صفحة الكاتب : كريم الانصاري

عمامةُ عالِم الدِّين " محاورُ مرجعيّة الدين "
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فيهما على سبيل المثال لا الحصر إشارتان :
 
 " أُولاهما " : لا ندري لِمَ تتداعى في الذهن أحياناً مسألة الطريقية والكاشفية ، المنجّزيّة والمعذّريّة ، ذلك حين البحث في " العمامة والتعمّم" وارتداء الزيّ الديني على وجه الخصوص ؟
ربما يكون منشأ التداعي هو الفهم الخاطىء أو التصوّر الساذج  أو الربط  الغامض أو الاستنباط الصائب : بين كون " العمامة " هي حصيلة الجهد العلمي المعرفي الأخلاقي ، يعني : أنّها تمنح العرف العام ثقةً بكون متقلّدها حائزاً على الشروط العلميّة والأخلاقيّة ،  فهو جاهزٌ إذن لنشر وتبليغ  الأحكام الشرعية والمفاهيم الدينية .. وبين كون الأمارة الشرعية هي  الطريق والكاشف عن الحكم  .. فإذا كان " عالم الدين المعمّم " كما ينبغي أن يكون  فإخباره لاشك أنّه إخبار الثقة ، وإخبار الثقة أمارة شرعيّة .
وإن تمكّن " عالم الدين المعمّم " بهذه الأمارة من أداء الواجب الملقى على عاتقه على أفضل وجه ، فهو لا يكون قد اجتاز الطريقيّة والكاشفيّة فحسب ، بل تخطّاها إلى المنجّزيّة والمعذّريّة .
هذا ما يتداعى في الذهن أحياناً ، انبعاثاً  " ربما لاشعوريّاً " من كون العمامة والمعمّم يعنيان : تلقّي و ممارسة ونشر القيم والمبادىء على نحوٍ عالٍ من الضبط والدقّة والالتزام ، وبفضلها تؤثّران في العقول والقلوب أيّما تأثيرٍ بالغ المقام .
فليس الغرض من التزيّن بالزيّ الديني هو غرضٌ لذاته بما هو هو ، بل بما ليس هو هو ، إنّه حاصلٌ علمي أخلاقي ونتيجة معرفية قيَمية ووسيلة إنسانية للأخذ والعطاء الخضل .. ومن المؤسف حقّاً أن تكون الرغبة إلى الزيّ الديني عند البعض لأجل كسب العنوان والمنال  والمقام الدنيوي الأفِل  ، لا بداعي مضاعفة الباعث والمحرّك والداعي إلى التزوّد بالمعارف والعلوم  والقيم الأخلاقيّة السامية ثم البثّ عبر مختلف وسائل النشر والنقل .
 
" ثانيهما " : من المؤسف أن تميل " بعض المحاور الهامّة " عن الأُطر والمضامين التي قامت عليها  المؤسسة الدينية وبنت بها بنيانها العَقَدي التاريخي الاجتماعي في العالمين ..
 
ولقد نشرنا في ما مضى مقالاً تحت عنوان " من مفردات المؤسسة الدينية / 1 " أوردناه أيضاً في كتابنا " نفحات الذات ج1 ص 223 .. بيّنا فيه باختصار أهمّية ونوعية وخصائص الوفود الممثّلة للمؤسسة والمرجعية المباركة في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والدولية  ومدى انعكاسها سلباً أو إيجاباً على المذهب والدين كافّة .. 
فلطالما كانت الوفود الممثّلة للمرجعية المباركة- ولازال بعضها - ذات هيبةٍ ووقارٍ ومزايا نوعيّةٍ علميةٍ أخلاقيةٍ منقطعة النظير ، ولانعلم لِمَ  نجد بعضها الآخر يوماً بعد آخر يستمرّ تنازليّاً دون المستوى المطلوب بكثير  ، فيقابله تصاعديّاً النقد اللاذع من كلّ حدبٍ وصوب وبنحوٍ مثير ، ولاسيّما مع دوام الصمت المحسوس من مركز القرار الكبير ، الصمت الذي إن دلّ على شيء - بنظرنا القاصر - فإنّما يدلّ على حكمةٍ  وسعة صدرٍ وتشخيصٍ يدرك الظرف ويسعى لمعالجةٍ ترفع الخلل وتوحّد القلوب بنهجٍ  شرعيٍّ عقلاني يخلو من التعقيد والتبرير .. 
نرفض ادّعاء البعض : كون منشأ هذا الصمت  المعهود - من قبل مركز القرار- عن سلوكيات وترهّلات وتميّعات هذا المحور الهامّ أوذاك ، هو عدم وجود البديل اللائق ؛ فاليد التي كشفت أو انتخبت وأسندت  ورفعت وباركت في الأصل الشاهق هي ذاتها التي تعمل كلّ ذلك في الفرع الباسق ..   
 
 إلى ذلك : لعلّ مسألة الزمان والمكان من أهمّ المسائل  التي ينبغي للوفود الممثّلة للمرجعية المباركة مراعاتها ، فأيّام الحزن والأتراح لها منزلة شعورية روحية خاصّة عند العرف العام كما هي أيّام السرور والأفراح ، لذا فالحركة والنشاط اللذان لا يتبادر منهما التماهي مع هذه الأيّام  ولا ينسجمان مع الذوق العام  نجدهما في معرض اللوم والانتقاد الدوّام .        
 
وفي ذات السياق أيضاً يتداعى مفهوم " ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم " .. فعلى سبيل المثال : تصرّح " بعض المحاور الهامّة " كثيراً بكون شعاع الحركة والنشاط محدَّدٌ لها - توافقياً أو أخلاقياً - بهذا الحزام ، فلاترغب بتجاوزه لأجل عدم تداخل المهام وحفظاً للأُلفة والانسجام  .. لكنّنا نراها وقد شرعت بالزحف عابرةً رويداً رويدا على  تلك التفاهمات وذاك الحزام ، ممّا ولّد ويولّد الأثر المشظّي بين هذا وذاك المحور الهام  .
 
ثقتنا عاليةٌ بمرجعيتنا الدينية  ، برموزنا ، بنخبنا ، بقيمنا ، بأعرافنا ، بأخلاقنا .. لكنّنا بحاجةٍ دوماً إلى المراجعة وإعادة القراءة والاستقراء والفحص والمقارنة والاستنطاق والتحليل والاستنتاج .. بحاجةٍ إلى مراكز دراساتٍ استراتيجية تصنع وترعى الفكرة الصحيحة وتعمل على إكسابها إمضاء العقل الجمعي كي تأخذ سبيلها نحو الممارسة الفاعلة والميدنة النابضة .. فمهما بلغ بنا الفهم فهو نسبيٌّ إزاء المطلق الذي يبقى يمدّنا بمؤن التغيير والإصلاح إن وجد فينا العزم

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/10



كتابة تعليق لموضوع : عمامةُ عالِم الدِّين " محاورُ مرجعيّة الدين "
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net