صفحة الكاتب : سليم عثمان احمد

بنت الشاطئ: ( اللهم إني صائمة) (7)
سليم عثمان احمد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ولدت الدكتورة/ عائشة محمد علي عبد الرحمن بنت الشاطئ في مدينة دمياط  في 6 نوفمبر 1913،  وهي أول امرأة تحاضر بالأزهر الشريف، كما تقول  الموسوعة الحرة، ومن أوائل من اشتغلن بالصحافة في مصر حيث عملت  في صحيفة  الأهرام، كما أنها  أول امرأة عربية تنال جائزة الملك فيصل في الآداب والدراسات الإسلامية.

وكان والدها من علماء الأزهر  ، و مدرسا بالمعهد الديني بدمياط، وكان جدها لأمها  أيضا شيخا أزهريا ، وقد تلقت تعليمها الأول في كتّاب القرية فحفظت القرآن الكريم ثم أرادت الالتحاق بالمدرسة عندما كانت في السابعة من العمر ولكن والدها رفض ذلك لأن تقاليد الاسرة تأبى خروج البنات من المنزل والذهاب إلى المدرسة ، حيث قال الوالد  لابنته الراغبة في الالتحاق بالمدرسة: "ليس لبنات المشايخ أن يخرجن للمدارس، وإنما يتعلمن في بيوتهن"، غير أن عائشة الصغيرة أصرت، وامتنعت عن الطعام بقدر ما يتحمله جسدها الغض، فرقَّ لها جدها وتوسط لدى والدها، حتى انتزع موافقة الأب بخروج ابنته للمدرسة، واشترط الأب أن تتابع ابنته دراستها الدينية في البيت، فتلقت تعليمها بالمنزل وبدا عليها النبوغ والتفوق في ذلك العمر الباكر ، عندما كانت تتفوق على قريناتها في الامتحانات  بالرغم من انها كانت تدرس  فقط بالمنزل.

حصلت بنت الشاطئ على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929، وقد كان ترتيبها الأولى على مصر،  ثم حصلت على الشهادة الثانوية بعدها التحقت بجامعة القاهرة، وتخرجت  في كلية الآداب قسم اللغة العربية 1939 م ،وكان ذلك بمساعدة والدتها ، لأن والدها كان يرفض  ذهابها للجامعة، وقد ألفت كتابا بعنوان الريف المصري، في عامها الثاني بالجامعة، ثم نالت الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عام 1941 م.

تزوجت  بنت الشاطئ أستاذها بالجامعة ،أمين الخولي صاحب الصالون الأدبي والفكري الشهير، بمدرسة الأمناء، وأنجبت منه ثلاثة أبناء ،ثم  واصلت مسيرتها العلمية، حتى نالت رسالة الدكتوراه عام 1950م وناقشها عميد الأدب العربي د/ طه حسين.

كانت  الدكتورة بنت الشاطئ أستاذة  وكاتبة ومفكرة وباحثة ونموذجًا للمرأة التي حررت نفسها بنفسها بالإسلام، فمن طفلة صغيرة على شاطئ النيل في دمياط، إلى أستاذ للتفسير والدراسات العليا ،في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، حيث قامت بالتدريس هناك لنحو عقدين كما عملت أستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس بمصر، وأستاذ زائر لكل من جامعتي  أم درمان الإسلامية  1967م والخرطوم في السودان  والجزائر 1968م، وبيروت 1972م، وجامعة الإمارات 1981م وكلية التربية للبنات في الرياض 1975- 1983م.

