في الاجتماع الاخير الذي جمع قادة الكتل السياسية في قصر السلام بدعوة من الرئيس جلال الطالباني تم وضع كل النقاط الخلافية على طاولة البحث , والمؤكد لدى المراقبين ولدى الشارع العراقي ان ما تمخض عنه الاجتماع لن يكون نهاية الخلاف والاختلاف وما يجرانه على اوضاع البلد وحياة المواطن التي يعيشها بؤسا ومعاناة لايحسد عليهما لسبب مشخص لايحتاج الى عميق من البحث الفلسفي او تخصص في قراءة الكف العراقية وهو الخلل الذي تعانيه العملية السياسية , لانها لم تعد بثوبها الحالي تلائم الجسد العراقي , من كبريات القضايا التي يقال ان الاجتماع خرج بحلول لها هي : المجلس الوطني للسياسات العليا , ولا اخفيك عزيزي القارىء ان لا احد من السياسيين يستطيع ان يقطع باسمه الحقيقي فهناك من يسميه المجلس الاعلى للسياسات الوطنية , وهناك من يسميه مجلس السياسات العليا وطائفة اخرى لها اسم ثالث لا نعرفه , وهذا يدل على ضبابية هذا التشكيل وضبابية المهمة التي سيقوم بها , وبعيدا عن جدل الاسم فان مهمة تشكيله انيطت بقانون تقترحه رئاسة الجمهورية على مجلس النواب لحسم الخلاف حوله بين التحالف الوطني والقائمة العراقية , وبالفعل تقدمت الرئاسة بالقانون وهنا على مجلس النواب ان يكون منسجما مع مهمته الاساسية وهي المحافظة على الدستور وعدم السماح بمخالفته في اي قانون يشرعه خصوصا وان الموقف الاخير لمجلس النواب من فساد مفوضية الانتخابات كان موقفا مخيبا لامال العراقيين وتطلعهم الى محاربة الفساد .
ان ماينبغي لمجلس النواب مراعاته وملاحظته وعلى الرغم من موافقته المبدئية على المجلس وانه اتم قراءته الاولى ان مجلس السياسات العليا لايوجد في الدستور ما يسنده بوضوح لا جدل فيه , وانما هو تشكيل وضع في اتفاقية اربيل لترضية كتلة معينة , وشخصية معينة , لتسريع تشكيل الحكومة العراقية ولذا فان النص على مدة هذا المجلس ان يكون واضحا في القانون المقترح وهي نهاية الدورة البرلمانية الحالية , كما ينبغي ان يلاحظ القانون المقترح ملاك هذا المجلس وان يقتصر على ادنى عدد ممكن من الموظفين كبارا وصغارا ومن العاملين في الدولة حاليا وليس بتعيينات جديدة , فمن غير المنطقي ان يصوت مجلس النواب على ترشيق الحكومة ثم يصوت بعد ايام على مايثقل كاهلها وموازنتها بمسمى جديد مثير للجدل في اصله وجدواه . والامر الاخر الذي ينبغي ملاحظته في القانون المقترح ان تحدد الصلاحيات بوضوح وطبقا لاتفاقية اربيل التي اسست هذا المجلس , فحسب الاتفاقية فان المجلس استشاري يقدم المشورة للحكومة ولمجلس النواب وللسلطة القضائية , وان اي خروج عن المهمة الاستشارية الى المهمة الالزامية يعني ان السلطات الثلاثة تتجمع في جهة واحدة , وزعيم واحد , وهو امر يتعارض مع الفصل بين السلطات الذي نص عليه الدستور, انه يفرغ السلطات الثلاثة من معناها والجدوى من وجودها حيث تتحول الى اجهزة تنفذ مايراه المجلس الوطني للسياسات العليا , ان ماعرضته مسودة القانون هو عبارة عن مخالفات صريحة للدستور , فمن عشر مواد توجد ثمان مواد مخالفة للدستور . ان الخشية كل الخشية ان يستدعي العراقيون ما اختزنته ذاكرتهم من صور وادوار لمجلس قيادة الثورة سيء الصيت .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat