صفحة الكاتب : حسين الخشيمي

*الحج الأخير: "لو أن البيعة لعلي لم تكن على أرض غدير خم"!*
حسين الخشيمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 إنه العام العاشر بعد الهجرة، الذي بلغ فيه النبي "محمد" صلى الله عليه وآله،  أرض "غدير خم" بعد رحلة حج كانت الأخيرة في حياته. لقد كشف خلالها أمراً جسيماً أبهر مئات الآلاف من الحجيج.
تأتي تسمية هذه الأرض المعروفة بـ "الغدير" لوجود المياه فيها لفترات معينة دون غيرها، إذ "تغادر" هذه المياه الأرض بعد شهور قليلة، وإنه لمن الصدف أن يبايع الرجال قائدهم الجديد بعد النبي في هذا المكان، ومن ثم يكون نصيب الأول "الغدر" بعد موت الأخير!.
غير أن الثابت مما جاءنا عبر كتب التاريخ، هو أن هذه الأرض كانت تقع في منتصف المسافة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد لا يكون هنا أية علاقة توثق غدر المياه بغدر الأصحاب. أما الشهرة العظيمة التي نالها المكان فقد جاءت بعد وقوف النبي فيه ودعوة القوم لمبايعة علي.
سياق القصة يحدثنا عن أمر بالغ الأهمية كان بانتظار النبي، لقد كان على موعد مع تأسيس لمرحلة جديدة تمر بها رسالته وهو في أيامه الأخيرة.
في هذه الأثناء، وحال وصول موكبه المهيب الذي كان يضم حشداً غفيراً من الحجيج والأصحاب؛ هبط جبرائيل في هذا المكان تحديداً بنبأ عاجل يتضمن قراراً حاسماً.
يحمل ملك الوحي رسالة تقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة:67].
تبدو لهجة الرسالة شديدة ومحذرة في الوقت ذاته، ولكنها جديرة بالاهتمام وبسرعة التنفيذ، فالأمر بالغ الخطورة، لأن الأمة تستعد لفقد نبيها الأخير، وهو ما يهدد بضياع كل شيء.
*لهجة شديدة أم تشجيع؟!*
لقد كان هذا النبي حلقة الوصل بين الله والبشرية التي باتت أقرب إلى الضياع منهم، لذلك فإن الرسالة التي جاء بها جبرائيل لا تحتمل التعليق أو التأخير أبداً.. حتماً إنه المكان المناسب بعد رحلة طويلة مجهدة لإبلاغ القوم بقرار الله الأخير.
لكن؛ هل هناك ثمة شكوك بحدوث مساومات؟!
المؤكد أن النبي كان طوال فترة بعثته دقيق جداً في أداء مهام الرسالة على أكمل وجه، لكن الموقف لا يخلو من عبرة، فربما يكون وراء هذه اللهجة الشديدة هو القضاء على الدوافع الاجتماعية لهذا التنصيب وشبهه في المستقبل، فالعرقلة والفشل سيكونان رفيقان هذه الرسالة التي لن تصمد لتحقيق أهدافها إذا ما اتخذ القرار الخطأ لتردد أو خوف من المجتمع.
لكن الإمام الباقر، عليه السلام، يقطع نزاع الأفكار والوساوس في هذا الصدد ويأتي بتفسير يدحض به ما سواه.
يقول عليه السلام: "إن الله أوحى إلى نبيّه أن يستخلف علياً فكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعاً له على القيام بما أمره الله بأدائه".
*إكمال الدين.. الفريضة الأخيرة*
في ذلك اليوم، تقول الروايات على اختلافها أنه خرج مع النبي، تسعون ألفاً وقيل "مائة ألفٍ وأربعة وعشرون ألفاً" وهناك حديث لدى بعض المؤرخين عن أعداد أكبر مما يذكر، جلهم كانوا شهداء على تلك الحادثة المصيرية بعد أن انهوا مع نبيهم حجة "التمام" او "الكمال" كما يعبر عنها في أكثر من وصف، ثم انصرفوا إلى غدير خم حيث كمال الدين وتمام النعمة.
الرواية الأكثر شهرة والتي جاءت عبر طرق مختلفة "سنية وشيعية" تقول إن النبي جمع من معه على كثرتهم ثم قال بصوت طرق أسماع البعيد قبل القريب: 
"كأنّي قد دعيت فأجبت، وإنّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الاخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض»، ثمّ قال: "إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن"، ثمّ إنّه أخذ بيد علي وقال: «من كنت وليّه فهذا وليّه، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه".
عند ذلك نزل جبرائيل بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}.
وكانت الولاية هي الفريضة الأخيرة التي نزلت، وفقاً لتفسير الإمام الباقر، عليه السلام، إذ يقول: "آخر فريضة أنزلها الله الولاية  اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا  فلم ينزل من الفرائض شيئا بعدها حتى قبض الله رسوله...".
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين الخشيمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/19



كتابة تعليق لموضوع : *الحج الأخير: "لو أن البيعة لعلي لم تكن على أرض غدير خم"!*
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net