صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

من الاخطاء العقائدية عند مدرسة الحكمة المتعالية ... ( 16 )
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المعــاد جسماني ام روحاني:
قال تعالى في سورة العنكبوت: ((أَوَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) ، وسنرى بعد قليل ان الفلاسفة يقولون باستحالة إعادة المعدوم بينما الله سبحانه وتعالى يبطل قولهم ويقول ان ذلك عليه يسير.
وقال تعالى في سورة الروم: ((وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ)) ، وهي ابضاً صريحة في إبطال مذهب الفلاسفة في إستحالة إعادة المعدوم.
وقال تعالى في سورة الحج: ((وَأَنَّ السّاعَةَ آتيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ)). فهل في القبور الا جسد الانسان ، فيكون البعث للجسد والروح معاً.
وقال تعالى في سورة الحج أيضاً: ((ذَلِكَ بِأَنّ‏َ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ‏ُ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ)). انظر لقوله تعالى: ((يُحْيِي الْمَوْتَى)) فمن الذي يموت اليس هو الجسد وهو الذي يحييه اللهُ تبارك وتعالى. 
وقال تعالى في سورة البقرة: ((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامَكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)). فانظر الى الآية الكريمة وهي تتحدث عن العظام كيف ينشزها الله تبارك وتعالى ثم يكسوها لحماً ، اليس في ذلك دلالة اكيدة على المعاد الجسماني.
وقال تعالى: ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى)). فكان طلبه (عليه السلام) اراءته كيف يحيي الموتى ، فهل الموتى سوى الاجساد واحيائها بعودة الارواح اليها.
وقال تعالى في سورة يس: ((وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)). فالآية الكريمة تتحدث صراحة عن إحياء العظام ، أي إحياء الجسد بالمعاد الجسماني.
وقال تعالى في سورة المؤمنون: ((أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ، إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ، إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ ، قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ، قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ ، فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)). فالآيات تتحدث عمن يجحد المعاد بعد التحول الى تراب وعظام ، فهم يجحدون المعاد الجسماني وقد وصفهم الله سبحانه وتعالى بالقوم الظالمين.
وقال تعالى في سورة الصافات: ((أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ، أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ ، قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ ، فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ ، وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ ، هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)).
وقال تعالى في سورة العنكبوت: ((أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمّ‏َ يُعِيدُهُ إِنّ‏َ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)).
وقوله تعالى في سورة البقرة حاكياً عن احياء الموتى يوم القيامة بتمثيله بإحياء الميت في الدنيا ، في اوضح بيان ، وكل بيانات الله تبارك وتعالى واضحة ، قال سبحانه وتعالى: ((وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (*) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ المَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)).
... لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ... صَدَقَ اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيمُ.
ففي عقيدتنا نحن الشيعة الامامية "إن المحشور في يوم القيامة من هذا البدن الترابّي ، وأما في الفلسفة فالموجود في العالم الآخر روح الانسان فقط. وفي الحكمة المتعالية (فلسفة صدر الدين) انّ النفس الانسانية تخترع وتخلق بإذن الله تعالى لنفسها صورة مثالية وتكون معها ولا أثر للبدن الترابّي. وفي العرفان أنّ الحدود والتعيّنات تنعدم وكلّ الموجودات تندّك في ذات الحق تعالى"[1].
قال شيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي (رض): (والمعاد اعادة الاجسام على ما كانت عليه)[2].
وقد اكّد الخواجة نصير الدين الطوسي (رض) على اثبات المعاد الجسماني بقوله: "والضرورة قاضية بثبوت الجسماني من دين النبي مع إمكانه"[3].
وقال العلّامة الحلي (رض) شارحا عبارة الخواجة الطوسي (رض): "واستدل على ثبوت المعاد الجسماني بأنه معلوم بالضرورة من دين محمد (صلى الله عليه وآله) والقرآن دلّ عليه في آيات كثيرة بالنص مع انه ممكن ، فيجب المصير اليه ، وإنما قلنا بأنه ممكن لأن المراد من الإعادة جمع الأجزاء المتفرّقة وذلك جائز بالضرورة"[4].
وقال العلّامة الحلي (رض): "الذي نذهب اليه وجوب المعاد البدني لأن النفس هي الاجزاء الاصلية في البدن وفي حال الموت تتفرّق تلك الاجزاء ولا تفنى ، لإستحالة إعادة المعدوم[5] ، وهي لا بد لها من خيرات وشرور فتجب إعادتها لتنال ما وُعِدَتْ به من السعادة والشقاوة"[6].