ساهمت في تخريج أجيال من العلماء والمفكرين من تسع دول عربية قامت بالتدريس بها، وخرجت مبكرًا بفكرها وقلمها إلى المجال العام، وبدأت النشر في سن الثامنة عشر  في مجلة النهضة النسائية، وبعدها بعامين بدأت الكتابة في جريدة الأهرام فكانت ثاني سيدة تكتب بها بعد الأديبة مي زيادة، فكان لها مقال أسبوعي طويل ، وكان آخر مقالاتها ما نشر بالأهرام يوم 26 نوفمبر 1998. وكان لها مواقف فكرية شهيرة، واتخذت  جملة مواقف حاسمة دفاعًا عن الإسلام، فخلّفت وراءها سجلاً مشرفًا من السجالات الفكرية التي خاضتها بقوة، وكان أبرزها موقفها ضد التفسير العصري للقرآن الكريم ذودًا عن التراث، ودعما لتعليم المرأة واحترامها بمنطق إسلامي وحجة فقهية أصولية فضلا عن موقفها الشهير من البهائية وكتابتها عن علاقة البهائية بالصهيونية العالمية. ساهمت بنت الشاطئ في عدد من القضايا الساخنة في مجتمعها ومن أهمها : قضية المرأة وتحررها ومكانتها في الإسلام، حيث  دار جدل صاخب بينها وبين العقاد في هذه القضية، وارتفعت حرارة بينهما  بشكل كبير  مما أثرى ساحة الحوار الفكري والإنساني، فقد كتب العقاد كتابًا بعنوان "المرأة في القرآن"، وأورد فيه  فقرات، فيها انتقاص للمرأة، حيث قال أن النظافة ليست من خصائص الأنوثة، وأعتبر أنه من الضلال في الفهم أن يخطر على بال أحد أن الحياء صفة أنثوية، أو أن النساء أشد حياءً من الرجال، وعلى هذا المنوال أخذ العقاد يكيل الاتهامات للمرأة

ودفعت مقولات العقاد هذه بنت الشاطئ  لترد  بمقالات صحفية، وتقابل العاصفة بالعاصفة، وترجمت مشاعرها الغاضبة في مقال بعنوان (اللهم إني صائمة) وأتبعت هذا المقال بآخرَيْنِ في الرد على العقاد ،فما كان من العقاد إلا أن وجه سهام نقده اللاذع إلى بنت الشاطئ، معتبرًا أنها المثال الوحيد الماثل أمامه على تناقض المرأة، واصفًا إياها بأنها "السِّت مفسرة القرآن).

الفت أكثر من أربعين كتابا في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، وأبرزها: التفسير البياني للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة، كما قامت بتحقيق الكثير من النصوص والوثائق والمخطوطات، ولها دراسات لغوية وأدبية وتاريخية أبرزها: نص رسالة الغفران للمعري، والخنساء الشاعرة العربية الأولى، ومقدمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي، ولها أعمال أدبية وروائية أشهرها: على الجسر، سيرة ذاتية، سجلت فيه جانبا  من سيرتها الذاتية، كتبته بأسلوبها الأدبي الرصين  بعد وفاة زوجها أمين الخولي. 

كما ألفت كتاب (بطلة كربلاء) عن السيدة/ زينب بنت علي بن أبي طالب، ومن مؤلفاتها  أيضا :سكينة بنت الحسين، مع المصطفى، مقال في الإنسان، نساء النبي، أم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (آمنة بنت وهب) أعداء البشر، أرض المعجزات، رحلة في جزيرة العرب.

كانت  الدكتورة عائشة عبد الرحمن تكتب مقالاتها باسم مستعار، فاختارت لقب: (بنت الشاطئ) لأنه كان الأنسب  إلى حياتها الأولى على شواطئ دمياط ، حيث  ولدت بها، حتى توثق العلاقة بينها وبين القراء وبين مقالاتها والتي كانت تكتبها في جريدة الأهرام وخوفاً من إثارة حفيظة والدها، كانت توقع باسم بنت الشاطئ اي شاطئ دمياط الذي عشقته في طفولتها. 

حصلت على الكثير من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية في الآداب في مصر عام 1978 م، وجائزة الحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية، والريف المصري عام 1956م، ووسام الكفاءة الفكرية من المملكة المغربية، وجائزة الأدب من الكويت عام 1988 م، وفازت أيضا بجائزة الملك فيصل للأدب العربي مناصفة مع الدكتورة وداد القاضي عام 1994 م. 

كما منحتها العديد من المؤسسات الإسلامية عضوية لم تمنحها لغيرها من النساء مثل مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجالس القومية المتخصصة، وأيضاً أَطلق اسمها علي الكثير من المدارس وقاعات المحاضرات في العديد من الدول العربية. 

وانتقلت الدكتورة  /عائشة عبد الرحمن ( بنت الشاطئ) رحمّها الله   عن هذه الفانية عن عمر يناهز 86 بسكتة قلبية في يوم الثلاثاء الموافق الأول من  ديسمبر 1998م. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سليم عثمان احمد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/10



كتابة تعليق لموضوع : بنت الشاطئ: ( اللهم إني صائمة) (7)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net