صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح339 سورة ص الشريفة
حيدر الحد راوي

 بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ{30} 

تنعطف الآية الكريمة لتضيف (  وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ) , ابنه سليمان "ع" , ثم ان الآية الكريمة تمتدحه "ع" بــ : 

1- (  نِعْمَ الْعَبْدُ ) : انعم به واكرم من عبد صالح . 

2- (  إِنَّهُ أَوَّابٌ ) : كثير الرجوع لله تعالى .  

 

إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ{31}

تستمر الآية الكريمة في حديثها عن سليمان "ع" (  إِذْ ) , حين , (  عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ ) , بعد الظهر , (  الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ) , الخيول التي تقف على ثلاثة قوائم وترفع الرابعة او تقف على حافرها لخفتها .   

فيما يروى انه "ع" قد عرض عليه بعد صلاة الظهر الف فرس لجهاد العدو , واستمر العرض حتى غابت الشمس , ولم يصل العصر فاغتم لذلك .  

 

فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ{32} 

تروي الآية الكريمة كلاما له "ع" (  فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي ) , شغلني حب الخيل عن ذكر ربي "صلاة العصر" , (  حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ) , غربت الشمس .   

 

رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ{33} 

يستمر كلامه "ع" في الآية الكريمة (  رُدُّوهَا عَلَيَّ ) , ردوا الشمس , (  فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) , وهي طريقة وضوئهم ذلك الحين , توضأ "ع" بهذه الطريقة وامر المؤمنين معه بها .    

( عن الصادق عليه السلام قال إن سليمان بن داود عليه السلام عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة ردوا الشمس عليّ حتى اصلي صلاتي في وقتها فردوها فقام فمسح ساقيه وعنقه وأمر أصحابه الذين فأتتهم الصلاة معه بمثل ذلك وكان ذلك وضوءهم  للصلاة ثم قام فصلى فلما فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم وذلك قول الله عز وجل ووهبنا لداود سليمان إلى قوله والاعناق . 

ابن عباس سألت عليا عليه السلام عن هذه الآية فقال ما بلغك فيها يا ابن عباس قلت بلى سمعت كعبا يقول اشتغل سليمان بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة فقال ردّوها عليّ يعني الأفراس وكانت أربعة عشر فأمر بضرب سوقها وأعناقها بالسيف قتلها فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما لأنه ظلم الخيل بقتلها فقال علي عليه السلام كذب كعب لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم لأنه أراد جهاد العدو حتى توارت الشمس بالحجاب فقال بأمر الله للملائكة الموكلين بالشمس ردوها عليّ فردت فصلى العصر في وقتها وأن أنبياء الله لا يظلمون ولا يأمرون بالظلم لأنهم معصومون مطهرون ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 

 

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ{34}

تضيف الآية الكريمة (  وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ ) , تعرض للاختبار , فسلب ملكه بسبب امرأة في بيته كانت تعبد الصنم اربعين يوما ولم يشعر بذلك , (  وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ) , مما يروى في هذا الشأن ان جنيا صغيرا اسمه صخر جلس في عرش سليمان "ع" , فخضعت له الطيور وغيرها , لما خرج عليهم وكان على غير هيئته شاهد ذلك الجسد الذي لا روح فيه قال لهم "انا سليمان " فأنكره الجميع – على عدة الآراء في هذا الخصوص - , (  ثُمَّ أَنَابَ ) , رجع الى الله تعالى ورجع عليه ملكه .    

 

قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ{35}

تروي الآية الكريمة على لسانه "ع" (  قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي ) , قدّم "ع" طلب المغفرة اولا , (  وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي ) , بعد طلب المغفرة يأتي الطلب الاساسي , فكان ملكا لا يكون لاحد غيره "ع" , (  إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) , كثير الهبات , وبها ختم دعوته "ع" .   

 

فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ{36} 

طالما استهل "ع" دعائه بــ ( رب ) كان الجواب اما في نفس الآية الكريمة او في الآية التي تليها مباشرة كما اشرنا الى ذلك مسبقا (  فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ ) , ذللها الله تعالى لطاعته "ع" , (  تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء ) , تجري بإمره لينة , (  أَصَابَ ) , اراد .  

 

وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ{37}

تضيف الآية الكريمة تسخير الشياطين له "ع" (  وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء ) , يبني الابنية , (  وَغَوَّاصٍ ) , ومنهم من يغوص في اعماق البحار ليستخرج الجواهر الكريمة وغيرها .   