وقال العلّامة الحلي (رض) أيضاً: (اتفق المسلمون على إثبات المعاد البدني) ... (امّا إمكانه فلأنه تعالى قادر على كل مقدور ، عالم بكل معلوم ، وذلك يستلزم إمكان الإعادة إمّا بمعنى جمع الاجزاء إن قلنا بإستحالة إعادة المعدوم[7]، أو بمعنى إيجادها مرّة ثانية إنْ قلنا بجوازها. وإمّا الإخبار بالثبوت فضروري من دين الانبياء (عليهم السلام))[8].
بل وذهب العلّامة الحلي (رض) الى ان المعاد الجسماني من ضروريات الدين ، قال: (واستدلّ على ثبوت المعاد الجسماني بأنّه معلوم بالضرورة من دين محمد (صلى الله عليه وآله) والقرآن دلّ عليه في آيات كثيرة بالنص مع انّه ممكن فيجب المصير إليه)[9].
وقال الميرزا احمد الاشتياني: "وقع البحث في أن ما ينتقل إليه الأرواح في القيامة الكبرى ويوم الحساب، هل هو عين الأبدان الدنيوية البالية العنصرية بشمل شتاتها وجميع جهاتها بأمره تبارك وتعالى كما يقتضيه الاعتبار حيث إن النفس خالفت أو أطاعت وانقادت، لما كانت تلك الجوارح فحسن المجازات وكمال المكافات بأن يكون المجازى عين من أطاع أو عصى أم لا، بل تنتقل إلى صور مجردة تعليمية ذات امتداد نظير - القوالب المثالية والصور المرآتية؟ ما وقع التصريح به في القرآن الكريم هو الأول" ... الى أن يقول: " فإنكار المعاد الجسماني وعود الأرواح إلى الأجسام الذي يساعده العقل السليم يخالف نص القرآن بل جميع الأديان وإنكار لما هو ضروري الإسلام، أعاذنا الله تعالى من زلات الأوهام وتسويلات الشيطان"[10].
اما بخصوص مدرسة الحكمة المتعالية فنجد سيد كمال الحيدري يقول: (جملة من أعلام الفقهاء الامامية كفّروا ملا صدرا لأنه لا يقول بالمعاد الجسماني وإنما يؤمن بالمعاد الروحاني)[11]. وهو اعتراف منه بأن ملا صدرا لا يقول بالمعاد الجسماني بخلاف ما هو عند سائر علماء الشيعة الامامية ، بل ان سيد كمال الحيدري نفسه يتفق مع ملا صدرا في نظرته الى المعاد وانه غير جسماني[12] بحكم تبعيته لمدرسة الحكمة المتعالية التي اسسها ملا صدرا !! 
ويقول الشيخ جوادي آملي محاولاً شرح نظرية ملا صدرا بالمعاد غير الجسماني فيقول: (نجد لدى صدر المتألهين رأياً خاصّاً في المعاد الجسماني، .... تنقسم كلمات الملا صدرا في المعاد إلى نوعين: أحدهما: ما قاله في شرح الهداية الأثيرية، وهو المتطابق مع ظواهر الكتاب والسنّة، وهو الذي قَبله بوصفه نظريةً دقيقة. والنوع الآخر: ما بيّنه في كتبه الأُخرى كالأسفار الأربعة، وقد اختاره بوصفه النظرية الأدق. إذن، فهناك تصور دقيق للمعاد عند صدر الدين الشيرازي، كما هناك تصوّر أدق، وقد اختار في شرح الهداية الأثيرية ذلك المعنى الذي اختاره المحدّثون، ... كلما تقدّمنا إلى الأمام وتأمّلنا، نرى أنه لا اختلاف بين نظرية الشيرازي ــ ولو بالمعنى الأدقّ ــ وبين نظرية المحدّثين والفقهاء؛ ذلك أنهم ـ المحدثين والفقهاء ـ لم يبيّنوا اصطلاحاً خاصّاً للمادة، وهم يعبّرون عنها بالجسم، ويثبتون آثاراً وخصوصيات لهذا الجسم تنطبق على الصورة التي يقول بها الملا صدرا..... لقد كان على كبار المحدّثين كالعلامة المجلسي أن يفسّروا المادّة أولاً، فإن كان مرادهم منها شيء ذو طول وعرض وعمق، فلا بحث في هذا ولا خلاف، أمّا لو قصدوا ما كان له مكان وجهة معيّنة، فهذا لا معنى له، طبقاً لما سبق. .... ثمة ـ عند الملا صدرا ـ نظر دقيق وآخر أدقّ، وذلك من باب تقسيم المعارف الحقّة إلى درجات، لتكون كلّ واحدةٍٍ منها حقّاً في مرتبتها، كما كان المؤمنون درجات: ((هُمْ دَرَجَاتٌ)) آل عمران: 163، ((لَّهُمْ دَرَجَاتٌ)) الأنفال: 4، فالمؤمنون أنفسهم في مراتب، كما لهم درجات أيضاً. يُخاطب المؤمن يوم القيامة: "اقرأ وارقه"، على هذا، لا يكون النظر الدقيق باطلاً، بل يغدو حقّاً في مرتبته، ثم يكون أدق أيضاً وحقاً في المرتبة الأُخرى، وليس ذلك من اجتماع المتضادين؛ لأن شرطه ـ اي اجتماع المتضادين ـ وحدة الرتبة، أمّا هذان ففي رتبتين)[13].
