صفحة الكاتب : فاطمة نادى حفظى حامد

وراء كل امراءة عظيمة ... جولة بعالم أصغر حائزة نوبل
فاطمة نادى حفظى حامد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 " وراء كل رجل عظيم امراءة " هو مثل مألوف مر على مسامعنا جميعا مسبقا , لكن ماذا عن العظيمات من السيدات , من يقف وراء قصص نجاحهن ؟.

" مالالا يوسفزى " الباكستانية الشابة البالغة من العمر التاسعة عشر فقط, أصغر حائزة على جائزة نوبل للسلام على الإطلاق عام 2014 - بعمر السابعة عشر حينها - مناصفة مع الناشط الهندى " كايلاش ساتيارثى " .
والحائزة أيضا على جائزة سخاروف لحرية الفكر من البرلمان الأوروبى , وجائزة آن فرانك للشجاعة الأدبية من الولايات المتحدة , وجائزة السلام الدولية للأطفال بهولندا, واختيرت ضمن أكثر مئة شخصية مؤثرة بالعالم حسب التصنيف السنوى الذى تعده مجلة التايمز للثلاث سنوات الأخيرة تباعا, وغيرها من العديد من الترشيحات والأوسمة والجوائز الى جانب إطلاق اسمها ع كويكب بين كوكبى المريخ والمشترى فى إبريل العام الماضى.
هى المراهقة الباسلة التى وقفت بتحد صلب فى وجه جماعة طالبان التى كانت قد حرمت الإناث بالمنطقة التى تقطنها (وادى سوات) ضمن مقاطعة (خيبر بختونخوا) شمال غرب باكستان من ممارسة حقهن فى التعليم  وقامت بحرق المئات من مدارس الفتيات.
خاضت مالالا نضالا عنيفا ضدهم غير عابئة بتعريض حياتها للخطر , إذ تعرضت بالفعل لمحاولة اغتيال لبرائتها حين أطلق أحد المسلحين ثلاث رصاصات صوب رأسها , أثناء تحديها لحظرهم بذهابها لمدرستها رغم التهديدات التى طالتها هى وأسرتها .
 إلا انه شاءت العناية الإلهية أن يتم شفائها بعد رحلة علاج لتنهض من جديد بعزم أقوى, وروح لا تقبل الرضوخ ولا تعرف الاستسلام , معلنة خلال كلمتها بالأمم المتحدة استمرار سعيها محليا وعالميا لوقف انتهاك حقوق الأطفال والشباب والمطالبة بتوفير حقوقهم وبخاصة الإناث فى التعليم.
" اعتقد الإرهابيون بأنهم سيغيرون أهدافي وبأنهم سيوقفون طموحاتي، لكن لا شيء تغير في حياتي إلا هذا: الضعف والخوف واليأس ماتوا. وولدت القوة والطاقة والشجاعة ... لستُ ضد أي شخص، ولست موجودةً هُنا للحديث عن انتقام شخصي ضد طالبان أو أي جماعة إرهابية أخرى. أنا هُنا للتحدث عن حق التعليم لكل طفل. أريد أن يحصل أبناء وبنات الطالبان والإرهابيين جميعهم على التعليم."
 و دعت زعماء العالم خلال كلمة لها فى قمة للتعليم بالعاصمة النرويجية أوسلو للإستثمار فى الكتب بدلا من طلقات الرصاص.
"مبلغ 39 مليار دولار سنوياً للتعليم قد يبدو رقماً هائلاً، ولكنه ليس في الواقع كذلك، حيث أنه يساوي ما ينفقه العالم على الأغراض العسكرية لمدة ثمانية أيام" 
وفى يوليو العام الماضى قامت مؤسسة مالالا الغير ربحية بإفتتاح مدرسة للاجئين السوريين بـ (سهل البقاع – لبنان) , موفرة التعليم والتدريب لأكثر من 200 فتاة ما بين سن الرابعة الى الثامنة عشر.
كانت هذه نبذة مختصرة عن هذه الفتاة المذهلة بحق , التى يشع وجها إصرارا وحماسا , و تصحب خطواتها ثقة هائلة , وتثير سيرتها الذاتية الإبهار و الفخر لدى كل من يسمع عنها.
إنه أمر يبعث على الفضول والحيرة فى النفوس كيف نشأت , ما سر التربية التى أثمرت عن هذا النبت الطيب ؟!
كيف تئلفت شخصيتها الصلبة تلك , وبزغ نجمها محطما  قيود الظلم والاستبداد, محلقا ليسطع فى سماء الحريات , كما  ينهض طائر العنقاء الذى حين يموت ينهض من جديد منبعثا فى صورة أقوى من أسفل رماده.
تقودنا التساؤلات للبحث داخل منزلها , وسنسلط الضوء بشكل أخص على السيد (ضياء الدين يوسفزى) الذى هو فى الواقع بطل قصتنا اليوم, الذى يملآ الفراغ الذى تشغله نقاط العنوان, فوراء عظمة سيدتنا الصغيرة اليوم "والدها" . 
كان والد السيد ضياء ناشطا تعليميا يدير سلسلة من المدارس تسمى (مدارس خوشال العامة) , وعانى السيد ضياء من التلعثم فى الكلام فى صغره, وكون والده ناشطا تعليميا بارزا شكل حافزا يدفعه أن يتثبت لوالديه أنه قادر على التحدث والتعلم جيدا رغم تعثره بالنطق.
التحق بجامعة جاهانزب الواقعة بـ (سوات – باكستان) , وتخرج منها حاصلا على درجة ماجستير باللغة الإنجليزية .أثناء دراسته انضم لإتلاف من الطلاب شغل فيه منصب سكرتيرا عاما, طالبوا فيه بمساواة الحقوق بين أهل منطقتهم جميعا .
لاحقا التقى بـ ( تور بيكاى ) وسرعان ما وقعا فى الحب, فتزوجا وأنجبا أولادهم الثلاثة. ولم تكن متعلمة حينها ولكنها بدأت فى تعلم الكتابة والقراءة مؤخرا.
