صفحة الكاتب : قصي شفيق

برامج المقالب العربية عنواناً لتقديم المسيء في شهر رمضان
قصي شفيق

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مقدمة:

أصبحت برامج المقالب في رمضان واحدة من الضرورات الإنتاجية للمحطات العربية والعراقية التي تقدم روح الدعابة والفكاهة من طريق ما يسمى (الكاميرا الخفية) فقد تراوحت القنوات العربية ومنها العراقية للخروج عن المألوف والتنافس من حيث تقديم الأفضل  للمتلقي العربي المتعطش لبرامج المقالب والتي ينتظرها كل عام ليشاهدها، ويشاهد من الحيلة والخدعة الجديدة التي سيتم إتباعها لإيقاع الضيوف وخاصة النجوم. 

لعل الأمر في بداياته كان يأخذ من برامج المقالب إحدى الرفاهيات التي يحب متابعتها، حيث تلعب علي فكرة الإضحاك والخروج عن المألوف وربما هذا هو ما يعطيها نجاحها الكبير وتمدد البرامج حتى وصلنا في السنوات الأخير إلى مفهوم وشكل أخر بدل الكوميديا والإضحاك اصبحناً نشاهد قلقاً ونفوراً وسذاجتاً واشمئزاز وعنف وشتائم وقذف وصولاً إلى أن تشاهد جميع الألفاظ المسيئة لشهر رمضان.

 وعلى الرغم من كم الانتقادات التي توجه لها والإساءة التي يقدمونها في شهر رمضان والتي خرجت من باب المعنى الدلالي لمفهوم شهر التواصل والإعطاء فتغيير الموازين والمعطيات بدلاً تقديم الدعابة والكوميديا الترفيهية الى العنف القهري ولربما موت الضيف بأساليب وطرق متنوعة لان غالبيتها يقدم الصدمة التي تشعر الضيوف بالهلع والفزع دون رحمةً او تقديراً لمكانة الضيوف.

أولاً: برامج المقالب الإساءة  وملايين المشاهدات عبر (السوشيال ميديا).

أصبحت برامج المقالب التهريجية تُعد من الوجبات الأساسية التي ينتظرها المتلقي العربي والعراقي اليوم، ليرى الحيلة الجديدة لإيقاع الضيوف فى «المقلب»، مما يزيد معدلات نسب مشاهدتها، وهذا ما دفع عدداً من الفنانين ومجموعة من المحطات العربية والعراقية لتقديم هذه النوعية من البرامج التي تدعو إلى الفزع والهلع مرةً عند المتلقي ومرةً عن ضرب الضيوف وتخويفهم، التي ارتفع عددها إلى 20 برامج هذا العام، على رأسهم برنامج رامز جلال، الذى يقدمه كل عام، باسم رامز يلعب بالنار»، ويطل علينا الفنان هانى رمزي ببرنامج المقالب «هانى فى الأدغال»، ويقدم المذيع خالد عليش برنامج مقالب جديد باسم «مينى داعش»، ويقدم إدوارد برنامج مقالب باسم «اوعى يجيلك إدوارد» ومنها أيضا البرامج العراقية ( مقلب وليمة وياسر مان, وطحت بيها) راحت هي الأخر بالتقليد المفرط لما يقدم عربياً من إساءة للشخصية بل اغلبها صار بين السذاجة والعنف الرمزي باستخدام ابشع صور الترهيب من طريق حوار الشارع ومصطلحات لا تليق بتاريخ برامج الكوميديا عراقياً فهل شاعت العدوى بين هذه البرامج والتنافس إيهما الأكثر استفزازاً ورعوناً من غيرها؟ فقد اتسمت جميها بالإرهاب النفسي والإطاحة بما تبقى من قيمية للمشاهدة والغريب رغم فاعلية البرامج لم نشاهد هناك رقابة حقيقة لمنع برامج الإساءة فلماذا السكوت عن برامج ترهب الضيوف بمحاولات تخويف وابتزاز ولماذا تحديداً تقدم هذه البرامج في شهر رمضان ولماذا أخذت هذه البرامج سمة العنف والموت بداية من التهديد ونهاية بالانهيار النفسي للضيوف . أذن نستطيع القول أن فكرة إضحاك الناس وتقديم كوميديا من خلال هذه النوعية من البرامج فكرة جيدة، لكن الأهم هو كيف تقدم وكيف تستهدف الجمهور وكيف تعالج وتشخص لزرع روح المودة وتقديم الشخصية العربية بصورة رمزية عاليا لا بشكل الهزيل والسيء وخاصة النجوم.

