صفحة الكاتب : مروان مودنان

العرض المسرحي للطفل وخصوصيات الإخراج وإدارة الممثل
مروان مودنان

I. عرض مسرح الطفل:

المسرح في منظور الطفل فرجة ومتعة وحسب، وأما الفائدة فهي غايتنا نحن الكبار، ولا تتحقق الغاية الأولى، ومن ثم الثانية مسرحياً، إلا بالعرض المسرحي، والعرض الجيد تحديداً، المتكامل فنياً: نصاً، وإخراجاً، وتمثيلاً، ومتممات فنية، ذاك المنسجم والمتوافق مع وعي المتفرج الصغير ونفسيته واحتياجاته.

ومن أولى شروط العرض الناجح، الاعتماد على الحركة بشكل أساسي، أكثر من الاعتماد على الحوار مهما تألق وتميز. لأن الحركة على الخشبة تثير فضول الطفل واهتمامه، وتحقق له المتعة، ويتقدم عرض الأحداث في مسرح الطفل على وصفها، أو الإخبار عنها، بوساطة الممثل أو الراوي، ولا يمكن إغفال ما للكوميديا من دور في نجاح العرض، شريطة أن تكون مجسدة، بواضحة بلا لبس أو غمز أو لمز يستعصي على فهمه، ومن المفيد في حال كهذه استثمار تفاعل الطفل المتفرج، وإشراكه في العرض بالشكل الذي يجده المخرج والممثل المبدع مناسباً ومفيداً.

وفي المحصلة النهائية، لا يمكن إبداع عرض مسرحي للأطفال مستوفي شروط نجاحه، إلا بتضافر جهود صناع العرض المسرحي من: مخرج، وممثل، وفني.

1. الإخراج المسرحي للطفل وتقنياته :

1.1 الإخراج المسرحي:

بعد عملية الكتابة على الورق وإعداد النص الملائم للأطفال، تأتي عملية الإخراج، أي الكتابة في الفضاء، وهي كتابة بالجسد على أو داخل الخشبة، وهذه الكتابة كما يقول عبد الكريم برشيد مفرداتها : الكتل والأحجام والظلال والأضواء والأزياء والأقنعة وغيرها من الكماليات، والواضح أن عملية الإخراج في مسرح الطفل تقتضي بالضرورة الإلمام بمبادئ الإخراج المسرحي في عموميته.

إن الإخراج المسرحي هو الذي يبعث الحياة في النص المكتوب من خلال ممارسة فضاءاته المتعددة على الخشبة، حيث يستنبط المخرج تصورا شموليا عاما من خلال قراءاته المتعددة للنص المسرحي، فالإخراج إذن له مكانة هامة من حيث الإبداع و التطبيق والممارسة، إذ يحول النص المكتوب إلى نص حركي مشاهد يفسح للطفل/المتلقي مجالات واسعة للتخييل والفضول وحب المعرفة والممارسة الفعلية على أساس توجه سليم واندماج صحيح، وانطلاقا مما أورده بعض الباحثين والمهتمين في هذا المضمار، فإن الإخراج لغويا هو مصدر لفعل رباعي (أخرج-يخرج-إخراجا) أي إظهار الشيء، وفي الإصطلاح الفني يأخذ نفس المعنى ويصبح إظهارا لهذا الشيء للوجود في حلة تضفي عليه جمالية وبصمة متفردة، ويرى أندري فوازان أن الإخراج هو الكتابة الجديدة للنص المسرحي، كتابة تحضيرية تجعله ينتقل من النص كساكن، كمتن، إلى عرض حيوي و متحرك.

أما كروتوفسكي فيقول عن الإخراج في كتابه "نحو مسرح فقير" : هو بصمة إبداعية تختلف من مخرج لآخر حسب حمولات المخرج الثقافية والفنية. وبالرجوع إلى تلمس وظيفة الإخراج المسرحي، نصادف مقولة سعد أردش التي أوردها سالم كويندي في كتابه "المسرح المدرسي"، والتي تعبر بوضوح عن هذه الوظيفة وترسم معالمها العامة حيث يقول : ينصب عمل المخرج على إبراز الصورة المسرحية التي هيكل متكامل، نتيجة تظافر جهود إبداعية وحرفية يمكن إجمالها في عناصر أربعة : الكلمة والتعبير والجمهور والتنظيم.

ويميز veleustein في كتابه "الإخراج المسرحي وشرطه الجمالي" بين معنيين للإخراج المسرحي، الأول واسع يقضي بأنه مجموع وسائل التعبير الركحية : ديكور، إضاءة، موسيقى وأداء ممثلين. والثاني ضيق يجعل منه تنظيما في زمان وفضاء تمثيلي لمختلف عناصر التعبير الركحي للنص الدرامي. بين هذين الوظيفتين للإخراج المسرحي العامة والخاصة، يلعب الإخراج أدوارا أخرى متعددة، ففن الإخراج هو فن الوضع في الفضاء لما لم يستطع الدراماتورج وضعه إلا في الزمان.

والإخراج يقصد به تحويل النص المكتوب إلى عرض مسرحي، من كتابة نصية إلى كتابة ركحية بوسائل إبداعية وتقنية متعددة (جسد الممثل، الإضاءة والأزياء، الديكور والملحقات، المؤثرات الصوتية، الجمهور...).

ولا شك في أن مسؤولية نجاح العرض، أو فشله، تقع بالدرجة الأولى على المخرج، لأن المخرج هو مهندس العرض المسرحي، وهو الوسيط الأكثر فاعلية بين العمل الفني وجمهور الأطفال، الأمر الذي يتطلب منه فهم طبيعة قطبي العلاقة المسرحية وماهيتهما بشكل جيد، واختيار أفضل الوسائل والأساليب لمد الجسور بينهما، إن فهم المخرج لشخصية الطفل، وتفهم احتياجاته، ومعرفة واقعه، والتعاطف معه، من خلال مراقبة حياة هذا الشريك، والاطلاع على كل ما يتعلق به من دراسات وأبحاث في علم النفس والتربية وأدب الأطفال، سيساهم في حسن اختيار المخرج لنصه المسرحي، وإعداده بشكل يناسب مخزون الطفل المعرفي واللغوي، ومرحلته العمرية، وسيلعب حسن استخدام الموسيقى وتوظيفها، والديكور، والرقص، والغناء.. ومكونات فنية أخرى دوره الفاعل في صنع عرض متألق وسليم.

و لا غنى للمخرج عن علاقة حميمة مع جمهوره، بمعاملتهم باحترام، وتقديم المعلومات الضرورية لهم قبل العرض، وإشراكهم في عمله أثناء العرض بأسلوب ذكي وغير مباشر، وبعد العرض من خلال مناقشتهم والاستماع إلى آرائهم، هذا الاهتمام الزائد من قبل المخرج بالمتفرج الصغير، ينسحب بالقدر نفسه على الطفل المشارك في العرض، فالطفل الممثل الذي يتم تدريبه بأسلوب تلقيني، سيتحول إلى دمية لا حول لها في المسرح، وخارج المسرح أيضاً، والطفل الموهوب الذي يُكثر المخرج من كيل المديح له، سيعطل الغرور محركات موهبته، ويدفعه إلى إساءة العلاقة مع أقرانه.

1.2 السينوغرافيا :

لقد تم نحت الاسم "skenegraphein " عند الإغريق من الإسكينا (بوصفه فن تزيين واجهة المسرح بالرسوم)، ثم تطور هذا الاسم في عصر النهضة، ليصار إلى جعله خاصا بعلم المنظور، إلى أن ظهر هذا المصطلح في موضوعات الكتابات المسرحية حديثا، وعرف بفن "السينوغرافيا" (فن إبداع بيئة العرض المسرحي) . 

و السينوغرافيا تتجاوز دلالة المعنى المعجمي للكلمة، على ما ورد في دراسة للدكتور عبد الرحمان الدسوقي بعنوان "الوسائط الحديثة في سينوغرافيا المسرح"، فهي – أي السينوغرافيا – تضم إلى جانب العمارة و الديكور و الإضاءة، عنصري الصوت و الحركة بوصفهما عناصر فاعلة في تشكيل الرؤية الكلية للعرض، لتصبح السينوغرافيا بهذا المعنى عملية تشكيل بصري و صوتي في آن معا، و التي يشارك  المتلقي في تشكيلها بحضوره و خياله، أي أنها بذلك عملية إرسال مركبة، تقابلها وتكملها عملية قراءة مركبة يقوم بها المتلقي. كما أن السينوغرافيا جزء لا يتجزأ من فن المسرح، فهي نشاط تصوري خيالي في مجال الحركة، و النظرة إلى الفضاء المسرود المحكي دراميا، وهدفها من المساحة و المكان عواطف إنسانية كبرى.

