صفحة الكاتب : رضي فاهم الكندي

من الجهل إلى التجهيل تجارة لن تبور
رضي فاهم الكندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ليس الجهل حالة إستثنائية في وجود الإنسان إذ هي مما يقتضيه الطبع، ونقطة الأمل هنا أن تُعادل الكفة في طرح المقابل له في أصل الطبيعة الانسانية وهو العلم، لأن الإنسان بأصل خلقته يميل إلى تحقيق الخير في ذاته  . لكن المشكلة كل المشكلة هي تجهيلُ الإنسان باسم العلم والدفاع عن الحقيقة ، وتزداد وعورةُ هذا الطريق حينما يُحارب العلم ويصدر الجهلُ باسم الدين. 
ومن هنا فإن مسؤولية العالم أن يقف بوجه الجهل والتجهيل لأنه يستدعي مسخَ الهوية ويقف حائلاً دون الرقيِّ في سلَّم الحضارة ، وتزداد مسؤولية العالم حينما تلزمُه الحجةُ القاطعة والبراهين الشاهدة في مسألة ما فلا يبقى هناك مجالاً لاعتزال المشهد، ويذكر لنا التأريخ أن علياً (عليه السلام) اعتزل مَن تداعى على الخلافه وأخلى لهم عنانَها ، واستمر في رفضه لها حتى أُقيمت له الحجة فقال: 
((لو لا حضور الحاضر ، و قيام الحجّة بوجود النّاصر ، و ما أخذ اللّه على العلماء في أن لا يقارّوا على كظّة ظالم و لا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربه.(( فحينما تتوفر الأدلة العلمية الموثَّقة بين يدي العالم في نقد ظاهرة ما بلغت حد الأسفاف بالعقول والاستهزاء بالدين من ذوى النفوس الضعيفة المتاجرين باسمه فقد ألزم الحجة هنا في قول كلمة الفصل التي تقصم ظهر الفتنة وتعيد الوعي إلى نصابه ، التى توصد أبواب الجهل وتأخذ بأيدي الناس إلى سواء السبيل
. ظاهرة القبور أو المزارات الوهمية لم تعد حكاية عادية بل عكست حضارة وقيم وثقافة شعب يدعي الانتماء لخط الرسالات، بلد منذ ولادته عاصر الحضارة واحتضن الدين صار مهداً لكثير من الرسالات حتى عرف عنه بـ( وادى الانبياء ( تحدٍ كبير لمن ينتمى لهذا البلد أن يرضى بمسخ هويته التي نافح من نافح في طول الخط التأريخي لأجل إثباتها أن يكون مصيره متأرج على قارعة الطريق بحسب ما يدعي المبطلون ، مهلهل وشعبه مضطهد ومطارد ، ولذلك كُتب عليه أن يكون ربيب الجهل. 
هذه الصورة المخجلة التى لبست ثوب الدين وتزينت به والتي يراد لها أن ترسم خارطة الطريق نحو مستقبل يسوده التخلف هي أخطر ما يكون على وعى الشعوب لانها أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء، والأدهى منه أن من يتحرك من موقع المسؤولية ليواجه الانحراف تنبري له المنابر المزيفة التي تخشى كساد تجارتها والأقلام المأجورة التي باعت ضميرها في سوق النخاسين وكل ذلك ايضا باسم العلم والدين . 
 
  في هذا الجو المشحون تبرز كلمة الحق لتحيد الموقف لصالح الوعي وتلم الشتات المبعثر وتسد الثغور على تجار الضمائر التي تسعى لإبقاء الوعي تحت مظلة الجهل فلايستبعد أن يكون الرد عنيفا من الجهة المعارضة . لأنه هذه الجهة في منهجيتها أشبه ما تكون من شبكة لصيد الاسماك لكن الامر هنا مختلف فهي لا تصيد العقول فحسب بل تتاجر بها وتوجهها نحو الإسفاف حتى تفقد قيمة الوجود ويدرج صاحبها في سلسلة المجانين 
 وباسم الدين أيضاً نقول لأمثال هؤلاء إن الاصل في انتساب قبر لشخصية ما هو العدم وحين الشك بصحة انتساب هذا القبر له من عدمه علينا من باب الاحتياط البناء على عدم نسبته له بحسب قاعدة الاستصحاب .اي استصحاب الحالة السابقة قبل الشك وهي الأصل  وبذلك نتجاور الشك لنصل منه الى اليقين وخصوصا حينما  يتوفر الكتب والدراسات الموثقة للمحققين والمؤلفين البارعين من ذوي الاختصاص هنا لا مجال للتدليس والتزوير، والحجة باتت قائمة ولا مجال للشك فيها
. ودموع التماسيح لم تعد تجدى نفعاً، لأن الشعب بات واعياً لمن يبكي له ومعه من ذاك الذي يضحك عليه.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رضي فاهم الكندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/10



كتابة تعليق لموضوع : من الجهل إلى التجهيل تجارة لن تبور
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net