صفحة الكاتب : ضياء المحسن

تسوية تاريخية
ضياء المحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 تُعرف التسوية في معاجم اللغة العربية بأنها: ((السعي الى تسوية الخلافات بين الشركاء بالتراضي))، أما سياسيا فهي مصطلح يوحي بأن السياسة الدبلوماسية ترمي الى تجنب حالات الحرب من خلال تقديم بعض التنازلات، على أن تكون مقترنة بإعتراف دولي بهذه التسوية، وتم إستخدام التسوية عام 1930 لتجنب الحرب بين ألمانيا وإيطاليا.
يتم تداول ما يطلق عليه ((مشروع التسوية التاريخية)) من قبل التحالف الوطني، والذي يمثل أكبر تحالف في البرلمان والحكومة في العراق، ومع هذا نسمع إعتراضات حتى من داخل البيت الشيعي، ناهيك عن إعتراضات من قبل بعض الفعاليات السياسية، والتي لا تعترض على أصل الفكرة (التسوية)، بل قد يكون إعتراضها من باب (خالف تُعرف) وهذا ليس محله الأن.
معلوم أن حزب البعث كان متسلط على الحكم طيلة 35 عاما هي مدة حكم الرئيسين (البكر وصدام) ومع أن الأول كان يعيش على الهامش طيلة سنوات حكمه، فقد كان الأخير هو الآمر الناهي في العراق، لكن مع هذا لا يمكن إلا أن نقول بأنه حكم لمدة تجاوزت العشر سنوات، بعدها جاء صدام وبدأ حكمه بسلسة من الإعدامات طالت أقرب الناس إليه، لأنه يعرف حبهم للحكم، بعدها شن الحرب على إيران واستمرت ثمان سنوات، قام خلالها بتوظيف أجهزته الأمنية والمخابراتية لصالح تثبيت حكمه، وإزاحة من يحاول مزاحمته على الحكم؛ أو حتى الإعتراض على قراراته.
لم يكتف بذلك، بل أنه جعل الوظيفة غاية لا سبيل لتحقيقها إلا من خلال الإنضمام لحزب البعث، لذا نجد ان عدد المنضوين في هذا الحزب من العراقيين يقترب من 7 مليون عراقي، فأنت لا يمكن أن تدرس في كلية بدون أن تكون بعثيا، ولا يمكن قبولك في وظيفة إلا بعد أن تقدم فروض الطاعة والولاء لهذا الحزب، مشفوعة بتزكية من أقرب منظمة حزبية قريبة من سكناك.
بعد سقوط نظام البعث ومجيء حكم المحاصصة (الوطنية) ومرور سنوات أخذنا نسمع إسطوانة التسوية والمصالحة الوطنية، لكن تسوية ماذا؟ ومصالحة مع مَنْ؟ هذا شيء لا يعلمه إلا الخالق عز وجل ومن يطلق هذه المبادرات، ذلك لأننا لو تتبعنا مسار العناوين الوظيفية والأسماء التي تتبوأ المناصب الحكومية العليا في الدولة العراقية، نجد أنهم في الغالب الأعم منهم كانوا قيادات بعثية، تمت إعادتهم للوظيفة بطريقة أو بأخرى.
من بقي خارج (التسوية التاريخية) هم أناس لا يملكون حظوة لدى أحزاب السلطة ومن يمتلك سلطة القرار في الدولة العراقية، وهؤلاء لا يريدون أن يكونوا حطب المناوشات التي تجري من وراء الكواليس بين الأحزاب، ومع هذا وذاك، ينسى أو يتناس من يطلق (التسوية التاريخية) أن الشعب في وادٍ وأحزاب السلطة في وادٍ أخر.
تصريحات بعض السياسيين هي للإستهلاك المحلي، التي سئم منها أبناء الشعب العراقي، فمن يطلقها أما أنه خسر كل شيء بسبب تخبط سياساته، أو أنه لا يعلم أين يضع قدمه في العملية السياسية الجارية في البلد.
لقد إستفاق الشعب أخيرا من غفلته، لذا فإن جميع هذه الطروحات لن تنطلي عليه، كما أن حركات الرافضين لهذه (التسوية) لن يصدقها الشعب، والدليل الأوضح هو إستقبال الأهالي في الموصل وقبلها صلاح الدين والأنبار والفلوجة لرجال القوات المسلحة والحشد الشعبي بالترحاب والتهليل، بعد تخليصهم من براثن تنظيم داعش الإرهاب

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ضياء المحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/24



كتابة تعليق لموضوع : تسوية تاريخية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net