ويخلص الدسوقي إلى أن السينوغرافيا هي فن تنسيق الفضاء و التحكم في شكله بغرض تحقيق أهداف العرض . 

ويرى الأستاذ مشعل موسى في مقالته " السينوغرافيا بين النظرية و التطبيق" أن السينوغرافيا على مستوى الاختصاص باتت من ضمن الممارسة المسرحية، بل وإحدى العناصر الفاعلة في العرض المسرحي، فهذا المصطلح حديث الاكتشاف بوصفه فنا جديدا في البيئة المسرحية، عريق الوجود بعراقة المسرح اليوناني، فالسينوغرافيا بمفهومها الحديث هي اكتشاف و ليست اختراعا، ومرد ذلك لامتداد رحلة تصميم المناظر المسرحية عبر العصور . 

وفي رأي حيدر جبر الأسدي في مقالته " السينوغرافيا. .ذات متحركة في العرض المسرحي" : تطورت السينوغرافيا بتطور الدراما من جهة، وبالتطور التقني الذي شهده القرن العشرون من جهة أخرى... و الصناعة السينوغرافية بحسب تعبير الأسدي، تظهر في تصميمها الأول، بوصفها كيانا متحركا مستلا من رؤية بعدية تبحث عن الابهار و التأثير وفتح الحوار في ما بين الرؤيتين (رؤية المؤلف ، رؤية المخرج)، ليتمخض عنها حاضنة جمالية مزدوجة لا تجبل على السكون، بل تقوم على حركة مستمرة. كما تظهر هذه الصناعة في جدلية العلاقة التي يحاول المصمم تعزيز حضورها، بين المفردة المتموضعة عبر تشكيلاتها المتناسقة، ورؤية المتلقي لها، وما تحدثه المفردة من انزياح إلى عوالم خاصة . 

وعليه فأن السينوغرافيا هي "الفن الذي يرسم التصورات من اجل إضفاء معنى على الفضاء" وإضفاء المعنى في وصول الفكرة لن يترك مكونا من المكونات التي تحقق تشكيل الفضاء وتنسيقه إلا استخدمتها. إذن هي العملية الأهم في عمل المخرج على إعداد العرض المسرحي من اجل الوصول إلى التكامل الفني في العرض المسرحي. وبدأ من تحديد المخرج لنوع المسرح ، الذي يؤهل بالشروع في وضع الخطة الأرضية ، وما يتبعها من مناظر وضوء وألوان وحركة وأكسسوارات، وكل ما من شأنه توضيح المعالم النهائية المعبرة عن صورة الشكل والتجسيد في الفضاء المسرحي ( ساحة الأحداث ) المفترضة لحياة المسرحية، أو المكان الذي يتم اختياره في استخداماتها في الفضاءآت المتنوعة: ( المدينة، الملاعب، الساحات العامة، العمارات، السطوح، المزارع، السواحل البحرية أو النهرية أو البحيرات، الشارع، المقهى، المعمل، السجن... وغيرها من الأماكن المهيأة للفعاليات وأنواعها ) .

وقد يختلط مفهوم السينوغرافيا بالإخراج المسرحي، كما يختلط بمفهوم الديكور وبالمفاهيم الأخرى كالإضاءة والموسيقا والصوت والماكياج. ولكن يمكن إزالة اللبس إذا قلنا بأن السينوغرافيا فن شامل يسع كل المكونات الأخرى، أي السينوغرافيا علم وفن يحوي جميع المكونات الجزئية الأخرى التي تعرض على خشبة المسرح من ديكور وإكسسوارات وإضاءة وتشكيل وموسيقا وصوت، أي إن السينوغرافيا كل والباقي أجزاء. أما الإخراج فهو أشمل لكل المكونات السابقة من سينوغرافيا وديكور وتمثيل وهندسة الضوء والموسيقى . 

المتممات الفنية :

لا شك أن العناصر الفنية في المسرح ذات خصوصية درامية وجمالية في العمل المسرحي. وتأتي هذه الخصوصية من دورها الفاعل في العرض المسرحي الواحد، منفردة كانت أو مجتمعة. فالموسيقى المرافقة للحدث والشخصية، تساعد المتفرج على توضيح الحدث، وإبرازه بكل أبعاده، وتعمق الإحساس بالموقف الدرامي، والإحساس بمعاناة الشخصية ومشاعرها، وتساعد مخيلة الطفل على تصور أفضل لبيئة الحدث والشخصيات، وتجذبه إلى العرض. والديكور الواضح والجذاب بتناسق ألوانه المبهجة، وتكويناته ورسوماته البارزة، يزيد في معرفة الطفل، ويغني معلوماته عن خصوصية زمن الحدث، ويوضح مكانة الشخصيات الاجتماعية، ومن جانبه أيضاً يكشف الزي عن مكانة الشخصيات، وانتمائها الطبقي والقومي والتاريخي والبيئي، ويحبذ دائماً أن تكون ألوان الزي زاهية، متناسقة، بعيدة قدر المستطاع عن الألوان الكئيبة. وللإضاءة أهميتها التي تتجاوز مجرد الإنارة، إلى تحديد وقت الحدث، وتوضيح الجو العام للمسرحية، وحالة الشخصيات الداخلية، ويمكن للإضاءة الموفقة، المنفردة أو المتمازجة، شحن المتفرج بالأحاسيس المناسبة لجو الشخصية والحدث وأهدافهما. إضافة إلى عناصر ومتممات أخرى مثل الماكياج والإكسسوار.

سيكون لاستخدام كل هذه العناصر وتوظيفها بشكل إبداعي مناسب دوره في تحقيق عرض متألق مفيد وممتع.

الأزياء والملابس :

يحتاج مصمم الملابس إلى دراسة الحقب التاريخية والقدرة على إبرازها في الشخصية، وللملابس والأزياء وظائف كثيرة : أن يلائم الثوب الشخصية، وأن يلائم المنظر العام للمسرحية، وأن يلائم الإضاءة، ثم معرفة المعاني الرمزية للألوان، وأن تتم التدريبات الأولى بالملابس قصد ضبط القياسات النهائية، ويجب صيانة الأزياء والملابس بعد كل استعمال.

الملابس المسرحية هي مجموعة الادوات البصرية المحددة والراسمة للشخصية فهي التي تغير الانسان الممثل الى شخصية محددة طبعا الى جانب المتممات والقيافة فكل اضافة تتعلق بتغيير شكل الممثل ليصل الى تصوير الشخصية المطلوبة في عصرها وهي نتيجة بحث عميق في اغوار الشخصية سوسيولوجيا ونفسيا وعقائديا وهذا البحث لا بد ان ينطلق من الواقع (واقع الشخصية) ليصل الى البعد الفكري الذي يفرضه الابداع.  

الملابس أحد العناصر المرتبطة بالشخصية وهي أكثر العناصر التي تقدم لنا أفكار حولها، ومن الصعب الاستغناء عنها أو تهميشها أو عدم توخي الدقة في اختيارها وللأزياء وظائف متعددة منها: نقل معلومات هامة عن الشخصية والعصر الذي تعيش فيه: عمر الشخصية، ثروتها، مركزها الاجتماعي، مهنتها، حسن الذوق أو افتقارها إلى الذوق السليم، حالتها النفسية، حقيقة الشخصية (كأن تجد ثريا يرتدي ملابس فقيرة (بخيل أو جاهل) أو عجوز- يرتدي ملابس شاب (متصابي)) وهى أيضا تنقلنا إلى زمن الاحداث، فأنت تميز الزي الأغريقي عن الروماني عن اليهودي وهكذا، بالتالي تنقلنا إلى مكان الأحداث أو المكان الذي يشكل هوية الشخصية -البيئة مثلاً بالإضافة إلى كل ذلك للأزياء دور جمالي واضح وذلك باشتراكها في صياغة الصورة المسرحية مع الديكور والإضاءة. 

والملابس فى المسرح ليست عنصرا قائما بذاته بل يجب ان ننظر اليها من ناحية علاقتها بالاخراج واسلوبه الذى قد تزيد فى رونقه او تحط من قيمته وهى تظهر حركات واستعدادات الممثلين حسب تعبيراتهم ومسلكهم لذا فان لها اهميتها فى اظهار انسجام الصورة فى الاطار المسرحى كما انها تتخذ اشكالا مختلفة حسب الاضواء المختلفة. 

الديكور :

للديكور في المسرح أهمية كبيرة ، فهو يعطينا الإحساس بالمكان والزمان لأحداث المسرحية ، بالإضافة لإضفائه جمالية خاصة لخشبة المسرح . يجب انتقاء الألوان ورسم معالم الديكور بعد دراسة عميقة واجراء الحوار وتبادل الأفكار بين المخرج ومصمم الديكور . ومن المفروض أن يتم بناء مجسم مصغر للديكور قبل تنفيذه ، ليعرض على المخرج وأحياناً على طاقم الممثلين .     

