صفحة الكاتب : فالح حسون الدراجي

الإنسان موقف.. صابئي يموت من أجل مسلم!!
فالح حسون الدراجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قبل أن يكون الإنسان مسلماً، ومؤمناً برسالة محمد العظيمة.. أو يكون مسيحياً متوهجاً بألق نبي التسامح عيسى عليه السلام، وقبل أن يكون يهودياً، أو مندائياً، أو بوذياً، أو حتى (لا دينياً)، فهو إنسان..
والإنسانية، كما يتفق حولها الجميع.. جذر العقائد الخيرة، وأصل الرسالات المنيرة، وملتقى الطرق لجميع الأديان الرحمانية، بل هي محطة الشرائع السماوية والأرضية الشريفة.. وبما ان (الإنسانية) مهد القيم، والأفكار الناصعة، وجوهر الحب والحياة والجمال والعطاء. والقاسم المشترك للكائنات البشرية في هذا الكون.. نرى المفكرين، والعلماء والفلاسفة، وصناع السمو، وعباقرة الإبداع الخلاق، يضيئون بمنجزاتهم وأفكارهم وابتكاراتهم حياة الإنسان، ويجملون طريقه، ليصبح أكثر لطفاً، وأمناً وسلاماً، فتراهم يسعون، ويجتهدون من اجل إحياء كلمة الإنسانية، وتشييد هرم الإنسان العالي، وتأثيثه، وتجميله، ليكون بيتاً لكل البشر، وحبلاً تعتصم به البشرية.. فلا تفرقهم بعد ذلك الديانات والمذاهب والانتماءات والأصول والأجناس والعقائد والأفكار المختلفة والمتخالفة..
وستكون الإنسانية بمأمن، وحال أفضل، حين تتسالم أجناسها، وتجتمع تحت مظلات ملحقة بها، مثل الوطن والأمة والكيان والعقيدة وغيرها. شرط أن لا تنمو هذه الأجناس في أوطانها على حساب أجناس أخرى.
فوجود العرب في أمة عربية مثلاً أمر جيد ومفيد، وهو أفضل من تشرذمهم، وتشتتهم، لأن توحدهم سيقرب المعنى الإنساني كثيراً.. لكن هذه الفائدة ستتحول الى ضرر كبير بحق الإنسانية حين تتعصب مكونات الأمة فيما بينها، لتصبح دماراً، ووبالاً على أنفسهم، وعلى غيرهم أيضاً. ونفس الشيء يقال عن الأمم الأخرى ..
وينسحب المثال على الأديان والمذاهب أيضاً.. فالإسلام كمثال على ذلك، عنصر فاعل في توحيد الصف الإنساني.. أو يفترض به ان يكون هكذا.. لكن السعودية الوهابية حولت هذا الإسلام الجميل الى خطر، ومصيبة، تحتاط منها دول العالم.
ونفس الشيء يقال عن الأديان الأخرى، التي يجب عليها توظيف ماكنتها الرسالية، وتوجيه مصابيحها الإيمانية المضيئة نحو الإنسان، ومصالح كل الإنسانية، ومنفعة المكون البشري وليس المكون الديني، او الطائفي الخاص بها فحسب..!!
ففي بلاد الرافدين، عاش العراقيون سوية منذ الأزل، وظلوا سوية الى يومنا هذا، بمختلف دياناتهم، وعقائدهم، وحضاراتهم، متقاسمين محن الحياة المُرَّة، في القتل والإبادة، وغدر الفيضانات، والطاعون، والظلم والمجاعة دون تفريق.. كما عاشوا مباهج الحياة سوية، فذاقوا كؤوس سعاداتها، وأفراحها، وانتصاراتها بالتساوي أيضاً..
ولعل الأمر الأروع أن العراقيين فرحون بهذه (المواطنة) المشتركة، وسعداء بهذه المساواة، رغم نتائجها الكارثية.. فالمسلم الذي يقتل اليوم على يد داعش يتساوى مع أخيه المسيحي الذي يلاقي نفس (المعاملة) من الداعشيين، وكذلك الأيزيدي والمندائي الصابئي وغيرهم من أبناء العراق. وهو نفس الأذى الذي كان يتعرض له الجميع في عهد صدام!
وكم فرحت أمس حين قرأت خبراً أعلنه غبطة البطريرك الكلداني في العراق والعالم مار لويس روفائيل الأول ساكو عن قيام المسيحيين في العراق بالصيام يوم الجمعة تضامناً مع أخوتهم المسلمين العراقيين الصائمين في رمضان لتوطيد ثقافة التآخي والمحبة والعيش المشترك.
و(أفرحني) أكثر الخبر الثاني -رغم فداحة المصاب وعُظم الخسارة -المتعلق بتضحية أحد الأخوة المندائيين بحياته من أجل إنقاذ شقيقه المسلم.. حيث يقول نص الخبر:.
أعلن زعيم طائفة الصابئة المندائيين في البصرة، الثلاثاء، وفاة أحد رجالها حرقاً خلال محاولته انقاذ عائلة مسلمة من حريق نشب في منزلها المجاور لمنزله، فيما أكد مجلس عشائر ومكونات البصرة أن ذلك يؤكد عمق التعايش السلمي بين أبناء المحافظة..
وقال زعيم طائفة الصابئة المندائيين في البصرة الشيخ مازن نايف إن “رجلاً مندائياً في الستين من العمر لقي مصرعه متأثراً بحروق أصيب بها خلال محاولته انقاذ عائلة جاره المسلم من حريق نشب في بيتهم الواقع في منطقة الجمهورية”، مبيناً أن “الفقيد ناجي جمعة الخميسي سمع أن أحد الأطفال لم يزل عالقاً في البيت الذي كانت تلتهمه النيران، فسارع الى الدخول، ونجح في انقاذ الطفل، لكن الخميسي أصيب بحروق شديدة نقل على اثرها الى المستشفى، وبعد مرور ثلاثة أيام فارق الحياة.”.
وفي سياق متصل، أصدر مجلس عشائر ومكونات البصرة بياناً نعى فيه المواطن ناجي جمعة الخميسي، وأشار البيان الى أن “المجلس ينعى الفقيد الخميسي الذي ضحى بحياته من أجل انقاذ عائلة جاره المسلم، وهذه هي حقيقة كل العراقيين الشرفاء، فهم عنوان دائم للتعايش السلمي المشترك، وليس كما يعتقد (البعض) بوجود عداوة وبغضاء بين مكونات المجتمع العراقي..
لا يابه لقاء وردي !!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فالح حسون الدراجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/16



كتابة تعليق لموضوع : الإنسان موقف.. صابئي يموت من أجل مسلم!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net