الثورة الحمراء .خفايا واسرار
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حزبٌ ارسى قواعده على بحار من الدماء والغدر برفاق الأمس والتنكيل بالشعوب والاستخفاف بمعتقداتها لا يبقى. وهذا ما حصل لا نقصد حكم صدام فإن هذا الصعلوك لا يستحق ان ناتي على ذكره. كثير ما سحرت الثورة البلشفية عقول الشباب ولكن هذه العقول لم تُكلف نفسها عناء البحث لمعرفة الحقيقة عن اي فكر وافد تعتنقه بل سارت مستسلمة للمغريات التي وفرها كل حزب وخصوصا التحرر من الدين والانفلات من القيم ولاخلاق وبث روح المغامرة بدلا من العقلانية والموضوعية وهذا هو الذي يستهوي الشباب.يا حسرة على طاقات شابة ذهبت سدى ركضت وراء سراب. 

عن الثورة البلشفية فقد افتتحت هذه الثورة ــ اليهودية الماسونية ــ تاريخها الأسود بالمذبحة الكبرى التي قاموا بها ضد المؤيدين للحكم القيصري ، ففي بادئ الأمر اتجه الشعب في موسكو إلى القيصر حاملين صوره ليشكوا إليه ظلم التنظيمات السرية للبلاشفة وبطشهم ، وكانوا يرددون النشيد الملكي ويرفعون شعار (ليحمي الله القيصر) وكان عددهم بالآلاف ، وبالقرب من القصر ومن بين الحرس القيصري فتح البلاشفة النار على الجماهير فقتلوا المئات منهم ليتهموا القيصر بذلك وسمي هذا اليوم بيوم (الأحد الدامي) والخطأ الذي أصدره القيصر، هو انه أمر الشعب أن لا يريق الدماء معتقدا أن البلاشفة يعرفون طريق الإنسانية.

حلّت الشيوعية ولكن وحتى هذا اليوم فإن موت القيصر ، وإنكار وجود الله أمر لم يقبله الناس.

فمن تصريحات ستالين المعروف بدمويته أنه قال في عام 1933 : ((اننا نؤمن بالاستبداد ، ونؤمن بالطغيان ، ونؤمن بالعنف ، لأن نظامنا الثوري على أساس القضاء على الطبقات ، يتطلب الالتجاء إلى كل هذه الوسائل)) . (1) 

وصرح في عام 1951 قائلا : ((إن الشيوعي الذي يتسامح مع الخارجين على القانون الشيوعي ، لا يقلّ عداوة لنا من أعداء الشيوعية ، ولهذا فإننا لا نرحم حتى الرفاق الشيوعيين ، الذين لا يطبقون القانون الشيوعي بقسوة وصرامة)) .(2) 

وأما الجوانب الدموية الأخرى التي اصطبغت بها الماركسية فتعرفها من خلال تصريحات ستالين التي أوردتها مجلة الدولة والقانون عدد كانون الثاني سنة (1950) حول الدين الإسلامي ، حيث قال : (يجب نبذ العقيدة الإسلامية لأنها عقيدة بالية محشوة بالأساطير الفارغة ، ويسرني أن أعلن أن الاتحاد السوفيتي سجل نصرا كبيرا بالقضاء على هذه العقيدة واستئصالها من الوجود ، فلم يبق من أتباعها إلا قلة في طريق التصفية إلى الاضمحلال كما أن مساجدهم في طريق الزوال).

فإذا كان في جمهوريات آسيا الوسطى وغيرها من بلدان الاتحاد السوفيتي آنذاك (100) مليون مسلم ، فماذا يعني قول ستالين : (فلم يبق من أتباع هذه الديانة إلا قلة في طريق التصفية إلى الاضمحلال )!! فهل تحققت أحلام ماركس في القضاء على الإسلام .؟ كلا فقد رأينا العكس ، حيث اضمحل الفكر الماركسي ، وانهار وقامت دول إسلامية عريقة في إيران وافغانستان ، ومن الجدير بالملاحظة أن الشيوعيين على رغم وحشيتهم في محاولة القضاء على المسلمين فان انهيار الشيوعية افرز قيام ستة جمهوريات إسلامية وهي (كازاخستان ، طاجيكستان ، تركمانستان ، اوزبكستان ، أذربيجان) وهي جمهوريات إسلامية رسمية ، ناهيك عن الشيشان وغيرها التي ما زالت تقبع تحت أنقاض الشيوعية ، إضافة إلى ذلك فان الإسلام هو الدين الثاني بالنسبة إلى عدد السكان في روسيا .

ولم تكن دموية ستالين هذه خاصة بالمسلمين أو النصارى وحدهم بل ، تعداها إلى المجازر الهائلة التي قام بها في عمليات تصفيات رفاقه وغيرهم فقد كانت هناك حملة تطهير ضخمة : (( فبينما ازدادت اعتقالات المناوئين للثورة بين عام 1936 و 1937 امتدت التصفيات إلى ما وراء الحزب لتشمل كل من له أبسط علاقة مع الضحايا)) . (3)

وهكذا تنامى قمع النظام السوفيتي بين الأعوام 1951 وحتى عام 1955 ضد كل المعارضين وكان اغتيال سيرجي كيروف في لينيغراد عام 1936 علامة فارقة على سلسلة من الثورانات ، وكان الموت هو عقوبة شائعة ضد معارضي النظام ، حتى أنها طالت وهددت مسؤولي الحزب الكبار)) . (4)

ويعد الكسندر كريانسكي أول ضحايا الثورة البلشفية من الرفاق الذي كانوا السلم الذي ارتقاه لينين للوصول إلى السلطة فقد أطاح به لينين في خدعة حرّك الجماهير فيها عليه وذلك عندما خطب فيهم لينين وقال : أن كريانسكي يريد أن يرسلكم للحرب للموت فأزيحوه.

