صفحة الكاتب : باقر جميل

أشعة من عقيدة البداء
باقر جميل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين .
إن الأسباب والعلل التي تختص في خلق الله سبحانه وتعالى عموما وفي الإنسان خصوصا كثيرة وعديدة ، وعلى مر العصور  والدهور  والإنسان يكتشف  كلما تقدم في العمر من اسباب وعلل تشرح سبب وجود هكذا مخلوقات وكائنات بشكل عام ، والانسان بشكل خاص ، حيث ذكر  أهمية الإنسان ومدى اهتمام الخالق فيه بشكل يفوق التصور ، فقد وردت الروايات من ان الله تعالى ارحم على الانسان من الام الحنون على طفلها ، وان رحمة الله تعالى في الدنيا هي واحد في المائة لو أعطيت تقديرا ، وفي يوم الآخرة هناك (99 من رحمة الله يوزعها لعباده وخلقه من البشر) ، ونستطيع ان نقول ان أكثر  الأسباب وأقواها وأمتنها من خلق الإنسان هو كما  قال تعالى (المعرفة) وهذا المعنى قد ذكر  بألفاظ عديدة ، الا ان الهدف والمضمون واحد ، ومن هذه الأمثلة قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ، وقال أيضا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) ،  ففي الاية الاولى يكون السبب من الخلقة هي العبادة لله والتوحيد له والاطاعة والانابة اليه سبحانه ،وهذا الامر لا يتم الا من خلال المعرفة بالله تعالى وبالخالق وبكيفية التوصل الى عبادة بالصورة الصحيحة والطريقة الحقيقة التي يريدها الله تعالى لا كما يريدها الانسان ، وهذه المعرفة تختلف من حيث المستويات ومستوى القدرة على تحصيلها واستخدامها بالطريقة الصحيحة التي تضمن له السعادة الحقيقية في الدارين .
وتتحدث الاية الثانية بصورة واضحة جدا وهي (التعارف) ، فقد تفسر الاية بالظاهر على ان التعارف  المقصود هو (تعارف الانساب) كما  يذكر اصحاب التفاسير ذلك ، ولكن نستطيع ايضا ان نقول تعارف  المعلومات والمعرفة ايضا ، لان الأنساب  قد تختص في ما ذكره الله بالنسبة للذكر  والأنثى وكذلك الشعوب  والقبائل ، لكن الشعوب  والقبائل  وحدها  قد تشمل  المعرفة العلمية وتبادل  الأفكار فيما  بين الناس ، وجعل  المعيار في  هذه المعرفة هي  (لتقوى) ، والله العالم .
ومن هذه المعارف ايضا هو معرفة (البداء) الذي  كثر  الكلام فية وطال وعرض وصار فيه اتهامات ودفاعات كثيرة وكبيرة على مختلف الأزمنة من كِلا  الطرفين ، فهذه هي مدرسة المخالفين دائما ما يتهمون الشيعة بأشياء  ما انزل الله بها من سلطان ، ومن غير بينة او تتبع للدليل بصورة واقعية وأصيلة ، تكون الغاية منها هي المعرفة والوصول الى الحقيقة السليمة ، الا اننا كثيرا ما نرى تمسك الطرف الاخر بحديث واحد لا  غيره حتى وان كان غير صحيح عندنا ، او حتى لو كان صحيح فلا يذهبوا الى شرحه ومعرفة مبتغاه ومحتواه بصورة جلية ، وهذا الامر  دائما ما يتكرر من المخالفين في انهم يتشبثون باشياء لا صحة لها ويزرعونها في نفوس العوام من دون دليل او بينة ، كما ينقل بن تيمية (من ان الشيعة يقولون بالتجسيم !؟) حيث ان بن تيمية لم يقل لنا  اين ورد هذا الكلام من كتب الشيعة او أئمتهم ، وسبحان الله بعدها بعدة اوراق من كتاب (من عقائد الشيعة ، لابن باز) والذي  نقل كلام بن تيمية المذكور، يذكر ايضا من عقائد الشيعة بصورة الاعتراض عليهم والذم فيهم بأنهم (لا يؤمنون بنزول الله تعالى الى الأرض؟!) ولعمري اي تناقض وسذاجة هذه  في حشوا عقول العوام بأفكار وسموم لا صحة لها ولا أساس أصلا ، فكيف تعترض علينا بان نقول بالتجسيم تارة ، وتعترض علينا  أيضا بأننا لا  نقول بنزول الله تعالى الى السماء الدنيا تارة أخرى ؟! ، أليس نزول الله تعالى هو تجسيم لذاته المقدسة ؟! الم يقل البخاري وبن تيمية من ان الله ينزل على حمار في كل  ليلة الجمعة الى السماء  الدنيا !!؟؟ ، وغيرها من الأكاذيب والأقاويل التي تطال شيعة اهل البيت (عليهم السلام) منذ بدأ السقيفة الى يومنا  هذا وستستمر ايضا .
