صدر عن دار المعارف الحكمية : نهج البلاغة في الدراسات الاستشراقية

عن دار المعارف الحكيمة صدر كتاب  نهج البلاغة في الدراسات الاستشراقية ، للكاتب و الباحث العراقي : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي ، يحاول الكتاب التركيز على الكتابات الاستشراقية ومقولات المستشرقين الذين تناولوا سيرة الامام علي عليه السلام بشكل عام ونهج البلاغة بشكل خاص وذلك من اجل اثبات نسبة الكتاب للامام علي عليه السلام وجمع الشريف المرتضى 

المقدمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطاهرين وسلم تسليماً كثيرا
     لقد أهتمت أوربا بدراسة التاريخ الإسلامي وكل ما يتعلق به منذ اليوم الأول الذي بدا فيه أن الإسلام منافس قوي للكنيسة وللدين المسيحي. وكان لهذا الاهتمام دوافعه الدينية والاقتصادية والسياسية وكذلك العلمية.
إن الدوافع التي حفزت الأوربيين بشكل عام والمستشرقين منهم بشكل خاص لدراسة التاريخ الإسلامي تختلف باختلاف خلفيات الشخص ودوافعه، فمنهم من عمل لدى مؤسسات علمية تهتم بقضايا العلم فقط، ومنهم من عمل عند الكنيسة في مهمة تبشيرية هدفها نشر المسيحية وطمس ما عداها، ومنهم من عمل بأجندات استعمارية فتراه قد انصب عمله على الجهد الاستخباري الممهد لمرحلة ما قبل الغزو.
و الإنصاف يدعونا إلى التمحيص في معرفة دوافع كل مستشرق أهتم بالتراث الإسلامي، إذ من الخطأ أن نحكم على كل المستشرقين بأنهم قد اضروا بالإسلام تعمداً.
إن ما يميز دراسات المستشرقين للتراث الإسلامي هو (التباين) القائم على نوع الخلفيات الثقافية التي يحملها (المستشرقون) أو التي يحملها من استقوا منهم معلوماتهم، لما قد أثر عليهم من ظروف سياسية وغيرها لتبرز نتاجات احكامهم بما اشتهر وذاع عنهم.
إننا وفي هذه الدراسة الموسومة بـ(نهج البلاغة في الدراسات الاستشراقية) سنحاول التركيز على الدراسات الاستشراقية ومقولات المستشرقين الذين تناولوا سيرة الإمام علي بن أبي طالب  بشكل عام، وكتاب (نهج البلاغة) بشكل خاص، وذلك ضمن مدخل ممهد يتناول هذه الدراسات وبما يحقق الفائدة المرجوة.
إن هذه الدراسة. وغيرها من الدراسات التخصصية. تقف في طريقها عدة مشكلات لا بد من ان نورد بعضها ليتعرف عليها القارئ، ولكي يأخذها بنظر الاعتبار من يريد البحث في هذا السفر الخالد. ذلك لنسعى من اجل حلها وليكون تناولها منطلقاً نحو دراسات أدق وأعمق وأوسع، ومن هذه المشكلات:
1- إن المترجم إلى اللغة العربية من كتابات المستشرقين هو نزر يسير مقارنة بما لم يترجم من النتاجات الاستشراقية الكثيرة، ويكفي لذلك ان نستشهد بما أورده الدكتور عبد الجبار الناجي في كتابه (التشيع والاستشراق) باعتبار ان له ترجمات رائدة لكتابات المستشرقين، إذ قال. وعلى سبيل المثال في موضوع التشيع. ما نصه: (لم يدر في خلدي في بداية الأمر حين شمرت عن ساعدي، وجمعت أدوات بحثي، ومعداته لأرسم مخططاً لمفرداته الدقيقة، بأن تكون إسهامات المستشرقين عن التشيع، وعن سير أهل البيت بمثل هذه الكثافة، والتركيز نوعاً وكماً...).
2- ما تُرجم من النصوص والكتابات الاستشراقية قد اعتراه الكثير من الحذف، والإنتقاء، والتحريف بحجة (تعدد المراد) و(الذوق الأدبي) من المترجمين للنتاجات الاستشراقية، إذ ان أكثر المترجمين للنصوص الاستشراقية هم ليسوا على وفاق مع اتباع مدرسة أهل البيت  ان لم يكونوا اعداءً لها.
3- ضعف الترجمة - ولربما انعدامها - للنتاجات الاستشراقية في المؤسسات التابعة لاتباع مدرسة أهل البيت  مع عدم الاهتمام بذلك الأمر مطلقاً. إذ لا بد لنا، بل من الواجب علينا. اخلاقياً ومعرفياً كقدر متيقن. أن نترجم النتاجات الاستشراقية بأنفسنا لا ان نعتمد على غيرنا ممن يُترجم وفق ايديولوجيا معينة بعيدة كل البعد عن الطرح المعرفي الحقيقي.
