صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

*محاضرات رمضانية 15* رؤية اﻹمام علي السياسية واﻹصلاحية
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خيرة خلقه محمد وآله الطيبين 
وبعد: كتب أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى عامله على البصرة عثمان بن حنيف رضوان الله عليه:«ألا وان لكل مأموم إماماً، يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وان إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد. فوا لله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها زفرا ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا ولا حزت من أرضكم شبرا...».يلعب البعد الشخصي أو الصفات الشخصية الواجبة التوفير أو التحقق في من يتصدى للقيادة السياسية للأمة دورًا أساسياً في نجاح القائد أو فشله وبالتالي إدخال الأمة أزمات مختلفة سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها، ومن هنا أكد الإسلام الحنيف على اوجبية اتصاف القائد السياسي بصفات ستتجلى عند محاكاة النموذج الإسلامي الأكمل بعد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وهو أمير المؤمنين ويعسوب الدين الإمام بالتنصيب والاصطفاء الإلهي علي بن أبي طالب عليه السلام. 
لم يكن الامام ليمنح أحداً الفرصة ابداً لجرِّهِ الى أهدافهِ او الى أساليبهِ ووسائلهِ، لانه (ع) كان شديد الوثوق بنفسهِ وبدينهِ وبنهجهِ على حدٍّ سواء، ولقد كان بامكانهِ ان يُسايرهم ليحتفظ بالسّلطة لنفسهِ مدّةً أطول، فهو كان على معرفةٍ تامَّةٍ بطرق السّياسة الملتوية، الا ان ثباتهُ وصبرهُ على المنهج كان يحول بينهُ وبين ذلك، فلطالما كان يَقُولُ لهم {وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ، وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ، وَلكِنِّي واللهِ لاَ أَرى إِصْلاَحَكُمْ بَإِفْسَادِ نَفْسِي} وهو القائل عليه السّلام {وَاللهِ مَا مُعَاوِيَةُ بِأَدْهَى مِنِّي، وَلكِنَّهُ يَغْدِرُ وَيَفْجُرُ، وَلَوْلاَ كَرَاهِيَةُ الْغَدْرِ لَكُنْتُ مِنْ أَدْهَى النَّاسِ، وَلَكِنْ كُلُّ غَدْرَة فَجْرَةٌ، وَكُلُّ فَجْرَة كَفْرَةٌ، وَلِكُلِّ غَادِر لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
   وَاللهِ مَا أَُسْتَغْفَلُ بالْمَكِيدَةِ، وَلاَ أُسْتَغْمَزُ بالشَّدِيدَةِ}. 
   كذلك على صعيد الطَّبقيَّة الاجتماعيّة والتمييز الاقتصادي، فلقد كان بامكانِ الامام ان يكونَ كذلك، بل حتّى اكثر من الخليفة الثّالث وبطانتهِ، ولكن هيهات، حيث قال {وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ، إِلَى مُصَفَّى هذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ، وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الاَْطْعِمَةِ ـ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ بِالْـيَمَامَةِ مَنْ لاَطَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ ـ أَوْ أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ:
   وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَة * وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِدِّ
   أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ الْعَيْشِ! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ أُتْرَكَ سُدىً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ!}.
   ان واحدةً من أَعظم اسرار الامام علي (ع) هو انّهُ لم يتأَثّر بالمتغيّرات ولم ينجح احدٌ في ان يفرض عليهِ ان يغيّر من نهجهِ او ينجرّ الى نهجِ الآخرين على الرّغم من عِظَم التحدّيات وخطورة المنعطفات التي مرّ بها ومرّت عليهِ.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/01



كتابة تعليق لموضوع : *محاضرات رمضانية 15* رؤية اﻹمام علي السياسية واﻹصلاحية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net