صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٣١)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   حقاً، لقد أَضحى شُهداء كربلاء أُنموذجاً يُحتذى، وخُطىً تُقتفى، فاذا بالملايين الزّاحفة اليوم الى حيث مرقدهُم الطّاهر في كربلاء المقدّسة الى جانبِ ضريحِ سيّد الشُّهداء الامام الحُسين السّبط (ع) وأَخيهِ أَبا الفضل العبّاس بن علي (ع) تسعى لتنتهلَ من معينهِم! وفيهم مراجع عِظام وفُقهاء أَعلام، وفيهم من كلِّ طبقاتِ المُجتمع وعلى مُختلفِ الأَصعدة، وذلكَ يعني أَنُّهم قُدوةً وأُسوةً للجميعِ بِلا استثناءٍ ومن دونِ مُحاصصةٍ على أَيِّ أَساسٍ كانت!.

   إِنَّ شُهداء كربلاء لِلنَّاسِ كافّة! شريطةَ أَن نُقرِّر ونُصمِّم!.

   ولقد أَنتجت عاشوراء بقيمِها الرَّبّانيّة وتضحياتها العظيمة، وعلى مرِّ التّاريخ، رجالٌ رجال صاغتهم كربلاء، فأحسنت الصِّياغة، فكانَ منهم المقاتلونَ الأبطال الذين تشهد لهُم اليوم ساحاتِ الوغى في الحربِ على الارْهابِ، من الذين لبَّوا نداء فتوى الجهادِ الكِفائي التي أَصدرها المرجع الاعلى قبل عامَين، والتي وقفت بوجهِ الانهيار النّفسي والمعنوي الذي كادَ ان يأكلَ العراق جرّاء تمدُّد [فُقاعة الارهابيّين] وتوطّنها في مناطقَ واسعةٍ من العراق، فيما كان السياسيّون، وعلى رأسهم القائد العام السّابق للقوّات المسلّحة صاحب شعار [بعد ما نِنطيها] مشغولون بالصّراع على السُّلطة والنّفوذ وهُم متربِّعونَ في وحلِ الفسادِ والفشلِ!.

   فهل يحقُّ لأَحدٍ تصفير المسؤوليّة ليعودَ الفاسدون والفاشِلون والإرهابيون الى واجهةِ العمليّة السّياسيّة على دماءِ الشُّهداء وأَشلاء الضّحايا المتطايرة والأَعراض المُنتهكة ودموع الأَرامل والأَيتام ورُكام الدَّمار الشّامل! فنُسجّل كلَّ هذا ضدَّ مجهولٍ؟!.

   إِنُّهم العاشورائيّون الذين يدافعونَ اليوم عن الْعِراقِ لتطهيرهِ من دَنَسِ ونجاسةِ الارهابيّين! إِنّهُم الاربعينيّون الذين يروونَ شجرةَ الكرامة والعزَّة والشَّرف والحُريَّة بدمائهِم الطّاهرة! الا ترَون بلاء العمائِم الحُسينيَّة الشُّجاعة في ساحاتِ المُواجهةِ؟! {أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}؟!.

   هذه العمائم الشّاهدة الشَّهيدة التي أَرضعتها عاشوراء وغذَّتها كربلاء وربَّتها الأَربعين وعلَّمتها أَعشاشُ آلَ مُحَمَّدٍ (ص) [الحَوزة العلميَّة] ورعتها المرجعيَّة الدّينيَّة، هي التي تُدافع عن العراق جنباً الى جنبِ القُوّات المسلّحة الباسلة التي تستلهِم من حضورِها وتواجدِها عزيمةً وإِصراراً وأَملاً بالنَّصر المؤزَّر الذي تستعد لتزفَّهُ لنا بين لحظةٍ وأُخرى على حدِّ قول الخطاب المرجعي يوم أمس الأَوَّل في خُطبةِ صلاةِ الجُمعةِ في الصَّحنِ الحُسيني الشَّريف.

   إِنَّ المرجفين في المدينةِ الذين يقلِّلونَ من قيمةِ الزَّحف المليوني في الأَربعين الى حيثِ مرقد الشَّهيد بن الشَّهيد الحُسين السّبط (ع) في كربلاء، وما يشهدهُ من أَخلاقيّاتٍ عظيمةٍ قلَّ نظيرها، على المستويَين الشّخصي والاجتماعي، كالكرمِ والإيثار والتَّواضع والاخلاص وخدمة النّاس والتّضحية، فيحاولونَ الطَّعن بالظّاهرة الحُسينيّة النّادرة تارةً بأَقلامهِم المسمومة وأُخرى بألسنتهِم القذِرة التي {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} هؤلاء واهمونَ وعلى خطإٍ كبيرٍ! وانَّ مَن أَراد ان يعرفَ السرِّ المكنون في مسيرة الأَربعين المليونيّة فليمدَّ بصرهُ مع عُشّاق الحُسين السّبط (ع) من حولِ مرقدهِ الطّاهر الى أَبعدِ نُقطةٍ في ساحةِ الحربِ على الارْهابِ، ليكتشفَ انَّ سرّ التّضحية في عاشوراء وانَّ سرّ الكرامة في الأَربعين وانَّ سرّ الجهاد دفاعاً عن الانسانِ في مرقدِ سيّد الشُّهداء (ع)!.

