صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

غاب الدنيا!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الدنيا غاب فسيح تتسيّد فيه الأسود على الغزلان والخرفان والثيران والحمير , ومن حولهما بنات آوى والضباع التي تماري وتُحايل لكي تسلم على حياتها وتقتات على فضلات طعام.

وهذا قانون الدنيا الفاعل الحاكم المارد المفترس المُقيم!!

وما خرجت الدنيا من هذه الدوامة الغابية وما عرفت غيرها سبيلا للحياة , وحاولت الأجيال تلو الجيال , ومنذ فجر الحضارات أن تجد مخرجا منها لكنها فشلت , وتكرر فشلها بعدد تكرار الأنبياء والرسل والمفكرين والمُصلحين من أبناء البشرية جمعاء.

وفي القرن العشرين الذي أزهق أرواح الملايين وخرّب المدن وإستباح المحذورات , وبعد أن ألقت الحرب العالمية الثانية مراسيها , إجتمعت الدول المنتصرة فيها , ووضعت لوائحَ وفعّلت منظمات عالمية هدفها الحفاظ على السلام والتدرّع ضد الحروب , بمعاهدات ومواثيق ومعايير أخلاقية تؤمن بأن للإنسان حقوق وقيمة.

لكنها أبقت على قوانين القوة المتمثلة , بحق الفيتو  للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن , وأن أي قرار لا يخدم مصالحها ونزعاتها التسلطية المحكمة على مصير الآخرين لا يمكنه أن يمّر , ونجم عن ذلك تعبيرات غابية متوحشة بأساليب قانونية معاصرة.

ومع ما يسعى له البشر في أروقة الأمم المتحدة للتأكيد على السلام العالمي , لكن ذلك أشبه بالسراب , لأن إرادة الغاب هي الغالبة والمهيمنة على تفاصيل السلوك المتواصل ما بين الدول , ذلك أن معظم ميزانياتها مخصصة للحروب وشراء الأسلحة وأن نسبة قليلة منها لغير ذلك , أي أن ميزانيات الدول كافة رهينة الموت وعدوة الحياة.

فالدول النووية لا تتجاوز العشرة , وهي تحتكر هذه القدرة التدميرية وتتسابق في تطويرها , حتى أنها لتملك ما يفني الوجود الأرضي عن بكرة أبيه , وهي التي تنقض على أية دولة أخرى إذا فكرت بإمتلاك سلاح كسلاحها ,  فالدول الصناعية الكبرى عمود إقتصادها بيع السلاح للدول التي تعجز عن صناعته , وهي بهذا السلوك تقبض على مصير الذي يشتري سلاحها.

ولهذا فأن القول يصح أن الدول الكبرى تتحكم بمصير الدول الصغرى , التي لا تصنع سلاحها وتعتمد على غيرها في الدفاع عن وجودها في مملكة الغاب الشرسة , وأن الأسود لا تزال تزأر في الغاب , وأنها القوية العادلة مهما إرتكبت من جرائم ومَظالم , والثعالب تصفق لها , والضباع تحاوطها , والماء يجري والحياة تتواصل مهما كانت التفاعلات السائدة فيها.

وتلك رؤية ذات أدلة دامغة لا تنتصر عليها أساطين الأكاذيب الفتاكة , وإن تمادت بزئيرها , وعدوانها على شمس الحقيقة والبرهان!! 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/03



كتابة تعليق لموضوع : غاب الدنيا!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net