صفحة الكاتب : باقر العراقي

كيف نتخلص من مفخخات بغداد؟
باقر العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أصبحت السيارات المفخخة جزءا أساسيا من الحياة اليومية لمواطني العاصمة بغداد بعد عام 2003، وكأنه تحصيل حاصل بمقابل الديمقراطية الجديدة، إذ أيقن أغلب الناس بأن حياتهم ستستمر على هذا المنوال، ويتوجب عليهم التعايش مع هذه الظروف القاهرة من دون البحث عن حلول، وكأن السيارات المفخخة قدر واقع ليس له دافع.

تاريخ السيارات المفخخة على الكرة الأرضية يعود إلى أمريكا في العام 1920، حينما قام الشاب "ماريو بادا" بتفجير عربة يجرها حصان في شارع "وول ستريت" الشهير والمعروف بالبنوك والشركات المصرفية، احتجاجا منه على سجن صديقيه، وأدى الانفجار إلى مقتل 40 شخصا وإصابة 200 آخرين بجروح.

وفي عام 1947 قامت منظمة صهيونيه بقيادة "أفراهام ستيرن" بالهجوم على مركز شرطه بريطاني بشاحنه مفخخة، أدت إلى مقتل 4 وجرح 140 شخص, ومنذ ذلك الحين بدأت العمليات تنتشر دوليا، فوقعت حوادث تفجير في فيتنام وفي الجزائر وفي إيطاليا وأيرلندا، وتحولت السيارات المفخخة إلى أخطر سلاح، قادر على بث الرعب في قلوب الناس وتدمير اكبر عدد ممكن من المباني.

أما في العراق فلم يكن للمفخخات تاريخ حافل إلا بعد 2003، أذ كان أول تفجير إرهابي بسيارة مفخخة في يوم 7 آب "أغسطس" 2003 أمام مبنى السفارة الأردنية في العاصمة بغداد، خلفت وراءها مقتل 11 شخصا، وفي 19من  الشهر ذاته، قام انتحاريان بتفجير شاحنة مفخخة في مقر الأمم المتحدة في فندق القناة، مما أدى إلى مقتل مبعوثها الخاص البرازيلي "سيرجو دي ميلو" و21 آخرين، وبعد ذلك بعشرة أيام في 29 آب استهدفت سيارة مفخخة، مرقد الإمام علي عليه السلام بعد صلاة الجمعة، أدت إلى استشهاد السيد الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي  و230 بين شهيد وجريح، ونتجت عنه أضرار كبيرة في المرقد الشريف. 

توالت المفخخات في بغداد، ووصلت بحسب آخر التقديرات الى حوالي 3000 مفخخة، وهذا الرقم أكثر بكثير من كل السيارات المفخخة على مر التاريخ، حيث نتجت عنها مئات الآلاف من الضحايا بين شهيد وجريح، جميعهم تقريبا من المناطق الشيعية الأكثر فقرا، ولا ذنب لهم، سوى أنهم من نفس الطائفة التي ينتمي إليها حكام العراق بعد 2003. 

في 3 تموز 2016، انفجرت سيارة مفخخة في حي الكرادة وسط بغداد، راح ضحيتها أكثر من 200 مواطن، وعلى أثرها قدم وزير الداخلية محمد سالم الغبان استقالة "مشروطة"، مطالبا فيها تسليمه أمن المدن بما فيها بغداد، وتعهد فيها أمام الشعب العراقي، وأمام رئيس الوزراء بتحمل مسؤولية الأمن كاملة، وإلا فالاستقالة هي الأولى من البقاء في المنصب.

قُبلت استقالة الغبان بكل برود، ورُفض تحمله المسؤولية، وبقي أمن بغداد بعدة أيدي من الجنرالات" عمليات بغداد"، واستمرت المفخخات، ووصل بنا العد أخيرا الى مفخخة البياع، ومن دون محاسبة لأي "مسؤول"، وهذا مراد من بيده الملك، حيث لا سلطان عليه إلا لبرلمان عاجز عن التشخيص، وشعب يحكمه عقل جمعي تقوده ظواهر تافهة، لا مصالح واضحة، مرة باسم "التكنوقراط" وأخرى باسم الإصلاح وغيرها...!

إذن؛ ومن منطلق تحمل المسؤولية، فإن أمن بغداد لا يتحقق أبدا، مهما استوردنا من الأسلحة، واستخدمنا أحدث التقنيات والأجهزة، سيحفظ أمن بغداد عندما تعود الحكومة إلى عقلية الجاهلية الأولى، وتعتبر السيارة المفخخة "بلاء" نازل من السماء، ولا بد من تقديم القرابين له، وبذلك عليها تقديم "مسؤول" كأضحية، في كل مرة تنفجر فيها سيارة مفخخة، عندها فقط ستزهق أرواح المسؤولين "الفاسدين" تباعاً، وسيستتب الأمن وتحفظ أرواح أهالي بغداد من المفخخات.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/19



كتابة تعليق لموضوع : كيف نتخلص من مفخخات بغداد؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net