صفحة الكاتب : علي السواد

الربيع العربي وقدره السيء (1)
علي السواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لم يكن العراق محظوظا بعد تحرره من  الاستعمار العثماني ، حيث قاده القدر السيء مرة اخرى ليقع تحت هيمنة الاحتلال والاستعمار البريطاني. وانطلقت ثورة العشرين وسميت بهذا الاسم لانها حدثت عام1920 لمحاربة الوجود البريطاني وقدم الشعب العراقي الكثير من الضحايا والخسائر لمقاومة الاحتلال بالاسلحة البدائية وبعض البنادق الصدئة والعتيقة التي غنموها من الاحتلال العثماني ومن الجيش البريطاني،وكانت مقاومة شرسة كبدت  البريطانيين خسائر وان كانت قليلة في صفوف الجيش المحتل لكنها كانت كبيرة في الجانب المعنوي وتأثيرها على السياسي هناك في لندن ليعلن مرغما قبول مطالب الثوار ومن اهم المطالب كانت يجب ان يحكم العراق حاكم عربي . ولكن البريطاني كعادته في ممارسة الكذب والتسويف والتأجيل حاول ان يتملص من وعوده، ولم يستطع نتيجة لضغوط شديدة ومركزة مارسها الشعب العراقي ، استجاب المحتل البريطاني وقرر بالنهاية ان يجلب الملك فيصل الاول  بعد ان هزم في معركة ميسلون في سوريا واطيح به من عرش سوريا في مواجهة  مع الاحتلال الفرنسي واصبح ملكا على العراق كخاضع وتابع لارداة المحتل واستمر التدخل البريطاني بشؤون العراق ونهب ثرواته وقتل ابناء شعبه  لغاية ثورة 1958التي قادها الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم الذي استرد سيادة العراق بالقوة من مخالب المستعمر بشكل ناجز مماحقق للعراقيين ان يتصرفوا ولاول مرة في تاريخيهم بحرية مطلقة في ادارة بلدهم دون اي تدخل او تاثير من الخارج. وهذا ما اغاض بريطانيا والغرب وامريكا بشكل واضح حتى اشتغلت المؤامرات والدسائس لاسقاط الزعيم عبد الكريم قاسم وبالفعل نجحوا عن طريق زمرة من القوميين والبعثيين وان كان دور البعثين هو الاقوى في مسار الاحداث سنة1963 والقضاء على نظام الثورة واعدام زعيمها في دار الاذاعة والتلفزيون بدون محاكمة. بغفلة من الشعب العراقي الذي كان لايدرك حجم المؤامرة وبالتالي دفع الثمن الباهض بعد تسلط خليط من البعثيين والقوميين العنصريين بقيادة الهمجي عبد السلام عارف الذي لقى مصرعه بحادث طائرة هليكوبتر مدبر سنة 1966 شمال البصرة وخلفه في الحكم اخيه عبد الرحمن عارف  الضعيف والمتواطؤ مع حزب البعث الذي اطاح به بانقلاب 1968 بقيادة احمد حسن البكر السيء الذي اصبح رئيسا للعراق بعد الانقلاب المشؤوم  وبدأ العراق منذ ذلك التاريخ يعاني من ممارسات حزب البعث الشوفيني والارهابي الذي وصل الى السلطة بمساعدة المخابرات الامريكية السي اي ايه وهذا ما كشف عنه القيادي البعثي علي صالح السعدي الذي اعترف و قال ( جئنا بقطار امريكي ) وايضا اعترف جون بيركنز  الخبير الاقتصادي لوكالة المخابرات الامريكية السي اي ايه وصاحب كتاب اعترافات قاتل اقتصادي بان (صدام حسين كان عميلا لامريكا ). وبالمناسبة كلا هذين الاعترافين اللذين ذكرتهما ربما ليسا ذا قيمة مباشرة للشعب العراقي الذي كان يعرف جيدا ان امريكا حامية وراعية لصدام ونظامه الدكتاتوري ولكن ذكرتهما كتأكيد للقارئ بمعنى انني قد اخترت الاعتراف الاول لانه صدر من قيادي بعثي كبير في صفوف حزب البعث والنظام، والاعتراف الثاني جاء من خبير اقتصادي كان موظفا في وكالة المخابرات الامريكية السي اي ايه والا  الاعترافات كثيرة والادلة ايضا كثيرة في ما يتعلق بارتباط صدام حسين بالعمالة للولايات المتحدة الامريكية ولكن أرتيت ان المثالين كافيين لتثبيت الحقيقة  وحتى لو افترضنا انه لايوجد احد يتهم صدام حسين بالعمالة  للولايات المتحدة فان واقع العلاقة بينهما هو من اوضح الادلة وابرزها لاظهار دليل العمالة لامريكا و كيف كانت علاقتها بالانقلابيين ؟و كيف سهلت عملية الوصول الى اغتصاب السلطة؟ وكيف صدام حسين النكرة ازاح الرئيس البكر من السلطة بظروف غامضة؟ وكيف  تسلق الى اعلى مناصب القيادة وكيف بدأ بتصفيات الكثير من القيادات؟ الوطنية المهمة من اليساريين والليبراليين والاسلاميين المعتدلين والمستقلين وراح يمارس ابشع انواع التصفيات والقتل والتعذيب. حتى افرغ العراق من اي صوت معارض وبالتالي انفرد حزب البعث بالحياة السياسية وبدون منافس اليس هذه كلها مؤشرات ووقائع تدين الولايات المتحدة وتورطها بالسر والعلن  لتهيأة الظروف وكل الظروف للدكتاتور؟ ولربما يسأل البعض وما علاقة الحكومة الامريكية بهذا الذي فعله الدكتاتور الجواب هو ان الولايات المتحدة تدعي و تثرثر باستمرار حول حقوق الانسان والحرية والديمقراطية وكثير من الشعارات التي تقف وراءها. وبالتالي ما مارسه النظام هو ادانة قوية وصريحة للولايات المتحدة لانها على علاقة رسمية وارتباط وثيق بالنظام  ولكن طالما النظام في حينها يحقق المصالح الاستراتيجية للادارة الامريكية والحكومات الغربية اذن فلا قيمة لكل جرائم صدام ضد الشعب العراقي ولاقيمة لشعارات حقوق الانسان والحرية والديمقراطية عند الحاكم في البيت الابيض وهذا ما حصل بالفعل ولا يستطيع احد انكاره او تكذيبه  لسبب بسيط،لانه كانت للولايات المتحدة علاقات دبلوماسية وسياسية مع نظام صدام حسين  زائد سفارة الولايات المتحدة في بغداد وكان التعاون بينهما في الجانب  الاقتصادي والسياسي والمخابراتي والعسكري، يعتبر من اقوى مراحل التعاون في تاريخ العراق. وهذا ما ظهر بشكل علني حينما اندلعت الحرب التي شنها صدام حسين وهو كان براي امريكا افضل اللاعبين والمنفذين لتلك الحرب على ايران و كانت بايحاء وتلميح امريكي انتقاما من  الثورة الايرانية. 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي السواد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/23



كتابة تعليق لموضوع : الربيع العربي وقدره السيء (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net