وكان لينين متعجرفا جدا غادرا برفاقه الذين أوصلوه إلى السلطة ، فقد رفض أن يتقاسم السلطة مع الأحزاب الأخرى حسب الاتفاق الذي تم بينهم وهاجمهم تروتسكي وقال لهم : اذهبوا إلى مزبلة التاريخ انتم مفلسون.وقد صرح لينين عقب القضاء على رفاق الأمس قائلا : (( ليس الشيوعي الصادق هو ذلك الشخص الذي يؤمن بتجريد خصمه من قوته فحسب ، بل الشيوعي الصادق هو ذلك الشخص الذي يقتل خصمه ، بعد أن يجرده من قوته ، فالموت هو الشيء الوحيد الذي يريحنا من خصومنا )) (5) 

ثم استدارت يد التصفية الجسدية نحو (ليون تروتسكي) أعظم عقل مفكر في الفكر الشيوعي ، فقد أمر ستالين رجال مخابراته باغتيال تروتسكي في منفاه في المكسيك بتاريخ (2/8/1940) وقد تمت تصفيته في نفس العام بضربة فأس على رأسه الذي طالما أجهده من أجل الشيوعية !! وترو تسكي يهودي اسمه الحقيقي (برنشتاين) وهو الذي أسس الجيش الأحمر الروسي ومن أقوى مساعدي لينين ويعتبر أفضل العقول في الحزب الشيوعي، وأقدر من لينين في بعض الأمور وكان المرشّح الاقوى لخلافة لينين ولكن ستالين اقصاه وابعده ثم قام بتصفيته في منفاه. نفاه ستالين أولا إلى آسيا الوسطى ، ثم أمره عام 1929 بمغادرة روسيا إلى منفاه في المكسيك ، وفي المنفى كتب كتابه الشهير (عن سيرة ستالين) حيث كان تروتسكي على معرفة تامة بالحياة الشخصية ل ( جوزيف فيسارينوفيتش دجوغاشفيلي) اليهودي الذي ولد في جورجيا عام 1879 والذي يرجع إلى أصول ألمانية ، والملقب ب (ستالين) وقد كان يعلم أن أفضل لقب أطلق على ستالين هو (ستالين الريفي) وقد فضح تروتسكي في هذا الكتاب الأساليب الدموية الرهيبة التي انتهجها ستالين ضد معارضيه ، والتي أدت إلى إبادة الملايين من الشعب الروسي وخصوصا رفاق ستالين. 

ولم يكتف ستالين بتصفية تروتسكي بل سعى أن يقف الاتحاد السوفيتي بكامله ضد تروتسكي على مستوى الدولة والتاريخ والسياسة حيث شطب اسم هذه الشخصية الفذة من تاريخه نهائيا بعد أن كان من أعمدة الحكم السبعة ، والرجل الثاني بعد لينين : (( أن الاتحاد السوفيتي السابق محا اسم تروتسكي ، كما لو أن هذا المناضل لم يوجد قط ، ومن كان تروتسكي ؟ لقد كان أحد زعماء الثورة البلشفية الروسية ، وكان الثاني بعد لينين ، ولكن بعد موت لينين لم يتفق مع ستالين . فطُرد من الحزب الشيوعي ، ثم اغتيل لاحقا . حتى أن أسمه أزيل من الموسوعات السوفياتية )) . (6) 

وقد كانت نتيجة حكم ستالين انه فقط في محاكمات موسكو 1936-1938، أعدم ستالين 98 من أعضاء اللجنة المركزية لعام 1934 من أصل 139 عضواً، واعتقل 1108 أعضاء في المؤتمر من أصل 1996 عضواً يشكلون قوام المؤتمر. تم إعدام المعتقلين أو ماتوا في المعتقلات ومعسكرات العمل الإجبارية. تمت تسمية مؤتمر 1934 بـ مؤتمر الملعونين كان على رأسهم تروتسكي وزينوفييف وكامينيف وبوخارين وريكوف، وهم من قيادات 1917).

المصادر: 

1- ماهر نسيم ، النظام الشيوعي ، ص 28 ، طبع القاهرة:دار المعارف.

2- ماهر نسيم ، النظام الشيوعي .

3- حدث غدا (نبوءات) جان شارل دي فونتبرون ، ترجمت عصام الشيخ قاسم وثامرعبادي ، الطبعة الأولى بيروت 1994 م.

4- نفس المصدر السابق . و كتاب الحقيقة في التاريخ ، هارد ميكروفسكي الطبعة الإنكليزية ص 123 الطبعة موسكو / 1992.

5- حدث غدا (نبوءات نوستراداموس) جان شارل دي فونتبرون ، ترجمت عصام الشيخ قاسم وثامرعبادي ، الطبعة الأولى بيروت 1994 م

6- الإسلام والحضارة الغربية ، السيد مجتبى اللاري تعريب السيد الغروي طبع قم سنة 1411 هـ.

الموضوع السابق مقام السيد محمد العابد ع في طويريج

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat