صفحة الكاتب : نبيل القصاب

في ذكرى تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في العراق تحية أجلال وأكبار لشهداء ومناضلي الحركات التحررية الكوردية .
نبيل القصاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بداية أود أن ألقي الضوء في محطات  تاريخية مهمة كانت الركائز الاساسية التي رسمت تاريخ الشعب الكوردي في المنطقة , ففي عام 1514 م ووقوع معركة جالديران بين العثمانيين والصفويين ادت على تقسيم اراضي كوردستان بينهما ونفذت بالفعل في اتفاقية بين الامبراطوريتين في   قصرشيرين عام 1639م , وفي عام 1853م حدثت أول حركة كوردية عرفت بحركة يزدان شير في مناطق بوتان وتمكن الثوار من السيطرة على مساحات شاسعة ولكن انتهت بهزيمة القوات الكوردية بعد خيانة البعض من زعماء العشائر الكوردية والتخلي عن القائد يزدان وتوقيع اتفاقية مصالحة مع السلطات التركية , وبعد ذلك وبالتحديد سنة 1880 حدثت حركة شمزينان بقيادة الشيخ عبدالله النهري وفشلت الحركة واودع القائد النهري في السجن في استانبول , وفي سنة 1916قضت اتفاقية سايكس بيكو بتقسيم اراضي كردستان وضم مدينة  الموصل وكردستان الجنوبية وغرب كردستان إلى  فرنسا وإلحاق معظم كردستان الشمالية (جنوب وجنوب شرق الأناضول) بروسيا، واحتفظت بريطانيا بالمنطقة الواقعة من جنوب حدود ولاية الموصل إلى الخليج العربي . 

 

بعد ذلك الأحداث المؤلمة وتفتيت أراضي وشعب كوردستان , برز القائد الكوردي الشيخ محمود الحفيد حيث أستلم ولاية مدينة السليمانية من بعد والده وأصر على أعادة الهيبة للدولة الكوردية بأجزاءها المتقطعة , وأعلن الأستقلال عام 1919 ولكن قوات الأحتلال البريطاني قصفت المدينة وأثر ذلك أندلعت الثورة عام 1920 ولكن فشلت الثورة وتم نفي القائد الحفيد الى الهند بعد تخفيف حكم الأعدام الصادر بحقه . وعاد من جديد للمشاركة في ثورة 6 مايو عام 1931 وقاد المواجهات ضد الاستعمار البريطاني واستمرت الحركة حتى عام 1931 وبعدها قضي عليها . 

 

في الجانب الأخر من كوردستان تمكن الزعيم أبراهيم هنانو في منطقة حلب في سوريا عام 1920  بالاتفاق مع زعماء العشائر الكوردية وتشكيل حوالي اربعة فرق عسكرية من ابناء الشعب الكوردي واعلن حركة التمرد والثورة على القوات الفرنسية المحتلة , وبعد معارك طاحنة ولقلة الخبرة العسكرية تمكن الجنوال غورو من اخماد الثورة , وفي نفس العام تمكن شيخ عشيرة ( شكاك ) الشيخ أسماعيل أغا سمكو , في مناطق أورمية , في قيادة حركة كوردية مسلحة ضد النظام الأيراني , وبعد معارك ساخنة تمكنت السلطات الأيرانية من أغتيالة عام 1930 بعد أن أخدعوه بالتفاوض .

 

بعد ذلك حدثت انعطافة مهمة , حيث أقر الحلفاء في اتفاقية سيفر التي ابرمت قرب باريس عام 1920في المادة السادسة منها إعطاء الكورد حق الحكم الذاتي، ونوهت المادة 64 بإمكانية تأسيس دولة كوردية مستقلة. غير أن تلك الاتفاقية لم يتم تطبيق بنودها المتعلقة بحقوق الكورد , وبعد ذلك بسنوات قليلة وفي عام 1923 وقعت اتفاقية لوزان , حيث لم يبدوا أهتماما ً بالشعب الكوردي و لم يرد ذكر المسألة الكوردية في متن هذه الاتفاقية على عكس سابقتها (سيفر) وتم الاقتصار على ذكر الحقوق الثقافية والدينية للأقليات. وصار موضوع الكورد أقل حضورا.

 

أثر ذلك عام 1925 قام الشيخ سعيد بيران بأول حركة كوردية في أراضي تركيا حيث حدثت الحركة الأولى بقيادة الشيخ سعيد بيران، لكنها أحبطت بالقوة. ثم وقعت الحركة الثانية بين 1930 و1931 بقيادة إحسان نوري (الضابط السابق في الجيش التركي) ، وقد طالب قادة الحركة عصبة الأمم بتنفيذ الاتفاقيات الدولية  بإقامة دولة كردستان. وسحقت الحركة أواخر سنة 1931 ونتج عنها هجرة قسم كبير من كرد تركيا إلى سوريا.

