صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

زيارة الأربعين المليونية مؤشرات ومعطيات من عبق المرجعية
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ان لزيارة الأربعين دور مهم في تحريك الجماهير للأهداف السامية التي مثلها الامام الحسين (عليه السلام) وثار من أجلها وهي قيم الايمان والحرية والعدالة والانسانية.. لذلك نحتاج الى أن تكون الزيارة عملاً ثقافياً توجيهياً وتوعوياً لإرشاد الناس واستثمار العواطف الجياشة لتعريفهم بكل تلك القيم. فماهي الأدوار والمسؤوليات التي تقوم بها أصناف متعددة من المجتمع في مثل هذه الزيارات، وخصوصا زيارة الأربعين.

ولذا جاءت توجيهات سماحة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني(دام الله ظله الوارف)  كلها تدعوا إلى المحبة والتسامح والتي نقتبس جزءً منها حيث أكد سماحته:

"وعليه فإنّ من مقتضيات هذه الزيارة: ـــ مضافاً إلى استذكار تضحيات الإمام الحسين (ع) في سبيل الله تعالى ـــ هو الاهتمام بمراعاة تعاليم الدين الحنيف من الصلاة والحجاب والإصلاح والعفو والحلم والأدب وحرمات الطريق وسائر المعاني الفاضلة لتكون هذه الزيارة بفضل الله تعالى خطوة في سبيل تربية النفس على هذه المعاني تستمر آثارها حتى الزيارات اللاحقة وما بعدها فيكون الحضور فيها بمثابة الحضور في مجالس التعليم والتربية على الإمام (ع).

ووصف آية الله السيد علي الخامنئي، مسيرة اربعين الامام الحسين (ع) العظيمة والمفعمة بالمفاهيم بأنها ظاهرة فريدة من نوعها ومزيج من "الحب والايمان" و"العقل والعاطفة".

واعتبر سماحته، فرصة التواصل المعنوي والمبني على الحب لأهل البيت عليهم السلام وزيارة هذه الشخصيات المتميزة والبارزة والنورانية والربانية، أهم ما يتميز به الفكر الشيعي عن سائر المذاهب الاسلامية وقال، ان حركة الجماهير العظيمة في ايران وسائر بلدان العالم للمشاركة في مسيرة الأربعين تجسيد للخصائص البارزة لمذهب أهل البيت عليهم السلام والتي يموج فيها "الايمان والاعتقاد القلبي والمعتقدات الصادقة" وكذلك "الحب والود".

وهذا التجمع المليوني إنما يحصل نتيجة الاندفاع الذاتي والشعور العميق بعظمة الثورة الحسينية وأهمية المحافظة على ثوابتها في نصرة الحق والدفاع عن المظلومين والتصدي للباطل والطغيان في كل زمان ومكان، وهو بلا أدنى شك مدعاة للتأمل والبحث عن أسرار هذا الاندفاع الذي يرى فيه الكثير من المراقبين بأنه يمثل قوة حقيقية وعظيمة لدعم الأمن والسلم المجتمعي على المستوى الإقليمي والدولي.

ويعتقد الكثير من المحللين أيضاً بأن زيارة الأربعين باتت تمثل مظهراً وحدوياً لا نظير له، حيث تشارك فيها كافة الطوائف والملل والقوميات من شتى أنحاء الأرض، وتستبطن مقومات رائعة لمواجهة الفكر التكفيري المتطرف الذي يستهدف جميع شعوب الأرض من خلال الجماعات الإرهابية التي تتبنى هذا الفكر المخرب والهدّام.

فزيارة الأربعين تمكنت من إذابة جميع الفوارق العنصرية بين الحشود المليونية الزاحفة إلى كربلاء، إذ تجد فيهم شتى الجنسيات والقوميات والأديان والاتجاهات الفكرية وهم يسيرون في أجواء مشحونة بالأخوة حتى يبلغ ذلك ذروته عندما تجد هذه القوميات والأعراق والألوان يفتخر كل منها بأن يكون خادماً للآخر بروح ملؤها المحبة والعطاء.

ولايخفى أن زيارة الأربعين تكتنز قيماً ومبادئ إجتماعية ودينية وثقافية وسياسية أخرى، ولكن يجب التأكيد هنا على أن الحشود المليونية التي تتدفق بشكل تلقائي نحو كربلاء المقدسة وفيهم الطفل والمرأة والمعوّق لإحياء هذه الزيارة متجشمين عناء الطريق ومخاطره بعفوية العواطف والحماس المنقطع النظير تمثل بحق ظاهرة جديرة بالدراسة والتأمل بعد أن أضحت حدثاً عالمياً ذو أبعاد متعددة في كافة جوانبه سواء التي ذكرتها أو التي لم أذكرها حيث لا يتسع المقام لذلك. وما أحوج البشرية إلى هذا النموذج المتكامل لمعالجة جميع ما يختلج في نفوس أبنائها في كافة الأبعاد. وتعد هذه الزيارة في الحقيقة محطة تعبوية تنهل من معينها الأجيال عبراً ودروساً للتحرر من ربقة قيود الحضارة المزيفة ذات الطابع المادي والمصالح الضيقة بما تحمله من مبادئ إنسانية وقيم تخدم المسيرة البشرية التي تنشد السلام والأخوة في ربوع المعمورة بغض النظر عن الطابع الجغرافي والقومي وحتى الديني.

وفيما يتعلق بمعطيات زيارة الأربعين السياسية وما يترتب عليها من أبعاد وسياقات إستراتيجية وجيوسياسة في منطقة ملتهبة بالأزمات، لابدّ أن تؤخذ هذه المعطيات بالحسبان من قبل أصحاب القرار الدولي ومراكز الدراسات والبحوث العالمية التي تتطلع إلى هدف سامي بتحقيق العدالة للبشرية المعذبة، وهذا البعد يكشف لنا حقيقة عالمية النهضة الحسينية التي عرفها الشرق والغرب بفضل التقدم في تقنية الاتصالات ووسائل الأعلام، كما حدث تماماً بالنسبة للدين الإسلامي الذي وصل إلى كافة المجتمعات.

لقد بقيت « فاجعة كربلاء » ، و ستبقى خالدة إلى يوم القيامة عند كلّ مجتمع يمتاز بالوعي والإدراك، وفهم المفاهيم والقيم الإنسانية ، و كلّما إزدادت البشر نُضجاً وفَهماً أقبلت على دراسة وتحليل هذه الفاجعة بصورة أوسع ، والتفكير حولها بشكل أشمل، والكتابة عنها بتفصيل أكثر . وقد شاء الله تعالى أن يبقى هذا الملفّ مفتوحاً ، ويتجدّد فتحه في كل عام !!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/22



كتابة تعليق لموضوع : زيارة الأربعين المليونية مؤشرات ومعطيات من عبق المرجعية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net