صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

" نستاهل وحيل بينه"!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قبل بضعة سنوات كنت في مؤتمر لكوكبة من العلماء العراقيين المتميزين في ميادين المعارف والعلوم , وبين جلساته , إقترب مني عالم عراقي مشهور وذائع الصيت في الكيمياء الحياتية , وأخذني جانبا  وهو يقول : " أكتب أننا نستأهل الذي جرى علينا  , لأننا علمنا الدنيا وفتحنا عيونها على كل شيئ" , وأضاف ألا تَصْدُقني القول " نستاهل وحيل بينه"؟!!

وتطور الحديث بيننا , ورأي عالمنا الجليل أن العراقيين قد علّموا الدنيا المنطلقات المعرفية الكفيلة بالإمساك بسكة التقدم والرقاء , فاللبنات الأساسية للحياة المعاصرة إنطلقت من بلاد الرافدين , شئنا أم أبينا , أنكرنا أم إعترفنا , فتلك حقيقة ما يجري في مسيرة البشرية منذ ما لا ندري من ملايين السنين.

ومما حضرني في ذلك اللقاء هذه الأبيات:

" أعلمه الرماية كل يومٍ

فلما اشتد ساعده رماني

وكم علمته نظم القوافي

فلما قال قافيةً هجاني"!!

ويبدو أن الرؤية ربما تكون صحيحة ولكن من منظار آخر , فالذي جنى على العراق والعراقيين ,     حقل " بابا كركر" الذي فتح عيون الدنيا على النفط العراقي السهل التدفق والمنال , وبسببه رُسمت السياسات وتهندست الأوطان , لتحقيق هدف الإستحواذ على النفط , الذي أبتلينا به شر بلاء , لغياب الحكمة السياسية والمسؤولية الوطنية والقانونية , التي تضمن التصرف الآمن بثرواته والإستثمار فيه وبعائداته , فتم إقامة مؤسسات للنهب والسلب وسيادة الفساد , ليتحقق الأخذ المريح والبخس من قبل إمبراطوريات الشركات النفطية.

إن المعرفة لا تُحتكر والعقل يبتكر ويلد الجديد , والعيوب لا يمكن وضعها على أكتاف الآخرين الذين يعتقدون بمصالحهم ويسعون لتحقيق مديات ربحية عالية وهي مقياس نجاحاتهم وتفوقهم وتقدمهم , فلديهم قدرات الإستثمار والتنامي.

لكن العلة المُحكمة تكمن في الذين يتجاهلون مصالحهم ويعتقلون بصائرهم بالأضاليل والبهتان , وينغمسون في مستنقعات الخوالي والباليات , ويمعنون بنكران حاضرهم وحاجات مجتمعاتهم , وينكرون أوطانهم التي عليها أن تكون بهم لا أن تذبل وتموت بأفعالهم.

نعم علمنا الدنيا الكتابة والقانون والإعتقاد والعلوم , فهل تساءلنا ماذا فعلنا بما نعرف , وماذا تعلمنا من الدنيا التي إنطلقت من مرتكزات ما تعلمته منا؟

قلت لعالمنا الجليل: أن الباليات تُبلينا , ولن نكون ما دام منطقنا يعجّ بمفردات الذي مضى وما إنقضى , فما قيمة ماضينا بالقياس لحاضرنا , إن الإعتداد بالماضي لا يعني التباكي عليه , وإنما الإرتقاء به وإليه , والتعلم منه وليس التمحن فيه , فهل يمكننا أن نصنع مقاما يتناسب وماضينا في مسيرة الحضارة الإنسانية؟

إن الحياة جوهرها التواصل والتكاتف والتكافل, ونحن نتقاطع ولا نعرف مهارات التفاعل والإعتصام بحبل نكون؟!!

فأنى نكون والتدحرج إلى الوراء ديدننا المجنون؟!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/17



كتابة تعليق لموضوع : " نستاهل وحيل بينه"!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net