 يشغل السيد يوسفزى حاليا منصب المستشار الخاص للأمم المتحدة المعنى بشؤن التعليم فى العالم , والملحق التعليمى لقنصلية باكستان فى (برمنجهام - المملكة المتحدة).
" فى العديد من المجتمعات الذكورية والقبلية يعرف الآباء عادة نسبة لأبنائهم الذكور, ولكنى واحد من الأباء القليلين الذين عرفوا ببناتهم, وأنا فخور بهذا. "
كانت هذه هى الكلمة الافتتاحية له فى حديثه بمؤتمر TED , تابع بعدها حديثه بسرد المشكلات التى تواجهها المرأة فى المجتمعات الذكورية عامة وبمجتمعه خاصة فى المناطق التى تسيطر عليها جماعة طالبان.
يمكنكم مشاهدته هنا : 
 https://www.youtube.com/watch?v=h4mmeN8gv9o
وختم حديثه قائلا : " يسئلنى الناس ما الشىء المميز فى تربيتى الذى جعل مالالا جريئة وشجاعة جدا ومتحدثة متزنة هكذا ؟, فأجبتهم : لا تسألونى ماذا فعلت, بل اسئلونى ماذا لم أفعل. أنا لم أقصص أجنحتها , هذا كل ما فى الأمر. ! "
جملة واحدة فقط تحوى الداء والدواء, لخص بها السيد يوسفزى ما تعانى منه ملايين الفتيات حول العالم. تفضح الفكر العقيم السائد بمجتمعاتنا التى لا تسيطر عليها طالبان - بل الأسوأ منها - عقول ملئتها عادات وتقاليد بالية ما أنزل الله بها من سلطان ترسخت بقوة داخل أخاديد وتلافيف أمخخة الكثيرين.
فرضت حتمية تقويض الأنثى بين أربعة جدران خوفا من ضياع الشرف, ومحو شخصيتها وهدم أى محاولة لها بالتحليق خارج السرب, باحثة عن ذاتها وأحلامها التى أجهضت قبل تمام البلوغ.
عملت دائبة على نسف كيانها كإنسان له ما لغيره من الذكور من حقوق وله ما عليه من واجبات. فحرمتها حقوقها وأملت عليها واجبات وجدت نفسها مرغمة شاءت أم أبت على تنفيذها.
أما إذا نجحت أحداهن بأعجوبة ما فى التحرر من هذه الأقدار القمعية البشرية الصنع, فاستطاعت أن تجد ذاتها وتسعى لتحقيق أحلامها, ما أن تصل بالفعل حتى لا تسمع سوى أصوات استهجان واستنكار لفعلتها العابثة الغير مجدية تلك.
فهم لا يرون للمرأة دور سوى خدمة أهل بيتها والسهر على راحتهم!
أنى لها أن تأتى بدين جديد وتخرج عن المألوف, فأنتى إن لم تجدى رجلا يظلل عليكى وتؤسسى عائلة فى أسرع وقت ممكن متى بلغتى , فلا شأن لكى مهما حملتى من شهادات وارتقيتى فى الدرجات. صدقا بدون مبالغة مازال هناك بالفعل حتى يومنا هذا من يفكر بتلك الطريقة وينظر للمرأة هذه النظرة المتدنية وهم ليسوا بالقليلين بالمناسبة.
إنى أدعو كإبنة كل والد أن يراجع نفسه وينظر للطريقة التى يعامل بها أبنائه بجدية وتمعن. هذا الحرص الشديد هو شعور غريزى فطرى نابع من حب وخوف لا شك ولا جدال فى ذلك , إنما المبالغة فيه قد تأتى بنتائج عكسية, فكم من فتيات انحرفن وضاعت أخلاقهن خلف الغرف المغلقة والأبواب الموصدة !
فمهما ضيقتم الحصار وظننتم أنكم تمسكون بذمام الأمور من جميع جوانبها  فتيقنوا أنما أنتم واهمون , وستجد الابن او الابنة ألف طريق آخر تنفس فيه عن غضبها الكامن من تقييد حريتها , مستحلة لنفسها بذلك كل ما حرم عليها كنوع من الانتقام غير مكترثة بضرره عليها.
لا اعتقد ان هناك ولى أمر سوى يرضى سوء المنقلب هذا لولده وما يصحيه من عواقب جسيمة أخرى, لذا فالحرص كل الحرص على حسن توجيه الأبناء , وإرشادهم, وتنمية قدرتهم الذاتية على التمييز بين الخطأ والصواب. لنترك لهم حرية التصرف, ونحترم اختياراتهم وقراراتهم, وندعهم يصيبون ويخطئون فيتعلمون. 
فوالد مالالا عندما ترك العنان لأجنحتها لم تخلع عنها رداء العفة والشرف , بل رفرفت عاليا بجناحيها كحمامة بيضاء واقتنصت نوبل للسلام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7_%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81%D8%B2%D9%8A#.D8.A7.D9.84.D8.AC.D9.88.D8.A7.D8.A6.D8.B2
- http://www.wikiwand.com/ar/%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7_%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81_%D8%B2%D9%8A
- https://en.wikipedia.org/wiki/Ziauddin_Yousafzai
- http://malalacp.weebly.com/malalas-mother.html
Ziauddin Yousafzai: My daughter, Malala

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاطمة نادى حفظى حامد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/08



كتابة تعليق لموضوع : وراء كل امراءة عظيمة ... جولة بعالم أصغر حائزة نوبل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net