ولكن الواقع في مسرحنا المحلي مختلف تماماً ، فإدارة المسرح والمنتج يكيّف العمل المسرحي لظروف أماكن العروض . فبما أن كافة مسارحنا المحلية للطفل هي مسارح جوّالة ، وأحياناً تضطر أن تقدم عرضين أو ثلاثة عروض لذات المسرحية في أماكن مختلفة ، وهي مضطرة أن تنهي هذه العروض الثلاث حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهراً ، موعد إنتهاء الدوام الدراسي في مدارسنا . وبالتالي يتم تصميم وتنفيذ ديكور بسيط جداً (عادة يكون عبارة عن عدة ألواح خشبية متلاصقة مع بعضها البعض ، فيتم وضعها بسرعة على خشبة المسرح وإزالتها بسرعة أيضاً ) . هذا بالإضافة الى الإكسسوارات البسيطة ، دون أن يأخذوا بعين الإعتبار جمالية الديكور ، علاقته بأحداث المسرحية ، وكيفية استخدام الديكور من قبل الممثلين . فالديكور ليس مجرد حائط أو أجسام موجودة على خشبة المسرح ، فيجب أن يكون له دوراً ووظيفة ، وعلى الممثلين أن يستخدموا الديكور من خلال الشخصيات التي يؤدونها على خشبة المسرح . 

من المفروض أن يتدرب الممثلون في المراحل المتقدمة من الإستعداد لعرض المسرحية ، والديكور موجود على المسرح ، بحيث يعتاد الممثلون عليه ، ويجيدوا استخدامه جيداً . أحياناً تحتاج بعض المسرحيات الى عمق معين في مكان عرض المسرحية ، والديكور يجب أن يساهم في تحديد معالم مكان وقوع أحداث المسرحية ، ولكن في الواقع يندر استخدام مثل هذه الديكور في مسارح الأطفال لدينا ، نظراً لشحة الميزانيات ، ولأننا نفتقد الى قاعات المسرح المهنية . 

ومن الجدير بالذكر أن العديد من مسارحنا المحلية ، لا تستعين بمصمم ديكور مختص ، إنما طاقم المسرحية يقومون بأنفسهم بتصميم وتنفيذ الديكور بمجهودهم الخاص ، وبشكل إرتجالي غير مدروس .  

مرة أخرى الأمر كل الأمر مرتبط  كلياً بالميزانيات ، زد على ذلك أن غالبية مسارحنا للأطفال وإن كانت مؤسسات لا تهدف الى الربح ، فهي تعمل وللأسف بأسلوب تجاري محض . هذا واقع مؤلم لا يمكننا تجاهله ، ولا يمكننا في هذه الحالة أن نلقي اللوم على المسارح وإدارات المسارح ، فهم وقعوا ضحية شحة الميزانيات من جهة ، وسعر بيع العروض المسرحية من جهة أخرى ، والمسرح الذي يرفض أن يبيع عروضه المسرحية بهذه الأسعار وبهذه الشروط ، تكون عدد عروضه المسرحية محدودة جداً . 

كما أن غالبية هذه المسارح لا تحضر معها الى العروض تقنياً للصوت والإضاءة ، وعاملي الديكور هم الممثلون أنفسهم ، فهم يجهزون للعرض ، وهم الذين يحملون الديكور ، وهم الذين يشغلون أجهزة الصوت ، وأحياناً الممثل في أثناء العرض يقوم بتشغيل أجهزة الصوت ، وهذا يؤثر تأثيراً سلبياً على جودة العرض المسرحي ، ولا تمنح الممثل فرصة التفرغ كلياً للتركيز في عمله كممثل فقط .

الإضاءة والإنارة :

غالبية مسارح الأطفال وللأسف لا تستخدم الإضاءة في عروضها المسرحية ، علماً أن للإضاءة جمالية خاصة وتساهم في نقل الطفل الى أجواء المسرحية .  

وحتى الفرق المسرحية التي تستخدم في عروضها الإفتتاحية الإضاءة  ، تقوم بتقديم غالبية عروضها فيما بعد بدون إضاءة نتيجة عدم توفر قاعات ملائمة للعروض المسرحية في غالبية المناطق العربية في البلاد ، الأمر الذي يفقد من قيمة استعمال الإضاءة في ظل ظروف إنعدام إمكانية التعتيم في مكان العرض .

الإكسسوارات :

هي أدوات وقطع تستخدم في عدة وظائف، فمنها ما يتعلق بمهمات اليد (العكاز مثلا) ومنها ما يتعلق بالديكور والأزياء والملابس، وهي تخضع أيضا للبعد الجمالي والفني.

الموسيقى والمؤثرات الصوتية :

إن الموسيقى والمؤثرات الصوتية الجيدة تساعد الممثل والمشاهد معا، فبالنسبة للممثل تساعده في الأداء وعمق التعبير والإيحاء، بينما تساعد المشاهد في الأحاسيس والتأثر، و لكن المخرجين لهم آراء مختلفة في اعتمادهم على الموسيقى في المسرحية، ويرى البعض أن الموسيقى التصويرية تغير الأحاسيس على حساب الإدراك والعقل، وإنما تهبط بالمسرح إلى مستوى التلفزيون السينما والإذاعة.

الأغاني:   

في الحقيقة إن الأغاني في مسرحيات الأطفال تحتل حيزاً  هاماً وتكاد لا تكون مسرحية للأطفال بدون غناء . والأغاني في المسرحيات عادة يعشقها الطفل ويتفاعل معها ، ولدينا عدد لا بأس به من موزعي الأغاني والموسيقيين والملحنين ، والذين حققوا نجاحات ملفتة للنظر في هذا المجال . وباستطاعتي أن أقول بأن وضع الأغاني وتطورها في مسرح الأطفال عندنا ، أفضل بكثير من المجالات الأخرى مثل الديكور والإضاءة والملابس ، ولكن هنالك نواقص وانتقادات يجب الإشارة إليها . 

عدد من الأغاني يتم إقحامه في المسرحية بدون تمهيد منطقي ومقنع ، ولا تخدم تسلسل الأحداث في المسرحية . 

عدد كبير من الأغاني يتم ملائمة لحن معروف وشائع لكلمات أغنية المسرحية ، وفي أحسن الحالات يكون متأثراً بلحن أغنية معروف . طبعاً هذه الملاحظة لا تنطبق على الجميع ، فهنالك ملحنين وموسيقيين وضعوا ألحاناً خاصة وملائمة لأجواء المسرحيات أذكر منهم : بشارة الخل ، حسام حايك ، سالم درويش ،معين شعيب وريمون حداد .

أصوات مؤدي الأغاني : عادة على الممثل أن يجيد الرقص والتمثيل والغناء ، وأقول إداء الأغنية لا غنائها . ولكن للأسف في مسارح الطفل لدينا ، يعمل ممثلون لم يدرسوا فن التمثيل ، وبالتالي لم يتدربوا على إداء الأغاني ،وإدائهم يكون دون المستوى المطلوب ، الأمر الذي يضطر المنتج الى تسجيل بلي باك بأصوات أشخاص آخرين غير الممثلين الذين يظهرون على خشبة المسرح .

خلال تقديم الأغنية على خشبة المسرح ، من المفروض أن يتم تصميم رقصة وحركات متناسقة وذات معنى . ولكن على الغالب يتحرك الممثلون كما يشاؤون خلال إداء الأغنية ، وأحياناً لا يكون هنالك فرق بين أغنية وأخرى من حيث تحرك الممثلين على خشبة المسرح في أثناء إدائهم للأغاني ، وبالتالي يصبح إدائهم نمطياً ، مملاً وغير جذاب . 

إذاً يجب تصميم رقصات خاصة لكل أغنية ، والتدرب عليها جيداً لكي تسحر الطفل وترفع من مستوى أداء الأغنية والمسرحية ككل .  

 

 

 

2. إدارة الممثل :

1.1 الممثل :

الممثل هو ملك الخشبة عند كل دارسي المسرح، فهو الذي ينقل النص وملكات المخرج إلى المتلقي.

