صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

🌙🕌المحاضرات الرمضانية🕌🌙 رقم (6) التقوى والورع عن محارم الله
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

🏻يُعتبر الورع عن محارم الله و الإلتزام بأوامره هو المسلك الأول الذي يجب أن يبدأ الإنسان بدخوله ، فبدون الورع يَقِلُّ تأثير عمل الإنسان بل ينعدم في بعض الأوقات ، ذلك لأن الورع و التقوى هما الملاك و المقياس لتقييم العمل ، قال الله عز و جل : ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ . و رُوي عَنْ الإمام أمير المؤمنين عَلِيٍّ ( عليه السلام ) أنه قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) خَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْكُمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ ...  .قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) فَقُمْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ ؟فَقَالَ : " يَا أَبَا الْحَسَنِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ "  .فمن أراد سلوك طريقٍ قصيرٍ و مضمونٍ يؤدي إلى مرضاة الله فما عليه إلا ترك المحرمات و أداء الواجبات التي حدَّدَتها الشريعة الإسلامية ، و هو أمر سهل و هيِّن ، و صعب و عسير في وقت واحد ، سهل لمن يتمتع بإرادة قوية و عزم قوي و نية صادقة ، و صعب بل مستحيل لمن أراد الجمع بين مرضاة الله و السير وراء الأهواء و الشهوات .فقد رُويَ عَن النبي عيسى بن مريم ( عليه السَّلام ) أنه قالَ : " النومُ على الحصيرِ و أكلُ خُبْزِ الشَّعيرِ في طلبِ الفردوسِ يَسير "  .

