صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

مدرسة عاشوراء {3} نتائـج الثـورة الحسينيـة
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نتائـج الثـورة الحسينيـة
 
أَلسَّلامُ عَلَى الْمُرَمَّلِ بِالدِّمآءِ، أَلسَّلامُ عَلَى الْمَهْتُوكِ الْخِبآءِ، أَلسَّلامُ عَلى خامِسِ أَصْحابِ الْكِسْآءِ، أَلسَّلامُ عَلى غَريبِ الْغُرَبآءِ، أَلسَّلامُ عَلى شَهيدِ الشُّهَدآءِ، أَلسَّلامُ عَلى قَتيلِ الاَْدْعِيآءِ، أَلسَّلامُ عَلى ساكِنِ كَرْبَلآءَ، أَلسَّلامُ عَلى مَنْ بَكَتْهُ مَلائِكَةُ السَّمآءِ، أَلسَّلامُ عَلى مَنْ ذُرِّيَّتُهُ الاَْزْكِيآءُ، أَلسَّلامُ عَلى يَعْسُوبِ الدّينِ، أَلسَّلامُ عَلى مَنازِلِ الْبَراهينِ..
انبعثت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) من ضمير الاُمّة الحيّ ومن وحي الرسالة الإسلامية المقدسة ومن البيت الذي انطلقت منه الدعوة الإسلامية للبشرية جمعاء، البيت الذي حمى الرسالة والرسول ودافع عنهما، حتى استقام عمود الدين. وأحدثت هذه الثورة المباركة في التأريخ الإنساني عاصفة تقوض الذل والاستسلام وتدك عروش الظالمين، وأضحت مشعلاً ينير الدرب لكل المخلصين من أجل حياة حرّة كريمة في ظل طاعة الله تعالى. 
ولا يمكن لأحد أن يغفل عما تركته هذه الثورة من آثار في الأيام والسنوات التي تلتها رغم كل التشويه والتشويش الذي يحاول أن يمنع من سطوع الحقيقة لناشدها. وبالإمكان أن نلحظ بوضوح آثاراً كثيرة لهذه الثورة العظيمة عبر الأجيال وفي حياة الرسالة الإسلامية بالرغم من أنّا لا نحيط علماً بجميعها طبعاً.
 كان استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) هزّة لضمير الاُمّة وعامل بعث لإرادتها المتخاذلة وعامل انتباه مستمر للمنحدر الذي كانت تسير فيه بتوجيه من بني اُميّة ومن سبقهم من الحكّام الذين لم يحرصوا على وصول الإسلام نقيّاً الى من يليهم من الأجيال . 
لقد استطاع سبط الرسول (صلى الله عليه وآله) أن يبيّن الموقف النظري والعملي الشرعي للاُمّة تجاه الانحراف الذي يصيبها حينما يستبدّ بها الطغاة، فهل انتصر الحسين (عليه السلام) في تحقيق هذا الهدف ؟ لعلّنا نجد الجواب فيما قاله الإمام زين العابدين(عليه السلام) حينما سأله إبراهيم بن طلحة بن عبدالله قائلاً : من الغالب ؟ قال (عليه السلام) : «إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم تعرف الغالب». 
لقد كان الحسين (عليه السلام) هو الغالب إذ تحقق أحد أهم أهدافه السامية بعد محاولات الجاهلية لإماتته وإخراجه من معترك الحياة . 
يبدوا للباحث في أول وهلة عند مراجعة تاريخ الثورة انها انفجرت من جراء النـزاع الثائر بين الهاشميين وبني أمية بعد التعمق تبدوا أن الحقيقة عكس ذلك وأن الثورة قامت على اساسين مهمين كانا سبب اشتعال نيرانها هما:
 