والمسرح فعل يؤديه الممثل وحده أمام الجمهور؛ فهذا العنصر المحوري في العملية المسرحية، الذي يختزل في أدائه جهود كل صناع العرض، هو حامل رسالة العمل المسرحي، ورسوله إلى المتلقي، ولذلك يرتبط نجاح العرض، أو إخفاقه في مسرح الصغار خاصة، بمقدرة الممثل وجودة أدائه، لأن المتفرج الصغير يمنح نفسه بإخلاص وثقة للممثل الجيد، وينفر من الممثل الذي يخفق في أدائه، ويسخر منه، وقد يحول الصالة إلى مكان للعب والشغب، ولذلك يؤكد جميع المعنيين بالشأن المسرحي على تقدم أهمية عمل الممثل على عمل باقي صناع العرض المسرحي الموجه للطفل، يقول ستانسلافسكي ( من الضروري أن نمثل للأطفال كما هو ضروري أن نمثل للكبار، ولكن تمثيلنا للأطفال ينبغي أن يكون أفضل) . والأفضلية هنا لا تقتصر فقط على فنية إلقاء الممثل، وسلامة نطقه، وجمالية حركاته، وتلازم الحركة المعبرة مع الحوار المؤثر، وتفاعلهما مع الشخصية التي يجسدها، بأبعادها الإنسانية المعروفة، بل تشمل، إضافة إلى ذلك، التمتع بقدر كبير من المرونة الداخلية والجسدية، واحترام الطفل القارئ والمتفرج، لضمان استيعابه ومتابعته لما يقدم له نصاً وعرضاً. فمن الخطورة بمكان التمثيل للطفل بفوقية أو استهتار، لأنه بذلك سيدفع شريكه الصغير، الحساس والصادق، إلى الخوف منه، أو الاستخفاف به، وبالتالي النفور من فن المسرح، أو عدم احترامه. ولعل تجنب كل ذلك يحتاج من الممثل إلى امتلاك أدواته الإبداعية بشكل جيد، وفهم واستيعاب شريكه المتلقي، سناً، وزماناً ومكاناً.

يقول ألمورايس في كتابه "المسرح الحي" : لما كانت المسرحيات تكتب لتمثل، فأهمية الممثل لا تأتي فقط في المكان الأول، بل لا يمكن الاستغناء عنه مطلقا، وسواء كانت المسرحية ثنائية الحوار يجلس ممثلان ويتبادلان أو كانت بانتوميم تعتمد كلية على الحركة البدنية، فإن الممثل هو المسؤول الأول عن توصيل ما يدور في ذهن الكاتب المسرحي من معان إلى الجمهور.

إن مهمة الممثل أن يؤدي ما كتبه الكاتب المسرحي وإبراز القيم التي تضمنتها المسرحية وكذلك تفسير الشخصية التي خلقها الكاتب، إنه الشخص الذي يستطيع بملكاته الخاصة أن يصنع من الكلمات المطبوعة ومن الحركات والإشارات التي يرسمها المخرج لتفسير النص شحنة وجدانية سحرية تأخذ المتفرج وهو مشدود معلق الأنفاس إلى عالم التأمل والحس العميق، فتلقي به في خضم الأفكار و الأحاسيس التي رسمها وخططها المؤلف والمخرج.

2.2 أهمية التمثيل في مسرح الطفل :

مسرح الطفل مؤسسة حضارية رائعة ومنظومة ثقافية خطيرة يمكن أن تنهض بدور عظيم في خلق الأجيال، وغرس القيم وتوسيع المدارك والرقي بالسلوكات قصد توجه سليم نحو المستقبل في ظل إدراك واعي ومسؤول لمقولة "طفل اليوم رجل الغد"، ومسرح الطفل وسيلة تربوية فعالة حققت ومازالت تحقق أهدافا كبيرة على جانب كبير من الأهمية، فهو الذي يمنح الطفل المرح والتسلية والقيم الإيجابية، إضافة إلى أنه معلم قوي للأخلاق وخير دافع إلى السلوك الطيب اهتدت إليه عبقرية الإنسان، لأن دروسه لا تلقن بالكتب بطريقة مرهقة، أو في المنزل بطريقة مملة، بل بالحركة المنظورة التي تبعث الحماسة وتصل مباشرة إلى قلوب الأطفال التي تعتبر الوعاء الأنسب لهذه الدروس، وليس هناك طفل لا يتوق إلى التمثيل ويظهر الولع به منذ الصغر، وهذه الرغبة في التمثيل هي أساس لعب الأطفال وإنهم ليكشفون فيها عن قوة الملاحظة وسعة الخيال وقدرة على الصدق في التعبير، يحسدهم عليها الممثلون الكبار.

2.3 إعداد الممثل :

مناطق تقسيم خشبة المسرح :

        ظهرت دراسات تقسيم خشبة المسرح مع تطور نظريات الإخراج المسرحي وحاجة المخرج  المسرحي الملحة إلى تقسيم الخشبة لكى تسهل على الممثلين الحركة على خشبة المسرح بل وأيضا تسهيل فكرة توزيع الكتل (الديكور) على الخشبة وكذلك أيضا توزيع الإضاءة في المناطق والمشاهد المختلفة وما إلى ذلك من العناصر المسرحية المرئية الموجودة على خشبة المسرح وتشارك في إنتاج العرض المسرحي بل وتناغم تلك العناصر جميعا على تلك الخشبة بما يحقق رؤية المخرج للعرض المسرحي .     

 لذا أصبح هناك العديد من الدراسات المسرحية التي قامت بتقسيم خشبة المسرح إلى مجموعة من المناطق وتحمل كل منطقة اسم تبعا لتواجدها وموقعها على الخشبة فهناك من قسم الخشبة إلى 9 مناطق وأخر 16 وأخر 32 وغيرها من التقسيمات. ولكن يعد التقسيم الأساسي والمتعارف عليه والأكثر استخداما وشيوعا تقسيم خشبة المسرح إلى 6 مناطق نعرضها فيما يلى :

1- يمين ويسار المسرح.

2- حافة خشبة المسرح ( الجزء المواجه للجمهور).

3- أعلى خشبة المسرح (مؤخرة المنصة).

4- فوق (أعلي المنصة).

5- تحت.

6- مناطق  منتصف خشبة المسرح . 

 ولما كان من الضروري أن يميز الممثل ما بين جزء وأخر من أجزاء المنصة ( خشبة المسرح) فقد وجد أنه من المفيد تقسيم الخشبة إلي ما يمكن تسميته ب9 مناطق :

1- اليسار الأسفل.

2- اليسار الأعلى .

3- الوسط الأسفل.

4- الوسط الأعلى .

5- اليمين الأسفل.

6- اليمين الأعلى.

بالإضافة إلي ذلك توجد أوضاع مسرحية يمكن تسميتها: 

1- الوسط.

2- الوسط الأيمن.

3- الوسط الأيسر.   

أوضاع الجسم على الخشبة:

الهدف من هذه الأوضاع هو أن يبقى الممثل داخل الإطار الذي يجعله مرئيا فوق الخشبة بالنسبة للجمهور، وهذه الوضعيات مجملة فيما يلي :

1- الوضع الأمامي الكامل : وهو الذي يكون فيه الجسم والرأس موجها للمتفرج بزاوية قائمة وبشكل مباشر.

2- وضع الربع : يكون فيه الجسم والرأس بزاوية 45° مع المتفرج، أو بالاستدارة من وضع أمام كامل إلى نصف جانبي.

3- الوضع الجانبي : يكون وضع الجسم والرأس بزاوية قدرها 90 درجة مع المتفرج بحيث يكون جانب الجسم هو الذي يواجه الجمهور.

4- وضع الثلاثة أرباع : يكون فيه الجسم عند نقطة الوسط بين الجانبي والمواجهة للجمهور بظهر الممثل كله.

5- وضع المواجهة الكاملة بالظهر : وفيه يكون الظهر للجمهور مباشرة والرأس تماما للجدار الخلفي .

 

 

الحركة على الخشبة :

قد يحتاج الممثل أحياناً للثبات أو السكون، غير ان هذا الثبات أو السكون حتى وان كانا موضعيان يحتاجان الى إيماءة أو إشارة أو حركة تدل على معناها لأن الأفعال بطبيعتها تحتاج اتصالاً مباشراً أو غير مباشر بين الشخوص الذين يكونون في قلب الحدث. ويشمل هذا جميع المسرحيات ذات الشخصية الواحدة (المونودراما) فلابد ان تكون لهذه الشخصية عدة علاقات ذات بنية محددة تشمل علاقته مع ذاته أو مع من حوله أو مع المتلقي. وفي كل تلك الحالات تكون الحركة هي الخط الفاصل لتوضيح تلك المعاني.

إن الحركة على خشبة المسرح لا تتوقف بمعناها المادي والمعنوي لأن “حركة الممثل تبقى مستمرة خلال العرض ما دامت هناك قوة دافعة، ونعني بها الفعل الذي يبقي الممثل في حالة معايشة أو تمثيل في الأثر، فلا يمكن للمثل أن يعود الى ما كان عليه قبل بدء التمثيل، والقوة الدافعة هنا تتناسب مع الرغبة والفعل، مع مكانة الشخصية وأفعالها وحضورها” . وهذا ينطبق تماماً على ما يسمى بـ(مسرح الميم)، إذ اعتمادها على الحركة بشكل واسع.