وقد رد السيد جعفر سيدان الخراساني على كلام الشيخ جوادي آملي المذكور آنفاً بقوله: (والمهم ... معرفة هل أنّ الجسد الذي قال به الفلاسفة الإسلاميون، مع ما يظهر من الفقهاء والمحدثين، واحد أم إثنان؟ وإذا كان المقصود متعدّداً، فما هو المستفاد من القرآن والحديث؟ ثم إنّ الجسم الذي تتعلّق به الروح، هل هو من أجزاء هذا العالم العنصرية أو صورة أبدعتها النفس في ذلك العالم؟ وعليه، ليس البحث في أن الجسم الأُخروي يوجد تدريجيّاً أو دفعةً واحدة، وإنما في أن ذلك الجسم الذي وُجِد دفعةً، هل هو من أجزاء هذا العالم ــ وإن تغيّرت كيفية تكوّنه وعوارضه في ظروف العالم الآخر ــ أو أنه ليس من أجزاء هذا العالم، وإنما هو مُبدع النفس؟ قلنا: إن الأكابر جعلوا هذين المسلكين مقابل بعضهما. ويمكن ـ بغضّ النظر عمّا تقدم ـ إسناد الاتجاه الذي يستفيد حقيقة من الآيات، بعد استيضاحه الدقيق لدلالاتها، ومن الروايات بعد تماميّة سندها ودلالتها طبقاً للموازين المتعارفة، مع ملاحظة مجموع الأدلة في ذلك.. يمكن إسناده إلى الشرع الشريف. وقد يبحث الفيلسوف الإسلامي ــ في الوقت الذي يعتقد فيه بأمر ما، ويتقيّد فيه بالشريعة، ويطّلع فيه على الأفكار والعقائد البشرية ــ في موضوعٍ ما وفقاً لهذه المبادئ والأصول، فيتخذ لنفسه رأياً، بيد أنه ـ وانطلاقاً من اعتقاده بالشريعة ـ يراجع الأدلة النقلية أيضاً، وحيث كان قد سبق أن صاغ في عقله الموضوع وخرج فيه بنتيجة معينة، نجده يواجه أدلّةً شرعية لا تخلو من التشابه والإجمال، مما يجعله يندفع تلقائياً لحمل هذه النصوص النقلية على المعنى المستقرّ في وعيه واستنتاجه، ويعتبر هذا النوع من الأدلة أدلةً أصلية، وبذلك يتخلّى عن الظواهر والمحكمات، أو يحملها على ذلك المعنى الذي صاغه سلفاً. ومنشأ هذا النوع من الحمل، الأُنس الذهني بسلسلة من الأيديولوجيات الرائجة في الفلسفة والمذاهب البشرية، مما قد يكون في نفسها محل خلاف. والمسألة ليست مسألة كليّة عالمية… وإذا أردنا دراسة معضلة المعاد من وجهة نظر الشريعة، فلا بد من الأخذ برؤية إنسان متعقّل دقيق، لكنه خالي الذهن من القواعد والأحكام الفلسفية الخاصة المسبقة، فيلقي نظرةً على الأدلة الشرعية؛ ليرى هل أن سبيل المحدّثين والفقهاء يعتمد على القرآن والحديث، أم منهج صدر المتألّهين؟ .... حاصل ما قيل: الحكيم يلقي نظرةً على القوانين الكلّية الفلسفية، مع ما جاء من الشرع؛ ولهذا قد تكون نظرته مختلفةً عن آراء الآخرين الذين لم يأخذوا بالحسبان تلك القوانين. والخلاصة: لا بد من الأخذ بعين الاعتبار المخصصات العقلية عند الاستفادة من الأدلّة الشرعية. أقول: إن القوانين اللبيّة قد تكون قوانين قطعية واضحة، تتفق أنظار العقلاء عليها، ولا شك هنا في انضمامها إلى الأدلة الشرعية، أمّا لو وقع في تلك القوانين اختلاف كبير، مثل الزمان الذي تفضلتم بأن فيه خمسة عشر قولاً، فهل يمكن لمثل هكذا قانون أن يكون مخصّصاً لبيّاً، نصرف به ظواهر الكتاب والسنة ونأوّلهما؟! وهل اعتمد النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) المرسلون إلى البشر جميعهم على هذه المواضيع الخلافية، ليقولوا كلاماً يريدون خلاف ظاهره أو صريحه اعتماداً على هكذا قرينة. نعم، إذا قطع شخص بأحد هذه الأقوال، فلا يمكن القول له: إصرف نظرك عن هذا القطع، ولكن، لا بد من تذكيره بسؤال: كيف يقول صاحب الشريعة ــ وهو المعلّم والمرشد ــ كلاماً يتبادر منه معنى يفهمه العقلاء جميعاً،لكنّه اعتمد فيه على موضوعٍ مختلَف فيه بحيث يصبح كلامه ظاهراً في المعنى المنسجم مع نظرية خاصة في ذلك الموضوع الخلافي؟!