صفحة الكاتب : عقيل العبود

المجنون يغادر المكان: قصة قصيرة
عقيل العبود
نظر الى سيكارته، وضع أصابع كفه اليسرى فوق رأسه، شعره الكثيف كانه يحتوي تلك الأصابع، ياويها. 
 
أقدامه كانت ترتعش، نظر حوله، الضجيج بقي عالقا يمتزج مع اصوات المارة، السيارات المارقة في الشارع كعادتها تقطع الصمت،
 
 الأشجار أغصانها تجعل المشهد لا يخلو من امتداد خضرة مورقة، سيكارته أطفأها المطر، معطفه كان ينتظر شيئا ما، ذراعاه راحا يخفقان كما طائر ينتظر رحلته البعيدة. 
 
في الجهة الاخرى من الرصيف، قطة صغيرة راحت تقترب نحوه، نظر اليها، تمعن في عينيها. حركة الأفق بقيت تشاغله.
 
 الغيمة البعيدة كانت تقترب، تدنو نحوه، كأنها تتحدث اليه، دفء يختلف تماما هذه المرة عن دفء المدفاة التي وضعت عند زاوية من زوايا القاعة الكبيرة.  
 
الأشجار ابتعدت، نظر الى حاوية الأوساخ التي بقربه، رغيف الخبز الذي كان مرميا بجانب الحاوية يبدو انه لم يعد، احس بالجوع. العطش، راح يشاغله.
 
لحظتئذ، الماضي مع الحاضر كما مشهد تتماسك في أنحائه الحكايات؛ الصور دفعة واحدة تبحث عن جهة يرتد اليها الضجيج، الأصوات تقتحم السكون، الشمس تعود الى لحظة شروقها، القمر تغادره العتمة.  
 
كلماته كما أقدام تتعثر، يضطرب جميع ما حوله، الاشياء بما فيها تلك النافذة كأنها تعوم في بركة ماء. 
 
الكلمات تتلعثم، تنأى كأنها تبحث عن صداها خلف قافلة يسكنها الخواء. القاطرات راح ينصت اليها هذه المرة بتمعن غريب.  
 
الكتل الحديدية تجرجرها سكة تدنو عرباتها من القلب، أنفاسه كأنها تطلق شهيقا مسموعا، تمتم مع نفسه بطريقة مفاجئة. حشرجات لم يسمعها احد،  ما عدا صاحبي الذي راح ينصت اليها بدقة متناهية. 
 
 آسفل الراس كانت تتسرب اليه حرارة على اثرها جسده أضحى باردا، المختص بالعلاج الفيزيائي وضع غطاءا فوقه، لعله يستعيد حرارته، بينما أنفاسه كانت اضطراباتها تغادر.
 
الساعة الكبيرة عقاربها توقفت. القطار القادم من جهة الشمال اطلت عرباته بنوافذها نحوه، بينما موظفة خطوط السكك الحديدية كانت تعلن عن موعد الرحلة القادمة. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عقيل العبود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/22



كتابة تعليق لموضوع : المجنون يغادر المكان: قصة قصيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net