تشكلت بنية الحركة عبر العصور المسرحية وتحددت ملامحها وفق المؤثرات التي أثرت في بنية البيئة سواء كانت طبيعية أو اجتماعية أو نفسية، أو ما تخللها ويتخللها من تغيرات اقتصادية أو سياسية فضلاً عن التأثيرات الميثيولوجية، ومجمل تلك المؤثرات أنتجت اشكالاً حركية ذات محمولات دلالية وظفت في عملية الإخراج المسرحي وتمحورت في الأشكال الآتية:

1) الحركة المستقيمة.

2) الحركة المنحنية. 

الحركة المستقيمة:

حينما يتقدم ممثل نحو ممثل آخر على نفس الخط الموازي للإضاءة الموجودة على حافة المنصة فانه يقوم بحركة التقدم المباشرة البسيطة التي تعرف بأنها التقدم في خط مستقيم إلى شخص أو إلى شيء.

تسعى الحركة المستقيمة لتحقيق أهدافها المرسومة، على أساس ما سبقها من حدث وصراع إذ لا يمكن استخدامها في أي موقف كان بل “يحتفظ بهذا النوع من الحركة للمواقف الهامة” . كما ان توظيفها على خشبة المسرح من قبل المخرج لا يكاد يخلو من خطورة فهي تسعى بالممثل لأن يقطع المساحة الكاملة على الخشبة من أسفل اليمين الى أسفل اليسار أو من أسفل المسرح الى أعلى المسرح، أو العكس، وتكاد تكون قليلة جداً لشذوذها عن القاعدة لأن الممثل من وجهة نظر المخرج كائن منظور يجب ان تصل جميع حركاته وسكناته بشكل واضح ودقيق الى المتلقي وخاصة في المسرحيات الكلاسيكية والواقعية والطبيعية، إذ تصبح الحاجة لهذه الحركات “عندما تكون الدوافع قوية ومبسطة”(4). إضافة الى انها قد تكون “مباشرة وقد تكون ثقيلة أو خفيفة وقد تكون سريعة أو بطيئة وتعبر الحركة المستقيمة عن الحزم والمباشرة والاستقامة والصدق وعن الضغط والصرامة ودوافعها قوية وبسيطة” . 

التقدم في خط مستقيم

 

الحركات المنحنية:

وهي ناتجة عن ردود أفعال الشخصيات بعضها اتجاه البعض الآخر إذ “يعتاد الناس على السير في خط منحني إلا إذا كانت هناك دوافع قوية تدفعهم للسير في خط مستقيم. وغالباً ما يسير الشخص في خط منحني إذا ارتبط بعلاقات متعددة كحركات (هملت) قبل ان يصمم على الانتقام لأبيه فأنها حركات منحنية” . لأن شكل الحركة المنحنية مبني على أساس التناقض الوارد بين الشخصية وبين حالتها النفسية، وهذه الحركات ليست مقننة وفق مفهوم الثبات والحركة، بل انها تأتي متوافقة مع دوران عجلة العلاقات وانصهارها على طول زمن العرض المسرحي، إذ ان بناءيتها تعتمد على أساس الاختلافات والتناقضات، على عكس ما يرِد في المسرحيات الواقعية التي يكون فيها الحوار والحركة في توافق مستمر، لكن حينما يكون هناك خلل ما في الشخصية أو تعاني من صراع داخلي أو خارجي فتظهر تلك التناقضات في الحال. إذ تكون الحركة المنحنية “غير مباشرة وقد تكون ثقيلة أو ضعيفة وقد تكون سريعة أو بطيئة وتعبّر الحركة المنحنية عن الخداع والالتواء والمخاتلة وعدم المباشرة وعدم الوضوح ودوافعها قوية وغير بسيطة”. 

وإذا كان على الممثل أن يدنو من ممثل آخر واقف في منطقة بأعلى المنصة أو بأسفلها فهو مضطر ان يتقدم نحوه في خط منحن. والتقدم في خط منحن ينحرف عن الخط المستقيم و يصل إلى الهدف بعد السير بطريقة غير ملحوظة في خط منحني لكي يصل إلى وضع يواجه فيه الممثل الآخر بدلا من أن يصل ويقف عند النقطة أعلى أو أدنى منه و في نفس الخط معه. فإذا كان الممثل المطلوب الاقتراب منه في منطقة أسفل المنصة فسيصبح اتجاه المنحنى نحو الجزء الأسفل منها. أما إذا كان الممثل المطلوب الوصول إليه في أعلى المنصة فسيكون المنحنى متجها إلى الجزء العلوي منها.

التقدم في خط منحني متجه إلى أسفل   المنصة  :  

 

التقدم في خط منحني انحناء طفيف :  

 

التقدم في خط منحني مزدوج :  

 

التقدم في خط منحني كبير :  

 

 

 

 

 

3. اللعب : 

اللعب : هو عبارة عن جميع الأنشطة التي يقوم بها الطفل لإشباع حاجاته النفسية وتفريغ طاقاته بحيث يجد فيها متعة ولذة وهو في اللعب يكون مدفوعاً بدوافع كثيرة مثل حب الاستطلاع والاستكشاف.  وهو مجموعة من الأنشطة المتنوعة التي تشبع حاجات الطفل الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية . 

ويعرف بأنه نشاط موجه يقوم به الأطفال لتنمية سلوكهم وقد ا رتهم العقلية والجسمية والوجدانية ويحقق في نفس الوقت المتعة والتسلية وأسلوب التعلم وهو استغلال للأنشطة في اكتساب المعرفة وتقريب مبادئ التعلم للأطفال وتوسيع آفاقهم المعرفية. 

واللعب كما جاء في موسوعة علم النفس هو ضرب من النشاط الجسدي أو العقلي، ينطوي على هدف رئيسي هو اللذة والمتعة الناجمة عن ذلك النشاط، كما يمكن استخدامه كمتعة بهدف معرفي، أي أننا يمكن أن نحول اللذة المجردة إلى لذة تنطوي على فائدة، ليصبح اللعب بالتالي وسيلة تربوية وتعليمية، وفي ذلك يقول بيتر سيلد أن أساس دراما الطفل هو اللعب، وأن الطفل في الدراما يعمل ويكتشف الحياة.

وحسب النظرية المعرفية فان اللعب هو النشاط الحركي الذي يعمل على نمو الفرد العقلي، فاللعب والنشاط الذي يقوم على الحركة والتمثيل الرمزي والتمثيل الخيالي والتصور الذهني والرسم يعتبر عملية اساسية لإنماء العقل والذكاء عند الاطفال . ومن المتفق عليه ان اللعب نشاط حر موجه او غير موجه، يكون على شكل حركة او عمل يمارس فرديا او جماعيا ويستغل طاقة الجسم الحركية والذهنية. وهو نشاط تعليمي ووسيط فعال يكسب الاطفال الذين يمارسونه ويتفاعلون مع انواعه المختلفة دلالات تربوية انمائية لأبعاد شخصيتهم العقلية والوجدانية والحركية.  

وللعب أهمية قصوى في تنشئة الطفل، فمن خلاله يمكن أن يتعلم الطفل مبادئ الهندسة والحساب والعلوم والزراعة، بل والقدرة على اكتشاف محيطه والتعرف على العلاقات الاجتماعية به، فمنذ سنوات الطفل الأولى برزت أنشطة معينة للعب، بالرغم من أن شكل النشاط يتغير كلما كبر الطفل ونما وازداد نضجا. 

1.1 أنواع اللعب عند الطفل :

اللعب التمثيلي\الدرامي :

يعد على جانب كبير من الاهمية بالنسبة للأطفال، فمن خلاله يتعلم الاطفال تكييف مشاعرهم من خلال تعبيرهم عن الغضب والحزن والقلق، ويتيح لهم فرصة التفكير بصوت عال حول تجارب قد تكون ايجابية او سلبية. ويرتكز اللعب الدرامي على تعاون معقد بين الجسم والعقل، فالطفل لا يستعمل دماغه وصوته فقط بل يستعمل جسمه كله اثناء اللعب. ويعتبر هذا النوع من اللعب من ابرز انواع اللعب لدى أطفال الابتدائي في هذه المرحلة من العمر.

