بين "داعش و"عبدة الشيطان"

  قبل ايام استوقفني خبر قصير تناقلته المواقع الاخبارية ، عن قيام السلطات الأردنية ، وقف حفل  كان مقرر ان يجري على المدرج الروماني وسط العاصمة عمان ، لفرقة موسيقية غربية ، بسبب تطابقه مع سلوكيات “عبدة الشيطان”. 

هذا الخبر رغم كل قبحه ، الا انه اصبح وللاسف الشديد في ظل الفراغ الذي يعيشه بعض شبابنا ، عاديا ويمر من امامه الكثيرون مرور الكرام ، فقبل هذا الخبر كانت هناك اخبار في هذا الشان ، ساهمت في رفع القبح عنه تدريجيا  ، فقد ظهر “عبدة الشيطان”  في الأردن أوائل سنة 1997 ، عندما ضبطت الشرطة نحو 140 فرداً منهم ، حيث اعترف المقبوض عليهم بأن جذور اعتناق الشباب لهذه الأفكار جاءت من خلال طريق استدراجهم بالجنس والمخدرات والخمور وأن هدفهم اعتناق الفكر المنحرف ، والترويج له ، والدعوة إلى عدم الإيمان بالله ، وإنكار الذات الإلهية ، وتقديس الشيطان باعتباره القوة العظمى التي تحرك الحياة والبشر.
في اواخر عام 2012 ، تناقلت وسائل الاعلام الاردنية خبرا تناول مشاجرة وقعت امام فندق مرمرة الواقع في شارع مكة –  تقاطع الحرمين في العاصمة عمان، في نهاية حفل كان مقام في الفندق بتنظيم من بعض الشباب بمناسبة “عيد الهالوين” اي عيد الرعب … في حفلة تنكرية مختلطة كان مرتادوها يلبسون البسة فاضحة وغريبة على المجتمع الاردني ، الحفل كان من ابرز طقوسه المظاهر والملابس  الغريبة لمرتاديه وتناول الممنوعات والمشروبات الروحية والاغرب في الامر ان معظم الحضور كانوا من اعمار تقل عن 21 سنة.
ونبقى في الاردن ، ولكن من زاوية اخرى ، حيث ذكرت الاخبار القادمة من هناك ، ان شعبية منظر التيار السلفي “الجهادي” التكفيري في الاردن أبو محمد الطحاوي، ازدادت داخل التيار ، لاسيما بعد المواجهات المسلحة التي حدثت قبل عدة أشهر والمعروفة باسم (خلية إربد) شمالي الأردن والتي قتل فيها سبعة من التيار السلفي “الجهادي” المؤيدين ل”داعش” وقتل فيها أيضا ضابط أمن ، ورافق ذلك استدعاءات وحملة اعتقالات واسعة شملت العشرات من أعضاء التيار من محافظة إربد وهو مكان الحدث البارز شمالي العاصمة، كما شملت مدينة الرصيفة والعاصمة عمان أيضاۀ
واكدت هذه الاخبار ان شعبية الطحاوي ازدادت لرفضه التنديد ب”داعش”!! وتاييده ممارساتها  ، ورفضه مواقف القياديين السلفيين أبو محمد المقدسي وأبو قتادة ، المنددة ب”داعش” ، رغم ان المقدسي لم يعد يصدر تصريحات كالتي أطلقها في السابق في مواجهة “داعش”.
هنا قد يسأل سائل ، هل قدر الشباب الاردني ان يختار بين “عبدة الشيطان” او “داعش” ؟، وحتى لو كان من الخطأ طرح هذا التساؤل ، لوجود خيارات اخرى كبيرة في الاردن امام الشباب ، الا ان السؤال الاول يبقى يطرح بقوة لسبب مهم جدا وهو : الا يجب ان يكون الشباب الاردني ، القريب بالدم والجغرافيا من الشعب الفلسطيني الذي يعاني الامرين على ايدي العصابات الصهيونية منذ اكثر من ستين عاما ، الابعد من كل الشباب العربي عن ظواهر شاذة لا تمت للاسلام والعروبة بصلة مثل “عبدة الشيطان” و”داعش” ، حتى لو كانت نسبة الشباب الاردني المنخرط في هذين التنظيمين الهدامين قليلة جدا؟، اين فلسطين واين القدس واين المسجد الاقصى ، في الفكر “الداعشي” وفكر “عبدة الشيطان”؟، اليس الترويج للفكرين يصب في صالح العدو الصهيوني ، هذا اذا اضفنا معلومة مؤكدة ، يعرفها الجميع ، من ان اغلب الشعب الاردني هم فلسطينييون؟.
    للأسف ان زعماء التيار السلفي “الجهادي” التكفيري ، كما يرى الكثير من المراقبين للشان الاردني ، استطاعوا أن يضلوا كثيرا من الشباب للانخراط في أعمال إرهابية باسم الإسلام والإسلام منها براء ، فهؤلاء جعلوا من العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان ، ميادين ل”الجهاد” ، فيما تركوا ساحة الجهاد الحقيقي وهي فلسطين المغتصبة ، لقمة سائغة للصهاينة المجرمين.
للاسف الشديد ان ظاهرة “عبدة الشيطان” ليست حكرا على الاردن فهي ظاهرة تتفشى في جميع الاقطار العربية ، ومنها السعودية ، فالعديد من وسائل الاعلام السعودية تتحدث عن القاء قوات الأمن السعودية في تموز 2009 ، القبض على مجموعة من عبدة الشيطان في الرياض وذلك في حفل منظم في إحدى المجمعات السكنية.
وتبين من التحقيقات ان المقبوض عليهم ينتمون لجنسيات سعودية وسورية وأجنبية .. وتعتبر الحفلة الثانية كما يظهر في بطاقة الدخول إلى الحفل حيث كتب على البطاقة أنها تقام متزامنة في 30 تمور بسرية تامة في كل من الرياض وجدة والدمام .. ويتم التعريف بالموقع باسم “الجروب” المتفق عليه.
اخيرا من حقنا ان نسأل اين النخب الدينية والفكرية التي تلتزم الخطاب الاسلامي الاصيل والوسطي في الاردن ، ازاء ما يجري في الساحة الاردنية ؟، لماذا اصبحت الساحة متروكة لاصحاب الافكار الشاذة والمنحرفة ، ليغسلوا عقول شبابنا بهذا الشكل المروع ؟، من الذي جعل مثل هذه الافكار المسمومة والقاتلة ان تدخل في عقول بعض الشباب الاردني ، الذي يعتبر من اكثر الشباب العربي تمسكا بدينه وعروبته؟، من الذي جعل بعض الشباب الاردني الذي شب وفلسطين والقدس في عقله ووجدانه ، يرى في تفجير نفسه في اهله وناسه في سوريا والعراق ، “جهادا في سبيل الله” ؟، اسئلة نطرحها على نخبنا ليجدوا لها الاجوبة الشافية ، قبل ان تتسع الظواهر الشاذة مثل “داعش” و “عبدة الشيطان” في مجتمعاتنا وتبتلعها شيئا فشيئا.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/28



كتابة تعليق لموضوع : بين "داعش و"عبدة الشيطان"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net