صفحة الكاتب : يوسف رشيد حسين الزهيري

رجال في زمن المحن
يوسف رشيد حسين الزهيري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قيل إن للرجولة عنوان وعنوان الرجولة  في مواضع عدة من الشرف والفضيلة والشجاعة  والإيمان .ونحن نعيش في زمن اشباه الرجال التي تتشبه بالنساء ويمارسون البغي والفحشاء  حيث تهاوت به القيم الفاضلة  ،ونكثت فيه العهود الصادقة . وغابت فيه الغايات النبيلة الهادفة .وكثرت الصعوبات والمحن وحلت بالدنيا المصائب والفتن .وتكالبت صغائر النفوس على الدنيا...واختفت الرحمة من القلوب...وتداعى الشقاء للشقاء.. وانزوت ثوابت المروءة و الإخلاص وسكن الخوف والضعف قلوب الناس . وسيطر الشيطان اللعين على غواية الناس بالوسواس واصبحت كلمة الحق مرة  وأصبحت العورة...ثورة...والدين واجهة...والإنسانية شعار زائف...والفضيلة محجبة بالف حجاب حيث هتك الاعراض وبوح الاسرار وكاد ان يكون المخلص على دينه كالقابض في يده بجمرة من نار .فهل هناك من يشق عباب هذه المحنة  العظيمة ويظهر معدن رجولته الحقيقية ؟.ويشهر سيف الحق...وينطق كلمة الضمير...ويقول ان الدين الحق يعلو...ولايعلا عليه...وان الأخلاق لاتتجزا...مهما قست الظروف يبادر بالكرم والاحسان.. ويطعم المسكين .ولسانه كتاب مقدس لايقبل التزوير والتدليس.....هذا هو الرجل الحقيقي الذي يحب جميع الناس..ويستوطن روح كل من تاقت له روح اللقاء في الأرض والسماء 
 
فإن للرجال مواقف عظيمة، تظهر فيها قوتهم وشجاعتهم وصبرهم وثباتهم على دين الله، وعلى مبادئهم في اعلى قيم  الرجولة والتضحية  . في مواقف تمتحن فيها الرجال لثبات رجولتهم .  وعلى رأس هؤلاء الرجال أنبياء الله  وأوليائه عليهم السلام  والصحب الأبرار والصالحين الأخيار والرجال المؤمنين الأشداء على الكفار الرحماء فيما بينهم الذين  لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن : لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ، ولا الشجاع إلا في الحرب ، ولا الأخ إلا عند الحاجة » . ولعل موقف الإمام علي عليه السلام حين افتدى نبي الرحمة وضحى بحياته حين نام في فراشه مفتديا نبيه ورسالته امام مؤامرة قريش دليل عميق على قوة ورجولة هذا الرجل الهمام في اعلى مواقف الرجولة والعزيمة والتضحية .  وكانت رجالات قريش وزعمائهم في حيرة  من امر اتباع النبي الكريم  حتى قيل في حق المؤمنين  في ثباتهم وصبرهم وتضحيتهم واصرارهم . اي رجال نحارب !! 
 والشدائد  تكشف كوامن الأخلاق ، وتسفر عن حقائق النفوس ،والرجال لا تُعرف إلا عند المواقف والفتن والأزمات . 
قد تمر بالحياة  أزمات، وبالمسلمين شدائد وضائقات،  وعسر شديد، تنقطع بهم طرق  السبل، والحيلة والرجاء فيتحير الناس ويضطربون، ويميدون ويحيدون عن شرع الله، والقوانين فترى الناس متفرقين لا يرى أحدهم الحق ولا يتبعه، في  فتن الحياة الدنيا، فاضطربوا اضطراباً شديداً، وتبعثروا وتفرقوا، فمَن الذي يثبِّت في هذه الحالة؟ ومَن الذي يقوم بواجب التثبيت؟ أنهم رجال المواقف قال تعالى: «قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» 
 
ان خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة،ومسجد ومدرسة،  وأسرة هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال. على طريق الحق والفضيلة والصلاح الفكري والاخلاقي 
إن رجلاً واحداً قد يساوي مائة، ورجلاً قد يوازي ألفاً، ورجلاً قد يزن شعباً بأسره، وقد قيل: رجل ذو همة يحيي أمة.
يُعد بألف من رجال زمانه …
الأمة اليوم  تمر بتحديات خطيرة على كافة مراحل الحياة وبحاجة إلى رجال يحملون الدين والقيم والمفاهيم الوطنية  ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم شعارهم  حب الوطن من الإيمان .رجال لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم،
 
الأمة بحاجة اليوم إلى رجال يتربون على عظائم الأمور ومكارم الأخلاق ، صفوفهم منتظمة ، وقلوبهم عامرة بالايمان  حريصون على الوحدة والائتلاف وليس الفرقة والخلاف ، يعلمون أن الغضب لله لا يعني الجور وتجاوز الحدّ الشرعي في إنكار المنكر رجال هممهم عالية ، يصبرون على المحن ، ويبتعدون عن الفتن ، عقولهم متزنة ، جنوبهم لينة ، أخطاؤهم معدودة ، إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تليت  عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون ، دامعة أعينهم ، خاشعة قلوبهم 
حزينة  نفوسهم  ، يبكون يوماً قصيرا لغد طويل ، لا يحزنون على ما فاتهم من الدنيا ، ولا يفرحون بما أتاهم منها أنفاسهم طويلة مثل طول طريقهم .. وآراءهم حكيمة على مثل ما يواجهون ..
إنهم رجال لايعرفون عند الاتفاق بل عند الاختلاف ، حيث يسفر الاختلاف عن مدى ورع الإنسان وحلمه ، والتزامه العدل والإنصاف.هم الصف الأول ، هم النخبة الموجهة ، هم الصفوة المنتقاة ، هم حراس الأمة وقادتها وعقولها .
رجال هم عين الأمة وضميرها ، رجال يذودون عن الأمة ، ويدافعون عنها ، ويدفعون الأعداء ، رجال يوجهون الأمة ، وبهم تسترشد الأمة ،رجال تحتاجهم الأمة في كل ظروف تاريخها الطويل ، وحاجتها إليهم اليوم أشد اليوم  ، إنهم رجال المواقف ...
القادرون على بيان الحق برحمة وإشفاق ، القادرون على إعانة المخطئ في العودة عن خطئه بالحكمة والموعظة الحسنة.
القادرون على إعادة التوازن في الأمة بأناتهم وحلمهم ، وخاصة عند ظهور فتنة الاختلاف والاضطرابات فهم ملتزمون ببيان الحق بدليله ، وتصحيح الخطأ ، ولكنهم في الوقت نفسه حريصون على تماسك الصف وثبات أركانه ،يعلمون ان غفلتهم عن أحد هذين الركنين ستكون سبباً للتصدع  وخراب الأمة .وان رواد الأمة يقفون على أرض راسخة من البصيرة والورع لا يستفزهم الجدل ، ولا تثيرهم  فتن البعض متمسكين بثوابت قوة الايمان والبصيرة والشجاعة .
أنهم رجال ينظرون بعين المصلح الذي يرعى المقاصد الشرعية المأمور بها جميعها ،فيقدمون أقربها لمراد الله عز وجل  هدفهم وغايتهم رضا الله جل وعلا ، وسعادة اوطانهم  وبناء مجتمعهم .انهم ثوار الاصلاح الذين يسعون الى إصلاح أوضاع مجتمعاتهم وأوطانهم .رجال ونعم مواقف الرجال .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يوسف رشيد حسين الزهيري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/03



كتابة تعليق لموضوع : رجال في زمن المحن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net