صفحة الكاتب : هادي عباس حسين

الرحيل المتألق...
هادي عباس حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لماذا كل هذا الخوف يا نفسي من الموت وأنت لم تفعل الحرام حتى في ابسطه ولم تقترف ذنبا يسجل عليك فكنت من المواظبين على الصلاة وإعطاء الزكاة وحججت بيت الله وجاهدت  جهادك الأكبر الذي توجت به بتاج الصبر لما غانيتيه من مصاعب جمة جراء مرض زوجك الحاج طه أبو الفلوس هذه كنيته التي سمي بها من أكثر من معارفه، هو الأخر خاف من آخرته وصعبت عليه ايام حياته الأخيرة التي قضاها معذبا وملوعا من مرضه، أنا زوجته التي قضيت حياتها بالاهتمام به والاعتناء بمطالبه واحتياجاته ،لم أتذمر مته ولم أفكر في تركه وهو يعاني من الصعوبة فقد بات لا يستطيع الحركة بل وقضى شهره الأخير بالنوم فقط ،كانت في ذاكرتي حقبة من الحكايات التي سمعتهن من السنة النساء وأهمها حكاية ام جبار التي قالت لي يوما
-الإنسان المريض يخفف عنه بعذابه لأجل غسل ذنوبه..
لكن زوجي لم أحس به يوما ان له ذنوبا،حقا كان فقط يعاملني بقسوة ويصرخ علي ان تأخرت عن مطلب له،كنت أتحمل عصبيته وامتص غضبه ببسمتي وبكلماتي له
-يا حاج ان جسمي بات ثقيلا جدا وصعبت علي السرعة في تنفيذ متطلباتك..
كان يسكت قليلا ويجيبني 
-أنا اكبر منك ..فكيف أنت...
حقا كان يصفعني بكلامه ويؤبخني ويقلل من عزيمتي كونه اصغر مني ،حقا أصبحت كلماته المكررة تزرع في داخلي اليأس الكبير،فقد حطت في ذاكرتي أسئلة كثيرة منها وأهمها
- ان أموت قبله كوني أكبره سنا..
بسمتي وقتها تموت ويعدما هزني الألم ان يأتي اليوم الذي ساترك بيتي ومن فيه وارحل وهذه هي نهاية كل إنسان يصعد نفسه وقد لا يتكرر صعوده ثانية..
كنت عندما يتخللني مرضا بسيط تأخذني أفكاري المتعبة  لتبعث سؤالا أضعه أمام زوجي 
- هل اشتريت ارض قبورنا.. 
فيجيبني ضاحكا
- ما هذه العجلة..تلحقين بتلك الأرض..نعم اشتريتها وبأحسن مكان..
أحاول ان اخفض نظري للأرض خجلة من كلام اردده مع نفسي
- أحب الحياة حقيقة الأمر..
لكن ليس كزوجي الذي أحس بأنه يرجع العمر به الى الوراء فكأنه بدى ابن الثلاثين عام،وجهه الدائري المشع نورا وبشرته البيضاء وأسنانه العليا التي عملت من الذهب الناصع،حتى شفتيه اختطت بصورة رائعة وشاربيه الغليظة التي أزادته رونقه وبهاء، وعندما يرتدي دشداشته يبدو وسبما لأبعد الحدود، أكثر نساء المحلة أعجبن به وحتى قسما منهن اسمعاني كلاما
-انه جميل...
جقا كنت انا المعجبة به أولا وكنت أتمنى ان أراه مسجى في حديقة الدار وفي ركنها الأيمن الذي أوصى به ان يبات ليلة رحيله تحت شجرة الزيتون التي أكثر الاهتمام بها بالفعل تحقق حلمه لكن ليس كجسد في التابوت بل بقايا من أشلاء جسده الذي احترق بفعل الانفجار الذي حدث في السوق الذي زاره لأول مرة ولآخرها , دموعي تنهمر عليه بمسرة  لأنه ذهب شهيدا , فرحي له بهذا الرحيل المتألق ...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي عباس حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/02



كتابة تعليق لموضوع : الرحيل المتألق...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net