صفحة الكاتب : ابراهيم الوردي

مسلسل \" وكر الذيب \" وانطباعات مبكرة
ابراهيم الوردي

تطرح الدراما العراقية بين فترة واخرى قضية الريف وما يحدث في المجتمع القروي المحافظ ‏بعاداته وتقاليده ، الكثير من الاشكالات التي لا تتعدى حدود المكان وتقاليده . وفي بعض الاحيان ‏نجد ان الاعمال المستندة الى واقع قروي تنجح نجاحا كبيرا ان استطاعت صياغة الثيمة والحوار ‏والسيناريو المستند على قصة محبكة تساير العادات واللهجة والصراع التقليدي بين البشر ‏والارض والاعداء المنافسين . وحين طرحت قناة البغدادية مسلسل \" امطار النار \" في موسمها ‏الماضي ، كان قريبا الى المشاهد العراقي وقويا في جذب وشد الجمهور وانتزع الاعجاب منهم ‏لاسباب كثيرة اهمها ، ضخامة العمل وقصته الواقعية ونجاحه في اختيار الممثلين الذي اجادو ‏اغلبهم دوره بحرفية ومهنية عالية . مضيفا الى ذلك قدرة الممثل على التكيف في اجواء الهور ‏والريف واتقان اللهجة الريفية الممتعة . في مسلسل \" وكر الذيب \" الذي تعرضه قناة البغدادية ‏خلال شهر رمضان الحالي ، لا يرتقي الى اهمية المسلسل الانف الذكر ، لانه يفتقر ومنذ حلقاته ‏الاولى الى الكثير من مقومات نجاحه اهمها عدم التجانس في اللهجة التي لم يجدها الممثلون ‏وصارت عليهم وبالا وثقلا كما هو حال الخال السكير \" يقوم بالدور الفنان خليل ابراهيم \" الذي ‏لم يجد اللهجة الجنوبية وصار كمن يضحك على نفسه حين ينطق بها ويكرر لازمة ضعيفة ( جا ‏هيه وليه ) اما مشاهد زجاجة الخمر فهي غير مناسبة تماما مع حرمة الشهر الفضيل . و ما ‏يخص اللهجات التي احتواها المسلسل فتضم الريفية المصطنة بتكلف واضح والحضرية والبدوية ‏‏. وهذا يحسب على المؤلف الذي لم يوفق في حبك لهجة المسلسل وصناعة هوية محددة مع ان ‏الاحداث تقع في منطقة ريفية وعشائر وبساتين ولم يتضح ان كانت المنطقة تقع في جنوب ‏العراق او وسطه والدليل قول الشيخ لاحد مساعديه ( هاالايام مدا يأخذ كلام ) وهي لهجة بغدادية ‏او قل من وسط العراق وهي لا تتناسب مع لهجة السكير والام والراعي وغيرهم فضاع عنصر ‏المكان منذ البداية وافقد العمل هويته ومحليته . اضافة الى حشر الاحداث حشرا بين مشهد واخر ‏حين يكون الصبي الشقاوة ( حازم ) معتديا على الاخرين ولم يتربى جيدا في حضن امه الفاقدة ‏منذ طفولته للزوج \" الاب \"  الذي لم يرعه وظل اهل المنطقة او القرية يكنونه بابن ترجية ( امه ‏‏) . هذا الصبي في مشهد واحد ينتقل الى شاب كبير ملتحي ويظل على طبعه في الشقاوة وحين ‏اقدر الفترة الزمنية بين الصبا والشباب في المسلسل باكثر من عشرين سنة الا ان هذه العشرين ‏سنة لم تغير شيئا من شكل وحال خاله السكير ولا من امه وظلت اشكالهما على حالها وهو عيب ‏في عنصر المكياج الذي لم يراعي تغييرات الانسان في عشرين سنة . وهذا لم يقنع المشاهد طبعا ‏‏. وفي اول مشهد للشقي وهو شاب يتواجد في بستان الشيخ دون علم امه ! ‏
وتبحث عنه امه متناسية انه صار رجلا ! بين الناس والبيوت . يتواجد في بستان الشيخ ( اسمه ‏عزام )  ويلمح الفتاة العاشقة التي فكت رسالة صغيرة من ساق حمامة في برج في بيتها وهربت ‏بالرسالة الى مكان بعيد عن اهلها \" لم نر غير الام والاب \" وفي المكان البعيد يراها الشقي \" ‏بالصدفة \" الذي يمسك عليها امرا ويحاول اغواءها ولكنهما يكتشفان سرقة مواشي واغنام ‏الشيخ من البستان \" صدفة \" ويفرح الشقي بسرقة حلال الشيخ ( يطلقون عليه احيانا كلمة ‏سركال )  فيما تهرول الى بيت اهلها مرتبكة لتكلم اباها بانها كانت تجلب الحشيش ! من البستان ‏وهنا يجب ان نكون واقعيين هل ان بستان الشيخ سبيلا مشاعا لكل من هب ودب للتنزه او لجلب ‏الحشيش ؟ هذا ملك خاص ونحن نعرف صرامة هذا الامر في الريف وهذا مشهد غير مقنع تماما ‏اضافة الى الرسالة في ساق الحمامة فنحن نعرف ان الحمام الزاجل هو من يرسل الرسائل وليس ‏كل حمامة ، والمؤسف ان المشهد غير مقنع حين وجدت الحمامة داخل البرج ولم يكتشف امرها ‏احد ! . اما الامر الاخر فهو فرح وسعادة اخو الشيخ عند سماعه للسرقة وكان المؤلف اراد ان ‏يخبرنا بانه يطمع بالمشيخة من اخيه . اما العصابة التي سرقت حلال الشيخ فيطلق عليها \" ‏حرامية الزور \" وهذه التسمية تهدف الى شد المشاهد كما هو حال عنوان المسلسل الذي اراد به ‏مؤلفه جذب الجمهور وشده الا انه يبدو ظل العنوان يراوح في مكانه وخلت القصة من حبكتها ‏المنتظرة . ان اقحام الحدث الرئيسي وهو سرقة حلال الشيخ من بستانه لم يكن بمستوى مقنع ‏حين امر رئيس العصابة بان تذبح المواشي \" عددها بالعشرات ان لم يكن بالمئات \" وتوزع على ‏الرجال الذين قاموا بالسرقة وفي الحلقة الثالثة ظهر مشهد باهت وضعيف حين يكلم رئيس ‏العصابة مساعده عن سبب سكوت الشيخ عن السرقة وفي الخلف ( الكادر ) بعض رجال متاهبين ‏يمسكون بالبنادق في وضع قتالي وهو ما اضعف المشهد لبعده عن الواقعية وهو امر اضحكنا ‏لاننا في الحرب لم نكن متاهبين هكذا . وهو امر مترهل وبائس حين توزع هذه الكمية الضخمة ‏من اللحوم على بضعة رجال لا يتجاوز عددها التسعة . وقد لفت انتباهي في بعض الاعمال ‏العراقية ، الحوار الضعيف جدا . فالممثل العراقي \" مع الاعتزاز بممثلينا الكبار \" ينطقون الحوار ‏بوضع مسرحي جامد احيانا أي ان تعابير الوجه تبقى على حالها في التعجب والفرح والحزن ‏والسعادة والانبهار .. لا يتعب وجهه ويظل يصرخ او يصيح او يبكي بصوته فقط وهذا ما انعكس ‏على وكر الذئب الذين لم يوفقوا في اجادة تعابير وجوههم وكانهم في مسرح مدرسي . ان هذه ‏الاسباب وغيرها ادت الى تهرب الجمهور العراقي من متابعة الدراما العراقية والتوجه الى الدراما ‏السورية والمصرية التي تمتع العائلة العراقية في أي وقت تعرض فيه . ولنا وقفة اخرى بعد ‏انتهاء شهر رمضان هذا ان حالفنا الحظ وتابعنا ما تبقى من المسلسل .؟