ومسألة البداء  أخذت مجالا واسعا أيضا من هذه الأكاذيب والأقاويل ، فكل من تعرض في كتاباته الى مسالة ( البداء ) تجدهم يتمركزون ويتمحورون على موضع واحد وهو (ان الشيعة تتهم الله تعالى بالجهل؟!) وحاشا لمن تربى في أحضان اهل البيت وتعلم علومهم من ان يقولوا مثل هذا الكلام ، كيف وأحاديث الأئمة (عليهم السلام) مملؤة بأحاديث تعارض مثل هكذا أقوال كما سنعرضها لاحقا .
 
( البِداء لغة واصطلاحا )
البِداء : بمعنى الظهور. مأخوذ من : بدا يبْدو بدواً و بُدُوّاً و بداءةً وبداءً و بدوءً، فيقال: فلان بدا له في الرأي، أي ظهر له ما كان مخفيّاً عنه، و فلان برز فبدا له من الشجاعة ما كان مخفيّا عن الناس.
فمعنى بدا في المثالين واحد، ولكنّ الاختلاف فيهما جاء من ناحية اللام و ربطها للظهور. فالبداء المنسوب إلى الله جلّ شأنه إنما هو بمعنى المثال الثاني. أي : ظهر لله من المشيئة ما هو مخفي على الناس، و على خلاف ما يحسبون . هذا ما يقتضيه العقل .
 
(اتهامنا بما ليس فينا ؟!)
هنا سنعرض بعض الأقاويل والأكاذيب التي طالتنا ممن يدعي العلم والتعلم وإخراج الناس من الضلالة وحيرة الجهالة ، ولم يكلفوا أنفسهم بالبحث في كتب أمهات الشيعة اقلها كتب المتأخرين ، فقد نقل ( حامد الإدريسي ) في كتابه (الفاضح لمذهب الشيعة)، كلاما قوامه الكذب ومتاعه التدليس والخديعة في نقل الحقائق ، حيث يقول ويتهمنا بان عقيدة البداء هي إحدى العقائد الباطلة التي نادى بها اليهود ، عندما يقولون بان الله تعالى قد ندم على خلق الإنسان لما رأى سوء  أفعاله ، ولعله تم استيراد هذه العقيدة من اجل الحاجة لها ؟!
ويذكر  الدليل على ذلك برواية واحدة يتناقلها كل من يتهمنا بقضية البداء المزعومة علينا ، وهي عند وفاة إسماعيل بن الإمام الصادق (عليه السلام) في حياة أبيه ، ولو كانوا على درجة من البصيرة والوعي لعرفوا ان هذه القضية هي في ما نحاول شرحه للآخرين ولكن لا يريدون سوى العناد ، من إن عقيدتنا في البداء هي إن يبدوا للإنسان على شيء  كان مخفيا عنه ، او يغير الله تعالى بعلمه المسبق والمطلق على كل ما يريد تغيره ، ولذى فقد كان الناس يحسبون أنّ إسماعيل بن الإمام الصادق (عليه السلام) هو الإمام بعد أبيه، لما علموه من أنّ الإمامة للولد الأكبر ما لم يكن ذا عاهةٍ ؛ و لأنّ الغالب في الحياة الدنيا وأسباب البقاء أن يبقى إسماعيل بعد أبيه (عليه السلام )، فبدا و ظهر بموت إسماعيل انّ الإمام هو الكاظم عليه السلام؛ لأنّ عبدالله كان ذا عاهة، فظهر لله (أي : من الله) و بدا للناس ما هو في علمه المكنون.