… في الختام نقول: إذا لم يكن عندنا مخصّص لبي واضح لدى دراستنا لأيّ مذهب، فلا بد من الأخذ بظواهر ذلك المذهب. والطريق الذي يؤدّي بالإنسان إلى مخالفة ظواهر الشرع لدى اصطدامها بالقواعد العقلية، طريق غير مأمون من الخطأ. .... صحيح أن المادة بمعنى الهيولى اصطلاح فلسفي، ولم ترد في اصطلاح الشرع والحديث، لكن مصبّ البحث هو: هل أن المحشور في العالم البَعدي هو هذا الإنسان الموجود في هذا العالم من حيث الروح والجسم، وإن اختلفت آثاره وخصوصياته عندما وقعت في ظروف أُخرى؟ أو أن المحشور هو الروح لا بجسم هذا العالم الذي هو من أجزاء هذا العالم، بل مع جسمٍ أبدعته النفس ذاتها، وهذا المقدار المستلّ من خصوصيات الجنة والنار لا ينفي الموضوع ويثبته. أضف إلى ذلك ــ وبناءً على نظرية الملا صدرا من أن الجنة والنار قائمتان بنفس الإنسان ــ لا معنى لخلق الجنة والنار مسبقاً. .... بعدما عُلم أن الملا صدرا صرّح ـ مراراً ـ بأن المحشور هو المعاد الجسماني والبدن بعينه، وقد اتضح أن مراده من الجسم المعنى الخاص، أي شيئيّة الشيء بصورته، صور إبداعية من قبل النفس، ومقصوده من الجسم ليس هو المتبادر إلى أنظار العموم. ولقد وصل بنا البحث إلى أن المحدّثين والملا صدرا لهما نظرتان، وقد صرّح أهل الفن بهذه الاثنينية. وقيل: إن المستفاد من الآيات والروايات في موضوع حشر الأجساد، عين ما قال به الأعلام من قبيل: الآشتياني، والآملي، والخوانساري (قدس الله أسرارهم). .... بالنسبة إلى الموضوع الأول ـ وهو أن للملا صدرا في المسألة نظرين: نظر دقيق، وآخر أدق ـ فأقول: لازم هذا التعبير أن له في المعاد قولين، ومع تقابلهما وتضادهما، لا يمكن الاعتقاد بهما معاً. أمّا لو كان المقصود بيان أمرٍ واحد بعبارتين، فهذا معناه أنهما ليسا برأيين أساساً، طبعاً لا بد من نسبة المطلب الأدق إليه، وهو غير مسلك المحدّثين، ومن هنا يتضح الموضوع الثاني، وهو وحدة نظره ورأي المحدثين، وهنا نعتقد أنه لا وحدة من هذا النوع أبداً. وما قيل في تقريب الوحدة، من أن المحدّثين قالوا بآثار وخصوصيّات بالنسبة إلى البرزخ والقيامة، لا تلائم المادية، قلنا فيه: إن محلّ البحث هو هل هناك موجود في ذلك العالم متكوّن من الأجزاء الوجودية الدنيوية أو لا؟ فمع صرف النظر عن اصطلاح المادة، يقول المحدّثون: المحشور في القيامة البدن العنصري، فيما مذهب صدر المتألّهين أن المحشور الصورُ التي أبدعتها النفس. .... بالنسبة إلى هذا الموضوع أقول: ... كان مصبّ البحث حول حشر الأجساد، وهو هل أن الأشخاص المحشورين في ذلك العالم عندهم شيء من أجزاء هذا العالم أو لا؟ فالمحدّثون يدّعون: أن الناس يحشرون من أجزاء هذا العالم بالأبدان العنصرية، ولو كان هناك تفاوت مع أجزاء هذا العالم بلحاظ الآثار والخصوصيات؛ ذلك أنه يمكن لحقيقةٍ واحدة أن تكون لها عوارض وآثار متفاوتة بلحاظ الظروف الخاصة، سواء أسمينا هذا الشيء ــ اصطلاحاً ــ مادّةً أم لم نسمِّه، فالبحث ليس في الاصطلاح. .... خلاصة ما تم بحثه أنّ الملا صدرا طرح معاداً اعتبره جسمانيّاً، لكنه أوضح في مواضع أخرى أن المراد من جسمانية المعاد ليس الجسم العنصري المركّب من أجزاء هذا العالم الوجودية، وإنما صورةٌ أبدعتها النفس. وفي مرحلة تالية دار الحوار حول تطابق أو عدم تطابق مقولة المحدّثين والفقهاء في المعاد الجسماني ومقولة صدر المتألهين؟ وقيل في هذه المرحلة أيضاً: ليست الحال كذلك، إنما يقصدون ـ أي الفقهاء والمحدثين ـ الجسم العنصري المادي. وانتهى الحوار إلى نقطتين:
1 ــ ذكرتم في الجلسة السابقة أن لصدر الدين الشيرازي نظرتين: دقيقة، وأدق.
الدقيقة: هي كلام المحدثين والعلماء الآخرين.
والأدق: هو ما أثاره في كثيرٍ من كتاباته.
والمتبادر إلى الذهن من ذلك كلّه، أنه لو كان المقصود من هذا الكلام أن له طريقين لإثبات دعوى واحدة، أي له دليلان: أحدهما دقيق؛ والآخر أدق، فلا إشكال في ذلك. أما لو كان المقصود غير ذلك، أي وجود دعويين، مع القول بأن إحداهما دقيقة والأخرى أدق ــ مع كون الدعويين صادقتين واقعيّتين ـ فهذا أمر غير مفهوم ولا واضح، يعني في مركز واحد، وفي ظل ظروف واحدة.
أي أن المحشور في القيامة تتحقق له واقعيتان متضادتان:
أ ــ الجسم العنصري.
ب ــ الصورة الإبداعية.
وعليه، إمّا أن نقول: هما نظرتان متضادتان، أو أن النظر الثاني كاشف عن النظر الأول، بمعنى أن المختار واقعاً هو النظر الثاني.
2 ــ استدلّ صدر المتألهين بقسمٍ من ظواهر الآيات والروايات لإثبات المعنى الأدق الذي اختاره، والمستفاد منها أن العالم البَعدي صورةٌ فاقدةٌ للمادة، ومعنى ذلك حشر الأبدان على هذا النحو.
إننا نقول: ليس فقط لا تدلّ الآيات والروايات على مدّعاه، بل لا مناسبة بينهما، فمثلاً أكل الثمار ـ والظاهر أن لها حجماً ـ له مادة، وإن كانت مناسبةً لذلك العالم. أمّا أن الجنة والجحيم ــ الآن ــ لهما إحاطة بالأفراد، فلابد من فرض صورة مثالية تحيط بها الجنة والنار، كما تدلّ على هذا الموضوع المكاشفات والمشاهدات، وهذا الموضوع أيضاً لو دُقق فيه، لا يمكن أن يثبت أن الإنسان المحشور في القيامة هو البدن المثالي، غاية الأمر أننا لا نقدر على معرفة إحاطة الجنة والنار، حتى نقول عن ذلك شيئاً باطمئنان. فعلى هذا، لا نخرج من الآيات والروايات بنتائج واضحة تدعم وجهة نظر صدر المتألّهين، حتى نتخلّى بها عما توصّل إليه المحدّثون من مفاد الآيات والروايات الكثيرة، كما لا يوجد دليل عقلي ملزم في البَين. نعم، لا يمكن التخلّي ـ نتيجة فرضية محتملة يمكن تأويل بعض النصوص لها ـ عن ظواهر الآيات والروايات الكثيرة، وبيان الموضوع بصورة أمر اعتقادي جزمي. إننا نشاهد نظير ذلك في مبحث الخلود، فقد توصّل بعض الفضلاء في هذا الموضوع إلى أنّ (القسر لا يدوم)، وبما أن حركة الجهنميين حركة قسرية، فلابد من تبدّل طبيعتهم، ليعود العذاب عليهم عذباً في نهاية المطاف. وقد قيل: إن المشركين معذبون في ابتداء الأمر، لأجل حصرهم الإله في معبودهم، لكن حيث كان معبودهم حقّاً (فما عبدو إلاّ الله، فرضى الله عنهم، ويبدّل الله عذابهم عذباً)، ومن أجل قاعدة: (القسر لا يدوم)، تخلّوا عن أدلة الخلود، وأخذوا يعملون التأويل والتطويع فيها)[14]. 