وعندما تسخر هذه البرامج من المشاهد حتى، وترويع الضيف، أو يمثل علينا أنه لا يعلم أنه داخل مقلب مدبر فهناك الكثير ممن يشكك أن اغلب برامج المقالب يحضر لها مسبقاً مع الضيف فكل ما تشاهد هو مشهد تمثيلي بدون الخداع على المتلقي من بوابة العنف القهري، باعتباره ساذجاً، ، وبالتالي على استعداد لتعريض أنفسهم لـــ ( ابشع صور الإساءة والعنف مقابل اجر معين) وان صدق الأمر فما موقف الفنان نفسه وما موقف المشاهد حول ذلك حتى الكوميديا أصبحت التفاف ومخادعة.

فقد نلاحظ باستمرار نوعية البرامج هذه بالإضافة إلى أنها شيء مستفز، يسخر من الضيوف بشكل يرعبهم وهذه النوعية من البرامج رديئة، وتمثل نوعاً من الإفلاس مقارنة بالبرامج التي تبثها القنوات الأوروبية، سواء كانت الكاميرا الخفية، أو برامج الضحك، التي تحمل احتراماً للعقلية وحرية الأنسان الشخصية، بدون أن تسخر من الضيف، أو تتعدى على حريته الشخصية فقد نطرح تساءل هل الشخصية العربية الفنية بلا شخصية وحريتها منتهك مثلما نشهد في العالم العربي انتهاك للحقوق والحريات او ماذا.

فلماذا هذه  البرامج التي تقدم هذا النوع  أن تكون أكثر احتراماً لعقلية المشاهد، وتراعى الذوق العام، لأن سيطرة الوكالات الإعلانية على هذه القنوات، جعلت هدفها الرئيسي هو البحث عن الأرباح، دون النظر إلى القيم أو الأخلاق، أو حتى المعايير المهنية، وهذا تسبب في الإساءة للإعلام وللشخصية المسلمة العربية، وفى ظل القنوات الكثيرة الموجودة على الساحة بات رمضان عنوناً للإساءة عن طريق برامج ذات بعد إرهابي نفسي. 

ثانياً: بشاعة الموقف والخروج عن الانضباط والمألوف. 

ما قُدم هذا العام من برامج ابتعد كثيرا عن الكوميديا الحقيقية وما تحمله من جانب توجيهي وترفيهي دون المساس بالضيف او المشاهد، متعجباً من بشاعة الموقف وحالة السخرية التي يصاب بها الفنان الى درجة تجعلهم يتفوهون بكلمات تصل الى حد السب والضرب المبرح لمقدم البرنامج وبالتالي تعكس ثقافة الفنان وتفقده جمهوره ولربما تطيح بمنظومة القيم والسيطرة .

وبشأن ما تحمله هذه البرامج من إساءة وسخرية وخروج عن النمط والمألوف لثقافة طالما تعودنا عليها هي رمضان ومضموناته العلمية والروحية والأخلاقية فما كانت برامج المقالب ألا الخروج والإساءة لمقدس اسمه رمضان حتى أخذت برامج المقالب الرمضانية منحى أخر بعيداً عن الموضوعية والمهنية التي تتمتع بها البرامج، سواء التي تعرض في بعض القنوات العراقية او العربية، فما يحدث من مقالب يعد إهانة واستخفافا بعقلية المشاهد، فالعبارات التي تصدر منه نتيجة استفزاز الضيف والسخرية منه؟

برامج المقالب كانت السمة الفنية الأبرز في رمضان 2016، ولكن للأسف بشكل سلبي، حيث أنها غزت الشاشات الفضائية بأفكار متطرفة عن الجمال والذوق والأبداع فالهدف الذي جمع هذه البرامج هشاشة الفكر والطرح وخراب عام لمنظومة الذوق العام.

خلاصة القول: أفكار البرامج ليست وحدها المكررة ولكن أيضاً ضيوفها باتوا وجبة شهية لمقدمين هذه النوعية من البرامج، حيث يعتبر معظم الفنانين برامج المقالب «باب للرزق» فقد نجد الضيف نسفه يمر على جميع البرامج ووجبة سهلة ومربحة في رمضان إلى جانب أعمالهم الرمضانية، حتى أن المشاهد بات حافظاً لوجود فنانين المقالب كل عام وبات المتلقي العربي يعرف ردود أفعال الضيوف وتخوفهم أثناء عمليات الملقب لذا أطاحت اغلب البرامج بمفهوم الكوميديا واشتغالاها بدل المعالجة والترفيه اصبحنا نشاهد في رمضان المستفز والسيء حتى تمدد الأمر مما اصبح المتلقي هو الذي يعشق العنف والإساءة والإرهاب القهري للضيوف فنستطيع القول استمرار هذه البرامج لم تبقي شيء للذوق العام بل راحت تأخذ طابع التأثير لحياة وواقع الشباب العربي بتقديم مقالب ذات طابع دموي وعنف واستهتار بسبب تأثير هذه المقالب ومشاهداتها في البيوت العربية والعراقية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قصي شفيق
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/03



كتابة تعليق لموضوع : برامج المقالب العربية عنواناً لتقديم المسيء في شهر رمضان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net