 

وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ{38} 

تذكر الآية الكريمة صنفا ثالثا من الشياطين (  وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ) , قرن بعضهم لبعض في القيود , وقيل هم الذين عصوه "ع" حين سلبه الله تعالى ملكه , وفي اراء اخرى , هم ثلة متمردة من الشياطين قيدهم "ع" دفعا لشرهم على الناس والدواب . 

يروي البعض ان هؤلاء المسجونين من الجن ان عددهم يناهز السبعون , ذكورا واناثا , وهم من ملوك الجن , احتجزهم سليمان "ع" في مكان غير معلوم , يقول البعض انهم في بابل او في مكان ما في العراق حاليا , واخرون يعتقدون انهم احتجزوا في مكان ما في الشام , عباد الشيطان اليوم ومنذ زمن بعيد يبحثون عن مكانهم , بغية تحريرهم !. 

 

هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{39}

الآية الكريمة تخاطب سليمان "ع" (  هَذَا عَطَاؤُنَا ) , الذي اعطيناك من الملك والتسلط الذي لم يسلط به احد قبلك , (  فَامْنُنْ ) , فأعط من شئت , (  أَوْ أَمْسِكْ ) , او امنع من شئت , (  بِغَيْرِ حِسَابٍ ) , من غير مؤاخذة ولا حساب على ما اعطيت او منعت .   

 

وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{40} 

تضيف الآية الكريمة (  وَإِنَّ لَهُ ) , سليمان "ع" , (  عِندَنَا لَزُلْفَى ) , منزلة القرب , مع ماله من الملك في الدنيا , (  وَحُسْنَ مَآبٍ ) , في الجنة .    

( عن الكاظم عليه السلام انه سئل أيجوز أن يكون نبي الله بخيلا فقال لا فقيل فقول سليمان عليه السلام رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي ما وجهه وما معناه فقال الملك ملكان ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس وملك مأخوذ من قبل الله تعالى ذكره كملك آل ابراهيم وملك طالوت وذي القرنين فقال سليمان هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول أنه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس فسخر الله عز وجل له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء وغواص وعلم منطق الطير ومكن له في الأرض فعلم الناس في وقته وبعده أن ملكه لا يشبه ملك الملوك الجبارين من الناس والمالكين بالغلبة والجور قيل فقول رسول الله صلى الله عليه وآله رحم الله أخي سليمان بن داود عليه السلام ما كان أبخله فقال لقوله وجهان أحدهما ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه والوجه الآخر يقول ما كان أبخله إن كان أراد ما كان يذهب إليه الجهال ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .  

 

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ{41} 

تنعطف الآية الكريمة لتذكر شيئا موجزا عن النبي ايوب "ع" (  وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ) , حين دعا الله تعالى , (  أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ ) , تعب ومشقة , (  وَعَذَابٍ ) , ألم .   

 

ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ{42} 

تضمنت الآية الكريمة جوابا على دعوته "ع" (  ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ) , اضرب الارض , (  هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ) , فنبعت عين ماء , صالحة للشرب والاغتسال , فيطهر بها الباطن والظاهر .  

 

وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ{43}

تضيف الآية الكريمة (  وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ ) , احياهم الله تعالى بعد موتهم , (  وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ) , وولد له غيرهم , (  رَحْمَةً مِّنَّا ) , نعمة , (  وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ ) , وموعظة لذوي العقول السليمة .    

( عن الصادق عليه السلام إنه سئل كيف أوتي مثلهم معهم قال أحيى لهم من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين هلكوا يومئذ ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .     

 

وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ{44}

تستمر الآية الكريمة (  وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً ) , حزمة من الحشيش او الاعواد , (  فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ) , مما يروى انه "ع" قد حلف ان يضرب زوجته مائة ضربة بعد ان ابطأت عليه في امر ما , فأبر الله تعالى قسمه , أمره النص المبارك ان يضربها ولا يترك ضربها , فاخذ مئة عود وضربها بها دفعة واحدة , (  إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً ) , فيما اصابه في نفسه واهله وماله , (  نِعْمَ الْعَبْدُ ) , هو "ع" , (  إِنَّهُ أَوَّابٌ ) , كثير الرجوع الى الله تعالى .     

 

وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ{45}

تنعطف الآية الكريمة لتذكر عددا من الانبياء "ع" (  وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي ) , القوة في العبادة , (  وَالْأَبْصَارِ ) , وذوي البصائر في الدين .  

 

إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ{46} 

تستمر الآية الكريمة (  إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ) , اخلصهم الله تعالى بخصلة (  ذِكْرَى الدَّارِ ) , تذكرهم للآخرة .    

 

وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ{47}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ) , المختارين للنبوة والمصطفين للعبادة .    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/07



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح339 سورة ص الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net