صفحة الكاتب : علاء الخطيب

الاختلاف المقدس.......!!!!!
علاء الخطيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الاختلاف العقلاني  ضرورة وحاجة وليس ترفاً اجتماعيا او فكرياً ، لذا يجب ان يكون مقدساً  لا يجوز المساس به .و لان الاختلاف معين لا ينضب للابداع والتميز فهو مقدس ،  ولأنه الجدلية الابدية لبني البشر  فهو مقدس ، ولأنه دلالة على انسانية الانسان  المتحضر فهو مقدس ،  فالاختلاف هو انفجار عظيم للأفكار ، وهو أُس  الصراع الإيجابي في هذا الكون ، لذا نحن بحاجة ماسة للاختلاف كي نتعلم معنى الحرية وقبول الآخر ،  فالحرية تعني ان تكون ملتصقا بـذاتك  ومتسقاً معها ومتصالحاً مع محيطك بكل تفاصيله  ولا تخشى إلا ضميرك المتوقد، وان ترى الأشياء بكل ابعادها وزواياها   .

 كما ان الاختلاف حق اساسي للانسانِ  وليس مكتسب، فالأفكار المتشابهة لا تنتج رقياً  وتطوراً ، فالصراع بين فكرتين ينتج فكرة جديدة مختلفة عن الاثنين. 

حينها نفهم قولة الفيلسوف الألماني  هيجل الشهيرة ( ان كل فكرة حينما تولد تحمل معها بذور فنائها) وميزة الاختلاف انه يبقى في حدود الأفكار الموضوعية و أن لا  يتحول الى تراشق كلامي او بالسلاح فحينها يتحول الى خلاف وينتقل من حالته الانسانية  الى حالته البهيمية. 

ولعل الميزة الاجمل  في ثقافة الاختلاف  العقلاني المقدس هي الفصل بين الفكرة  وصاحبها ، وهنا قول رائع للأمام علي أتذكره .  حينما يقول ( لا تنظر الى منْ قال بل انظر الى ما قال  ) أو قول الامام الشافعي رحمه الله حينما يقول (رأيَّ صواب يحتمل الخطأ. ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب )  فحينما تختلف مع الآخر يجب عليك ان تتجنب الخوض بنواقصه او مثالبه الشخصية  ، و اذا فعلت فهذا يعني ان لا دليل  لديك لتفنيد فكرته او مناقشتها. كما انك لا تمتلك الفروسية في الخصومة.   ولان  لا احد يمتلك الحقيقة كاملةً  فهذا يعني اننا بشر نحلل بعقولنا  نخطأ ونصيب  وفي أحسن الحالات نقترب من الواقع  بنسب متفاوتة حسب ما نمتلك من معطيات . 

ان منحنا مساحة الاختلاف للاخر يعني تفوق الجانب الحضاري في سلوكنا الإنساني ، فيجب علينا ان نقبل الاخر كما هو بكل تناقضاته وسلبياته وإيجابياته ، وعندها لا نعدم الجهد في محاورة أفكاره والاطلاع عليها , حينها نسمح للتجارب الانسانية ان لا تكون حبيسة الخوف والقمع  الديني او الاجتماعي او السياسي  فهي تنطلق من عالم الكبت الى فضاء الحرية  .

 فلا يمكن ان ترتقي الشعوب دون ثقافة الاختلاف  التي هي عصف فكري حقيقي يأبى ان يستقر في العقل دون ان يتعرف على نفسه ، هل هو حقيقة ام فنطازيا، فلا يمكن الاقتراب من الحقيقة الا من خلال الاختلاف ومن خلال الاخر  . 

  ان قبول الرأي المختلف لا يعني بالضرورة الاقتناع بِه ،بل هو الإقرار بوجوده أو التعرف عليه . 

فاالديمقراطية  والاختلاف متلازمة فلسفية، لذا الاختلاف   مرتكز مهم  من مرتكزات  النظام الديمقراطي ، الذي يحمل ثقافة  الآخذ والعطاء والتفاعل الإيجابي مع قيم إنسانية جديدة بعيدة عن روح التعصب والكراهية وشطب الآخر المختلف. فما الضير ان تختلف وتبقي باب الحوار مفتوحاً ، فالحوار افضل وسيلة للتواصل الإنساني، فلا يحق للذين يؤمنون بالديمقراطية ان يمارسوا ديكتاتورية ضد الأفكار او ان يحاولوا ان يصبغوا العالم والمجتمع بلون واحد . لذا الاختلاف هو آية من آيات الله  فيقول  عنها في القران الكريم  

ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ان في ذلك لاياتٍ  للعالمين  

 لذا يجب ان نفهم كبشر   ان الاختلاف العقلاني سبب ديمومتنا واستمراريتنا . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء الخطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/01



كتابة تعليق لموضوع : الاختلاف المقدس.......!!!!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net