صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

مدرسة عاشوراء {16} *أصالة الخطاب الزينبي في مواجهة الضلال الأموي*
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن خطاب السيدة زينب (ع) يتكىء على أصالة المعتقدات الإسلامية فهي تستدل في خطابها بالقرآن الكريم كقولها "ألا ساء ما تزرون ، وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي ، و تبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة" .
 
وفي هذا المقطع القصير من خطبتها المباركة ذكرت السيدة زينب (ع) عدة أمور:
-التوبيخ العنيف والدعاء على أعداء الله ورسوله في قولها: "ألا ساء ما تزرون، أي بئس ما حملتم على ظهوركم من الذنوب والجرائم، فياله من وزر عظيم. وقولها بعدا لكم و سحقا؛ أي لقد أبعدكم الله عن رحمته  وغفرانه، فالهلاك لكم".
-الصفقة الخاسرة لأعداء الله و رسوله وذلك في قولها (لقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة) من أهم الملاحظات هنا أن كلمة الصفقة تستخدم عادة في التجارة و الربح و الخسارة وهنا أشارت السيدة زينب (ع) بقولها هذا، إنكم يا قتلة الحسين (ع) بعتم حكومة الحق مع الحسين (ع) واشتريتم حكومة الباطل مع يزيد لعنه الله لذا فصفقتكم خاسرة.
-استحقاقهم غضب الله سبحانه و تعالى وذلك في قولها "وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة" فضربت عليهم الذلة كما ضربت على اليهود . وفي مقطع آخر قالت عليها السلام : "لقد جئتم بها صلعاء، عنقاء، فقماء، كطلاع الأرض و ملء السماء" .. فماذا تقصد السيدة زينب (ع) بهذه الكلمات؟
(لقد جئتم بها صلعاء) أي جريمتكم مكشوفة لا يمكن تغطيتها وسترها على الآخرين.
(عنقاء) عنق كل شيء بدايته، ولعل المعنى أن هذه الجريمة هي بداية لجرائم وويلات أخرى.
(فقماء) أي معقدة بشكل لا يمكن معرفة طريق لحلها أو التخلص منها وهذا بسبب طغيانهم فقد جنوا على أنفسهم (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).
(كطلاع الأرض وملء السماء)، أي أن جريمتكم النكراء أعظم من حجم الأرض والسماء.
فاضطرب أهل الكوفة من خطاب سليلة النبوة، ووصف بشير ابن حزيم (حذيم) الأسدي الناس قائلا : "و رأيت الناس بعد خطابها حيارى ، واضعي أيديهم على أفواههم" .
فالسلام على الحوراء زينب بطلة كربلاء وعلى قلبها الصبور، ولسانها الشكور .
 
ومن خلال الحوار الذي جرى بين الطّاغية ابْن زياد والعقيلة عليها السلام، نلحظ انّ الطّاغوت حاول تحطيم معنويّات العقيلة ومن يُرافقها من أَسرى أهل بيت النبوّة والإمامة، من خلال السّعي لتشكيكِها بمنطلقات عاشوراء ونتائجها وأهدافها، وكذلك من خلال استخدام أساليب التّضليل والخِداع عندما حاول ان يوظّف النصّ الدّيني ومعانيهِ السّامية وأجوائهِ الطّاهرة لشرعنة الجريمة النّكراء التي ارتكبها النظام الأموي الفاسد في عاشوراء بقتلهِ سيد شباب أهل الجنة (ع) وهو الأسلوب الذي طالما وظّفهُ رموز النّظام الأموي منذ اللحظة الاولى التي قرّر بها قتل السّبط الشهيد (ع) عندما أعلن قائد جيش البغي الأموي في كربلاء عمر بن سعد عن بدء المعركة بقوله (يا خَيلَ الله اركبي وبالجنّةِ أَبْشري) كيف؟ وهي مدعوّة بهذا النّداء الى قتلِ سيّد شباب أهل الجنة وحزّ راْسهِ الشّريف ورضّ جسدهِ الطّاهر بحوافرِ الخيل؟!.
انّهُ الأسلوب الأموي الذي يعتمد التّضليل لارتكاب الجريمة كما يفعل اليوم الارهابيّون وفقهاء التّكفير والبترودولار، انّهم يحزّون الرّقاب على وقع آيةٍ من القرآن الكريم، ويحرقونَ ضحاياهم على وقْعِ نصٍّ ديني مزعوم، ويغتصبونَ الحرائِر على وقعِ حديثٍ مكذوبٍ على رَسُولِ الله (ص) وكلُّ ذلك لخداعِ الرّاي العام وتضليل النّاس.
امّا العقيلة زينب عليها السلام فلقد جاء ردّها صاعقاً، لم يكتفِ بالرّد على خُزعبلات الطّاغوت وانّما نقلَ الحرب النّفسية في مرماه لتثير الشكّ والرّيبة في ذهنيّة الحضور في مجلسهِ الامر الذي أَثار الفوضى المعروفة والتي راح ضحيّتها عدد من الحضور الَّذِينَ أَمر الطّاغية بضربِ رقابهم خوفاً من ان يتركوا أثراً ما في المجتمع بعد ان تأثّروا بردِّ العقيلة الصّاعق، ليكتشفوا الحقيقة التي حاولَ ابْنُ زيادٍ اخفاءها عن الرّاي العام.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/22



كتابة تعليق لموضوع : مدرسة عاشوراء {16} *أصالة الخطاب الزينبي في مواجهة الضلال الأموي*
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net