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابراهيم الوردي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/05



كتابة تعليق لموضوع : مسلسل \" وكر الذيب \" وانطباعات مبكرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 4)


• (1) - كتب : سيف الرسام ، في 2013/09/22 .

خوش مسلسل بالعكس يحجي واقع الحال بس ياريت يمثلون عن الوضع المآساوي في العراق/وشكرا لنقدك تحياتي

• (2) - كتب : aliw daya .@yhoo com ، في 2013/09/21 .

فعلا اللهجة اضاعت مكان القصة

• (3) - كتب : جاسم الوردي من : العراق ، بعنوان : الاستاذ الكلكلي في 2011/09/05 .

الى متى تبقون بهذى البشاعة لدى طرحكم للنقد الهدام للاعمال العراقية .. متى سننصف الاعمال العراقية ونبتعد عن الامراض النفسية لدى كتاب السموم الدرامية ....حرام هذا التهجم على مسلسل وكر الذيب الذي ذاع صيته في العراق والعالم الخارجي باسره ...الله يهديك ايها الوردي الاحمري الاخضري ما اعرف من اي لون  ومع شديد الاسف انت كاتب صحفي *********



• (4) - كتب : مهند البراك من : العراق ، بعنوان : الاستاذ الوردي في 2011/08/05 .

الاستاذ الوردي
لقد اجدت وابدعت في وصفك الانطباعي للمسلسل الذي لايخلو من هفوات التاليف والاخراج ...

شكرا لك




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net