ولذى نود ان نسأل حامد الإدريسي ، عن مصدر  كلامه من ان الشيعة الأمامية قولهم في البداء يعني : ( نسبة الجهل الى الله تعالى ؟! ) فتراهم يسطرون في كتبهم الكثير من الكلام الارتجالي المنسلخ عن إثبات الكلام من علمائنا او أحاديث لائمتنا (عليهم السلام) وكأن المسألة هي مسألة كثرة كلام مهما كان مبهما  وغير صحيحا ، ولا يعطون أدلة كلامهم لعدة أسباب ، منها عدم وجود هكذا احاديث أصلا في كتب الشيعة ، والشيء  الآخر هو عدم رغبتهم في ان العوام من الناس تتجه الى المطالعة و التدارس في مسألة معينة بعيدة عن التعصب والتحزب لمذهب او جهة ما ، بل انهم يحرمون قراءة كتب الشيعة أصلا لما يرونه من ظهور للحق غير قابل للتأويل عندما تكون الحقيقة غاية المسلم .
ونقل كذلك في نفس المضمار (موسى جار الله) عندما ادعى بهتانا انه اعطى مسائله لعلماء  الشيعة فلم يستطيعوا  ان يجيبوا عليه !؟ في حين اول صدور كتابه الذي كتب فيه هذه المسائل انبرى له علمائنا الاعلام للتصدي لما يدعيه من اقاويل علينا امثال (السيد شرف الدين الموسوي) ، وايضا (العلامة الشيخ عبد الحسين الاميني) (قدس الله أسرارهم الزكية) فقد اعروا ( بن جار الله) على ماهو عليه من تعارض في كتابه ومن اتباعٍ لسلفه في التهجم من دون دليل فقط ، فيقول في احدى كلماته في مسائله هي: (فالبداء هي عقيدة يهودية من غير تأويل . اتت بها اسفار التوراة وكتب العهد القديم من غير أن يكون فيها  مجال لمجاز) وعجيب  امر جار الله من كلماته هذه في انها وان  صحت في كتب  الاسفار فكيف يسندها الى الشيعة وهم يعترضون على مثل  هكذا اقاويل واكاذيب كما سياتي لاحقا ؟! والمصيبة العظمى  انه يغلق الباب من ان يفهم ما يراد من البداء عندنا في قوله (كل مقولاتهم هي زخرف وكذب وغير صحيح) فهو يريد ان يلصق التهمة بنا سواء شئنا ام ابينا ؟! فأن قلنا هذا غير صحيح ، قال زخرف ، وان قلنا أن البداء يكون غير ما تدعي ، قال انهم يكذبون وكلامهم غير صحيح ، وكلامه هذا يحتاج الى بينة ودليل على اننا نكذب ، وهذا الدليل ياتي به من عدة امور اهما :
ان يجد تعارضا في  كتبنا واقوال اائمتنا في البداء ، وبهذا يحق له القول ان كلامنا  غير متفق عليه ، نقول بالبداء المزعوم تارة ، ونرد بالبداء الصحيح تارة اخرى .
او انه سمع محاظرات لعلمائنا تصرح بحقيقة البداء التي ينسبها الينا ، على عكس ما موجود في كتبنا ، وهذا غير موجود ايضا وإلا لذكره في مسائله ، ولكن ان يتقول علينا وان يحكم على عقيدتنا من الباطن والله تعالى امره وامر نبيه الخاتم (صل الله عليه واله) ان يتعامل  مع الناس على الظاهر من القول  والفعل ، وان لا يصرح ما في قلوبهم الا بامر الله تعالى ، ومن ابسط ذلك هو قتل اسامة لمشركٍ ذكر كلمة (لا اله الا الله) فقط وذلك خوفا من السيف ، الا ان النبي كان معترضا وبشدة من قتله وقال له عندما استفتى النبي فيه فقال له (ماذا تجيب لا الله الا الله اذا اتتك يوم القيامة؟) وعلى اثرها ضل اسامة بن زيد يردد قولته (لو اني اسلمت بعد قتل هذا الشخص لان الاسلام يجب ما قبله) ، وانت هنا يا جار الله قد سللت علينا سيف الكذب باعتقادك في قلبك ، وتكذيبك لما يقوله علمائنا وعدم قبولك بما يشرحه فقهائنا من عقيدة البداء فماذا تقول  لكتب  علمائنا اذا اتتك يوم القيامة وقالت لك نشهد ان فينا  ما لا تدعيه ؟! .
