صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

التديّن والفساد!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الواقع البشري يؤكد أن التديّن يتناسب طرديا مع الفساد , والعكس غير صحيح , بمعنى كلما زاد التديّن زاد الفساد  , و وصل إلى ذروته ومنتهاه , لأنه محميّ بالتأويلات اللازمة لتبريره وتسويغه , بل وتحويله إلى طقس ديني وربما دين.

 
هذه العلاقة واضحة في مسيرة الأديان كافة , وتأريخها يزدحم بالأمثلة والممارسات التي حققت أفظع درجات الفساد والإفساد في المجتمعات , التي تعبت أجيالها من القهر بإسم الدين فثارت عليه وحجرته في زوايا الأماكن التعبدية وحسب.
 
ويبدو أن مجتمعاتنا تمر بذات المراحل التي عانت منها المجتمعات الغربية في عصور الحكم بأمر الكنيسة المتنفذة المستبدة التي لا يعلو على رأيها رأي أو قرار , وحالما تزايد عدد المتدينين والحاكمين بإسم الدين , حتى تربع الفساد على عرش الحياة وتسيّدت الرذائل وإندحرت الفضائل , وصارت الشياطين هي الرحمان الرحيم!!
 
فما يجري في مجتمعاتنا التي تمكنت فيها الأحزاب المتدينة , أو المدعية بأنها تمثل دين , يؤكد هذا الترابط العضوي ما بين الفساد والإفساد والكراسي المتديّنة , التي تحسب أنها صاحبة الحق المطلق , وأن ما تقوم به إنما هو تنفيذ لأمر ربها وترجمة لأفكار دينها , وهي التي صار هواها دينها المزعوم , ومشروعها المرسوم.
 
الفساد سلوك منحرف يسيئ به المرء إستخدام أي مسؤولية تقع على عاتقه , والتدين من المفروض أن يكون معبرا عن السلوك القويم الصالح , الذي يرضي رب المتدين ويساهم في بناء المحبة والألفة الإنسانية والوطنية بين الناس.
 
فكيف تتواءم المتناقضات في وعاء سلوكي واحد؟!
 
هل أن الفاسدين يجتزؤن من كتبهم ما يبرر فسادهم , ويجعله وسيلة للتقرب إلى ربهم , وقوة لتعزيز إيمانهم وتمسكهم بما يؤمنون به ويعتقدونه؟
 
هل أن الفاسدين يحسبون ما يدر عليهم الفساد من الغنائم إنما هو رزق من ربهم الكريم عليهم , والذي خصهم بميزة الإحتكار وأخذ الأموال , والإثراء الفاحش السريع , المؤزر بالنهب والسلب وإغتصاب حقوق الآخرين؟
 
إن المتدينين لا يقومون بعمل إلا وفقا لتبريرات وتنظيرات واضحة متكررة من صلب دينهم الذي يتدينون به , مهما كان نوع ذلك الدين , لأن جميع الأديان يمكن أن تؤخذ بإتجاهين , فهي سيف ذو حدين , وآلية يمكن تسويغها لتبرير أي عمل سيئ , بل أن الأديان يمكنها أن تكون ذات قدرة على تسويغ المنكرات وتمرير الموبقات , وما أكثر المدّعين بالقدرة على الإفتاء المشين.
 
وتلك محنة كبرى يعاني منها أي دين , بل أنها تشمل أي معتقد ونظرية وحزب  وتجمع فئوي وغيره من السلوكيات البشرية الجمعية , التي فيها الغايات تبرر الوسائل اللازمة للوصول إليها!!
 
وما دينهم إلا النفس الأمّارة بالسوء والفحشاء والمنكر البغيض , وما التدين السياسي إلا تجارة وقناع للفاسدين والآثمين وأعداء رب العالمين!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/07



كتابة تعليق لموضوع : التديّن والفساد!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net