 
عذاب جهنم:
يقول سيد جعفر سيدان: "في مدرسة الوحي يكون العذاب على جماعة والخلود في النار على المعاندين في العالم الآخر بعد هذا العالم (أي القيامة). وفي الحكمة المتعالية (الفلسفة الصدرائية) يتبدّل العذاب الى العذب ، او أنّ العذاب موجود في جهنّم ولكن لا خلود لأحد هناك ، والخلود نوعي. وفي العرفان سيكون العذاب عذباً"[15].
يقول ملا صدرا: "وبالنسبة الى المشركين الذين يعبدون غير الله من الموجودات فينتقم منهم لكونهم حصروا الحق فيما عبدوه وجعلوا الاله المطلق مقيداً واما من حيث إن معبودهم عين الوجود الحق الظاهر في تلك الصور فما يعبدون الا الله فرضي الله منهم من هذا الوجه فينقلب عذابهم عذباً في حقهم وبالنسبة الى الكافرين ايضاً"[16].
وقال ملا صدرا: "مع ان العذاب بالنسبة الى العارف الذي دخل فيها بسبب الاعمال السيئة عذب من وجه وإن كان عذاباً من وجه آخر لأنه يشاهد المعذب في تعذيبه فيكون عذابه سبباً لشهود الحق وهو أعلى نعيم له وبالنسبة الى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقية أيضاً عذب من وجه"[17].
ويقول القيصري شارحاً كلام ابن عربي في فصوص الحكم: "و(الوعيد) هو العذاب الذي يتعلق بالاسم (المنتقم). وتظهر احكامه في خمس طوائف لا غير ، لأن أهل النار إما مشرك أو كافر أو منافق أو عاص من المؤمنين وهو ينقسم بالموحد العارف الغير العامل والمحجوب. وعند تسلط سلطان المنتقم عليهم يتعذبون بنيران الجحيم ، كما قال تعالى: ((احاط بهم سرادقها ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ولا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون)) وقال: ((إنكم ماكثون اخسئوا فيها ولا تكلمون)). فلما مرّ عليهم السنون والاحقاب واعتادوا بالنيران ونسوا نعيم الرضوان ، قالوا: ((سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص)). فعند ذلك تعلقت الرحمة بهم ورفع عنهم العذاب ، مع ان العذاب بالنسبة الى العارف الذي دخل فيها ، بسبب الاعمال التي تناسبها عذب من وجه وإن كان عذابا من وجه آخر. كما قيل:
وتعذيبكم عذب وسخطكم رضى ... وقطعكم وصل وجوركم عدل
لأنه يشاهد المعذب في تعذيبه ، فيصير التعذيب سبباً لشهود الحق ، وهو أعلى ما يمكن من النعيم حينئذٍ في حقه. وبالنسبة الى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقية أيضاً عذب من وجه ، كما في الحديث: (إن بعض أهل النار يتلاعبون فيها بالنار) ، والملاعبة لا ينفك عن التلذذ وإن كان معذباً لعدم وجدانه أنه ما أمن به من جنة الاعمال التي هي الحور والقصور. وبالنسبة الى قوم يطلب استعدادهم البعد من الحق والقرب من النار ، وهذا المعنى بجهنم ايضاً عذب ، وإنْ كان في نفس الامر عذاباً كما يشاهد ممن يقطع سواعدهم ويرمي أنفسهم من القلاع ، مثل بعض الملاحدة. ولقد شاهدت رجلاً سمّر في أصول اصابعه إحدى يديه خمسة مسامير غلظ ، كل مسمار غلظ القلم ، واجتهد المسمر ليخرجه من يده فما رضي بذلك وكان يفتخر به ، وبقى على حاله الى أن أدركه الاجل. وبالنسبة الى المنافقين الذين لهم استعداد الكمال واستعداد النقص ، وان كان أليماً لإدراكهم الكمال أو عدم إمكان وصولهم إليه ، لكن لما كان استعداد نقصهم أغلب ، رضوا بنقصانهم ، وزال عنهم تألمهم بعد انتقام المنتقم منهم بتعذيبهم ، وانقلب العذاب عذبا. كما نشاهد ممن لا يرضى بأمر خسيس أولا ، ثم اذا وقع فيه وابتلى به وتكرر صدوره منه ، تألف به واعتاد  ، فصار يفتخر به بعد أن كان يستقبحه. وبالنسبة الى المشركين الذين يعبدون غير الله من الموجودات فينتقم منهم المنتقم لكونهم حصروا الحق فيما عبدوه وجعلوا افله النطلق مقيداً. واما من حيث إن معبودهم عين الوجود الحق الظاهر في تلك الصورة ، فما يعبدون إلا الله ، فرضي الله عنهم من هذا الوجه ، فينقلب عذابهم عذباً في حقهم. وبالنسبة الى الكافرين أيضاً وإن كان العذاب عظيماً ، لكنهم لم يتعذبوا به لرضاهم بما هم فيه ، فإن استعدادهم يطلب ذلك ، كالأتوني الذي يفتخر بما هو فيه. وعظم عذابه بالنسبة الى من يعرف أن وراء مرتبتهم مرتبة ، وإن ما هم فيه عذاب بالنسبة إليها. وانواع العذاب غير مخلد على اهله من حيث إنه عذاب ، لأنقطاعه بشفاعة الشافعين ، وآخر من يشفع وهو أرحم الراحمين. كما في الحديث الصحيح: (لذلك ينبت الجرجير في قعر جهنم) لإنقطاع النار وارتفاع العذاب ، وبمقتضى (سبقت رحمتي غضبي) ، 
فظاهر الآيات التي جاء في حقهم التعذيب كلها حق ، وكلام الشيخ (رض) لا ينافي ذلك ، لأن كون الشيء من وجه عذاباً لا ينافي كونه من وجه آخر عذباً. وإنما بسطت الكلام هنا لئلا ينكر على هذا الخاتم المحمدي ، صلى الله عليه وسلم ، فيما أخبر ، فإن الاولياء ، رضوان الله عليهم ، ما يخبرون إلا عما يشاهدون يقينا من أحوال الاستعدادات في الحضرة العلمية وعوالم الارواح والاجساد ، لعلمهم بالحقائق وصورها في كل عالم"[18]. 
 
نعيم الجنّة:
قال ملا صدرا: "ان الجنة الجسمانية عبارة عن الصور الادراكية القائمة بالنفس الخيالية مما تشتهيها النفس وتستلذها ولا مادة ولا مظهر لها الا النفس وكذا فاعلها وموجدها القريب وهو هي لا غير"[19].
وقال سيد جعفر سيدان: "ان الجنة ونعيمها حقائق خارجية في مدرسة الوحي ، وفي فلسفة صدر الدين الجنة ونعيمها من صنع الانسان وقائمة به"[20].
اذن ملا صدرا يرى ان الجنة ليست مكاناً حقيقياً يتنعم به من ينال نعمة دخولها ، بل هي صور إدراكية قائمة في نفس من يستحقها !
 
 
 
________________________________________
الهوامش:
[1] طريقنا في المحاورات العلمية / السيد جعفر سيدان - ص29.
[2] الرسائل العشر لشيخ الطائفة ابو جعفر الطوسي (رض) - ص103.
[3] كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد / العلامة الحلي (قدس سره) / تحقيق السيد ابراهيم الموسوي الزنجاني – ص431.
[4] المصدر السابق.