اما (عبد الله بن باز) فكأنما  وضيفته ليست التعلم لاجل العلم ، بل  هي لمحاربة التشيع والتهجم عليهم وتحريض المسلمين على مقاطعتهم والابتعاد عنهم بكل طريق يسلكوه ، ولو ان هذا الأعمى أعمى الحجاز ، لو نظر بعين بصيرته وقلبه لرأى إن كلامه كهباء منثور في يوم عاصف ، لا يستطيع ان يصمد أمام أي نقد بسيط او سؤال عن مصدر كلامه عندما يقول(عن أبي عبد الله (ويعني الصادق عليه السلام) ما عُبِدَ الله مثل البِداء) ، ويذكر ايضا بصورة تعنت وتهجم بدون نقاش حيث يقول (انظر اخي المسلم كيف ينسبون الجهل الى المولى سبحانه وتعالى ، وهو القائل عن نفسه جل وعلا (قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب  الا الله ) وفي  المقابل يعتقد الرافضة ان الائمة يعلمون كل  العلوم ولا  تخفى عليهم خافية . هل هذه عقيدة الاسلام التي جاء بها محمد (ص)؟!) ، و يذكر ايضا في مستهل كتابه ، اهم الاسباب التي استدعت تأليفه لكتابه (من عقيدة الشيعة) ، هو انتشار مذهبهم بصورة اكبر مما هو في السابق واخذوا يدعون لنشر التشيع في انحاء  العالم .؟! وهذا الكلام لا يستحق اصلا ان نعلق عليه او نرد على قوله هذا .
وكلام (بن باز) كما هو دأب اسلافه في التهجم والتقول بقوة وعنف على التشيع بدون حجة او دليل ويحاول ان يجعل  عوام الناس في اخذ المعلومة معلبة وجاهزة وغير قابلة للنقاش او الاستفسار عن مصدرها وعن ماهيتها في كتب الشيعة .
ويذكر بعض مؤلفيهم وشيوخهم كلام عجيب وغريب  ، بل البعض تجد العنوان يبرز ما في قلوبهم من حقد وغيض وان تأليفه للكتاب هو عبارة عن حرب ويريد ان يرمي علينا أي  شيء في سبيل القضاء علينا  وعلى فكرنا ؟؟!!
قال محمد بن إبراهيم الحمد في كتابه ) مصطلحات في كتب العقائد ، ص 262 ، الطبعة الأولى :( 
(والبداء بهذين المعنيين لا تجوز نسبته إلى الله عز وجل لأن ذلك يستلزم سبق الجهل، وحدوث العلم لله عز وجل وهذا من أعظم الكفر. والبداء عقيدة يهودية، والشيعة تقول به؛ فالله عز وجل عند الشيعة يفاجأ بالأشياء دون علمه بها، أو على خلاف ما كان يعلمها؛ فهم ينسبون الجهل والنسيان لله جل وعلا ( .
وقال شحاتة صقر في (الشيعة هم العدو فاحذرهم، ص 8)  : 
) وقد نقل عبد الله بن سبأ ما وجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة، وعدم الموت، وملك الأرض، والقدرة علَى أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق، والعلم بما لا يعلمه أحد، وإثبات البداء والنسيان علَى الله - عز وجل - ـ تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرا  (. 
ويقول في نفس الكتاب ، ص 74 ) : ولنا سؤال: يعتقد الشيعة عقيدة (البداء) فيصفون الله - عز وجل - بالجهل، ثم يدّعون أن أئمتهم يعلمون الغيب!! فهل الأئمة أعظم من الله - عز وجل - حيث يعلمون الغيب ولا يغيِّرون رأيهم بينما الله - عز وجل - يغيِّر رأيه؟!(.
وهذا نجيبه بسؤال فنقول : اذكر لنا اسم كتاب واحد او مؤلف واحد منذ وفاة رسول الله الى يومنا  هذا من شيعة امير المؤمنين قال بأن البداء هو جهل من قبل الخالق  تعالى ذكره ؟ او اننا نقول ان الائمة يعلمون الغيب  من انفسهم كما هو علم الله تعالى ؟! لا يبقى الانسان مجرد بوق يهرج لما يراه مناسبا ويحرض في عقول سمجة لا متاع فيها من العلم حتى ولو قليلا ، ويسطر عضلاته الخشبية على البعض ، ان كانت هذه القوة حقيقة فلماذا لم يذكر حديثا واحدا يثبت  الجهل لله من كلام الشيعة الامامية ؟ ، وإن كانت  غير  موجودة فلماذا يتخذ درع التدليس وقوس  الكذب في  رمينا  بسهامه الطائشة ؟! ، ولكنه كغيره وكأسلافه دأبهم التحريف  والتزوير والسرقة ، ويبيعون حتى دينهم من اجل اخراج التشيع من الاسلام وبكل ثمن ممكن !؟ .
