صفحة الكاتب : هادي عباس حسين

قصة قصيرة ( عند انفجار البياع)
هادي عباس حسين

لم أزل منقادا الى شكل السيارة السوبر وموديلها عام ٩٥كانت أيامها هي سيدة الشارع، فقد بقيت قلقا حوله لونها الأحمر فقد اشمأزت نفسي منه لأسباب عديدة أهمها لونه لون الدم وبعضها مما حفظت ذاكرتي من ملابس الشمر الذي قتل الحسين علي السلام وسببا آخر كنت اسمع من جارنا ابي وليد الإنسان الذي سيطرت عليه أفكار الشيوعية التي كان شعارها وعلمها اللون الأحمر كذلك, وعندما كان والدي يمزح معه عندما  يجلس معه ينادي علي أخي الأكبر قائلا له

- تعال  يا بني احضر الجاكوك والمنجل..

فيضعهن بالجوار مخاطبا إياه

- امسك بشعاركم.منجل وجاكوك..

ظلت هذه الصورة مرسوم بالذاكرة وتركت تأثيرها في نفسي وتعمقت عندما اعدم جارنا ولأسال ابي وقتها عندما أجده يسمعنا الكلام

- لقد مات هذا الرجل من جراء إيمانه العميق بشعاره المنجل والجاكوك..

- من اجل هذا الشعار مات جارنا..؟

- نعم يا ولدي..

لتستقر عيناه علي أخي الأكبر قائلا له

- لذلك يا ولدي .أحذرك ان تكن بعثيا..لان الموت ستكن نهايتك ..

جواب أخي أيقظ في دواخلي الفضول لاسئله

- يا أخي الغالي هل حزب البعث له شعار..

سكت قليلا وعقب علي ما سمعه مني

- ان للبعث شعار هو امة عربية واحدة..

تصنت ابي لهمساته معي وحزم الأمر جملة وتفصيلا عندما صاح بغضب

- ذات رسالة مدمرة..إياك ..وأحذرك..

رغم متابعة ابي لأمر شقيقي الا انه فشل في الحفاظ عليه  ليستقر به المطاف ان يصبح بعثيا ومناضلا وذو مركز مرموق حي صار ت كنيتنا بيت البعثي، بالحقيقة استفدنا من هذه التسمية فقد تحسنت أمورنا المعاشية وودعنا حالة الفقر التي كنا فيها وغرقنا في نعيم تحسسناه عندما تسلم أخي سيارة السوبر كان موديلها عام ٨٠ وكانت حليبية اللون ،وقتها نحرنا كبشا كبيرا بهذه المناسبة السعيدة،حتي ابي وجدت الفرحة والمسرة تملا وجهه وشعور الرضا لأول مرة علي البعثي الذي طالما زجره ووبخه وحذره من الانضمام الى هذا الحزب الذي بانت من خلاله ملامح الرفاهية، توقفت واحنيت براسي الى أسفل السيارة الحمراء ونطقت

- رقمها صلاح الدين ،انها مصيبة أخري...؟

اقترب لي صاحب المعرض مبتسما بالقول

- صاحبها الأصلي موجود وعلي قيد الحياة..

نظرت صوبه بعين استفهام كوني لم اسأله ليجبني بالتفاصيل المملة وقلت له

- ثبت العيد انها سيارة بعثية بالضبط ما دامت هذه مواصفاتها..

قبل ان استمر بالكلام قال لي 

-لقد ولي هذا لزمن ..ونحن في عصر الديمقراطية..

حاولت الرد عليه لكنه عاد في حديثه الذي يكرره علي الدوام 

- انها سيارة نشطة وياباني،ونظيفة..

حقا يدي لي لمعانها ونظافتها الواضحة وشكلها الذي يجلب الانتباه، حتي تبادر السؤال الى ذهني

- سيارة بلونها الأحمر الرامز للشيوعية ان يكن تسجيها في محافظة بعثية صرفة..

كان هذا السؤال يدور في مخيلتي بصمت حتي انتبهت علي صاحب المعرض يفتح لي السيارة بالكلام

- انها جديدة ...كأنها لوك..

حقيقة الأمر كل ما يتحدث عن محاسنها يتحرك في أعماقي الأمنيات الميتة  المتمثلة مع الأفكار التي تتراقص في راسي

-  الله لو لم يكن لونها احمر...لو لم يكن رقمها من صلاح الدين..لو لم يكن موديلها ٨٠ لان سنتها وزعت اغلبها للبعثيين والرفاق الضباط..

كل هذه الوسوسة تتحرك في راسي بينما تمددت علي إسفلت الشارع لأنظر بدواخلها من الأسفل، ساعدني بالنهوض محدثي ليضيف بالقول

- والله سيارة نظيفة..

قلت له بالتأكيد

- حقا كلامك صحيح لكن .. بعثية . اوكي..

دوي صوتا هز المكان برمته وتعالت النيران بينما أنا غرقت في ظلام دامس لم أفيق منه ألا الآن بعدما أحسست ان فريقا من الأطباء أمامي يتحدثون اللغة الانكليزية وأعادوا آخر كلمة قلتها لصاحب المعرض

- اوكي ...

كررتها بلا شعور 

- اوكي انها بعثية..

ابتسم الجميع من جراء كلماتي حتي وجدت اكبر الواقفين يقول

-   هذيان من جراء شدة الانفجار الذي حدث بالقرب منه..

أغمضت عيني وتمتمت بكلمات 

- اللهم ارحم كل الشهداء..

كلمات حفيدي تتابعت قولي 

- آمين يا رب العالمين..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي عباس حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/24



كتابة تعليق لموضوع : قصة قصيرة ( عند انفجار البياع)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net