[5] القول باستحالة اعادة المعدوم من الاخطاء التي تسربت الى العقيدة من خلال الفلسفة ، ومن المؤسف ان يقول بها العلامة الحلي (رض). وقد رد السيد عبد الاعلى السبزواري على من يقول باستحالة اعادة المعدوم بقوله: (أصل الاشكال فاسد لأنّه مغالطة حصلت من قياس قدرة الخالق على قدرة المخلوق ، أي الممكن ، فظنّوا أنّ ما لا يمكن بالنسبة الى قدرة المخلوق هو غير ممكن بالنسبة الى قدرة الخالق أيضاً ، ولا ريب في بطلانه ، لأنّ قدرة المخلوق محدودة وقدرة الخالق غير محدودة بوجه من الوجوه ، حتى إنّه تعالى خلق الاشياء من العدم ، فليكن المعاد بالنسبة الى الاجساد كذلك ايضاً ، على فرض تحقق العدم بالنسبة اليها ، مع انّه لا يمكن لفرض بقاء المواد الاولية ، وإنما تغيّرت الصور والجهات الخارجية ، ولذا قال تبارك وتعالى: ((وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ المَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ)) ، فالذي يصور مادة المواد والهيولى الاولى الى صور شتّى بأكمل الصور وأحسنها ، يقدر على كلّ ما شاء وأراد ، وهو قادر على أن يعيد جميعها) ثم يقول: (ان استحالة اعادة المعدوم لا تختص بالمعاد الجسماني بل تجري في جميع الممكنات حتى الارواح ، بل مطلق المجردات ، لانعدامها قبل يوم القيامة ، قال تعالى: ((لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ)) ، مع ان المعاد الروحاني متفق عليه بين جميع الفلاسفة بل العقلاء أيضاً) ، ثم يقول: (على فرض التسليم أنّ المحال إنما هو إعادة المعدوم بجميع خصوصياته الزمانية والمكانية وسائر الجهات ، لا خصوص المادّة والصورة ، مع عدم ملزم لإعادة سائر الجهات ، وإنهما محفوظان في عالم القضاء والقدر ، اللذين هما أوسع العوالم الربوبية ، بل يمكن ان يكونا محفوظين في الاذهان السافلة ايضاً ، فلا موضوع للمغالطة أصلاً). انظر: مواهب الرحمن في تفسير القرآن / السيد عبد الاعلى السبزواري (رض) - ج5 ص105 و106. 
وقال الشيخ حيدر الوكيل: (ورغم الجهود الكبيرة التي قام بها ابرز تلامذة الخواجا الطوسي في الرد على الفلاسفة ونقض شبهاتهم لكن بقيت آثار تلك الفلسفة واضحة على قسمات الفكر الشيعي ، ولعل من المفارقات الغريبة ان يكون تسرب ما تسرب منها الى الفكر الشيعي بواسطة ذلك العالم الفاضل الكبير الذي صد الفلسفة وهو العلامة الحلي (قدس سره) ، وفي ذلك عبرة لنا تجعلنا نحذر دائماً من مغبة الانسياق وراء بهرجة التعالم والانزواء عن النصوص الدينية ولو قليلاً فان السالك على غير الطريق لا يزيده شدة السير الا بعداً عن الغاية). انظر: علم الكلام الشيعي / الشيخ حيدر الوكيل – ص42.
[6] الاسرار الخفية في العلوم العقلية / العلامة الحلي (رض) - ص573.
[7] انظر التعليق السابق.
[8] مناهج اليقين في اصول الدين / العلّامة الحلي (رض) – ص419 و420.
[9] كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد / العلّامة الحلي (رض) / تعليق الشيخ حسن حسن زاده الآملي – ص549.
[10] لوامع الحقائق في اصول العقائد / ميرزا احمد الاشتياني ت1495هـ – ج2 ص40 و44 على التوالي.
[11] محاضرة (مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (461) ) لسيد كمال الحيدري ، منشورة في موقعه الالكتروني.
[12] المصدر السابق.
[13] مناظرة بين السيد جعفر سيدان الخراساني والشيخ جوادي آملي تحت عنوان (الإشكالية المنهجية بين العقلين: الفلسفي والتفكيكي – (نظرية المعاد الصدرائية) – القسم الثاني ) ، منشورة في الموقع الالكتروني لمجلة نصوص معاصرة بتاريخ 20 مايو 2014.
 
[14] مناظرة بين السيد جعفر سيدان الخراساني والشيخ جوادي آملي تحت عنوان (الإشكالية المنهجية بين العقلين: الفلسفي والتفكيكي – (نظرية المعاد الصدرائية) – القسم الثاني ) ، منشورة في الموقع الالكتروني لمجلة نصوص معاصرة بتاريخ 20 مايو 2014.
[15] طريقنا في المحاورات العلمية / السيد جعفر سيدان - ص30.
[16] الحكمة المتعالية في الاسفار العقلية الاربعة / الشيخ صدر الدين محمد الشيرازي ت1050هـ – ج5 ص361 و362.
[17] المصدر السابق – ج5 ص360 و361.
[18] مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم / الشيخ داود بن محمد القيصري ت751هـ – ص(359- 361).
[19] الحكمة المتعالية في الاسفار العقلية الاربعة / الشيخ صدر الدين محمد الشيرازي ت1050هـ – ج5 ص342.
[20] طريقنا في المحاورات العلمية / السيد جعفر سيدان - ص30 و31.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/11



كتابة تعليق لموضوع : من الاخطاء العقائدية عند مدرسة الحكمة المتعالية ... ( 16 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net