( قولُ الشيعة في البداء )
وبعدما  عرفنا بعض اقوال المدعين علينا  زورا ، والمدلسين في كتبهم على حقيقة البداء  عند الشيعة ، ماذا يقول  الشيعة فيه وما هو رأيهم ؟ هل فعلا  ينسبون الجهل  الى الله ؟ ويقولون ان البداء  هو (ظهور شيء مخفي عليه سابقا) ؟ . لقد اكد اهل البيت عليهم السلام قبل  علمائنا  بحقيقة البداء  وما هو الامر  المنطوي  عليه وما هي  فائدته وكيف يكون ومتى , فقد روي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه سئل : (هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟ قال: "لا، من قال هذا فأخزاه الله"، قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: "بلى، قبل أن يخلق الخلق". .  وروي عنه ايضا (قال: "إنّ الله يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء، ويمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، وعنده أمّ الكتاب"، وقال: "فكلّ أمر يريده الله فهو في علمه قبل أن يصنعه، ليس شيءٌ يبدو له إلاّ وقد كان في علمه، إنّ الله لا يبدو له من جهل") . فبداء  الله تعالى يكون عن علم سبقه وعن دراية عما يفعل  وما لا يفعله ، وليس كما يقول  البعض هو عن جهل  وعدم معرفة ، فهنا  الامام يدعو عليه بالويل  والثبور  ، وان يخزي  الله كل  من قال بجهل  الله تعالى ، فهل  يا ترى ان علماء  السنة والوهابية قرأوا او سمعوا بهكذا احاديث تبين حقيقة البداء  عن الشيعة وعند اائمتهم ؟؟  فان قالو نعم ، فكيف يبيحون لانفسهم التدليس والكذب  علينا  دائما  وبدون رحمة ، وان كانو لا يدرون فهذه طامة اكبر واعظم  ، في ان العالم منهم يبني عقيدة الناس على جهل مسبق في ما يعتقده الطرف  الاخر ، فلابد من دراسة كل  جوانب  الموضوع ومن كل  اطرافه حتى تتضح الصورة الجلية ، والا  ناخذ جانبا واحدا ، او ننظر بعين واحدة فقط ونحكم بها على ملايين من البشر ونتهمهم باليهودية والمجوسية وغيرها .
اما  علمائنا  الاعلام حفظ الله منهم الباقية ورحم الماضين ، فقد أفاضو في كتبهم كل  ما يتعلق بالبداء وما هو عليه تبعا  لاهل البيت عليهم السلام  ، ودونك بعض من ذكر  ذلك :
ذكر  الشيخ المجلسي (رحمه الله) في ( بحار الأنوار، ج4، صفحة 123)( اعلم أنه لما كان البداء - ممدودا - في اللغة بمعنى ظهور رأي لم يكن يقال : بدا الأمر بدوا : ظهر ، وبدا له في هذا الأمر بداءً أي نشأ له فيه رأي ، كما ذكره الجوهري وغيره فلذلك يشكل القول بذلك في جناب الحق تعالى ، لاستلزامه حدوث علمه تعالى بشيء بعد جهله وهذا محال .. إلخ)
وقال  ايضا والد الشيخ المجلسي (محمد تقي المجلسي) (واعلم أنه كل ما يكون فيه البداء فإنه تعالى يعلمه قبل أن يحصل منه البداء ، وليس البداء عن جهل ولا عن ندامة تعالى الله عن ذلك) في كتاب (من لا يحظره الفقيه ، ج 3) .
ورد السيد عبد الحسين شرف  الدين (رحمه الله) على مسائل  جارالله وقال :  وقد زعم النواصب إنا نقول : بأن الله عز وجل قد يعتقد شيئاً ثم يظهر له أن الأمر بخلاف ما اعتقد ، وهذا إفك منهم وبهتان ، وظلم لآل محمد وعدوان ، وحاشا أهل البيت وأولياءهم أن يقولوا بهذا الضلال المبين المستحيل على الله عز وجل ، فإن علم الله تعالى عين ذاته عندهم ، فكيف يمكن دخول التغيير والتبديل فيه لو كان النواصب ينصفون ؟ وحاصل ما تقوله الشيعة هنا : إن الله عز وجل قد ينقص من الرزق وقد يزيد فيه ، وكذا الأجل والصحة والمرض والسعادة والشقاء ، والمحن والمصائب والإيمان والكفر وسائر الأشياء كما يقتضيه قوله تعالى ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (.