فالطفل يحاول ان يعيش الكثير من التجارب بخياله فهو يعبر من خلال هذه المراكز عن مشاعره، احاسيسه، انفعالاته وافكاره، فيخطط لمواقف ذات علاقة به او بعائلته او بالبيئة المحيطة به، ويوزع الادوار مع الاطفال الآخرين، مما يكسبه مهارة التخطيط وتوزيع الادوار وحل المشاكل، كما ويتعلم العديد من المهارات الاجتماعية كالمشاركة والتعاون والمساعدة  . 

أهداف اللعب التمثيلي :

‌أ. يساعد اللعب التمثيلي الطفل على فهم وجهات نظر الاخرين من خلال ادائه لدورهم، كأن يقوم بدور الاب او الطبيب او المعلم، وهذا ما يساعده على القيام ببعض الادوار في المستقبل.

‌ب. يعد اللعب التمثيلي متنفسا لتفريغ مشاعر التوتر، القلق، الخوف والغضب، هذه المشاعر التي يمكن للطفل ان يعاني منها.

‌ج. يعد اللعب التمثيلي من الالعاب الابداعية وهو وسيط هام لتنمية التفكير الابداعي عند الاطفال، فهو ينطوي في الاساس على الكثير من الخيال والتخمين والتساؤلات والاستكشاف.

‌د. يؤدي اللعب التمثيلي في حياة الطفل وظيفة تعويضية، تتمثل في تنمية قدرة الطفل على تجاوز حدود الواقع وتلبية احتياجاته بصورة تعويضية، فاذا مثل هذا اللعب يكون بديلا للواقع والشعور بالاكتفاء.

‌أ. يساعد اللعب التمثيلي الطفل على فهم الشخصية التي يلعب دورها، مما يسهم في تغلبه على مخاوفه واحباطاته، فمثلا عندما يمثل دور الطبيب فان ذلك يساعده في تغلبه على خوفه من زيارة الطبيب.

‌ب. يساعد اللعب التمثيلي في تطوير المهارات الجسمية من خلال استعمال الطفل للأدوات والاجهزة المتوفرة في الركن الذي يلعب به والتي بدورها تعمل على تنمية مهارة التحكم بالعضلات الدقيقة ومهارة التآزر البصري وكذلك التمييز البصري.

‌ج. يتعلم الطفل خلال اللعب العديد من المهارات الاجتماعية كالمشاركة والاصغاء والانتظار والتعاون والمساعدة.

‌د. يكتسب الطفل مهارة التخطيط وتوزيع الادوار وحل المشاكل.

‌ه. يثري اللعب التمثيلي معلومات الاطفال وفهمهم للعالم من حولهم، فهم يقومون بفحص واكتشاف بيئتهم بشكل مستمر، فسماعة الطبيب مثلا توفر الفرصة للأطفال للاستماع الى دقات القلب، والاستماع الى اصوات موجودات اخرى في بيئتهم، كما ان وجودها يثير لديهم تساؤلات عدة حول كيفية عملها.

اللعب الفني ( التعبيري):

تتمثل الالعاب الفنية في النشاطات التعبيرية الفنية التي تنبع من الوجدان، التذوق الجمالي والاحساس الفني. حيث يمارس الطفل انشطة فنية مختلفة كالرسم والتلوين، التلصيق، الغناء والموسيقى. حيث تفسح هذه الانشطة للطفل فرصة التعبير عن مشاعره بحرية وابداع دون قيود. 

اهداف اللعب الفني:

‌أ. خلال اللعب الفني يجرب الطفل استخدام العديد من المواد والخامات مثل المعجونة (الملتينة)، الطين، الصمغ، المقصان واقلام التلوين. ما يساعده على اكتشاف خصائصها.

‌ب. هذه المواد التي يستعملها تساعد في تنمية عضلاته الصغيرة وانامله، وبالتالي يصبح اكثر استعدادا لعملية الكتابة.

‌ج. هذه الالعاب والانشطة تفسح للطفل فرصة التعبير عن مشاعره بحرية وابداع وتعزز صورته الايجابية عن ذاته.

‌د. تزداد ثقة الطفل بقدراته عندما ينجز نشاطه الفني ويعرضه على اللوحة المخصصة لعرض اعمال جميع الاطفال.

‌ه. تنمية التذوق الجمالي.

‌و. يمنح اللعب الفني الطفل الفرصة والوسيلة للتعبير عن الذات، ويفسح المجال امامه للتنفيس عن ذاته وتفريغ طاقاته بصورة ايجابية، وقد يكون وسيلة للكشف عن مشاكل كبيرة يعاني منها الطفل.

اللعب التركيبي البنائي :

ينمو اللعب التركيبي مع مراحل نمو الطفل المختلفة، فهو في البداية يقوم بعملية التركيب او وضع الاشياء بجوار بعضها، واذا ما شكلت هذه الاشياء نموذجا مألوفا فانه يشعر بالسعادة والبهجة. لكن في مرحلة متقدمة يقوم باستخدام المواد بطريقة محددة ومعينة وملائمة في البناء. ويتطور اللعب التركيبي لديه ليصبح نشاطه اكثر جماعية وتنوعا وتعقيدا. ركن البناء والتركيب يحتاج الى مكان فسيح ومحدد بحدود لكي يشعر الطفل انه موجود في المنطقة. 

اهداف اللعب التركيبي :

‌أ. يتعلم الطفل من خلاله مهارات ذات علاقة لتنمية تفكيره العلمي مثل: المقارنة، التنبؤ، الملاحظة والتحليل، ومفهوم مبدأ التوازن. كذلك يميز الطفل التشابه والاختلاف بين الاشكال ويبتكرون انماطا من البناء.

‌ب. يتعلم الطفل مفاهيم اساسية في الرياضيات، مثل التصنيف، التسلسل، الاطوال، المساحة، الاعداد والاجزاء.

‌ج. يسهم في النمو اللغوي والاجتماعي للطفل، فتزيد مقدراته اللغوية وتتطور مهارته في المحادثة والحوار.

‌د. شعور الطفل بالإنجاز اثناء اللعب ينمي ثقته بنفسه ويعزز صورته الايجابية عن ذاته.

‌ه. عند اشراك الطفل مع مجموعة اثناء اللعب فانه يتعلم العديد من المهارات الاجتماعية كالمشاركة، التعاون واحترام عمل الآخرين.

‌و. يساعد هذا اللعب على تنمية قدرة الطفل على التخطيط، لان هذه الالعاب تساعد الطفل على الانتقال من مرحلة البناء العشوائي الى مرحلة التخطيط لأعمالهم.

اللعب الاجتماعي:

هي العاب وفق قواعد وقوانين مقررة سلفا. على الطفل السلوك وفق هذه القواعد، والانصياع للقوانين والتحكم بأعماله وردوده. هناك احكام لعب متبعة او موصى بها من قبل المنتج، لكن يمكن للمربية او مجموعة الاطفال تغييرها وملاءمتها لاحتياجاتهم.

أهداف اللعب الاجتماعي :

‌أ. الانصياع للقوانين والعمل بحسب الارشادات.

‌ب. يتعلم الطفل الصبر والانتظار بالدور.

‌ج. تنمية العضلات الدقيقة والعظلات الغليظة.

‌د. اكتساب قيم اجتماعية مثل المشاركة، الاحترام وغيرها.

‌ه. يساهم في تنمية النمو اللغوي والاجتماعي للطفل.

اللعب الادراكي ( التربوي ) :

يعتبر اللعب الادراكي ذو اهمية كبرى في تنمية شخصية الطفل في مختلف جوانبها، وعند تنظيم مركز الالعاب الادراكية على المربية ان تختار زاوية هادئة للطفل للتركيز وانجاز عمله بهدوء. وتوفير زاوية مفروشة بالسجاد لكي يجلس عليها الاطفال اثناء لعبهم، وان تكون رفوف الالعاب قريبة من متناول يد الاطفال وكذلك ان تكون سليمة وكاملة وغير مكسورة. وقد يكون اللعب الادراكي فردي او جماعي .

أهداف اللعب الادراكي التربوي :

‌أ. يتعلم الطفل العديد من المفاهيم الرياضية ، مثل التطابق، التسلسل والتجميع.

‌ب. تساعد هذه الالعاب في تنمية عضلات الطفل الدقيقة.

‌ج. تساعد هذه الالعاب في تنمية مهارة التآزر البصري.

‌د. شعور الطفل بالنجاح والانجاز عندما يقوم بتركيب احد الالعاب.

‌ه. الشعور بالنجاح ينمي ثقة الطفل بنفسه.

‌و. يسهم في تنمية نموه اللغوي والاجتماعي من خلال مشاركة الاخرين له.

‌ز. يكتسب بعض القيم الاجتماعية من خلال تفاعله مع الاخرين كالاحترام والمشاركة والتعاون. ويتخلى عن الانانية والتمركز بالذات، كما ويتعلم قواعد السلوك والقيم والاخلاق والقيادة والمسؤولية وتقبل الفشل.

