل الآثار السلبية، التي يمكن أن يخلّفها السياسيون العراقيون ووسائل الإعلام التي تدور في فلكهم على جهود المصالحة.
 
هل سيوافق تحالف عموم الشيعة على هذه المصالحة؟
 
وفقاً لما سمعتُه في بغداد في آذار/مارس 2016، اتضح للكتلة الضخمة لعموم الشيعة مدى التغيّر الذي طرأ على مشاعر السنة وهي تريد التحقيق في هذا الوضع، ويشعر زعماء الشيعة بالتعب من الحرب ولكنهم يتمتعون حالياً بالقدر الكافي من الشعور بالأمان للتفاوض[من أجل التوصل إلى تفاهم]، وقد تطرق إلى ذلك أحد الوزراء الشيعة بقوله: "هناك تغيّر في مشاعر السنة على مستوى الشارع، وقد أثار ذلك فضول الشيعة لمعرفة ما يدور في هذا الصدد".
 
ويطمح بعض قادة "التحالف الوطني" بشكل واضح [إلى قيام تعاون مشترك]، ويتصور السنة العراقيون بوصفهم شركاء سياسيين محتملين في عصر لا تكون فيه الطائفية [مصدر خلاف] في مجال السياسة.
 
وكما أشار أحد الزعماء الشيعة، "بغض النظر عن عدد السكان الشيعة"، لن يُسمح للشيعة بحكم العراق بشكل فعال طالما يكون الخيار الوحيد قيام حكومة وحدة وطنية شاملة وغير فعالة، ففي تفكيره وتفكير زعيم آخر على الأقل لإحدى الكتل الشيعية، يمثّل الطريق الوحيد للمضي قدماً في تشكيل حكومة أغلبية متعددة الطوائف تضم زعماء من الشيعة والسنة.
 
وقد يتطلع الشيعة أيضاً إلى عراق في مرحلة ما بعد الأكراد، يشكل فيه السنة نسبة أكبر من سكان البلاد.
 
ومن المرجح أن تبدأ هذا العام محادثات مبدئية حول [ترتيب] شكل من أشكال الفصل الطويل الأمد يتم التوصل إليه عن طريق التفاوض بين القسمين الاتحادي والكردي في العراق؛ وفي هذا الصدد يشدد الشيعة التركيز على تجنب تشكيل المزيد من الحكومات الإقليمية العرقية والطائفية في المناطق السنية أو البصرة. وقد دفع ذلك زعماء الشيعة إلى النظر في كيفية صياغة صفقة أفضل لأهل السنة باستعمال التشريعات القائمة المتعلقة بصلاحيات المحافظات.
 
ولا يزال هناك العديد من المشاكل بين الطوائف في العراق - وليس هناك أي معنى في تفهم حجم "تحدي الأجيال" المقبل، ولكن هناك فرص وعقبات محتملة.
 
وإحدى هذه الفرص هي أن الحرب ضد تنظيم " داعش"، قد جددت الروابط المجتمعية بين المجتمعات الطائفية.
 
وقد أوضح أحد زعماء الكتل المتفائلين بأن مئات الآلاف من اللاجئين السنة عاشوا خلال العام والنصف الماضيين في مناطق ذات غالبية شيعية مثل كربلاء، كما أن أطفالهم ذهبوا إلى المدارس مع عائلات شيعية، دون أي مشاكل أمنية، وقد أعاد هذا [التأقلم] فتح أعين الناس تجاه بعضهم البعض بصورة ازدادت ندرة منذ عام 2003، لكنه يمكن أن يفتح الآن باب الأمل للمستقبل.
 
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/iraq-are-shia-leaders-ready-for-sectarian-healing

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/19



كتابة تعليق لموضوع : العراق: هل زعماء الشيعة على استعداد لتضميد الجراح الطائفية؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net