كما  وذكر الشيخ( محمد حسين آل كاشف الغطاء ، في كتاب اصل  الشيعة واصولها) في صفحة (313) : مما يشنع به الناس على الشيعة ويزدرى به عليهم أيضا أمران : 
الأول : قولهم بالبداء تخيلاً من المشنعين أن البداء الذي تقول به الشيعة هو عبارة عن أن يظهر ويبدو لله عز شأنه أمرا لم يكن عالما به! وهل هذا إلا الجهل الشنيع ، والكفر الفظيع ، لاستلزامه الجهل على الله تعالى ، وأنه محل للحوادث والتغيرات ، فيخرج من حظيرة الوجوب إلى مكانة الإمكان ، وحاشا الإمامية بل وسائر فرق الإسلام من هذه المقالة التي هي عين الجهالة بل الضلالة .
وذكر ايضا الشيخ مكارم الشيرازي في تفسيره الامثل ، ج7، صفحة 438 (ولا يمكن لأي عاقل وعارف أن يحتمل أن هناك أموراً خافية على الله ثم تظهر له بمرور الأيام ، فهذا القول هو الكفر بعينه ، ولازمه نسبة الجهل وعدم المعرفة إلى ذاته المقدسة وأن ذاته محلاً للتغيير والحوادث . وحاشا للشيعة الإمامية أن يحتملوا ذلك بالنسبة لذات الله المقدسة !)
ومثل ذلك ايضا ما ذكره السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ، ج ، 11 ، صفحة 381 : (والرواية كما ترى تنفى البداء بمعنى علمه تعالى ثانياً بما كان جاهلاً به أولاً، بمعنى تغير علمه في ذاته كما ربما يتفق فينا تعالى عن ذلك وإنما هو ظهور أمر منه تعالى ثانياً بعد ما كان الظاهر منه خلافه أولاً فهو محو الأول وإثبات الثاني والله سبحانه عالم بهما جميعاً. وهذا مما لا يسع لذي لب إنكاره .)
وغيرهم من العلماء  الاجلاء ، والمحققين الاكفاء ، الذين بينوا وشرحوا حقيقة البداء ، عند اتباع اهل  البيت في كل  المراحل التاريخية ، فما عذر الطرف  الاخر من هذا الكلام وهذا التبيان للحقيقة ؟ ماذا يجيب العوام من السنة ان شاهدوا خلاف ما يقوله علمائهم ومتكلميهم من تهجم وكذب  وتدليس على مذهب بأكمله ، ويحاولون جعلهم في ضلام دامس قدر الامكان ، لذلك نهى الله تعالى عن التعصب والتحزب من اجل  العاطفة والميول النفسية المقيتة والمحاولة بالبحث المنصف قدر الإمكان عن الحقيقة ، كما فعلها سلمان المحمدي من قبل وابي ذر واويس القرني وغيرهم  الكثير من الذين يريدون الفوز بالحقيقة من دون شبهات او معوقات  ، فالنتيجة إن الشيعة الايمامية لا  تقول  بالبداء الذي يصفه من يعترض  علينا ، أي (ان الله ندم بعدما  تبين له الامر ، او انه الله صار عنده  علم بشيء  بعدما  كان جاهلا به) ، تعالى ربنا  عن ذلك علوا  كبيرا ، فهذا لا تقول  به من والت عليا  اماما  وهاديا ، ولا  تعترف  بمن يؤمن به اطلاقا ،  والحمد لله رب العالمين ، وصل  الله على محمد واله الطيبين الطاهرين ..  
 
 
 
ينظر  الى المصادر  الاتية :
1- رسالتان في  البداء (السيد محمد علي  الحكيم)
2- البداء (السيد مرتضى العسكري)
3- من عقائد الشيعة (عبد الله بن باز)
4- الفاضح لمذهب الشيعة الامامية (حامد الادريسي)
5- الوشيعة في نقد الشيعة (موسى جار الله)
6- الاعتقادات (الشيخ الصدوق)
7- البداء في كفة الميزان (الشيخ محمد هادي معرفة)
8- العقائد الامامية (الشيخ المظفر)
9- العقائد الاسلامية (الشيخ علي الكوراني)
10- اجوبة مسائل جار الله (السيد عبد الحسين شرف  الدين)
11- الميزان في تفسير  القران (السيد الطباطبائي الحكيم)
 
وغيرها من المصادر ..
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر جميل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/24



كتابة تعليق لموضوع : أشعة من عقيدة البداء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net