صفحة الكاتب : علي علي

إذا كان الغراب دليل قوم...
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 بعد أن بلغ السيل الزبى كما يقال، وبعد أن طفح الكيل بما لايطاق، يتطلع العراقيون اليوم الى شيء واحد هو انفراج الأزمة، بعدما أخذ منهم الصبر مأخذا، واستطال بهم الأمل أمدا طويلا، وخذلهم الساسة والمسؤولون أيما خذلان بتلاعبهم بمقدراتهم وتهميشهم مصالح المواطن، وإهمالهم مفاصل البلد ومرافئه ومرافقه كافة. وفي حقيقة الأمر أن المواطن نفسه أسهم في تردي وضع البلد الى ماهو عليه اليوم، والمواطن نفسه أذنب في حق نفسه يوم سلط أناسا على رقبته، وحكّمهم في يومه وثرواته ومستقبله، فهو نفسه -المواطن- من أتى بشخوص وفق مواصفات خاصة قد تصلح في مكان فيحل الصلاح والفلاح فيه، وقد لاتصلح في آخر فيملأ الخراب والدمار أرجاءه. أما المواصفات الخاصة التي اتخذها المواطن وحدات قياس، وقام على ضوئها بانتخاب من ظنه سيدله على دار الأمان، فقد نأت عن المهنية والعملية والعلمية، إذ لم يُدخل المواطن في حساباته السيرة الحسنة في تأريخ المنتخَب المهني، كذلك لم يحتسب مستواه التقني وتدرجه الوظيفي، فضلا عن اهماله وتغاضيه عن تخصصه ومديات إبداعه في المؤسسة التي رُشح اليها، وقد جنى المواطن سوء اختياره في العرس الانتخابي الأول، وخاب ظنه فيمن سلطهم وسيدهم على نفسه، وحصد عكس أمله فيهم، بعد أن أخذوا بيده الى مالاتحمد عقباه، فحق عليه بيت الشعر القائل:
إذا كان الغراب دليل قوم
سيدلهم على دار الخراب
إذن، فالعلة تكمن في تمسك المواطن بشلة غير مأمونة الجوانب، وكان خطؤه الأكبر في اعتماد حيثيات انتقاء وأدوات اختيار ليست في محلها، فوضع من حيث يدري ولايدري أقدامهم على كتفيه، فتدرجوا بالصعود عليهما بعد أن تمكنوا منه حكما وقانونا، ولم يأبهوا لمصيره بعد أن رفعوا شعار؛ (أنا ومن بعدي الطوفان). وليت الأمر وقف عند هذا الحد، فقد تمادى المواطن في بغيه -المقصود او غير المقصود- على نفسه، وأعاد الكرة ثانية في عرس الانتخابات الثاني، واتبع الأسلوب ذاته بأخذه المعايير ذاتها، واعتمدها في وضع علامات الـ (صح) في الورقة الانتخابية، أمام الشخص غير المناسب، فخاب ظنه ثانية -كما في الأولى- فحق عليه بيت الشعر:
إذا كان الغراب دليل قوم
يمر بهم على جيف الكلاب
ومازال المسبب الأساس في كل مايتعرض له المواطن هو المواطن نفسه، فبعد أن تحلى بـ “سذاجة” فائقة و “طيبة قلب” فاقت الحدود، تسببت في لدغه للمرة الأولى، وبعد أن مد يده ثانية الى الجحر ذاته وناله ماناله من لدغ، لم يتعظ من إخفاقه في المرتين، إذ راح بكل (….) ليمد يده ثالثة الى الجحر نفسه، وهاهو يدفع ثمن “طيبته” دماءً عزيزة غزيرة تسيل من جسد أخيه او ابنه او صديقه او جاره، في قعر داره، سواء في الكرادة أم الشعب أم بغداد الجديدة أم الثورة! فحق عليه بيت الشعر:
إذا كان الغراب دليل قوم
فلا فلحوا ولا فلح الغراب
والكلام اليوم بات بعد ثلاثة عشر عاما مكشوفا، بعد أن ظهرت حقيقة من يتبوأون مراكز عليا في البلد أمام الملأ، وتبين خيطهم الأسود الملاصق لخلقهم وأخلاقهم، من خيطهم الأبيض الذي يدّعون به ويخدعون به مواطنيهم، وأظن أول تلك الخيوط وأهمها وأبرزها، هو خيط الدين والتدين، الذي حاكوا منه مؤامرات وتستروا خلفه، واستغلوه أيما استغلال ليصب في مصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية.
وسواء أكانت العمامة التي ارتدوها سوداء أم بيضاء! فإن الدين الحق منهم براء، أما المواطن الذي تمسك بتلابيب زيهم الكاذب، وتعلق بجلبابهم الماكر مرات ثلاث، واتخذ من سيماهم التي في وجوههم معياره في التقييم، فإنه بعد تكراره خطأه يحق عليه بيت الشعر:
إذا كان الغراب دليل قوم
فعيب القوم لاعيب الغراب
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/17



كتابة تعليق لموضوع : إذا كان الغراب دليل قوم...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net