في مقابل ذلك لا بد أن نقوم بحركة ترجمة معاكسة لنقل تراثنا الحقيقي (تراث مدرسة أهل البيت) إلى اللغات العالمية الأخرى، شعارنا في ذلك قول الإمام الرضا  : ((علموا الناس محاسن حديثنا، فإن الناس لو سمعوا محاسن حديثنا لأتبعونا)).
4- الضعف الواضح في تأسيس مراكز بحث قائمة على احترام النتاج المعرفي الحقيقي، واحترام الباحث المعرفي المختص. إذ ان أكثر المؤسسات في عالمنا (العربي. الإسلامي) بشكل عام وفي واقعنا بشكل خاص، هي مؤسسات اعلامية أكثر منها معرفية.
5- الوقت الكافي، هي المشكلة الخامسة التي تقف في وجه السير بمثل هذه المشاريع التأسيسية المهمة. مضافاً له توفير المكان الملائم لا مطلق المكان. إذ ان مشاريع كهذه تحتاج سفرات معرفية خاصة، وأجواء خاصة، وهذا. مع الأسف الشديد. ما تفتقر له أغلب المؤسسات الفكرية.
لقد حاولت. وعلى كل حال. في هذا البحث أن اتناول كتاب نهج البلاغة في دراسات بعض المستشرقين بما يشكل مدخلاً عاماً ومنطلقاً لدراسة نهج البلاغة وسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  في الدراسات الاستشراقية.
ان المحور الأول الذي تناولناه في هذه الدراسة هي زوبعة التشكيك وما أورده المشككون في نهج البلاغة من إدعاءات وتخرصات لا وزن لها، ولا قيمة علمية فيها، وما هي إلا بروز واضح للأحقاد الدفينة على الإمام علي  وعلى مدرسة أهل البيت.
ثم كان لزاماً أن نبين من هو جامع نهج البلاغة لكي ندفع هذه الشبهة المثارة. إذ ان كل عاقل يعلم بأن جامع نهج البلاغة هو الشريف الرضي (ت 406 هـ) وهذا ما صرح هو به  في مقدمة كتاب (نهج البلاغة)، وفي كتابه (حقائق التأويل) كذلك.
ثم كان لنا مرور على الاستشراق للتعريف به، إذ أن حقيقة وماهية (الاستشراق) تخفى على الكثيرين.
وبعدها كانت لنا وقفة مهمة جداً تناولنا فيها الأسس التي اعتمد عليها المستشرقون في قراءة التراث (العربي . الإسلامي) والتي هي: اعتمادهم على التراث الحديثي السني فقط في فهم أسس الإسلام وقضاياه المهمة والرئيسة، واعتمادهم على تراث العصور الوسطى الصليبي في التعريف بالإسلام وكل ما يتعلق به، واعتمادهم على الكتابات غير الموضوعية للمستشرقين الأوائل ممن هم مبشرين مسيحيين أو ممن هم طلائع استخباراتية ممهدة للاستعمار الأوربي للعالم. 
كما وتناولنا دراسات المستشرقين للتراث الإسلامي، من دراسات تناولت القرآن الكريم، ودراسات تناولت السيرة، ودراسات أخرى لهم حول التشيع.
فكانت لنا وقفة مهمة تناولنا فيها موضوع: (الإمام علي  في دراسات المستشرقين)، ففي هذا الموضوع تتبعنا ما استطعنا أن نصل إليه من دراسات، وليس ذلك بالجرد الشامل لكل الدراسات التي تناولت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، بل كان شعارنا في ذلك (ما لا يدرك كله لا يترك جله).
ثم كانت الوقفة المهمة الثانية، إذ أن لها الحصة الأكبر، التي تناولنا فيها موضوع: دراسات المستشرقين لنهج البلاغة. استهللناها بمدخل تعريفي عام، ثم قسمنا الموضوع في دراسات المستشرقين بين (مشككين) أوردنا ذكرهم مع ردودنا عليهم. وأخرين (مادحين) تناولنا أقوالهم وبما يتناسب مع الموضوع.
و في أخر هذه المقدمة نسأله تعالى أن يغفر لنا خطايانا واسرافنا في أمرنا ويتوفنا مع الأبرار محمد وأهل بيته الأطهار . متوجهين إلى أمير المؤمنين  بالقول: يا وجيهاً عند الله أشفع لنا عند الله.
 
والحمد لله رب العالمين
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/15



كتابة تعليق لموضوع : صدر عن دار المعارف الحكمية : نهج البلاغة في الدراسات الاستشراقية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net