صفحة الكاتب : علي علي

نية التغيير وحدها لاتكفي
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  لطالما سمعنا وقرأنا عن تظاهرات تخرج هنا وهناك، مطالبة بحقوق غُمطت، او تعديلات بما شرع من قوانين، او قد تكون تعبيرا عن غضب لحالة سلبية لايرضاها الشعب بمجمله او فئة منه. وفي أغلب الأحيان تأتي التظاهرة أكلها يانعة نضرة هنية، فيستقيم الأمر إذاك وتعود المياه الى مجاريها، والحياة الى مجراها الطبيعي.
  في الأيام القليلة الماضية اتخذت التظاهرات في عراقنا الجديد شكلا آخر وصبغة أخرى، هي في حقيقة الأمر كانت متوقعة، بل أنها يجب أن تحدث بهذا الشكل، فقد طفح الكيل بالعراقيين من جراء تردي أوضاع بلدهم، في وقت هو يمتلك ثروات تحت أرضه وفوقها، قلما تتوافر مجتمعة في بلد واحد، وقطعا هذا نتيجة انتهاج الدولة العراقية بعد انقشاع نظام البعث سياسة التحاصص، فقد قسم البلد بالمشرط تقسيم جراح حذق، وكان تقسيمه مخططا له قبل سقوط النظام الدكتاتوري الحاكم بسنين، وآن أوان تنفيذه بعد سقوطه. فأغلب متصدري القرار السياسي في دكة الحكم سباقون في تحصيل غنائم انتصارهم على إرادة المواطن العراقي، وهم يسرعون في تدويرها وتجييرها لحساباتهم، فيما يسير سعيهم في إقرار قانون او إصدار قرار فيه خدمة الشعب والوطن سيرا سلحفاتيا، إذ كما نقول: (لگمة الشبعان على الجوعان بطيّة). 
   إن ماحدث الأسبوع الماضي كما نقول؛ (مايلبس عليه عگال)، فالشعب الذي ينفجر بوجه جلاديه، لم تأت انطلاقته من فراغ، كما أن دخول المتظاهرين مبنى أكبر مؤسسة تمثلهم في الدولة ليس بالأمر الهين، ولم يكن وليد نزوة او شهوة او من باب حب المغامرة، بل جاء نتيجة حتمية لصبر طال، وانتظار جاوز الحد، وتحمل فاق كل الطاقات. فبنظرة لمجريات الحدث الجلل هذا، ومقارنة بردود أفعال المتحكمين بأمر العراقيين والمتسببين في حدوثه، أرى أن البون شاسع بين قولهم بالإصلاح ومناداتهم المستمرة به، وبين ماهم عليه من تنفيذ على أرض الواقع والذي لايمت بصلة للإصلاح، فهم بعيدون عن الصلاح والفلاح، ماداموا يلتافون على القانون وعلى المواطن وعلى أنفسهم، في كل ظرف يصادفهم، وهم اللوذعيون في التحايل على القانون، وليست بعيدة عنا خديعتهم في إقناع الرأي الجماهيري العام بمسألة رواتبهم التقاعدية، فكلنا يعلم كيف تم التحايل على المواطن بفتحهم ثغرة في مواد قانون التقاعد، والقانون الداخلي لمجلس النواب، بتعديلاته التي حيكت بحنكة ودراية ومكر منقطعة النظير، وهم قطعا العالمون بأفانين القانون لاسيما وقد شرعوه بأنفسهم، ووضعوا عامدين نقاطا تخدمهم في بنوده وفقراته.
اليوم باتت الكرة في ساحة غير ساحة المواطن، كما أنها فلتت من ساحة الساسة الحاليين، فالمواطن يمتلك النية في التغيير، إلا أن الآلية في تحقيق هذا ليست في يده، فالأمر ليس بهذه البساطة. أما من جانب المتسيدين في الحكم فأظن الأغطية والستارات والحجب التي كانوا يتخفون خلفها، قد أزيلت عنهم تماما، وسقطت أوراق توتهم، وتعروا أمام الجميع، وماعادت لخطواتهم وقراراتهم مصداقية في نظر المواطن. الكرة الآن في ساحة مجهولة قد تكون أدنى من قاب قوسين من ناظرنا، وقد تكون نائية عنا الى مالاتحمد عقباه.
  الدعاء وحده لن يكفي للخروج من هذا المأزق، والتقدم خطوة بخطوتي تراجع هو الآخر غير مجدٍ بتاتا، غير أن مفتاح الحل يكمن بانتقاء شخوص وطنيين لمهمة الإنقاذ، وفق معايير مهنية لاتقبل المحاباة والمحسوبية، وعلينا إسقاط وحدات القياس التي تم على ضوئها تقييم الشخصيات الحاكمة في مفاصل البلد فيما سبق بدرجاتها الوظيفية كافة، ومن أهم وحدات القياس التي لاتخدمنا حاليا هي؛ الحزبية والعشائرية والمذهبية، والتي تسببت بنكوص مستوى مؤسسات البلد، الى مانحن فيه.
aliali6212g@gmail.com 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/08



كتابة تعليق لموضوع : نية التغيير وحدها لاتكفي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net