صفحة الكاتب : د . طلال فائق الكمالي

خارطة العالم الجديد
د . طلال فائق الكمالي
لعل الأمر يستوجب أن نقف متأملين عن العلة من وراء تقدم دولة ما في قبالة دول أخرى، أو بين تَحضّر أمة قهرت الظروف لترتقي بنفسها مقايسةً بأمة رضت للخنوع، ولأجل ذلك حاولت أن أقف اليوم أمام ظاهرة مراكز الدراسات الاستراتيجية وأثرها في صناعة القرار الرئيس فضلاً عن آليات تطبيقاته.
وحرصاً منّا في رصد هذه الظاهرة عبر مجهر التحري والفحص نجد أنّ فعالية هذه المعاهد الاستراتيجية في تغيير مصير الأمم والشعوب ، جعل الحكومات تغدق عليها الإمكانات المادية والبشرية بغية تغيير المعادلات ذات العلاقة في صنع الحضارة والتأريخ البشري بإرادة هي تفرضها بدلاً من تُفرض عليها.
وفي ضوء استطلاعنا لحركة تلك المراكز الاستراتيجية في العالم نجد أنها تناهز الثلاثة آلاف معهد ومركز، معظمها في حاضنة الدول المهيمنة على القرار في العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فضلاً عن الجانب الإداري والتقني والمعلوماتي . 
من هنا لزم علينا أن نستنطق عقولنا، ونثور بأفكارنا، ونفجر قِوانا، لنقف أمام السر من وراء هذا التلازم والترابط بين وجود هذه المراكز الاستراتيجية الكثيرة في الدول المهيمنة من دون غيرها من الدول الأخرى..... أما وجود بعض المراكز والمعاهد الاستراتيجية في الدول المتخلفة أو النامية، فلعل ذلك من قبيل اسم على غير مسمى، لأن أصل وظيفة مراكز الدراسات دقيقة ومهمة وخطرة في الوقت نفسه، فهي تعد العدة لرصد المشكلة أو الظاهرة ثم تسعى لاستطلاع أراء المختصين والمعنين والجهة المستفيدة، وتحليل ما رصدته تلك العدسة البصيرة، ومن ثم وضع النتائج والتوصيات، لتنتهي بوضع خارطة طريق غايتها ترجمة تلك التوصيات ومتابعة تنفيذها على وفق جدول زمني محدد ومدروس. 
فالتخطيط الاستراتيجي يستفهم من أصحاب القرار عن(ما هو المأمول؟) و (أين نحن؟) و (أين تتجه بوصلة حركتنا ؟) و (كيف سنصل لمبتغانا؟) و (متى تتحقق الأهداف؟ ) والمؤسسة التي ليس لها اجابة عن الاستفهامات السابقة تعذّ مؤسسة عوراء تنظر بعين واحدة، وعرجاء تتكأ على عصا معوجة، بيد أنها تتعامل مع الأحداث بمقتضى الفعل وردة الفعل، وتكون حينئذ مؤسسة قادتها محكومون من خارجها بحكم ما فرض عليهم من مناخ وسياسة رسمت لهم من قبل، وفي الوقت الذي يستلزم وضع الحلول لكل الاحتمالات على وفق دراسة متأنية ودقيقة وعلمية ومهنية.
وتأسيساً على كل ما تقدم لزم على مؤسسات الدولة الرسمية وغيرها من المؤسسات فضلاً عن الأشخاص أن تكون لهم رؤية استراتيجية من جهة، واستشرافية من جهة أخرى، لوضع تطلعات مستقبل أمتنا وأن تسعى جادة لامتطاء عجلة التطور السريعة التي باتت تتسابق مع الزمن نفسه، وأن نضع نصب أعين أصحاب القرار في الميادين والأصعدة كافة الصورة الحقيقية لموقعنا من خارطة الصراع الأيديولوجي والحراك السياسي والصراع الاقتصادي والتزاحم المعلوماتي...... كي نرى كيف يفكر الآخرون فينا ؟ وأين نحن من خارطة العالم الجديد ؟ وهل نحن من نحدد مصيرنا أم هناك إرادات هي التي تملي علينا؟ وما علينا إلا التنفيذ!!! 
ولنستفهم قبال كل ذلك عن لزوم أن نعصف بكل قوانا ونتسابق مع الأحداث والزمن للوصول إلى مبتغانا وطموحاتنا وعلى رأسها الوصول لمرتبة رضا الله تعالى ورضا المولى عليه السلام. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . طلال فائق الكمالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/30



كتابة تعليق لموضوع : خارطة العالم الجديد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net