1- قامت ثورة الحسين (عليه السلام) على اساس ديني للأمرين التاليين:
أ- السبب الرئيسي والمهم في اشتعال نائرة الحرب هو وقوع الإسلام ضحية بأيدي الأمويين ففي وصية الإمام (عليه السلام) لأخيه محمد بن الحنفية (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي (صلى الله عليه وآله وسلم) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) ).
ب- كون الخلافة متعينة في أهل البيت (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وخاصة الحسـين (عليه السلام) بـوصية من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نصـت عليه وعـلى أخيه الحسن (عليه السلام) (الحسن والحسين إمـامـان إن قاما وإن قعدا) والى هـذا يشير الحسين (عليه السلام) في قوله ( ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم).
2- اما الأساس الثاني الذي قامت عليه الثورة هو عدم وفاء معاوية بشروط معاهدة الصلح المبرمة بينه وبين الإمام الحسن (عليه السلام) والتي كان بموجبها رجوع الأمر للحسن بعد معاوية إن لم يكن الحسن قد أصابه شيء وإلاّ فهي للحسين (عليه السلام) من بعده ( أي بعد معاوية) فان حدث به حدث فلأخيه الحسين (عليه السلام) وليس لمعاوية أن يعهد له الى أحد)) ولكن معاوية بعد أن أتم العقد وختمه بخاتمه وبذل عليه العهود المؤكدة وأشهد على ذلك جميع رؤساء أهل الشام لم يف بأي شرط بل ولى لعهده ابنه يزيد وكان هذا هو الموجب الثاني لقيام الثورة الحسينية.
لقد قدَّمت نهضة سيّد الشّهداء (ع) نموذجاً في كلّ شيء، ومن ذلك في الأَخْلاقِ والمناقبيّات، كما في التّضحيةِ والفِداء.
   ومن ذلك انّهُ عليهِ السّلام كانَ واضحاً وصريحاً مع كلّ مَن صَحبهُ في مسيرتهِ منذُ مغادرتهِ مدينة جدّهِ رَسُولُ الله (ص) المدينة المنوّرة وحتى ليلة عاشوراء، ومن ذلك مثلاً انّهُ لم يكُن يُخفي أَيّة معلومة تؤثّر في قناعات النّاس، وهو ما يُسمّى اليوم بحرّيّة الحصول على المعلومة الصّحيحة.
   لم يشأ الامام (ع) أبداً ان يضعَ أحداً أَمام الامر الواقع، فيورّطهُ بموقفٍ او قناعةٍ لم يرغب اليها او فيها او يتمنّاها، ففي وصيّتهِ التي تركها عند أخيهِ محمّد بن الحنفيّة قالَ بعدَ ان حدّد هدف رفضهِ البيعة للطّاغية الارعن يزيد بن مُعاوية وفحوى نهضتهِ المباركة على وجه الدّقّة بلا لفٍّ أو دوران وبلا إخفاءِ شَيْءٍ ممّا نوى فعلهُ {وَمَنْ رَدَّ عَلَيَّ هذا أَصْبِرُ حَتّى يَقْضِيَ اللهُ بَيْني وَبَيْنَ آلقَوْمِ بِالْحَقِّ، وَهُوَ خَيْرُ آلحاكِمِينَ}. 
   فهو لَمْ يُهدّد بانّ أبواب جهنّم ستُفتح على الأُمّة اذا لم تخرجْ معي! ولم يتوعّد المتخلّفين عَنْهُ بسيّاراتٍ مُفخّخةٍ وأَحزمةٍ ناسفةٍ وتسقيطهم واغتيالهم ولو سياسيّاً إِن لم يكن جسدياً أو أَنّهُ سيشنُّ ضدّهم حرباً شعواءَ تلحق بسابعِ ظهرٍ منهم! أبداً وبذلك يُقدِّم الامام (ع) درساً رائعاً لزُعماء الحركات الاصلاحيّة مفادُهُ؛ انّ أَيّة حركةٍ لا تفرض نفسها في المجتمع بقيمِها ونماذجِها وأخلاقِها وأهدافِها، قد يقبلها النّاس مُرغَمين ولكنّها لن تكونَ خيارهُم الحقيقي، وبذلك ستكون سبباً في إِشاعةِ ظاهرة النّفاق في المجتمع، وهي رؤية قرآنية رائعة نقرأها في الآية المباركة بقولِ الله غزّ وجلّ {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ} فلا ينبغي الإيمان بشيءٍ في ظلّ التهديدِ والوعيدِ، او بالكذبِ والتّدليسِ والتّضليلِ أو باخفاءِ المعلومةِ الصّحيحةِ، فانّ كلّ ذلك شُعبةٌ من النّفاقِ لا يستقيمُ معها المشروع الاصلاحي أبداً!.
      *والحمد لله رب العالمين*
مركز أهل البيت للبحوث والدراسات
٠٠٩٦١٧٠٨٤٣٠٢١

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/04



كتابة تعليق لموضوع : مدرسة عاشوراء {3} نتائـج الثـورة الحسينيـة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net