 

في العام نفسه  وفي  شمال العراق   تمكن الشيخ أحمد وشقيقه القائد الكوردي الخالد الملا مصطفى البارزاني واستمرت حتى عام 1932 وبعد ذلك 

استأنف  القائد الملا مصطفى الحركة المسلحة عام 1945ضد الحكومة العراقية , وبعد عام عن قيام جمهورية كردستان في مدينة مهاباد غربي ايران حيث احتشد آلاف الأكراد وسط المدينة ليشاهدوا رفع العلم الكردي لأول مرة ، وأصبح قاضي محمد رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في ايران  رئيسا للجمهورية، وقد اقتحمت القوات الايرانية اراضي مهاباد بعد بضعة أشهر لتقضي على اول تجربة لدولة كوردية. وتوالت الحركات الكوردية بقيادة البارزاني الى عام 1970 , حيث اتخذت حكومة البعث في العراق قرار الاعتراف بالوجود الشرعي للكورد وإقرار حقوقهم الثقافية والقومية، وأجرت مفاوضات مكثفة مع الكورد لحل المسألة الكوردية على أساس حكم ذاتي للأكراد ضمن الوحدة الوطنية.في اتفاقية 11 أذار ,  وقد حظي البيان بتأييد واسع , ولكن فشلت المفاوضات والاتفاقيات بخيانة النظام البعثي واندلعت الثورة من جديد حتى اتفاقية الجزائر المشؤوم بين العراق وايران وتنازل الآول عن شط العرب , واثر ذلك انهارت الثورة وارغم الثوار بألقاء السلاح بعد تخلي أيران عنهم . 

 

اعتبر ذلك الضربة الكبرى للقضية الكوردية وتعرض الكورد للنكسة برحيل القائد المناضل الملا مصطفى البارزاني في الولايات المتحدة الأمريكية , وبسنوات قليلة أستلم القائد مسعود البارزاني الحركة الكوردية من جديد أثر رحيل شقيقة أدريس , وتمكن من أعادة القوة والهيبة للكورد وقطفوا ثمار الحركات بالآنتفاضة الباسلة عام 1991 بعد احداث الخليج الثانية وانهيار الجيش العراقي وتسليم سلاحهم بدون اية مقاومة في المنطقة . 

 

أن النهضة والعمران والتطور الحاصل اليوم في أقليم كوردستان ثمرة الحركات والثورات الكوردية حيث رويت اراضي كوردستان بالدماء الطاهرة لشهداء الكورد الأبرار وبالأخص بعد تأسيس الحزب الديموقراطي الكوردستاني  في 16 أب 1946 وللظروف القاسية للشعب الكوردي ومن أجل بلوغ الأهداف القومية والوطنية من أجل التحرر بعد سنوات عجاف من الظلم والأضطهاد من قبل الآنظمة القمعية والأستعمار الأجنبي .

 

بعد تأسيس الحزب أنذاك , أصبح الزعيم الراحل البارزاني ورفاقه   محط أمل الجميع  من أجل تحقيق الأهداف كحزب كبير له دور أساسي في تنظيم وحدة الشعب الكوردي , وحزب قدم الآف الشهداء في طريق التحرر . 

 

اليوم أقليم كوردستان محط أنظار الجميع محررة ومستقرة بجهود القائد والمناضل الرئيس مسعود البارزاني , وبالتعاون مع الأحزاب والحركات الكوردية الأخرى , وهناك تطور عمراني وثقافي وسياسي وأجتماعي كبير , وبنيت علاقات دولية واسعة وأفتتحت القنصليات والممثليات للعديد من دول العالم في هه ولير , وانتهت زمن السلاح والقتال واللجوء الى الجبال والوديان , هناك حكومة قوية متماسكة وبرلمان قومي وقوات نظامية والشعب الكوردي في تقدم حضاري كبير , والقوميات والأديان  الأخرى الساكنين في الأقليم يعيشون في الأمان ولهم الحقوق القومية والوطنية حسب دستور ثابت للآقليم . وهناك علاقات قوية مع الحكومة المركزية في بغداد وممثلين للكورد في برلمان العراق ووزراء ذات ثقل كبير في الحكومة وفوق كل هذا فأن التاريخ سوف يكتب أن للعراق كان رئيسا ً من الشعب الكوردي بعد عقود من الزمن في الثورات والحركات في الجبال . 

 

بهذه المناسبة  وفي ذكرى تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني لايسعنا ألا أن نقول تحية أجلال وأكبار للشهداء الأبرار ومناضلي الحركات والثورات الكوردية  , وألف تحية لمدرسة البارتي التي تخرجت منها الألوف من الثوار والمناضلين وفي مقدمة هؤلاء رئيس الجمهورية الاستاذ مام جلال الطالباني والسيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان . داعين الله عز وجل ان يحفظهما وكل المناضلين وشعب الاقليم وينصرهم على الاعداء . 

 

الكاتب والاعلامي

نبيل خضر القصاب

هولندا

n_kesab@hotmail.com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل القصاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/16



كتابة تعليق لموضوع : في ذكرى تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في العراق تحية أجلال وأكبار لشهداء ومناضلي الحركات التحررية الكوردية .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net