صفحة الكاتب : علي علي

كلمة حق بعين الحياد
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  لقد تميز عام 2003 عند العراقيين بطعم خاص خليط بين الحلاوة والمرارة، إذ عَدّ المواطن العراقي نفسه بعد هذا العام في فترة نقاهة -وهو فعلا كذلك- فبعد أربعة عقود عاشها تحت نير حكومة مارست بحقه كل صنوف القمع والاضطهاد والتغييب في السجون والتهجير القسري، ناهيك عن الحروب وسني القحط والحصار، كان بحسبان العراقي ان الآتي من السنين سينسيه ماعاناه، وظن ان شعلة البعث التي أحرقته نارها حقبة، قد استبدلت بشعلة الحرية والإنفتاح وسيستنير بنورها، وينعم بخيرات عراقه، ويتنفس الصعداء في ظل مسؤولين صعدوا سدة الحكم بإشارة من إصبعه المعمد باللون البنفسجي. لكن فترة النقاهة تلك طال أمدها، واستبدلت صنوف القمع والقتل القديمة بأصناف جديدة ودخيلة عليه مقنعة بستارات مستحدثة، تتفيأ تحت أفياء جهوية وإقليمية وسياسية وطائفية أشد قسوة وأكثر بشاعة من سابقتها، فانطبق عليه مثلنا الشعبي: ( يخلص من الطاوة تتلگاه النار). وبتكرار هذه الاحباطات انحسر أفق الأمل أمام عموم المواطنين، وتبدل الشعور عند الكثير منهم تجاه سنة 2003 الى كابوس تجربة مريرة، تمنوا انهم لم يعيشوها، وماذاك إلا بسبب التفات أغلب ساسة البلد ورعاته الى مصالحهم الذاتية مهمشين مصلحة البلد ومصلحة المواطن، ولاأظن أحدا منا قد نسي العبارة التي تندر بها العراقيون بعد سقوط النظام المقبور وخذلانهم من قبل الذين تعاقبوا على الحكومة الانتقالية، إذ أضحى المبدل والمبدل به سيان،  تلك هي عبارة: (بدلنا عليوي بعلاوي) بل وبلغ التذمر عند البعض ممن آل بهم مآل اليوم العراقي حدا، يترحمون فيه على سنين الحروب والحصار، وهو لعمري أشبه بواقع حال من قال:
      رب يوم بكيت فيه فلما           صرت في غيره بكيت عليه
 وبين ظلمات اليأس لاح في الأونة الأخيرة بصيص أمل، أتى من كوة ضيقة من أفق العراق الجديد، متمثلا بالنصر المتحقق في الأراضي المسلوبة، إذ هي فرحة كبيرة كان العراقيون بأمس الحاجة اليها، لكنها منغصة بفقد أحباب وأصدقاء وأهل وجيران، كونوا طيلة عقود من عمر العراقيين تشكيلة لأمة ساد فيها الوئام والانسجام حدا كبيرا، ولا أحد ينكر فروقات شرائحها العرقية والقومية والطائفية والعشائرية والمناطقية، إلا أنها لم تشكل يوما منطلقا للأحقاد والعداوات، كما لم تكن يوما مثار أضغان ونعرات، بل على العكس تماما، فما أكثر العلاقات الاجتماعية التي نشأت وترعرعت في ظل فوارق دينية، وأخرى قومية، وثالثة طائفية، فضلا عن الانتماءات والولاءات الخاصة، إذ لم تزد هذه الفوارق العراقيين إلا تقاربا وألفة وتلاحما، وضاعفت من آصرة التوادد والتراحم. ورغم ما حدث في الأعوام 2005 و 2006 وما أعقبهما، فإن تلك الآصرة لم تتبدل كما أراد لها مغرضون ومنتفعون، والذين تعددت أصنافهم واشكالهم وأساليب تدخلهم وافتعالهم سبل التأثير السيئ على الأجواء العامة في البلد، إذ أثبتت الأحداث أن العراقيين بعضهم لبعض ظهير، ولم تثنهم المؤامرات -رغم سعتها- عن السير قدما في مجتمعهم بطريق التعايش، مع مرارة ماعانوه من شراذم حاولوا قلب الموازين الى حيث تتطلب مصالحهم الضيقة. وحسبنا بتاريخ العراق الماضي والحاضر دروسا وعبرا فيمن ترأسوا مراكز قيادية في حكم العراق، وكيف خلد الشعب بعضهم بجميل ماصنعوه من أجله، فيما نبذ آخرين لسوء أفعالهم وساءوا سبيلا.
aliali6212g@gmail.com 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/29



كتابة تعليق لموضوع : كلمة حق بعين الحياد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net