   حقاً، وكما أَوصت المرجعيّة الدّينية العُليا مسيرة الأَربعين هذا العام بقولِها [ينبغي الاهتمام برفعِ صُور الشُّهداء الأَبرار وذكرِ أسمائهِم في الطُّرق التي يسلكها المُشاة إلى كربلاء المقدَّسة، لتبقى صورَهُم وأَسمائهُم ماثلةً في النُّفوسِ ويتذكَّر الجميع أنَّ بتضحياتِ ودماءِ هؤلاء الكِرام يتسنّى للمؤمنينَ اليوم أَن يُشاركوا في  المسيرةِ الأَربعينيَّة في أَمنٍ وسلامٍ].

   إِنَّ مسيرةَ الأَربعين مدرسةُ الانسانِ، وكفى بها فخراً!.

   في نفس السِّياق، ينبغي كذلك إِحياء ذكرى العاشورائيّين الذين ضحَّوا بحياتِهم شُهداء في إِنتفاضة صفر الظّاهرة عام ١٩٧٧ ليُحافظوا على مسيرةِ الأَربعين عندما تحدَّوا قرار نظام الطّاغية الذّليل صدّام حسين القاضي بمنع المسيرة مهما كلَّفَ الثَّمن! كحلَقةٍ في منهجهِ المُعادي للشّعائر الحُسينيّة وكلُّ ما يرتبط بعاشوراء وكربلاء والحُسين السّبط (ع).

   ولكوني شاهدٌ على تِلكَ الانتفاضةِ الباسلةِ، منذ إِنطلاقتِها من النّجف الأَشْرَف وحتّى وصولِها الى كربلاء المقدّسة وما رافقَ ذلك وأَعقبَها من إِستعداداتٍ أَمنيَّةٍ وعسكريَّةٍ وجرائمَ إِرهابيّةٍ وتعسّفيَّةٍ مارسَها النّظام البوليسي الجائر ضدَّ الأَبرياءِ، فانّها تُعتبرُ وبامتيازٍ أَوَّل تحدٍّ شعبيٍّ عارمٍ ضدَّ النِّظامِ آنذاك، ولذلك حقٌّ لها ان تُخلَّدَ وتُوثَّق بكلِّ تفاصيلها كتجرِبةٍ تاريخيَّةٍ ثوريِّةٍ مُهمَّةٍ.

   هنا أَتذكّر الشَّهيد عبّاس أَبو بسامير الذي كان زميلي في الجامعة، والذي كان يحملُ الرّاية العِملاقة التي كُتبَ عليها الآية المُباركة {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} والذي حافظ عليها حتى لحظة تضرُّجهِِ بدمِ الشّهادة الطّاهر.

   ونتذكّر الشّهيد البطل حدثَ السِّنِّ مُحمَّد الميّالي والذي استُشهدَ في الطّريق الى كربلاء، والشّهيد مُحمَّد سعيد البلاغي الذي حُكِمَ عليهِ بالاعدامِ فأُعدمَ في السّجن على الرّغمِ من انّهُ لم يبلغ السِّنَّ القانوني، وكذلك مبعوث المرجع الدّيني آية الله العُظمى الشَّهيد السيِّد مُحمَّد باقر الصَّدر (قُدَِسَ سِرُّه) آية الله الشَّهيد السيّد مُحمَّد باقر الحكيم (قُدّسَ سِرُّه) الذي حُكِمَ عليهِ بالسّجنِ المؤبَّد مع ثُلَّةٍ مِن المؤمنينَ.

   لقد شاءَ الله ان تُخلَّدَ ذكرى عاشوراء والأَربَعين على مرِّ التّاريخ بالتّضحيات السَّخِيَّة لعُشّاق ومُحبّي سيِّدِ الشُّهداء (ع) لتصلَ إلينا اليَوم بهذا المظهر العالمي المليوني.

   فسلامٌ على المُضحّين أَبداً ما بقيَ الليلُ والنَّهار.       

   ٢٠ تشرين الثّاني ٢٠١٦

                       لِلتّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/22



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثّالِثَةُ (٣١)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net