‌ح. من خلال اللعب يتعرف الطفل الى الاشكال والالوان والاوزان والاحجام وما يميزها من خصائص مشتركة وما يجمع بينها من علاقات.

‌ط. تتطور لدى الطفل القدرة على التحليل والتركيب والابتكار.

اللعب البدني والحركي :

يحتاج الطفل الى العاب وادوات لتنمية العضلات الكبيرة مثل الاراجيح ، اماكن القفز، العاب التوازن وسلالم التسلق والتي تعتبر جميعها جزءا هاما من النشاطات الحركية.

المساحة بين معدات اللعب المختلفة في الساحة يجب ان تكون كافية بحيث تسمح للأطفال باللعب والحركة والمرور بأمان.

أهداف اللعب البدني والحركي :

‌أ. تنمية العضلات الكبيرة لدى الطفل.

‌ب. توفير احتكاكا اجتماعيا بين الطفل وزملائه.

‌ج. القيام بنشاطات من شأنها ان تجلب المتعة والتسلية للطفل.

‌د. اكتساب بعض القيم الاجتماعية كالتعاون والمساعدة والمشاركة والانتظار بالدور والصبر.

‌ه. المساهمة في النمو اللغوي لدى الطفل فتزيد مفرداته اللغوية وتتطور مهاراته في المحادثة.

اللعب الابداعي :

أطلق بعض التربويين اسم ساحة اللعب الابداعي على ساحة الخردوات، وذلك لأنها توفر للأطفال المجال الخيالي والابداعي وتنمي فيهم روح المغامرة، وذلك لأنها تحوي معدات تثير دهشة الاطفال مثل معدات التسلق ، السلالم، الشباك، الحبال ومعدات الزحف مثل الخنادق والحفر، واخرى تتعلق بالمشي والركض مثل العتبات واطارات السيارات او معدات القفز. اما بالنسبة للعب الخيالي فتتوفر في هذه الساحة بيوت الشجر او سيارات قديمة.

أهداف اللعب الابداعي :

‌أ. تنمية العضلات الغليظة لدى الاطفال.

‌ب. اكتساب العديد من المهارات الاجتماعية.

‌ج. تنمية حب الاستطلاع والحماس لدى الاطفال.

 

 

 

 

 

 

 

4 الإلقاء :

الإلقاء (Didacticism): يعرفاه (ماري الياس وحنان القصاب) على أنه: "كلمة مأخوذة من اللاتينية وتعني الكلام، وتستعمل للدلالة على فن اللفظ أو طريقة الكلام أو طريقة إلقاء الشعر أو النثر". 

يعرفه (كحيلة) ب: "التفوه بالكلمات ، وهو يقوم بإبراز المعنى من خلال إلقاء طبيعي يشبه العادي، ويختلف باختلاف مدارس الأداء والتمثيل". 

أما الإلقاء في المسرح: "هو فن لفظ النص المسرحي ، ومقوماته مهارة نطق مخارج الحروف وحسن استخدام نبرة الصوت ونغمته وشدته وسرعة الكلام وإيقاعه. وتتفاوت طبيعة الإلقاء في المسرح ما بين إبراز قيمة الصوت كعنصر سمعي في لفظ اقرب إلى الترتيل وهذا هو التنغيم ، وبين إبراز المعنى من خلال إلقاء طبيعي يشبه لهجة الحديث العادي ، وذلك تبعا لاختلاف مدارس التمثيل". 

والإلقاء المسرحي: هو كل ما يلفظه أو يتكلم به أو ينطق به الممثل المسرحي من معاني وألفاظ ممكن أن تبرز صوته ونبرته وشدته وسرعة كلامه وإيقاعه ، وفق أساليب خاصة ومنوعة يضعها المخرج لتدريب ممثله.

و يعتبر فن الإلقاء عاملا مهمًا على خشبة المسرح وهو جزء لا يتجزأ من فن التمثيل بل هو احد أدواته الفنية، فالهدف الرئيسي الذي يصبوا إليه الممثل من خلال وسائله الفنية وخاصً ة الإلقاء هو أن يوّلد القناعة لدى الجمهور بأبعاد الشخصية التي يجسدها وبالأقوال والمشاعر التي تقدمها تلك الشخصية ف"ليست مهمة الفنان أن يعرض مجرد الحياة الخارجية للشخصية التي يؤديها بل لابد أن يتلاءم بين سجاياه الإنسانية وبين حياة هذا الشخص الآخر، وان يصب فيها كلها من روحه هو نفسه ، إن الهدف الأساسي الذي يهدف إليه فننا هو خلق الحياة الداخلية للروح الإنسانية، ثم التعبير عنها بصورة فنية " ٥. ويأتي تعبير الممثل بالإضافة إلى حركاته وإيماءاته (إلقائه) فإن فهم الكلام قبل إلقائه أمرًا لابد منه لأن العملية تتم ضمن إطار الفن الدرامي فلا مناص للممثل من الإيمان بالكلام الذي سيلقيه على مسامع المتفرجين والذي يتضمن جملة من الأفكار والمشاعر ليس إيمانا مجردًا بل إيمانا صادقًا فيما يلقيه من حوار بعد التعرف على أبعاد الشخصية الطبيعية والنفسية والاجتماعية وصفاتها بالسلوك والتصرفات وطريقة الكلام، فعلى الممثل أن يتعرف على العناصر التي تجذب السامع وتثيره من اجل إبراز القيم الدرامية المختلفة ٦. كلنا يستطيع أن ينقل أفكاره وأفكار غيره إلى السامعين أو المشاهدين بوسائل متعددة ، أما عن طريق الخطابة أو الإنشاد والغناء أو الإشارة ، ولكن ليس باستطاعة كل منا أن يتقن فن الإلقاء، بحيث يصل إلى هدفه من نقل أفكاره أو أفكار غيره بشكل واضح ومحدد، ومن ثم التأثير على السامعين أو المشاهدين بحيث يتفاعلون مع هذه الأفكار، فالإلقاء يعتبر الوسيلة الوحيدة والفعالة في مخاطبة الجماهير كونه يجسد الأفكار والأحاسيس والأهداف بشكل معين. 

4.1 مخارج الحروف:

تخرج الحروف من خمسة مخارج رئيسية تتفرع فروع: 

1 الجوف :

وهو مخرج واحد لا فرع له ... ويقصد بكلمة (الجوف) التجويف الصدري المحتوي على الرئتين. 

2 الحلق:

وفيه فروع ثلاثة .. أقصاه .. ووسطه .. وأعلاه ..

ويقصد بالحلق الجزء الذي يبتدئ من أول الرقبة من ناحية الصدر إلى نهايتها من فوق عند اللهاه .. التي هي أول اللسان .. أما .. ويسميه الانجليز وبعض الأوربيين ( تفاحة آدم ) .. وبهذا التحديد نعرف أين وسطه وأين أعلاه .  

3 اللسان : 

ويقصد به تجويف الفم كله الذي يشغله اللسان بين الفكين الأعلى والأسفل.. وبين الأسنان العليا والسفلى من أمام .. وألهاه من خلف .. وفيه أربعة مخارج فرعية .. أقصاه ، ووسطه، ونهايته ، وحافته .. والنهاية قبل الحافة أما الحافة فهي الطرف الدقيق للسان. 

4 الشفتان: 

ولهما مخرجان الأول بانطباقهما معاً .. والثاني بانطباق باطن الشفة السفلى مع أطراف الأسنان العليا. 

5 الخيشوم: 

وهو داخل الأنف من أعلاه ..ولا فروع له.

ولما كانت مادة الكلام الأساسية هي (الهواء) الذي يختزنه الإنسان في (الجوف)..فعلينا أن نعمل علي توفير هذه الكمية توفيرا كاملا عن طريق التنفس لنصبح قادرين علي التحكم في نطقنا وتقطيع جملنا التي نقولها تبعا للقواعد التي سنتحدث عنها عند الكلام علي(الصوت الإنساني) . 

4.2 عملية التنفس :

التنفس عمليتان هما الشهيق والزفير: 

الشهيق يعني استجلاب الهواء من الخارج والزفير إنفاق الهواء بإخراجه مع الكلام، وتخزين الهواء في الجوف، لا يصح ان يكون في (البطن) فإن ذلك يؤدي إلي (انتفاخ)البطن وبروزها إلي الأمام ..مما يعطي الإنسان مظهرا ..قد لا يليق بموقفة ومكانته .. ونحن كممثلين ..ينبغي لنا أن يكون مظهرنا خاضعا لإرادتنا لا أن نخضع نحن لإرادته .