✍🏻 إذن علينا أن نعرف أولاً ما هي الأمور التي حرّمها الله تعالى؛ لأن الورع شيء والمحرمات شيء آخر.فهناك مسألة في الفقه يدور النقاش حولها وهي ما هو حكم مَن تتوفر فيه ملكة العدالة ولكنه لا يعلم كل المحرمات، كالبدوي الطيب الذي لو عرف أن شيئاً بعينه حرام لتركه، ولكنه يجهله، ولنفرض أن جهله كان عن قصور لا تقصير، فهل تترتب عليه آثار العدالة أم لا؟فلنحتمل الشيء نفسه في أنفسنا. فما أدرانا أنّا عرفنا كل المحرمات؟ ولو عرفناها فما هي حدودها؟ فلعل بعضها غير واضح لبعضنا. إذن علينا أن نستفيد من فرصة هذا الشهر الكريم لمعرفة المحرمات. فاحتمال عدم معرفتنا لكل المحرمات يسوقنا إلى أن نوفر بعض الوقت لمعرفتها في هذا الشهر فهو خير فرصة لنا.وإذا كان الورع عن محارم الله أفضل الأعمال في هذا الشهر، فمعرفة هذه المحارم مقدمة له.والورع عن محارم الله أفضل حتى من قراءة القرآن في هذا الشهر، خلافاً لتصور بعض الناس.هناك مَن يختم القرآن حتى ثلاثين مرة في شهر رمضان مع أن هناك فضائل أخرى كالإطعام وهداية الناس ـ المستحبّة طبعاً، أما الواجبة ففي تركها ارتكاب الحرام ـ.وختم القرآن فضيلة عظيمة خاصة في هذا الشهر، وينبغي للإنسان أن يختمه فيه ولو ختمة واحدة.أما أفضل الأعمال ـ كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ الورع عن محارم الله.ويتطلب أوّلاً: معرفة المحرمات ـ كما ذكرنا ـ.ويتطلب ثانياً: مطالعة الروايات التي عدّدت المحرمات، لأن كثيراً من هذه الروايات تؤثر في دفع الإنسان لترك المحرمات، بسبب توفرها على علل التحريم وكذلك العقوبات التي تنتظر مرتكبيها. ففرق بين أن يسمع المرء أن الغيبة حرام وحسب، وبين أن يسمع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رأى المغتاب في ليلة المعراج ولسانه يُقرض أو يُفعل به كذا وكذا، فهذا يؤثر في ترك الغيبة أكثر.وهذه الروايات مذكورة في كتب الأخلاق مثل جامع السعادات والكتب التي تذكر آداب المحرمات كحلية المتقين، والآداب والسنن في بحار الأنوار…ويتطلب ثالثاً: الابتعاد عن كل المناهي؛ لأن من المناهي ما هو حرام ومنها ما هو مكروه، لاسيما إذا لم يتضح لنا بعد أن الأمر الفلاني مكروه أو حرام؛ فإن ذلك من مقتضيات الورع. أرأيت الذي يسير في أرض شائكة كيف يحتاط في رفع قدمه ووضعها لئلا تصيبه شوكة بل حتى ما يشك أنها شوكة. ولذلك قال العلماء: إن الورع درجات. سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن أورع الناس فقال: ((الذي يتورع عن محارم الله ويجتنب هؤلاء فإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه).إن الورع عن المحرمات أدنى درجات الورع، نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لأعلى درجاته ولما يحب ويرضى.
✍🏻 يقول أحد العلماء : لقد كنت أؤمن بوجود التقوى كنظرية في بطون الكتب فقط ، وكنت أنكر وجودها على صعيد الواقع العملي فـي هذا الزمن الرديء ، الذي طغت على الناس فيه مظاهر المادة والمنكر والفساد ، واعتادت فيه بطونهم وأنظارهم على الحرام ومشاهده . 
كان هذا هو اعتقادي ، إلى أن قيّض لي أن عاشرت رجلـين اثنـين بدّلا تفكيري ، وقلَّبا ذلك الاعتقاد عندي . أحدهما في مدينة قم المقدسة وهو الشيخ أبو القاسم ، والآخـر فـي مدينـة النجـف الأشرف وهـو السيد مرتضى الكشميري . 
ثم ذكر العالم المذكور بعض أحوال الشيخ أبي القاسم فقال : ذات ليلة ، أرسل ( صمصام ) رئيس شرطة قم كيساً فيه مبلغ كبير من المال إلى الشيخ ، غير إن الشيخ رفض تسلًّم المبلغ ، وأمر ابنه أن يعيده . 
ولما أن رأى من ابنه الممانعة في رده ، والتعذر بأنهم في أمس الحاجة إلى ذلك المال ، قال له الشيخ إن الله سبحانه ، قد منَّ علينا ـ يا ولـدي ـ بالعقل . وهذا المال هو في أحسن الأحوال دَيْنٌ وجَميلٌ للقـوم علينا . وأنت تعلم أنهم لايعطون شيئاً من دون مقابل ، ولعلهم يطلبون منا أشياء فيما بعد ، لا يجوز لنا أن نلبيها لهم 
فاقتنع الابن وأعاد الأموال إلى مرسلها . 
ومما ذكر العالم المذكور في حق الشيخ إنه كان يمر على باب دار الشيخ عبد الكريم الحائري (مؤسس الحوزة العلمية في قم) ويقول : 
( إن النظر إلى باب داره ثواب ، والحضور في درسه ثواب ) . 
ولم يكن الشيخ أبو القاسم يتصرف في سهم الإمام (عليه السلام) ، مع ما كان عليه من ضعف الحال ، وضيق ذات اليد ، إلى درجة أنه لم يكن يجد ـ أحياناً ـ ما يأكله ، كما نقل أولاده . 
وحينما تدرّ عليه السماء برزقها تجده لا يدخر وسعاً فـي دعـوة الفقراء والمحتاجين ليشاركوه في سرائه ونعمته .. ثم يشكر الله سبحانه على رزقه وما أجراه من الخير على يديه . 
ومما ذكره بعضهم في أحواله إنه كان يكنّ احتراماً فائقاً وواضحاً لزوجته الكريمة ، وذلـــك بسبب انتسابها إلــى الرســول العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ففي السرّاء كان يغدق عليها في العطاء ، وفي الضراء كان يطعم نفسه رغيف الشعير من أجل أن تهنأ زوجته برغيف الحنطة .
وصلّى الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/16



كتابة تعليق لموضوع : 🌙🕌المحاضرات الرمضانية🕌🌙 رقم (6) التقوى والورع عن محارم الله
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net