صفحة الكاتب : عادل الجبوري

سنن التأريخ.. ومصائر الطغاة
عادل الجبوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لعل ملايين العراقيين الذين تابعوا صباح يوم الاربعاء الماضي اولى جلسات محاكمة الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وعدد اخر من عناصر نظامه، استحضروا وقائع جلسات محاكمة الطاغية المقبور وكبار ازلام نظامه البائد قبل ستة اعوام، والتي انتهت به هو واخرين الى حبل المشنقة.
   استحضار محاكة صدام واعوانه وقبلها استحضار طريقة اعتقاله ومارافقها من ملابسات، في الوقت الذي يشاهد العالم طاغية اخر يقف خلف القضبان خائفا قلقا فزعا يترقب مصيره الدنيوي الاسود، الى جانب مصيره الاخروي المحتوم، يعني بوضوح ان هناك اوجه تشابه كبيرة وكثيرة بين الطغاة في مختلف محطات حياتهم الخاصة والعامة، وفي نهاياتهم، وصدام لم يكن اول طاغية في التأريخ الحديث والمعاصر ينتهي بتلك النهاية المذلة والمهينة والمخزية، ولن يكون حسني مبارك بأعوام الاثنين والثمانين اخر طاغية يؤتى به الى المحكمة وهو مسجى على سرير طبي، ولايجد من ينادمه ويخفف عنه سوى نجليه اللذين لم-ولن يكن-حالهما بأفضل من حاله.
   ومع أن مبارك هو أول حاكم في التأريخ المصري يمثل للمحاكمة وأول حاكم عربي يقف خلف القضبان منذ تفجر الثورات العربية اواخر العام الماضي، إلا أن الأمر الذي يجمع عليه الكثيرون هو أن مصيره سيتكرر مع رؤساء آخرين ولن يكون حالة فريدة من نوعها.
   ولعل ما يجمع بين مبارك وصدام هو الديكتاتورية والاستبداد وقمع الحريات وتجاهل نبض الجماهير وتحويل بلديهما إلى اقطاعية شخصية عائلية-عشائرية لهما ولأقاربهما، فضلا عن محاربة كل ما يمت الى الاسلام بصلة من افكار وممارسات وشعائر وطقوس.
   والمفارقة الملفتة للنظر هي ان مبارك الذي نصح صدام كثيرا بالتجاوب مع القرارات الدولية، والتعامل بمرونة مع مطاليب المجتمع الدولي من اجل تجنب الخيارات السيئة بالنسبة له ولشعبه واجه في نهاية المطاف نفس مصير صدام.
      صدام ومن ثم مبارك وبن علي وبعدهم سيأتي الدور على القذافي وصالح واخرين، لايختلفون عن بعضهم البعض سوى في الاسماء والمظاهر والاشكال.
   لو كان هؤلاء الطغاة قد قرأوا التأريخ وتمعنوا في احداثه ووقائعه لتوقفوا وراجعوا انفسهم، ولما انتهوا الى ما انتهوا اليه من عار وخزي واذلال في الدنيا قبل الاخرة.
   صدام لم يتعظ مما فعله الحجاج ويزيد وقبلهم وبعدهم الكثيرون، ومبارك لم يتعظ مما فعله فرعون وقارون وقبلهم وبعدهم الكثيرون.
  لم يتأمل هؤلاء في سنن التأريخ وقوانين الكون والحياة التي وضعها الخالق العظيم ويمكن ان نجد مصاديقها ودلائلها في كل زمان ومكان، ولدى كل الشعوب والامم والاديان.
   ما واجهه صدام وما يواجهه الان مبارك، وما واجهه ويواجهه امثالهم هو عبارة عن حصاد لما بذروه وزرعوه. ومن يزرع شوكا من غير الممكن ان يجني قمحا.
4-اغسطس-2011


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عادل الجبوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/06



كتابة تعليق لموضوع : سنن التأريخ.. ومصائر الطغاة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net