وكذلك إذا جعلنا مخزن الهواء في (الصدر )وقعنا في نفس الحرج من ناحية ومن ناحية أخري عرضنا (الرئتين ) لضغط الهواء المخزون وربما سبب ذلك أضرارا وإذا فيجب علينا أن نعلم أن مكان تخزين الهواء الطبيعي الملائم ..هو (الخاصرتان) وهما اللتان نتجه إلي تقويتهما بالاتساع لتكون قادرتين علي استيعاب أكبر كمية من الهواء والهواء مادة الصوت ..ولذلك يجب إخراج هذه الكميه إخراجا سليما (اقتصاديا)عند الكلام ..وخصوصا الكلام الذي يحتوي علي كثير من( حروف الجوف) أو من الحروف (الضعيفة) التي أوضحناها عند الكلام علي صفات الحروف .

أما كيفية توسيع هذا المخزون الطبيعي فهي حاصلة له باستعمال تمرينات معينة ...وفي رأيي أن يأخذ الطالب نفسه بأداء هذه التمرينات أولا ..قبل أن يبدأ تمرينه علي النطق بالحروف ..لتعينه علي قوة الأداء وتمده بمادة الكلام .. وهي الهواء.

4.3 تمرينات التنفس :

وعددها ستة ، تؤدي واحد و احد بعد أن يكون الذي قبلة استوفي أغراضه وتحققت نتيجته . وبما أن هذه التمرينات وضعت لتقويه مكان دقيق رقيق من الجسم فيجب مراعاة هذه الشروط عند أدائها:

1) أن تكون في الهواء الطلق . وأنسب الأوقات في الصباح قبل الإفطار .

2) أن يراعي إلا يكون هناك ضغط من ملابس أو أحزمة علي الصدر والبطن.

3) لا يجوز أن تكون المعدة ممتلئة بالطعام .

4) الوقوف باعتدال غير مستند إلي شيء. 

5) يثبت النظر في نقطة موازية لارتفاع القامة حتى تكون الرقبة غير مائلة إلي الأمام أو إلي الخلف .

6) تكون الأعضاء مستريحة غير مشدودة كشأن التمرينات الرياضية ..وخصوصا الأكتاف والرقبة واللسان .

7) يكون الشهيق من الأنف ..والزفير من الفم.

8) لا تنتقل من تمرين إلي الذي يليه إلا بعد أن تشعر بالحصول علي الفائدة المرجوة من التمرين .

9) لا تجهد نفسك بتكرار التمرين أكثر من عدد المرات التي سنحددها .

10) لا تحدث صوتا في عملية الشهيق .

11) لا يجوز أن يتغير وضع الأكتاف أو الصدر أو البطن ..وذلك بمراعاة دفع هواء الشهيق إلي الخاصرتين فقط.

التمرين الأول : الشهيق البطيء: 

1 لا يتكرر أكثر من ست مرات متوالية .. وثلاث دفعات في اليوم قف كما أوضحت لك الشروط السابقة .

2 اقفل الفم ..تنفس من الأنف ببطء شديد وهدوء تام حتي تشعر بامتلاء الخاصرتين إلي القدر الذي تستطيعه .

3 ابق الهواء مخزننا في الداخل مدة توازي خمس ثوان ..أو عد عشرة في سرك بسرعة متوسطة .

4 أخرج الهواء بعد ذلك دفعة واحدة من الفم .

5 حاول أن تزيد كميه الهواء المخزون ..وأن تطيل مدة التخزين .

التمرين الثاني : مضاعفة الشهيق البطيء :

1 أربع مرات متوالية ثلاث دفعات يوميا قف حسب الشروط.

2 نفذ التمرين الأول بتمامه حتي تصل إلي تخزين الهواء إلي المدة التي تكون وصلت إليها من تكرار التمرين الأول .

3 بدلا من إخراج الهواء بعد التخزين .. تنفس كمية إضافية حاول كل يوم أن تزيد الكمية الإضافية .

التمرين الثالث: الشهيق السريع : 

1 ست مرات ثلاث دفعات يوميا.

2 قف حسب الشروط.

3 تنفس بسرعة ..واحذر من إحداث صوت من الأنف .

4 استبق الهواء مخزونا إلي أكبر مدة ممكنة .

5 أخرج الهواء دفعة واحدة من الفم.

التمرين الرابع : مضاعفة الشهيق السريع :

1 قف حسب الشروط.

2 اعمل التمرين الثالث بالسرعة التي تكون قد وصلت إليها بمزاولة التمرين الثالث بعد انتهاء مدة التخزين الهواء.. تنفس كميه إضافية سريعة .

3 حاول كل يوم أن تزيد كميه الشهيق الإضافية وسرعته. 

التمرين الخامس: الشهيق والفم المفتوح: 

1 أعد عمل التمرينات الأربعة السابقة والفم المفتوح ..واللسان ضاغط بواسطة علي سقف الفم ليعينك علي منع تسرب الهواء من الفم .

2 اعد ثانيا التمارين الأربعة واللسان غير ضاغط ..بل مستريح في وسط الفم .. مع الاجتهاد في منع تسرب الهواء من الفم ..وهي عملية صعبة ولكنها تأتي بالمران الطويل وقوه الإرادة .

والغرض المطلوب أن تستطيع التنفس بسرعة أثناء الكلام دون الحاجة إلي قفل الفم عدد المرات في هذا التمرين خاضعة لاستعدادك وراحتك ..فمتى شعرت بالتعب فاقطع واسترح ثم عاود.

التمرين السادس : الزفير البطيء: 

1 ست مرات ثلاث دفعات يوميا .

2 قم بعملية الشهيق السريع بعد أن تكون استوفيت التمرينات السابقة بكل شروطها الموضحة .

3 اختزن الهواء إلي أكبر مدة وصلت إليها.

4 اخرج الهواء من الفم ببطء وقد مددت شفتيك إلي الأمام كأنك تصفر حاذر من انتفاخ الأوداج (جانبي الوجه )أو ارتعاش الهواء .

 

 

 

 

 

5. الميم :

الميم أو الفن الصامت من الفنون الأساسية المتصلة اتصالا وثيقا بالفن المسرحي، ومعناه التعبير بالحركات الجسدية دون الاعتماد على الصوت اللغوي، فهو إذن فن الإيماءة.

يجب على الممثل أن يلين آلة الجسد وينسق بين أعضائها تنسيقا كاملا، ويخضعها لسيطرته كلما دعت الضرورة لذلك، ولا يتأتى هذا الأمر بالنسبة للمثل الإيمائي إلا إذا مارس هذا النوع الخاص برياضة الممثل. والإيماءة عبارة عن تجزءة وتقسيم تفاصيل الجسد كله، ثم الربط بينها بعمل واحد، ومعنى ذلك شرح الجملة المراد التعبير عنها بواسطة الحركة الجسمية الدقيقة الصادقة، لذلك يتحتم إبراز دقة هذه الحركة بكيفية جمالية مع ليونة الجسد والإفراط في الأداء كي تؤدي الحركة المعنى الكامل لمضمون الجملة.

وينقسم فن الإيماءة إلى :

بانتوميم    : وهو عبارة عن قصة تشخص، تتطرق إلى مشكل، ويستعمل فيه الأكسسوار والملابس.

بسيكودرام : هو قصة تتطرق إلى مشكل تربوي واجتماعي ونفسي يوظف فيها الإكسسوار والديكور.

الميم       : قصة صامتة يستغنى في تشخيصها عن كل الإكسسوارات و المناظر، بل يعتمد فيها الممثل على قدرته وبراعته في تبليغ ما يريد تبليغه بالإشارة والحركات والنظرات والتعابير الجسمانية.

 

5.1 توظيف الميم في مسرح الطفل :

من المعلوم أن الميم مقبول بشكل كبير عند الطفل،  ومحبوب كثيرا لدى الصغار والكبار على حد سواء، لذا على المخرج الذي يريد أن يقدم فرجات مسرحية للأطفال أن ينطلق من حبكة درامية معينة أو قصة ذاتية أو واقعية، فيجرد أحداثها ويسلسل مشاهدها ومواقفها بطريقة واضحة ومفهومة، وبعد ذلك يطلب المخرج من ممثليه أن يقدموا أحادث المسرحية وأفعالها بطريقة ميمية، أي يشرحوا للجمهور معاني المسرحية و مشاعر الشخصيات الانفعالية والوجدانية الشعورية واللاشعورية، وذلك بواسطة الحركات والإيماءات والإشارات وأوضاع الجسد بدون استخدام الكلمات أو التقليل منها بشكل كبير جدا. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مروان مودنان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/03



كتابة تعليق لموضوع : العرض المسرحي للطفل وخصوصيات الإخراج وإدارة الممثل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net