قصة مثل من التراث العراقي (شفت شواربه وتغزلت بي لو ما شواربه مچنت الفيه)
نور معن عبدلله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحكى ان امرأه جميله وثريه ترملت ، فتقدم اليها الكثير من الرجال لخطبتها وكانت تراهم فترفضهم جميعآ و بعد مده تقدم رجل لخطوبتها ، فرأته فارع الطول عريض المنكبين قوي الساعدين ، عيناه واسعتان ينبعث منهما العزم و الحزم و له شاربان طويلان وترتسم على وجهه إمارات الرجوله و الشجاعه ، و ملابسه تدل على اناقه وذوق ، وحديثه معسول ، فأحبته من النظره الاولى وتملكها شعور قوي بأنه احسن من تقدم لخطبتها ، فقبلت ان تتزوجه ،
 
فتزوجته وبعد الزوآج ظهر لها خلاف ما رأت و انه ضعيف في كل شيء فتحطمت آمالها وندمت على فعلتها و قالت .. شفت شواربه وتغزلت بي لو ما شواربه مچنت الفيه
و من حينها تضمن قولها بهذا المثل .
 
يأخذنا المظهر الجذاب الى صورة الشخصية وراء هذا المظهر المهندم فننبهر دون تفكير بشخص المقابل ونغفر له احيانا بأخطاءه ونبررها على حسب ما نراه ولكن بتبريرات ايجايبة لا ندع لسوء الضن مجالا
وبعدها نقع في تراكمات الاوهام بمشاكل حقيقية تصدمنا مع من نتعامل وكيف تغيير لكن الواقع اننا نحن من صنع الصورة له ولم نصبر لنعرف مكنون شخصه .
 
وهذا ليس معناه ان المظهر الخارجي ليس بالمهم بل العكس له اهمية كبيرة على قدرة اضافة الثقة لدى الشخص والشخص المقابل لكن على المقابل ان يفسح المجال امام بصيرته ليرى الجوهر نازعا للمظهر ، فتكتمل الصورة بحسن الجوهر والمظهر .
 
تربيتنا الاسلامية وعاداتنا العربية توجهنا دائما لحسن الاخلاق وهذا ما نحاول دائما زرعه بين الاجيال المختلفة وتوارثه بعدها ولكن هناك فرق بين الاخلاق التي نربى عليها وتزرع فينا منذ نعومة اظافرنا والعادات والتقاليد التي نتوارثها بعدها هذه مكتسباتنا ولكن العنصر الاهم الثاني بعد الاخلاق والتربية توجد الطباع والتي تعتمد ايضا على ماهو موروث من احد افراد العائلة او مكتسب من محيط العلاقات العائلية او محيط الاصدقاء والمعارف و مجال العمل الخ ... ان وجود العوامل البيئية الصحية التي تعطي للشخص القدرة على اكتساب طباع جيدة وغير حادة مهم جدا وليس بهذا القول يذهب ذهننا الى وجود العيش الرغيد حيث تتمثل عوامل البيئة الصحية بحال البلد الجيد بالدرجة الاولى لتوفير معطيات بسيطة للعيش بسلام وتوفر حقوق بسيطة للأنسان يضمن له ولابناءه العيش بأمان بعيدا عن الحروب والدمار التي تكسبنا مع الايام بطباع حادة غير متوازنة نتيجة الخوف والقلق المتعايش معنا وبلا شعور يسلب منا روح الطمأنينة ويجعل منا الالات بشرية تعمل ليل نهار للوصول الى لقمة عيش يومية وليس هذا فقط هناك اناس يعملون على المظهر المادي كي يراهم الاخرون اننا مكتملين ويشار الينا بالبنان جميعها مظاهر زائفة على حسب قول المثل المصري ( عندك قرش تساوي قرش ) ليس من الصعب تكوين المظهر لكن من الصعب جدا تكوين الجوهر و عدم تأثره بمحيط مغايير لقناعاته .
 
يقال ايضا ( ليس كل ما يلمع ذهب ) ولنا في هذه المقولة قصة قصيرة ايضا :
أراد حكيم القصر أن يعطي الأمير الصغير ولي العهد درسا في الحياة، فسأله: مولاي، ما هو المعدن الذي يستهويك و يستميلك من دون المعادن؟
فأجاب الأمير الصغير بثقة : الذهب بالطبع،
فسأله مرة أخرى : و لم الذهب؟
فأجاب بثقة أكثر من سابقتها :لأنه ثمين و غالي و هو المعدن الذي يليق بالملوك،
 
صمت الحكيم للحظات...و لم يجب ثم ذهب الى الخدم و قال اصنعوا لي تمثالين بنفس الشكل و لكن أحدهما من الذهب الخالص و الآخر من الطبشور ، و قوموا بطلاء الأخير بطلاء ذهبي ليبدو كأنه ذهب خالص .
بعد يومين أتى الحكيم بالأمير أمام التمثالين و قد غطاهما، فنزع الغطاء عن التمثالين فانبهر الأمير لجمال صنعهما و اتقانهما، فسأل الحكيم :ما رأي الأمير بما يرى ؟.
فأجاب الأمير :انهما تمثالان رائعان من الذهب الخالص فقال الحكيم : دقق يا مولاي ألا ترى فرقا بينهما؟،
فقال :كلا.
فكرر الحكيم :أمتأكد يا مولاي.؟
فقال الأمير بغضب : قلت لك كلا لم ألحظ أي فرق ...
 
فأشار الحكيم الى خادم كان يمسك دلو ماء ، فرشق الخادم الماء على التمثالين بقوة ، فصعق الأمير عندما رأى تمثال الطبشور يتلاشى ... ولكن تمثال الذهب كان يزداد لمعانا
فقال الحكيم : مولاي، هكذا الناس ، من كان معدنه من ذهب يزداد لمعانا و من كان من طبشور يتلاشى كأنه لا شي .
 
ليس كل من مظهره جذاب وملفت يكون ذو اخلاق جيدة ولا كل من يحمل اخلاق جيدة بالضرورة ان يكون ذو طباع جيدة ، ولأكتمال صورة الشخصية يجب ان تتوفر الاخلاق والطباع الجيدة التي توافق مستوى خلقه وبالتالي نصل الى اظهار الصورتين بمظهر يعكس الصورة الكاملة للجوهر والمظهر .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نور معن عبدلله

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/28



كتابة تعليق لموضوع : قصة مثل من التراث العراقي (شفت شواربه وتغزلت بي لو ما شواربه مچنت الفيه)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net