صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (١٩)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  ٣/ في قولهِ عليه السّلام {فَإِنَّ الْحَقَّ لا يُبْطِلُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ وَجَدْتُهُ قَدْ تُزُوِّجَ بِهِ النِّسَاءُ وَمُلِكَ بِهِ الاِْمَاءُ وَفُرِّقَ فِيِ الْبُلْدَانِ لَرَدَدْتُهُ} ثبَّت الامام أَميرُ المؤمنين (ع) قاعدةً أساسيّةً في المشروعِ الاصلاحي، فالمصلحُ الحقيقي لا يتغافل عن المال العام أَبداً، بذريعة [اللُّحمة الوطنية] أو [تقادُم الزّمن] أو [بُعدَهُ عن البلادِ] وإِنّما يبذل كلَّ جهدهِ لإعادتهِ الى خزينة الدّولة ليُعيد التّوازن من جديد، ويُؤَسِّس للاصلاحِ قاعدةً صلبة قائمةً على الثَقةِ والحزمِ والصّلابةِ في الحربِ على الفسادِ! امّا (المُصلح) المُزَّيف، فتراهُ يتغاضى عن المال العام بحججٍ وأَعذارٍ شتّى منها على سبيل المثال لا الحصر قولهُ مستشهداً بالآيةِ الكريمةِ {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} وفي ذلك تجهيلٌ وتضليلٌ وخداعٌ كبيرٌ جداً؛
   أَوَّلاً؛ فالآية تتحدّث عن الحالات الشّخصيّة [الفرديّة] ولا علاقة بالفساد في مؤسسات الدّولة واستغلال السّلطة للإثراء الفاحش واللصوصيّة بها أَبداً!.
   ثانياً؛ والآية فارقٌ بين زمنَين؛ زمن ما قبل نزولِ الآية وزمن ما بعد نزولِها! زمن الجهل بالحكم وزمن المعرفة التّامة بالحكم! فكيف يمكن توظيفها كذريعةٍ لعدم ملاحقة المال العام المسروق خلال (١٣) عامٍ مثلاً لتسوقها لنا [العصابة الحاكمة] للتهرّب من المسؤوليّة على هذا الصّعيد؟! وأَساساً الا تعرف هذه العصابة انَّ التعدّي على المال العام حرامٌ؟! وفيهم من يدّعي انتماءهُ لنهج الامام عليٍّ (ع)؟! لنقولَ انّنا بإِزاء زمنَينِ مُختلفَينِ؟!.
   ثالثاً؛ نفس الآية تأتي على ذكر الحُكم القاسي الذي ينتظر الفاسد اذا ما أعاد الكرَّة بعد الحُكم وعلمهِ بهِ وبعد العفو عَنْهُ، فهي تقول {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} فلماذا لا يستشهد به الفاسدون الفاشلون؟! وهم يعيدون الكرَّة مرّات في اليومِ الواحد حتّى أَزكم فسادهُم الأُنوف وسوَّد صفحات التّاريخ؟!. 
   والآن؛ 
   أَلف؛ كيفَ يُقارن المُصلح المزيّف بين فسادٍ شخصيٍّ [فردي] وبين فسادٍ عامٍّ يخصُّ الأُمّة بالكامل؟! ويُهدِّد بلد؟!.
   باء؛ قد يحقُّ للمرءِ ان يتنازلَ عن حقهِّ من لصٍّ أَو فاسدٍ إِعتدى على حقوقهِ، ولكن! مَن أَعطى الحقّ لأيٍّ كان أَن يتنازلَ عن حقوق النّاسِ لفاسدٍ سرقهُم وسرقَ أَحلامهم ومستقبل أَولادهم وعاث فساداً في البلادِ عندما تسنَّم موقعاً أَو تحمَّل مسؤوليّة؟!.
   وماذا تَقُولُ لو انَّ مَن يتنازل عن الحقّ العام هو نفسهُ فاسدٌ مطلوبٌ للعدالةِ؟!.
   جيم؛ ولو قُلنا جدلاً انَّ مِن حقِّ الحاكم ان يتنازلَ عن حقوقِ الرّعيّة في مثل هذهِ الحالةِ! أَفلا يُلزمهُ أَن يُنزلَ أَقسى العقوبة وأقصاها وأَشدّها بحقِّ مَن أَعاد الكرَّة بعد العفوِ فعادَ مرَّةً أُخرى يُمارس الفساد ويتجاوز على حقوقِ النّاس ويمدَّ يدهُ الى بيتِ المالِ؟! لا أَن يكرِّمهُ بإِعادتهِ الى منصبهِ الذي هو بذاتهِ فسادٌ وسرقةٌ ولصوصيّة؟! كما فعلوا الآن مع [عجلٍ سمينٍ] واحدٍ على الأَقلّ!.
   فما بالك اذا كان الحاكمُ هو نَفْسَهُ فاسِداً وفاشِلاً؟! الا يعني ذلك أَنّهُ يتشبّث بالآية لتبريرِ فسادهِ وفشلهِ وللتهرُّب من تبِعات كلّ ذلك؟! ليحتفظ بالمسروقات فلا يُعيدها الى بيتِ المالِ؟!.
   هذا يعني انَّ الحاكم الفاسد يعفو عن نَفْسهِ بمنطوق الآية! وهل غير ذلك يفعلهُ الفاسدُ بحقِّ نَفْسهِ مستغلّاً السّلطة أَبشع إِستغلال؟!.
   لقد مرَّ عقدٌ كاملٌ و [العصابةُ الحاكمةُ] غارقةٌ في فسادِها وفشلِها! ومع كل ذلك ترفع اليوم شعار الاصلاح ومُحاربة الفساد! فكيف يستقيمُ الأَمرانِ؟!.
   طيِّب! سنتغابى قليلاً ونقبل منهم شعاراتهم الاصلاحيّة هذه المرَّة! أَفلا ينبغي لهم إِعادة المال العام المسروق وكذلك أَملاك الدّولة المسروقة؟! أَم يكفي قولهُم {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}؟!.
   طيِّب! سنتغابى أَكثر ونعفوَ عنهم! الا ينبغي لهم ان لا يعودوا لمثلِها؟! فلماذا عادوا اليها وفي وضح النّهار؟! اذا بهم يجتمعونَ ويتآمرونَ ويتراضَون لاعادةِ [عجلٍ سمينٍ] واحدٍ على الأَقلّ الى منصبهِ السّابق كبابٍ من أَبوابِ الفساد والفشل واللّصوصيّة؟!.
   كلُّ ذلك يعني أَنّهم مُصرّون على الفسادِ ومصرّون على الفَشَلِ ومصرّون على تحدّي إِرادة الشّعب والخِطابِ المرجعي!.
   بناءً عليهِ، لا ينبغي لعاقلٍ أَبداً أَن يُصدّق كلامهُم ففعلهُمُ ألْفَسادُ والفشلُ، ولذلك لا يُرتجى منهم خيراً أَبداً أَبداً.
   انَّ أميرَ المؤمنين (ع) يصرّ في هذا النَّص على إِعادة المال المسروق أَين ما كان والى أَيِّ مكانٍ وصلَ في البُلدان، أَمّا [العصابة الحاكمة] فلقد عادت اليوم تسترجع المال المسروق الذي فاتها الى جيوبِها وبأَثرٍ رجعيٍّ! فعن أَيّ إصلاٍ يتحدّثون هؤلاء الفاسدين الفاشلين؟!.
   ٣١ تشرين الاول ٢٠١٦
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/01



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (١٩)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net